مشاهدة النسخة كاملة : الفكاهي بزيز : حافظوا على المكاسب والمكتسبات



عادل محسن
11-04-2009, 00:17
حافظوا على المكاسب والمكتسبات

في بعض المرات، نضحك من تعابير لغتنا، فنتحدث عن «التقدم إلى الأمام والتراجع إلى الوراء، فيما المنطلق واضح في هذا المجال إذ لا تقدم إلا إلى المستقبل ولا تراجع إلا إلى الماضي السحيق.
وتعاني اللغات كما تعاني الشعوب من هذا المنطق الملتبس، ففي بلدنا نسمع خطابات تطمئننا إلى أننا سنحافظ على «المكتسبات» و«المكاسب» وكأننا حققنا فتحاً مبيناً حين نضيف «منجزات» الماضي إلى رصيد الحاضر. أتساءل أين هذه المكتسبات والمكاسب والمنجزات وفي أي مجال حققناها؟ في الانتقال الديمقراطي الحقيقي، في حرية التعبير، في حقوق بني البشر في الإعلام في الكرامة الإنسانية، في بناء المؤسسات في التعليم والعدل والمساواة، «فاش حققنا مرة أخرى هذه المكتسبات؟» وهل يحق لنا المباهاة والتفاخر بمكاسب جماعة معروفة وغنى بعض الأفراد الفاحش وهل سنشد بالنواجد على مكتسبات غير موجودة ولا تعنينا في شيء؟
ما حققناه في أمسنا القريب مجرد أوهام عابرة لا تلبث أن تنقشع ليتجلّى لَنَا واقِعُنا المُخيف. لقد أنسانا بريق الذهب الرياضي صفيح حالتنا اليومية، فنحن قبيلة تواقة إلى النصر ونابذة للهزيمة أو هكذا أوهمونا، فلن تجد مغربيّا واحداً يقتنع بأن منتخبه الكروي سيخضع لقانون اللّعبة التي تفيد بأن هناك قانونا مكتوبا يُسفر عن الانتصار والتعادل والهزيمة. إننا ننتصر دائما على الورق، وحين تسير الرّياح بما لا تشتهيه النتائج وسفنها، نبحث عن مشاجب لنعلق عليها فشلنا، فترتفع بعض الأصوات، بكلام مثل «الكارثة»، «المصيبة»، «الاندحار» أو «الفضيحة»، وكأن حالتنا السياسية والاقتصادية والحقوقية والثقافية والإعلامية، ليست كارثية. إنه فشل هيكلي ونتيجة سياسات خاطئة. ولا عجب أن كل المغاربة الذين تألقوا في مجالات رياضية وعلمية وفكرية وفنية، إنما حققوا إنجازاتهم في غالب الأحيان خارج أي دعم أو رعاية أو تأطير، كما حققوا إنجازاتهم بفعل إرادة شخصية أو بفعل الصدفة، واكتفى «المسؤولون» بالسطو على انتصاراتهم وتألقهم وقرصنة أمجادهم وتحويلها إلى إنجازات حكومية. ورغم كل هذا يطلبون منا الحفاظ على المكتسبات. فبلادنا العزيزة حققت أرقاما قياسية (في زمن الهزائم الرياضية) على مستوى التراجع على عدة مستويات. وهذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن بلد يريد أن يحافظ على مراتبه (مكتسباته) الأخيرة في مجالات النمو والتعليم والثقافة والرياضة والاقتصاد.
لنتصور للحظة واحدة أن المغرب انتصر على نظيره الغابوني في الإقصائيات المزدوجة، وكيف استسوق الحكومة و(الجامعة) ذلك الانتصار التافه وتعتبره فتحا عظيما، ومن جهة أخرى مجرد «فاليوم» يخفف من آلام المغاربة ومعاناتهم العميقة. لكن العجيب أن الحكومة وفضائياتها المتناسلة التي تشبه الأرانب في توالدها أثبتت فشلها المدوي، حيث هجرها الجمهور المغربي إلى فضاءات أخرى وجد فيها شيئا يعجبه.
وبكلمة أخرى فالمغربي مطالب بالتمسك بمرجعية الماضي الذي يسمِّي نفسه حاضرا ومستقبلا، سواء انهزم فريقنا الوطني الكروي، أو أدمن فريقنا الحكومي على الفشل. تصوّروا لو أن فريقنا الحكومي لعب مع فرق حكومية في مستوانا وحتى بمدرب أجنبي ماذا ستكون النتيجة؟ أترك لكم الجواب. لقد دأب المقررون على إلهائنا بملفات وهمية مطبوخة، وعلينا أن نقتنع بأننا الأفضل والأهم. و«ما فيها باس» أن نتسلى بملفات موسمية تهدف إلى إدهاشِنا و«الترفيه علينا» بين الفينة والأخرى. وهي ملفات تتراكم بنوع من «التذاكي» وكأن المغاربة لا يتسلون بالمسلسلات المكسيكية والتركية وكافّة البضائع الرخيصة التي تسوقها لدافعي الضرائب ما يسمى ظلما بشركة الإذاعة والتلفزة المغربية المتخصصة في تبذير المال العام ومسخ الثقافة المغربية واحتقار الجمهور.

أحمد السنوسي --------------------- الفكاهي بزيز