مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة لاستاد منير ركراكي مراجعات



krit01
03-08-2008, 18:39
بقلم: ذ. منير ركراكي

مراجعات: قصيدة نظمت عقب حلقات أربع عُرضت في قناة الحوار تحت هذا العنوان، تضمنت نبذة موجزة عن حياة مرشد العدل والإحسان الحافلة بالحكم والعبر والدرر، كان لابد أن تثير السامع، وتأخذ بلب المشاهد، وتستفز القوافي لتنظم في أبيات ذكريات هذا القائد الرائد المجاهد الشاهد، أطال الله في عمره، ونفعنا بذكره وخبره وأثره، وجعلنا في سربه و على دربه، درب الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه.


هذي قناة حوار أهلها سَعِدوا *** بمرشد العدل والإحسان فاحتشدوا
للنَّهل من حلقاتٍ أربع جُرعا *** من الدواء الذي يُشفى به الخَلَد 1
مراجعات أتت بالحِبِّ في حُلل *** من الجمال فداه الروح والجسد
وجه مَهيب وسمت آسر وسنا *** من بين عينيه يجلو سرَّ من هجدوا
والثغر مبتسم صدقا بلا مَلَقٍ *** وقار شيب وروح كلها ملَد 2
أما الكلام فحدث دونما حرج *** عن بينات إلى القرآن تستند
ومن حديث الحبيب المصطفى اقتبست *** نورا يزول به البهتان والفَنَد 3
مراجعات حوت أنوار داعية *** لم تخف إلا على من شابه الرَّمد
من يكتري عين عيَّاب ومنطقه *** والحق يخفى على من دأبه الحسد
لم يدر من سيرة الداعي سوى نُتَفٍ: *** من نسل إدريس خبزيٌّ له لَدَد 4
عن السياسة كان الشيخ في شُغُل *** وفي الكمان وفي الشطرنج مجتهد
مراجعات من العزام عزمته *** وعن بصائر أرباب النهى ترد
نفَتْ عن المهتدي الزُّور الذي زعموا *** فالجسم في صحة والعقل متَّقد
والنهج ليس به زيغ ولا خلل *** والسير ليس به وهْن ولا أوَد 5
في سيرة العبد من معنى السلام دُرىً *** لا عنف لا خوف كيف الضعف والكَمَد
غصن من الدَّوحة الفضلى أتى ونما *** في حضن قوم لهم في المكرمات يد
أتى وحيدَ أب شيخ ووالدة *** فكان بشرى وأخرى سرُّها الولد
من فتية العالِم "المختار" نال هدىً *** علم الرجال على أفواههم يَفد
والذكر أمسى رفيق الدَّرب مؤنسه *** هو الكتاب ونور القلب والعمد
كان المعلِّمَ للأجيال مدرسة *** كان العصاميَّ والمولى له صمد
أمضى حياة الصِّبا في همَّة وصلت *** بين الأنا والمُنى تسعى وتقتصد
حتى غدا شامة وسْط الأُسى أسدا *** ما ضرَّ ضارية إن بزَّها الأسد
أنعم بمحتسب والناس في هوَسٍ *** إمَّا الرشاوي وإمَّا الظلم والنكد 7
كم هدَّدوه فلم يركن لهم أبدا *** كم ساوموه فلم يُخدع بما وعدوا
يرقى إلى القمَّة الشماء مقتفيا *** آثار من سبقوا والخطو متئد
في الأربعين من العمر اكتوى بلظىً *** فالله خير وأبقى والدنا أمد
هل من سبيل إلى الأعلى، محبته؟ *** هل من دليل على الكافي له سند؟
مشى إلى مسجد والحق طلبته *** كتاب قطب به الآمال تتَّحد
نحو اختصار طريق الفوز متبعا *** عبدا منيبا عن السَّفْساف يبتعد
بعد الصلاة انبرى للوعظ داعيةٌ *** يدعو إلى صحبة يدنو بها القصَد
فاهتزَّ قلب الفتى للأمر وانفتحت *** أمام عينيه باب دونها الرشد
زار الجزائر مبعوثا وما وسعت *** آماله رتب تُرجى ولا بلد
حتى أتى وجدة الأبطال مكتويا *** بالشوق، والشوق يُستجدى به المدد
كان اللقاء وكان الشيخ محتفلا *** بمن أتاه وآي اليسر تطَّرد
عيد وأيامُ تشريق وأطعمةٌ *** من كل صنف، طعام الحب ما يجد
عاد الحبيب إلى الدنيا وقد فُتحت *** أبواب آماله واستُبعد الرَّصَد 8
ليدخل البيت من باب مُشرَّعة *** ألفى بداخله ما كان يفتقد
من دفء ود ومن ورد ورابطة *** لمَّت شتاتا فزال الهمّ والصّفَد 9
لما قضى طيب الأنفاس قُدوتُه *** وكان عبدا على مولاه يعتمد
سمـوه عبـد السـلام "الشرع" حين دعا *** جمـع المريدين أن جِدُّوا ولا تحِدوا
فإن منهاج طه سنةٌ جمعت *** قولا إلى عمل حاديهما السدَد
والشرع يعصم من "شطْح" ومن دخَن *** والحق يُطلب لا يُعطى لمن قعدوا
مُرٌّ هو البين بعد الودِّ باعثُه *** شهادة الحق لا زور ولا خَرَد 10
من قائم ناصح لله موقفه *** لا، والذي قال لا يُزري به الصَّيَد 11
يرمي به في مكان مُهْمل خرِب *** والنصح للمَلْك مرفوض، وذا قَوَد 12
بعد السّراح سعى للوعظ مقتحما *** في مسجد الحيّ كان الجمع ينعقد
والبيت أمسى مكانا للصلاة ومن *** أراده لسِوى ذا القصد يُضطهد
لم يبق للقائم الداعي سوى سَكَن *** فيه انبرى يعظ الحيرى وينتقد
ثم ارتأى أن يجوب القُطر مبتغيا *** جمعا على كِلْمة يقوى بها العَضُد 13
فكان ردُّ سَراةِ القوم مرجئه *** إذ صدّه عن بلوغ المرتجى العند 14
فعاد من جولة التوحيد مقتنعا *** بأُسرة حولها الأقلام تحتشد
مجلة في ثناياها سرَى قَبس *** به طريق الهدى يجلو ويمتهد 15
خلافة وعدها حق له سند *** بشرى لمن صدّقوا، يُسرى لمن نشدوا
منهاجها دعوة شيدت على أسس *** بشرى لمن صدّقوا، يُسرى لمن نشدوا
والصفّ منتظم في سلك قافلة *** آلت على نفسها إحياء ما وأدوا
بقومة لبُّها التجديد راحمة *** طليعة من رجال حبلهم مسد 16
جمعية ندبت للخير فتيتها *** من بعد ما أُعطيت حقا به وعدوا
والصبح بات قريبا والخطاب صدًى *** سُلوى لمن نصروا، بلوى لمن ضَمدوا 17
هال العدى صُبحنا والصبح فاضحُهم *** فأشعلوا حقدهم نارا وما خمدوا
رموا ببدر الدجى في السجن بُغيتهم *** أن يَكْبُوَ الفرس المستنفر العَتَدُ 18
في سجن "لَعْلُو" قضى عامين في صَعَدٍ *** أقلُّ وصف يُجَلّي سِجننا الصَّعد 19
مناضلا شاهدا بالقسط مقتحما *** والناس سائمة يقتادها الرُّدُد 20
يقضي النّهارَ صياما والدجى لَجأً *** لله، يشكو إلى مولاه ما يجد
من زاره نال من أقواله حِكَمًا *** والجارُ يأتيه منه الأكل والبُرَد 21
عامان أمضاهما ياسين في جَلَد *** تمضي الليالي ويُنسى الوَجْد والسَّهَد 22
والحقُّ باق وليل الظلم منقشع *** مهما بدا عمر ظلام الورى الأبد
عامان والعدل والإحسان في رَحِم *** شعارُ جمعية بالمبتغى تَعِد
لم يستسغها دعاة الجبر فانتفضوا *** وحاصروها وعن طوفانها صرٍِِِِدوا 23
وما درَوا أنّ حصر الماء يجمعُه *** لعارم دونه الأغوار والنُّجُد
صام الحبيب سنين الحصر واندفقت *** أفكاره كتبا نبعا لمن يَرِد
حتى إذا ما حِصارُ القوم حاصَرهُم *** نادوا بإنهائه أبْئِس بما حصدوا
ودعوة العدل والإحسان ماضية *** أبوابها فُتحت يزكو بها العدد
وبشريات بخير قادم صدعت *** فاستأسدت قِطط، واستنسر الجعَد 24
والوعد حق وإن لم يأت موعدُه *** محَقَّق آمن الأغيار أو جحدوا
فالواقع المرُّ والأقدار تُنذِرهم *** بالسوء عاقبة فليهنأ الحَشِد 25
صلوا على المصطفى والآل ما سجدت *** جباه من هجدوا والناس قد رقدوا
صلوا على صحبه الأبرار ما بقيت *** في الجسم روح وفي أحشائه كَبِد
صلوا عليهم جميعا دائما أبدا *** ما لي على قولها صبْر ولا جَلَد
إن الصلاة على الأحباب شافعة *** تُقْضى بها حاجتي أو يُطرد الوَبَد 26
صلوا وصلوا وصلوا إنها سَكَن *** مُفَرِّد كُل ُّمَنْ صلى بها فَرَد 27
بها بداياتنا موصولة وبها *** نهاية الأمر عُقْبى عيشها رَغَد

ذ. منير ركراكي
إفران 21 رجب 1429هـ
الموافق ل25 يوليوز 2008م

1الخلد : البال والقلب والنفس
2 ملد: الشباب ونعمته
3 الفند : الخرف وإنكار العقل من الهرم أو المرض
4 اللدد : الخصومة الشديدة .
5 الأود : العوج
6 الكمد : الحزن.
7 النكد: الشؤم واللؤم، وكل ما جر على صاحبه شرا.
8 الرصد : الحارس.
9 الصفد : القيد
10 الخرد: طول السكوت، خرد إذا ذل وخرد إذا استحيا
11 الصَّيد: مصدر الأصيد الذي يرفع رأسه كبرا، ومنه قيل للملك أصيد لأنه لا يلتفت يمينا ولا شمالا
12 القَوَد: القصاص والانتقام
13 العَضُد: القوة لأن الانسان إنما يقوى بعضده فسميت القوة به
14 العند: الاعتراض
15 يمتهد: امتهد ومهد لنفسه خيرا هيأه وتوطأه
16 المسد: الحبل الممسود المفتول.
17 الضمد: الظلم: الحقد اللازق بالقلب
18 العتد: فرس عتَد وعتِد شديد، تام الخلق سريع الوثبة معد للجري ليس فيه اضطراب ولا رخاوة
19 الصّعد : المشقة، وعذاب صعد أي شديد
20 الرُّدد : القباح من الناس
21 البرد: ج بردة الثوب.
22 السهد: القليل من النوم.
23 صردوا: صرد عن الشيء صردا وهو صرد أي انتهى
24 الجعد: الغربان، الواحدة جعَدة.
25 الحشِد: الذي لا يدع عند نفسه شيئا من الجهد والنصرة والمال، وهو محتشِد.
26 الوبد: شدة العيش وسوء الحال من كثرة العيال وقلة المال، والوبد الفقر والبؤس، والوبد العيب.
27 الفرَد: المنقطع القرين من لا مثل له.