مشاهدة النسخة كاملة : بعد ثماني سنوات على انتفاضة الأقصى إلى أين ؟!



سيف الإخوان
02-10-2008, 23:49
بعد ثماني سنوات على انتفاضة الأقصى إلى أين ؟!


بقلم: لمى خاطر

كثيرة هي المعاني والأفكار التي يمكن للمرء أن يستحضرها حين يتوقف أمام حدث بوزن انتفاضة الأقصى، سواء ما يتعلق بظروف الانطلاق والتفجر أو بظروف المسيرة وإفرازاتها أو بالتكهن حول المستقبل الذي قد يبدو مجهولا ومبهما!



وانتفاضة الأقصى – كما انتفاضة 87 – لم تكن مجرد حدث عابر أو هبة جماهيرية محدودة التأثير، بل لعل آثارها ما تزال ماثلة حتى الآن بالرغم من انحسار وهجها وتراجع وتيرة فعلها المقاوم.



وإن كانت انتفاضة كانون 87 قد انتهت بوأدها عبر اتفاقية أوسلو التي حاولت أن تترك أثراً سلبياً على مجمل مناحي الحياة الفلسطينية، وأن تحدث تحولاً جذرياً في ثقافة وقناعة الشعب الفلسطيني، وأن تفرض على الأرض واقعاً غير قابل للتغيير، وأن تحجم المشروع المقاوم وتقلص دائرة مناصرين والمؤمنين بجدواه، فإن انتفاضة الأقصى جاءت كموجة تصحيحية أعادت للصراع مع المحتل مفاهيمه الحقيقية ونسفت منطق تزييف الوعي وسياسة فرض الأمر الواقع بالقوة، إذ سرعان ما تحلل الشعب الفلسطيني في مواجهته مع المحتل من جميع الاعتبارات السياسية والميدانية التي كان هناك من يظن أنها ستشكل كابحاً سرعان ما سيعيد الأمور إلى نصابها ويحد من تنامي الانتفاضة في حينه، غير أن الحراك والتطور السريعين للانتفاضة كانا بعكس كل التوقعات.



فمن جهة كان الشعب بحاجة لتفريغ طاقاته المكبوتة قسراً والترجمة العملية لقناعاته حول السبيل الأكثر جدوى لاستعادة الحقوق، صحيح أن ما فجر الغضبة حينها كان اقتحام المجرم شارون للأقصى، وأن حجم الهبة أثبت ما للمقدسات من مكانة واعتبار في وجدان الأمة، إلا أن تسارع وتيرة الأحداث واتساع مداها جماهيرياً ثم انعطافها نحو (العسكرة) أو المقاومة المسلحة أثبت أن الانتفاضة كانت تتجه لهدم أركان التسوية - المتداعية أصلاً – وإحلال منطق آخر كان يعبر عن نفسه وعينه على تجربة المقاومة في الجنوب اللبناني التي كانت قد أثمرت انسحاباً صهيونياً سبق تفجر الانتفاضة بأربعة أشهر فقط.



ومن جهة أخرى وجدت المقاومة فرصتها لتعبر عن نفسها بكل أريحية ودون قيود ولتعكس المدى الذي كانت قد وصلته في الإبداع والتطور، فدخلت أشكال جديدة ومبتكرة على خط المواجهة لم تكن في حسبان أحد، فكانت صواريخ القسام أبرز معبر عن هذا التطور تقنياً، ونوعياً كانت عمليات الأنفاق وعمليات تفجير الآليات الصهيونية، بينما كانت عمليات المواجهة المباشرة سواء خلال صد الاجتياحات أو عبر عمليات الاقتحام والكمائن المسلحة ( كعمليات عين يبرود وعين عريك ووادي الحرامية وعمليتي عمانويل، إضافة إلى معارك الالتحام المباشرة على حدود القطاع ) تعبيراً عن ردم هوة الخوف وزوال العقدة النفسية والتي لم تعد تحول بين المقاوم والمحتل، أما زخم العمليات الاستشهادية فكان تجسيدا عمليا لتنامي ثقافة الاستشهاد لدى شعب فلسطين واتساعها لتشمل جميع الفئات من رجال ونساء، ومن شباب، وحتى كبار في السن (الاستشهادية الحاجة فاطمة النجار مثالاً ).



بعض المتشائمين يقيمون تجربة الانتفاضة من منطلق أن ركام التضحيات الكبير خلال ثماني سنوات لم يتمخض عن إنجاز ميداني أو سياسي مجدٍ، وقد يكون هذا صحيحاً فقط إذا ما أسقطنا من الاعتبار القيم المعنوية التي رسختها انتفاضة الأقصى والحقائق السياسية التي أكدتها مجدداً على صعيد التعاطي مع المحتل، أو إذا ما نظرنا بتواضع لعملية الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، رغم أنها في كل الأحوال – ورغم واقع الحصار المضروب حول القطاع - جرت تحت وقع ضربات المقاومة وكانت بمثابة تراجع عن إحدى (الثوابت) الصهيونية، ولم تكن ثمناً لاتفاق سياسي ولا حتى كانت بادرة حسن نية من الجانب الصهيوني.



الآن وبعد مرور ثماني سنوات على انتفاضة الأقصى ليس لنا أن ننكر حدوث انحسار لموجتها سواء على صعيد الضربات العسكرية أو على صعيد التفاعل الجماهيري مع فعالياتها. لا نقول هذا من باب الوقوف على المناسبة واستحضارها تاريخياً لمجرد الذكرى، بل نقوله وعيننا على الواقع الذي يراد أن تنتهي إليه التجربة والمصير الذي تجري محاولة إرغام المشروع المقاوم على التسليم به، فقد بات واضحاً أن كل انتفاضة تواجه بعد مرحلة من عطائها محاولات إجهاض متعددة الأشكال لا ترمي فقط إلى ضرب بنيانها المقاوم، بل أيضاً إلى استهداف الوعي لدى عموم الشعب وتمييعه وتيئيسه من جدوى خيار المقاومة.



وفي هذه الانتفاضة كان الاستهداف قوياً ومركزاً لأن المقاومة لم تبق حبيسة الميدان أو حدود تنظيماتها بل تمكنت من ولوج النظام السياسي الفلسطيني، ثم الإمساك بزمامه ومن خلال صندوق الانتخابات وكتعبير حر عن إرادة الجمهور.



قد نجد من يقول إنه ليس من الإنصاف إغفال واقع الانقسام وأثره السلبي على الانتفاضة والوضع الفلسطيني برمته، غير أن هذا الواقع كان نتيجة وليس سببا، بمعنى أنه كان من إفرازات محاولات إجهاض المشروع المقاوم ككل، والذي كان قد أرسى دعائمه على الأرض مع فوز حماس في الانتخابات التشريعية، ثم تمت مواجهته فلسطينيا وصهيونياً ودوليا، بدءاً من الحصار وفرض الشروط المجحفة على الحركة، ثم بمحاولة استئصالها عسكرياً والتي واجهتها الحركة متسلحة بشرعيتها وبما تملكه من قدرات، فكان الانقسام أحد آثار محاولات اجتثاث الجهة الممثلة لمشروع المقاومة، ولم يأت كحدث قائم بذاته. وإلا فما الذي يبرر استمرار الحرب المعلنة على المقاومة في الضفة من قبل السلطة، والعودة للتنسيق الأمني وملاحقة المقاومين كما كان يحدث في سنوات أوسلو في حقبة التسعينات، ولكن هذه المرة بصورة أكثر تركيزاً وأشد وضوحاً وبإشراف أمريكي وصهيوني مباشر!



وعلى كل حال فإن منطق المتفائلين يقول: "إن المقاومة لا تعدم سبيلها للخروج من عنق الزجاجة كلما اشتد التضييق عليها، وهي إما أن تضرب في الساحات المستهدفة فيها، أو تستفيد مما تبقى لها من هوامش ( كما يحدث الآن في عمليات القدس العفوية)، أو قد تسكن قليلاً لتعود وتنطلق بقوة وعنفوان مفاجئين بعد استثمارها لأي تغير ميداني قادم، وعلينا أن نذكّر هنا بظروف انطلاق انتفاضة الأقصى من رحم واقع مرير، وبحجم التغيرات التي فرضتها على الأرض في زمن قياسي.



وبالتالي لن يكون ضرباً من الخيال أو الإفراط في التفاؤل أن نتوقع اليوم مرحلة جديدة من المواجهة تعيد الحياة لجسد انتفاضة الأقصى، أو حتى انتفاضة قادمة بملامح جديدة، خاصة ونحن – والله أعلم - نعيش مرحلة إرهاصاتها ومقدماتها التي تنتظر النتائج.

أشرف
03-10-2008, 19:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحليل وقرائة قيمة

بورك فيك

سيف الإخوان
04-10-2008, 00:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحليل وقرائة قيمة

بورك فيك


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مشكور أخي الكريم على مرورك الطيب

بارك الله فيك



تحياتي

قابض على الجمر
04-10-2008, 02:24
بوركت أخي سيف وفقك الله لما يحبه ويرضاه

سيف الإخوان
04-10-2008, 21:26
بوركت أخي سيف وفقك الله لما يحبه ويرضاه




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وبك الله بارك أخي الحبيب , جزاك الله خيرا على مروركم الطيب

سيف الإخوان
04-10-2008, 21:26
آمل أن أكون عند حسن ظنكم; إن شاء الله تعالى

المختار
05-10-2008, 13:27
بارك الله في منقولك اخي الكريم

جعله الله في الميزان المقبول امين

سيف الإخوان
09-10-2008, 00:05
بارك الله في منقولك اخي الكريم

جعله الله في الميزان المقبول امين



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خيرا , أخي الحبيب على مروركم الطيب