مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور مصطفى محمود مقدم برنامج "العلم والإيمان" في ذمّة الله



عادل محسن
01-11-2009, 22:21
الدكتور مصطفى محمود في ذمّة الله

http://i1.ytimg.com/vi/0EaAcLZwi4M/hqdefault.jpg

الاحـد 13 ذو القعـدة 1430 هـ 1 نوفمبر 2009

توفي الفقيد الراحل الدكتور مصطفى محمود صباح السبت 31-10-2009 ، بمستشفاه الخيري بمنطقة المهندسين، بعد رحلة علاج طويلة، قضاها في الأعوام الأخيرة بعيدا عن دائرة الضوء، مفضلا العزلة والانسحاب في خلوة صوفية، تجنب خلالها مشاهدة التلفاز أو قراءة الصحف، وبعد رحلة امتدت لنحو 88 عاما قطع بها عتمة الشك بنور اليقين.

ببالغ الأسى والحزن شيع الآلاف من المصريين البسطاء جثمان المفكر الإسلامي الدكتور مصطفى محمود إلى مثواه الأخير بمدافن العائلة بمحافظة 6 أكتوبر.

انطلقت مراسم الجنازة بعد صلاة الظهر من مسجد الفقيد الشهير (مسجد محمود) بحي المهندسين بمحافظة الجيزة، وتقدمها نقيب الصحافيين مكرم محمد أحمد، ومرشد جماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف، وكوكبة من الكتاب والمثقفين، فيما انتابت حالات من الإغماء عددا من السيدات اللاتي شاركن في الجنازة.

عادل محسن
01-11-2009, 23:48
حياة الدكتور رحمه الله
http://www.youm7.com/images/NewsPics/large/s820092311739.jpg


ولد الدكتور مصطفى محمود في عام 1921 بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية (70 كيلو مترا شمال القاهرة)، لكنه نشأ إلى جوار مسجد «السيد البدوي» بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، والذي يعد أحد أهم مزارات الصوفية في مصر، الأمر الذي ترك أثرا كبيرا على نشأته الروحية، ولعب دورا مهما في تحولاته الفكرية والفلسفية.
في بداية شبابه أرقته فكرة الاطمئنان، فانطلق يبحث عن إجابة للغز الحياة، في فترة عرفت فيها مصر تيارات فكرية شديدة التنوع والاختلاف، سادتها المناظرات الفكرية بين أقطاب الثقافة المصرية، وفي زمن شهد رواجا للفلسفة الوجودية التي امتدت أمواجها للجامعات المصرية. وقال الدكتور مصطفى محمود معلقا على هذه الفترة من حياته: «احتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب، وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين».
تخرج الدكتور مصطفى محمود في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1953، وقد عرف عنه ولعه بمادة التشريح فترة دراسته بكلية الطب، حتى اشتهر بين زملائه بلقب «المشرحجي».
والدكتور مصطفى محمود من المفكرين القلائل، الذين طالتهم سهام النقد، الذي تحول لملاحقات قضائية، على اختلاف مواقفه الفكرية، إبان فترة الشك وحتى اطمئنان اليقين.
وشهدت الستينات أعنف وأول فصول أزماته الفكرية حيث أحيل للمحاكمة بناء على طلب من الأزهر عقب نشر كتابه «الله والإنسان».
وقد انتهت القضية بمصادرة الكتاب الذي أعاد الرئيس المصري الراحل أنور السادات نشره بعد وصوله لسدة الحكم.
وبعد صدور كتابه «الشفاعة» الذي حاول فيه إعادة النظر في مفهوم الشفاعة، مؤكدا أنه لا علاقة له بما يروجه البعض اليوم، مستندا في ذلك لآراء علماء مسلمين بقامة الشيخ محمد عبده، شن الكثيرون هجوما عنيفا عليه وصدرت كتابات عديدة للرد عليه، واتهمه البعض بالكفر والخروج عن الملة.
لكن الدكتور مصطفى محمود صمد بصلابة إيمانه في وجه كل التيارات، ليثري المكتبة العربية بسلسة من المؤلفات المتنوعة في شتى دروب المعرفة الدينية والأدبية والعلمية والفنية، ووصلت هذه المؤلفات إلى 89 كتابا، من أبرزها «علم نفس قرآني جديد»، «الله والإنسان»، «الإسلام السياسي والمعركة القادمة»، «أينشتين والنسبية»، «القرآن كائن حي»، «رجل تحت الصفر» قصة، «شلة الأنس» مجموعة قصصية، «الأفيون» سيناريو.
قدم الدكتور مصطفى محمود واحدا من أشهر البرامج التلفزيونية بالتلفزيون المصري بعنوان «العلم والإيمان»، وهو من البرامج الشيقة، وضع فيه المشاهد العربي أمام المنجزات العلمية، بعدما أعاد قراءتها من وجهة نظر إيمانية جديدة. كما كان الراحل الكبير واحدا من كتاب جريدة «الأهرام» المصرية.
اشتهر مصطفى محمود بذائقة أدبية شديدة الحساسية، فدفعه حبه للموسيقى إلى تعلم العزف على آلة العود، كما خاض غمار التجريب في الكتابة المسرحية، والروائية والقصة القصيرة، والكتابة للسينما. وكان دمث الخلق، حلو المعشر، يتعامل مع الأشياء ومستجدات الحياة بدهشة طفل، ويركز على نوازع الخير والحب وقيمة الحوار، في التواصل مع الناس والمعرفة الإنسانية. وبدافع من هذا الحب أنشأ في عام 1979 مسجده في القاهرة المعروف بـ«مسجد محمود»، ويتبع له ثلاثة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ تهتم بعلاج الفقراء وذوي الدخل المحدود.
وبرغم كل هذا العطاء الوافر عاش الراحل حياة أسرية، قلما نعمت بالاستقرار والسكينة، فقد تزوج عام 1961 وانتهى الزواج بالطلاق عام 1973، ورزق منه بولدين وحيدين «أمل» و«أدهم». ثم تزوج ثانية عام 1983 وانتهى هذا الزواج أيضا بالطلاق، عام 1987.. ومنذ ذلك التاريخ تفرغ تماما لحياته كداعية ومفكر إسلامي من طراز خاص، يمزج حدوسات المعرفة الدينية بحقائق العلم والفلسفة والوجود.
حول مصطفى محمود وقيمته الفكرية تقول الكاتبة الصحافية سكينة فؤاد لـ«الشرق الأوسط»: «الراحل الكبير نموذج إنساني حقيقي، فكره العميق مثل إضافة للثقافة العربية». مضيفة أن أهم ما يميز الدكتور مصطفى محمود ممارسته للنقد الذاتي والمراجعة الفكرية. لكنه لم يركن فقد لإنتاج مشروعه الفكري على أهميته، بل عمل على أن يستكمل هذا البناء الفلسفي والعلمي والأدبي بالقدرة على التأثير المباشر في الواقع من خلال مؤسسته التي تعد واحة ثقافية وطبية في قلب القاهرة.
وقالت سكينة فؤاد «سعدت شخصيا بالمشاركة في منتديات استضافتها مؤسسته الخيرية التي ظلت وستستمر في نشر الثقافة الدينية والعلمية الرفيعة»، مشيرة إلى أنه كان من أوائل المثقفين الذين لمسوا حاجة عامة الشعب في تحصيل معرفة راقية فاعتمد على لغة جديدة، لغة الميديا لنقل رسالته لأكبر عدد ممكن من الناس».
وقال محمد عبد القدوس، الكاتب الصحافي، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحافيين المصرية، إن رحيل الدكتور مصطفى محمود خسارة كبيرة للوطن، لكن رحلته الإنسانية الفريدة ستبقى مثالا لكل شاب، بتحولاته الفكرية وبحثه الدءوب عن اليقين الذي يطمئن له، وتعدد مواهبه، ونشاطه الخيري، كل هذا إرث نرجو أن ينفع هذا الجيل.
وبنبرة حزينة قال الكاتب الصحافي صلاح عيسى لـ«الشرق الأوسط»: الدكتور مصطفى محمود شخصية متعددة المواهب والإنجازات ولافتة للنظر بقدر ما أنجز من تحولات فكرية خلال أكثر من 8 عقود كان فيها علامة بارزة في الثقافة المصرية والعربية.
وأضاف عيسى أن للراحل الكبير محاولات جادة واجتهادات في محاولة للتقريب بين العلم والدين. بدأ حياته كاتبا للقصة القصيرة في مجموعته الأولى «أكل عيش» وكان في ذلك الوقت أقرب للمدرسة الواقعية الاشتراكية في الأدب وقد تناول فيها حالات إنسانية احتك بها أثناء فترة عمله كطبيب بمستشفى الصدر. ويتابع عيسى «لكن الخمسينات شهدت تحوله الفكري الأول ليقترب من التيار الوجودي، وهي الفترة التي كتب فيها عموده الشهير الذي أسس لمدرسة صحافية جديدة وحمل عنوان «اعترفوا لي» حيث تناول فيها المشاكل الوجدانية للقراء عبر مراسلاتهم. وهي الفترة ذاتها التي أصدر فيها كتابه «الله والإنسان» ورواية «المستحيل» التي تحولت إلى فيلم سينمائي.


عن الشرق الاوسط