مشاهدة النسخة كاملة : كيف ترق القلوب



إسلامية الفاروق
28-02-2009, 09:55
كيف ترق القلوب ؟؟؟
الحمد لله علام الغيوب..الحمد لله الذي تطمئن بذكره القلوب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعز مطلوب، وأشرف مرغوب..وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الذي أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وبعد،،،
فإن رقة القلوب وخشوعها وانكسارها لخالقها وبارئها منحة من الرحمن، وعطية من الديّان؛ تستوجب العفو والغفران، وتكون حرزاً وحصناً من الغي والعصيان.. ما رقّ قلب لله إلا كان صاحبه سابقاً إلى الخيرات، مشمراً في الطاعات والمرضيات.. ما رقّ قلب لله وانكسر إلا وجدته أحرص ما يكون على طاعة الله ومحبة الله، فما ذُكِّر إلا تذكر، ولا بُصِّر إلا تبصر.. ما دخلت الرقة إلى القلب إلا وجدته مطمئناً بذكر الله، يلهج لسانه بشكره والثناء عليه سبحانه .. وما رق قلب لله إلا وجدت صاحبه أبعد ما يكون عن معاصي الله .
فالقلب الرقيق قلب ذليل أمام عظمة الله وبطش الله تبارك وتعالى.. ما انتزعه داعي الشيطان إلا وانكسر خوفاً وخشية للرحمن .. ولا جاءه داعي الغي والهوى إلا رعدت فرائص ذلك القلب من خشية المليك سبحانه.
القلب الرقيق صاحبه صدّيق وأي صدّيق..القلب الرقيق رفيق ونعم الرفيق.
ولكن من الذي يهب رقة القلوب وانكسارها؟ ومن الذي يتفضل بخشوعها وإنابتها إلى ربها ؟
من الذي إذا شاء قلَبَ هذا القلب؛ فأصبح أرق ما يكون لذكر الله، وأخشع ما يكون لآياته وعظاته؟ من هو؟
سبحانه لا إله إلا هو.. القلوب بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، فتجد العبد أقسى ما يكون قلباً، ولكن يأبى الله إلا رحمته، ويأبى الله إلا حلمه وجوده وكرمه.. حتى تأتي تلك اللحظة العجيبة، التي يتغلغل فيها الإيمان إلى سويداء ذلك القلب بعد أن أذن الله تعالى أن يصطفى ويجتبى صاحب ذلك القلب.
فلا إله إلا الله ! من ديوان الشقاء إلى ديوان السعادة! ومن أهل القسوة إلى أهل الرقة ! بعد أن كان فظاً جافياً، لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه، إذا به يتوجه إلى الله بقلبه وقالبه..إذا بذلك القلب الذي كان جريئاً على حدود الله، وكانت جوارحه تتبعه في تلك الجرأة.. إذا به في لحظة واحدة يتغير حاله، وتحسن عاقبته ومآله، يتغير لكي يصبح متبصراً يعرف أين يضع الخطوة في مسيره.
إنها النعمة التي ما وجدت على وجه الأرض نعمة أجل ولا أعظم منها، نعمة رقة القلب وإنابته إلى الله تبارك وتعالى.

وقد أخبر عز وجل أنه ما من قلب يُحرم هذه النعمة إلا كان صاحبه موعوداً بعذاب الله أسباب قسوة القلب:
1. الجهل بالله تبارك وتعالى .
2. الركون إلى الدنيا والغرور بأهلها : وكثرة الاشتغال بفضول أحاديثها، فإن هذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب، إذا اشتغل العبد بالأخذ والبيع، واشتغل بهذه الفتن الزائلة، والمحن الحائلة، سرعان ما يقسو قلبه؛ لأنه بعيد عن من يذكره بالله. فلذلك ينبغي للإنسان إذا أراد أن يوغل في هذه الدنيا أن يوغل برفق، فديننا ليس دين رهبانية، ولا يحرم الحلال، ولم يحل بيننا وبين الطيبات، ولكن رويداً رويداً، فأقدار قد سبق بها القلم، وأرزاق قد قضيت، يأخذ الإنسان بأسبابها دون أن يغالب القضاء والقدر..يأخذها برفق ورضاء عن الله تبارك وتعالى، في يسير يأتيه، وحمد وشكر لباريه؛ سرعان ما توضع له البركة، ويكفى فتنة القسوة، نسأل الله العافية منها.
فلذلك من أعظم الأسباب التي تستوجب قسوة القلب: الركون إلى الدنيا، وتجد أهل القسوة - غالباً- عندهم عناية بالدنيا، يضحون بكل شيء: يضحون بأوقاتهم..يضحون بالصلوات..يضحون بارتكاب الفواحش والموبقات..ولكن لا يمكن أن يضحي الواحد منهم بدينار أو درهم منها، فلذلك دخلت هذه الدنيا إلى القلب، والدنيا شُعب، ولو عرف العبد حقيقة هذه الشُعب لأصبح وأمسى ولسانه يلهج إلى ربه:رب نجني من فتنة هذه الدنيا، فإن في الدنيا شُعب ما مال القلب إلى واحد منها؛ إلا استهواه لما بعده، ثم إلى ما بعده حتى يبعد عن الله عز وجل، وعنده تسقط مكانته عند الله، ولا يبالي الله به في أي وادٍ من أودية الدنيا هلك والعياذ بالله.
هذا العبد الذي نسي ربه، وأقبل على هذه الدنيا مجلاً لها مكرماً، فعظّم ما لا يستحق التعظيم، واستهان بمن يستحق الإجلال والتعظيم والتكريم سبحانه وتعالى، فلذلك كانت عاقبته والعياذ بالله من أسوأ العواقب.
3. الجلوس مع الفساق ومعاشرة من لا خير في معاشرته: ولذلك ما ألف الإنسان صحبة لا خير في صحبتها إلا قسا قلبه من ذكر الله، ولا طلب الأخيار إلا رققوا قلبه لله الواحد القهار، ولا حرص على مجالسهم إلا جاءته الرقة شاء أم أبى، جاءته لكي تسكن سويداء قلبه، فتخرجه عبداً صالحاً مفلحاً قد جعل الآخرة نصب عينيه..لذلك ينبغي للإنسان إذا عاشر الأشرار أن يعاشرهم بحذر، وأن يكون ذلك على قدر الحاجة حتى يسلم له دينه، فرأس المال في هذه الدنيا هو الدين.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تهب لنا قلوباً لينة تخشع لذكرك وشكرك، وتطمئن لذكرك.
والحمد لله رب العالمين.

قال سبحانه: "فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ" . ويل: عذاب ونكال لقلوب قست عن ذكر الله، ونعيم ورحمة، وسعادة وفوز لقلوب انكسرت وخشعت لله.
لذلك – إخواني في الله – ما من مؤمن صادق في إيمانه إلا وهو يتفكر كيف السبيل لكي يكون قلبي رقيقاً؟

المختار
05-03-2009, 11:43
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تهب لنا قلوباً لينة تخشع لذكرك وشكرك، وتطمئن لذكرك.


جزاك الله خيرا مشاركة قيمة جعلها الله في الميزان المقبول

حسناء الحمري
05-03-2009, 14:39
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

القلب الرقيق صاحبه صدّيق وأي صدّيق..القلب الرقيق رفيق ونعم الرفيق.

محبة الجماعة
05-03-2009, 16:17
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك اختي الغالية

krit01
10-03-2009, 12:33
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة مزيد من عطاء انشاء الله

إسلامية الفاروق
16-03-2009, 17:14
شرفني مروركم الطيب