مشاهدة النسخة كاملة : الحرب على غزة ومستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية



قابض على الجمر
16-02-2009, 21:24
http://rafi3.free.fr/uploaded/1563/satellite.jpg


يوم تلو الآخر، هناك في قطاع غزة، صوت دوي الانفجارات يرتفع شيئا فشيئا، أرقام الضحايا تزداد في تسارع مخيف.. صمت يلف القوى الدولية في زمن اختلّت فيه مفاهيم الأقوى والأضعف.. من الأقوى يا ترى؟ إسرائيل بطيرانها ودباباتها ورصاصها المسكوب، أم جميلة بابتسامتها التي تشق الصدور؟ أتدرون من هي جميلة؟ هي ابنة الاثني عشر ربيعا، تلاطف هواء المتوسط على سطح بيتها، فغدت بلا ساقين.
أول أيام الحرب لم يكن مقبولا أو متقبلا فيها أن يخرج أي من المحللين والمراقبين ليتحدث عن الإشكاليات الداخلية، فلسطينيا وعربيا على حد سواء.. السبب أن المشاهد التي ترد من غزة لم تسمح إلا بالحديث عن بشاعة وجه الاحتلال.. اليوم لم تعد إشكاليات الداخل على هامش الحرب، فعربيا هناك مبادرة مصرية، وفلسطينيا أبو مازن أكد بوضوح رفضه لمقاومة قد "تفني" أصحابها.

لسنا بصدد تحليل المبادرة أو الخطاب، لكننا بصدد تحليل معضلة جنبناها أقلامنا منذ بداية الحرب، وهي صيغة العلاقات الفلسطينية الداخلية، التي بات التنافر سمة سائدة بين طرفيها (فتح وحماس)، فإلى أي منقلب سينقلبون؟ وكيف ستؤثر نتائج الحرب على مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية؟ وفي ضوء نتائج الحرب التي بدأت ملامحها ترتسم، من هي الجهة التي سترجح الكفة لصالحها؟

ابتداء.. إن أبعد ما طمحت له إسرائيل من حربها هذه هو اجتثاث حماس من غزة، ووفق أخف التفسيرات حدة اجتثاث حماس من الحكم في غزة، ووفق كلتا الحالتين، فإن نتائج الحرب إذا ما حققت إسرائيل جزءا من أهدافها فستحجم مكانة حماس، ونفوذها سيتراجع في الشارع الفلسطيني، ووفق منطق التناقض السائد الآن، فإن تراجعا حمساويا يعني نهوضا لـ"النقيض"، والعكس بالعكس، النقيض هو فلسطيني للأسف؛ (هكذا تفكر إسرائيل على الأقل).

لم تنته الحرب بعد، ولكن المؤشرات في معظمها، وحسب المراقبين بتعدد مشاربهم وتوجهاتهم، تدلل على أن إسرائيل لن تجني مما اقترفت يداها سوى لعنة الدم الذي سفكته في أزقة غزة.

وبما أن إسرائيل قبل بدء حربها أعلنت أن المستهدف حماس، فإن عدم تحقيق إسرائيل لأهدافها يعني انتصارا للطرف المستهدف.. الانتصار ليس عسكريا بطبيعة الحال، لكن دفع إسرائيل للتراجع عن أهدافها أمام حركة مقاومة، هو انتصار سياسي ومعنوي، حتى إن ألحقت إسرائيل خسائر بشرية ولوجوستية واسعة بحماس، فإن تأثيرها على نفوذ حماس وثقلها سيكون إيجابيا.

كيف يمكن أن تكون نتائج الحرب مخالفة لطموح إسرائيل بضرب حماس واجتثاثها؟ وكيف سيسهم ذلك في إعادة الوفاق الفلسطيني؟ الإجابة في الآتي من عوامل ومتغيرات، والتي أسهمت في تقوية موقف حماس، والتأسيس لمرحلة الوفاق.

أولا: فشل الحصار

كما تمت الإشارة في العديد من المواقع، فإن حماس تغلبت على كافة أشكال الحصار بصمودها وبقائها، ولذلك تم التعامل معها من قبل إسرائيل عسكريا وبشكل مباشر، وفي ضوء نتائج الحرب التي بدأ يتنبأ بها الخبراء، لا يبدو أن إسرائيل ستحقق إنجازا ذا صلة بأهدافها المعلنة قبل الحرب.. لكن كيف لذلك أن يقوي من نفوذ حماس داخليا ويسهم في تقوية موقفها أمام فتح؟ الأمر يتضح في الآتي:

- إذا انتهت الحرب ولم تحقق إسرائيل أهدافها، فإن جماهيرية حماس ستزداد، وستزيد من ثقة المجتمع الفلسطيني بها، بل من ثقة الجماهير العربية والإسلامية التي أيدت المقاومة، وهنا فإن مسيرة 3 أعوام من الحصار الذي كان هدفه الأساسي إثارة الشارع الفلسطيني على حماس، ختم بتصرف إسرائيلي قلب السحر على الساحر.

- ثقة الجماهير ستزداد أكثر فأكثر حين تبدأ حماس جني المكاسب التي من المفترض أن يكون أولها الضغط باتجاه رفع الحصار، وفتح المعابر، وإعادة الإعمار، وإن نجحت حماس في ذلك فيمكن القول إن من انتصر فعليا وفي كافة الجوانب هي المقاومة الفلسطينية.

ثانيا: وقف للمفاوضات واعتراض على المقاومة!

إن كنا نتحدث عما ستئول إليه العلاقات الفلسطينية الداخلية بعد الحرب، فلا بد من الأخذ في الاعتبار موقف السلطة الفلسطينية في رام الله قبيل الحرب وأثناءها؛ كي يتسنى لنا نقاش ماهية أثرها على المجتمع الفلسطيني، بالتزامن مع تأثير المقاومة في غزة عليه.

فمذ بدأت الحرب على غزة بدأت تتلاشى الحواجز الفئوية بين الفلسطينيين، وبدأ التعاطف مع المقاومة الفلسطينية دون النظر إلى الهوية الحزبية، وفي هذه اللحظة بالذات لا يبدو من الحكمة أن يخرج أي سياسي للاعتراض على ما تقوم به المقاومة في غزة؛ لأن أول المتضررين هو صاحب الاعتراض، فلن يكون هناك ترحيب بتصريحاته في ظل العدوان الإسرائيلي، وما يغذي الافتراض القائم بأن مثل هذه التصريحات قد تؤثر سلبا على جماهيرية فتح أنها أعلنت قبل الحرب على غزة بفترة وجيزة، وعلى لسان أحمد قريع، أن المفاوضات مع إسرائيل لم تؤت أكلها، وأنه لا بد من دراسة خيارات أخرى.

كما أن صائب عريقات أعلن منذ بداية الحرب عن وقف المفاوضات، وهنا يظهر نوع من الغموض فيما تريده السلطة في رام الله، ففي الوقت الذي تؤكد فيه عدم جدية إسرائيل في المفاوضات، ترفض تأييد المقاومة في غزة، وهنا بغض النظر عن صوابية موقفها أو خطئه، فإن جماهيريتها ستتراجع.

ثالثا: قوى الإقليم.. إعادة تشكيل

طيلة الفترة السابقة كان الموقف الإقليمي البارز يلعب دورا واضحا لصالح حركة فتح، وخاصة مصر والأردن والعديد من الدول العربية والإسلامية، وذلك بحكم انسجام توجهاتهم السياسية مع توجهات القيادة الفلسطينية في رام الله، وهذا ما مثل ضغطا آخر على حماس، خاصة أن حلفاء حماس في المنطقة لا يتمتعون بنفس النفوذ الذي تختص به القوى المذكورة سابقا.

في هذه الحرب تغيرت المعادلات بشكل أو بآخر؛ بحيث أصبح موقف القوى القريبة من حماس أكثر مقبولية وأكثر تأثيرا وفاعلية، كموقف سوريا وقطر، إضافة إلى نشوء مواقف جديدة، وبشكل واضح وحاد أعلنت صراحة انحيازها لأهل غزة وتبنيها لموقف حماس من الحرب، وأبرز هذه الدول تركيا.

كما أن بعض الدول التي كانت تبتعد في مواقفها عن حماس ارتأت أن الحكمة تقتضي تعديل بعض المواقف خلال الحرب، ومن هذه الدول الأردن، والتي أبدت موقفا متقدما قياسا بكثير من الدول التي تسير في ذات الخط السياسي، هذا التحول في المشهد الإقليمي سيلغي ولو جزئيا تفوق فتح في علاقاتها الإقليمية.

ما تمت الإشارة له من عوامل ومتغيرات مترافقة مع الحرب على غزة سيسهم بشكل واضح في إخراج مشهد جديد للعلاقات المستقبلية الفلسطينية، وكما هو معلوم فإن صيغة العلاقات في أي منتظم سياسي تعتمد بشكل أساسي على موازين القوى لمدخلات هذا المنتظم، وعليه فإن العوامل سابقة الذكر والدافعة نحو مزيد من النفوذ والقوة لحماس ضمن المنتظم السياسي الفلسطيني، ستجعل من صيغة العلاقات المستقبلية تتشكل وفق أسس أقل ما يمكن القول عنها إنها مرضية لحماس.

صيغة العلاقات المرضية لحماس يعززها، بالإضافة إلى ما سبق من تثبيت لموازين القوى الداخلية لصالح حماس، ثلاث قضايا رئيسية، أولاها: شبه إجماع فصائلي على موقف حماس، ظهر جليا بخصوص المبادرة المصرية، وثانيها: الإشكالية القانونية لولاية رئيس السلطة والجدل الدائر بشأنها، وثالثها: صعوبة المطالبة بالانتخابات المبكرة بعد الحرب على غزة.


بلال الشوبكي : محاضر في قسم العلوم السياسية، جامعة النجاح الوطنية، وباحث في المركز الفلسطيني للديمقراطية والدراسات والأبحاث.

قلب مسلمة
17-02-2009, 14:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلمت يداك اخي الفاضل على منقولك
و جعل الله النصر للمسلمين في كل مكان فالله مع الصابرين و الصالحين و ااكد على كلمة الصالحين