مشاهدة النسخة كاملة : الجماعة المغربية المقاتلة والبحث عن التمايز التنظيمي



عادل محسن
16-11-2009, 00:31
الجماعة المغربية المقاتلة والبحث عن التمايز التنظيمي

بقلم الدكتور محمد ظريف

لم تمنع مناهضة الإيديولوجيا السلفية الجهادية للمنطق «القطري» من تكريسه على مستوى الخيارات التنظيمية. ورغم أن المغاربة حاولوا نسبيا، طيلة تسعينيات القرن العشرين، التحرر من الاحتضان التنظيمي للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، خاصة في أوربا، فإن هذا التحرر لم يكتمل إلا في أفغانستان بتأسيس «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة».
ترجع أجهزة الاستخبارات المغربية تأسيس «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» إلى سنة 1995 بالسودان عندما كان أسامة بن لادن مقيما به، غير أن هذا المعطى لا يبدو صحيحا ما دامت هذه الأجهزة لا تميز بين «الحركة الإسلامية المسلحة» و«الجماعة المغربية المقاتلة».
ويبدو أن ما دفع إلى الاعتقاد بتأسيس الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة في السودان هو وجود «عبد الله تبارك» هناك إلى جانب أسامة بن لادن. ولم تتمكن أجهزة الاستخبارات من تحديد طبيعة وجوده في البداية، فقد اعتبرته كثير من الأجهزة الأمنية الغربية بمثابة اليد اليمنى لابن لادن. وقد قضى سنوات بمعتقل «غوانتنامو» قبل أن يسلم إلى المغرب سنة 2005، وقد برأه القضاء المغربي من كل التهم الموجهة إليه، بما فيها تأسيسه لـ«الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة».
يعود تأسيس «الحركة الإسلامية المسلحة»، والمعروفة اختصارا بـ«حسم»، إلى مطلع تسعينيات القرن العشرين. وقد حاولت هذه الحركة أن تكون نسخة مغربية لـ«الجماعة الإسلامية المسلحة» في الجزائر، كما حاولت تقليد أسلوب «الجماعة الجزائرية» على مستوى استهداف استقرار المغرب، ونفذت بالفعل اعتداءات بتاريخ 24 غشت 1994 على فندق أطلس أسني بمدينة مراكش، غير أن هذه الحركة لم تكن تتوفر على إمكانيات ووسائل «الجماعة الإسلامية المسلحة» بالجزائر، لذلك سرعان ما تراجع أداؤها خاصة بعد اعتقال فرنسا لأهم قادتها، وهو «عبد الإله زياد».
عندما أقدم العرب في أفغانستان سنة 1998 على مبايعة أسامة بن لادن، وانسجاما مع الاستراتيجيا الجديدة لهذه الأخيرة والتي كانت تروم تأسيس تنظيمات «قطرية» تابعة لتنظيم القاعدة، بادر عدد من المغاربة، الذين تلقوا تدريبات عسكرية في معسكر «الفاروق» في أفغانستان التابع للقاعدة، إلى تأسيس «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» على شاكلة «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» التي وفرت، في البداية، غطاء تنظيميا للكثير من نشطاء السلفية الجهادية المغربية.
لم يتداول اسم «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة»، أمنيا وإعلاميا، في المغرب إلا بعد اعتداءات 16 ماي 2003 التي استهدفت مدينة الدار البيضاء. وركز الإعلام الإسباني عليها مباشرة بعد اعتداءات مدريد بتاريخ 11 مارس 2004. وبادرت الحكومتان الأمريكية والبريطانية بعد ذلك إلى إصدار قرارين يتعلقان بتجميد أرصدة قادتها.
غم أن السلطات المغربية تعتبر «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» أكبر خطر يتهدد استقرار البلاد، فإنها عجزت عن تحديد هويات قياداتها بشكل دقيق، مما جعل المعطيات المتداولة حول بنيتها التنظيمية تتسم بكثير من «النسبية».
نلاحظ على مستوى تحديد أسماء المسؤولين عن قيادة «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» نوعا من الارتباك أو التضارب في الروايات الرسمية المغربية، ففي أول محاكمة لمجموعة من أعضاء الجماعة، جرت في الرباط في شهر دجنبر 2003، اعتبر محمد الكربوزي، الملقب بأبي عيسى، مؤسسا وأميرا للجماعة، غير أن محاضر التحقيق التي أنجزت سنتي 2007 و2008، بعد اعتقال سعد الحسيني الذي كان يعتبر رئيسا للجنة العسكرية للجماعة، غيرت مواقع الرجلين في تراتبية القيادة. وعليه، فقد أصبح البناء التنظيمي للجماعة، حسب الرواية الرسمية الأخيرة، يتكون من:
أولا، أمير الجماعة وهو الطيب بنتيزي، المعروف بالحاج يوسف، إضافة إلى نائبه وهو محمد الكربوزي.
ثانيا، مجلس الشورى الذي يرأسه الطيب بنتيزي، إضافة إلى رؤساء اللجان وهم محمد الكربوزي وكريم أوطاح ويونس الشقوري ونور الدين نفيعة وعبد العزيز بصاري.
ثالثا، المجلس التنفيذي ويتكون من نواب رؤساء اللجان.
رابعا، اللجان وهي:
- اللجنة العسكرية التي يرأسها يونس الشقوري وينوب عنه سعد الحسيني.
- اللجنة الدينية التي يرأسها نور الدين نفيعة وينوب عنه الحسين الحسكي.
- اللجنة المالية التي يرأسها محمد الكربوزي وينوب عنه عبد الله شهيد.
- لجنة الإعلام التي يرأسها كريم أوطاح وينوب عنه محمد علوان.
- اللجنة الأمنية التي يرأسها عبد العزيز بصاري وينوب عنه عبد القادر حكيمي.
إذا كانت المعطيات المتوفرة لا تساعد على تحديد الهيكلة التنظيمية على المستوى القيادي، فإنها تساعد على التعرف على الأسلوب المنتهج قاعديا، ذلك أن «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» اعتمدت أسلوب «الخلايا المعزولة»، فقد حرصت منذ 1998 على تكوين بعض الخلايا أو الاستفادة من «خلايا» كانت موجودة. وأسلوب «الخلايا المعزولة» يتميز بخاصيتين: تتمثل الخاصية الأولى في عدم معرفة الخلايا لبعضها البعض. وتتحدد الخاصية الثانية في جهل أعضاء تلك الخلايا بارتباطهم بتنظيم موجود. لذلك يكون لكل خلية أمير هو المسؤول عنها. ويتصرف أعضاء تلك الخلية ليس كجزء من تنظيم بل كتنظيم «مستقل»، وهو ما ينطبق، مثلا، على خلية يوسف فكري وخلية عبد الوهاب الرباع.
إن تضارب المعلومات حول «حقيقة» «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» يرجع أساسا إلى ما تتمتع به هذه الجماعة من قدرة على التمويه يساعد عليه انتهاج وسيلتين:
- تتعلق الوسيلة الأولى باعتماد أسلوب «الخلايا المعزولة».
- ترتبط الوسيلة الثانية باقتصاد الجهد في الاستقطاب والاستفادة من خدمات تنظيمات «جهادية» مغربية موجودة، سواء خارج المغرب أو داخله.
تشتغل «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» في أوربا الغربية جزئيا من خلال تنظيم «الحركة الإسلامية المقاتلة» (حسم) الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى بداية التسعينيات من القرن العشرين من طرف عبد الإله زياد، أحد قدامى حركة الشبيبة الإسلامية. ولعل الاستفادة، بطريقة غير مباشرة، من خدمات «الحركة الإسلامية المقاتلة» هو الذي يدفع البعض أحيانا إلى عدم التمييز بينها وبين «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة».
أما داخل المغرب، فإن «الجماعة المقاتلة» سعت إلى الاستفادة من خدمات «منظمة المجاهدين بالمغرب» التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1984 من قبل عبد العزيز النعماني، المنشق عن عبد الكريم مطيع مؤسس حركة «الشبيبة الإسلامية»، ووجه الاستفادة كان يتحدد في جانبين:
- يتجسد الجانب الأول في قدرة مسؤولي «منظمة المجاهدين بالمغرب»، الذين تولوا المسؤولية بعد اختفاء عبد العزيز النعماني، على إخفاء هوياتهم، خاصة علي البوصغيري ومحمد النكاوي. فعلي البوصغيري، الذي خلف النعماني على رأس المنظمة، ظل يعيش بهوية مزورة باسم عبد العزيز سمني، ومحمد النكاوي رجع إلى المغرب مع مطلع التسعينيات من القرن العشرين واستقر في مناطق الشمال بهوية مزورة باسم عبد الله الوجدي أو الريفي إلى أن القي عليه القبض بعد أحداث 16 ماي 2003.
- يتجسد الجانب الثاني في قدرة مسؤولي هذه المنظمة على الاستقطاب. فكثير ممن اعتقلوا بدعوى الانتماء إلى تيار السلفية الجهادية استقطبوا أساسا من قبل «منظمة المجاهدين بالمغرب».

عادل محسن
19-11-2009, 20:40
«الجماعة المغربية المقاتلة» وسؤال الصيرورة


محمد ضريف

إن البحث في صيرورة «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» هو بحث في إكراهات الممارسة، هذه الإكراهات التي حكمتها تداعيات إسقاط نظام طالبان نهاية سنة 2001 والضربات الموجعة التي تلقتها «القاعدة» في أفغانستان، هذه الصيرورة هي التي تحكمت، إلى حد بعيد، في الأدوار التي كلفت الجماعة بالقيام بها.

مرت «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» منذ تأسيسها بثلاث محطات:

- تتحدد المحطة الأولى في الفترة الممتدة بين 1998 و2002، حيث كانت «الجماعة» مطالبة بتوفير دعم لوجستيكي لأعضاء القاعدة، فتنظيم القاعدة لم يكن يرغب في استهداف المغرب بقدر ما كان يتعامل معه كقاعدة خلفية بإمكانها أن تسهل مأمورية أعضائه من قبيل توفير إقامات لهم أو تزويجهم بمغربيات أو تيسير انتقالهم إلى أوربا من خلال تزويدهم بوثائق هوية مزورة. وهناك حدثان يؤشران على هذا الدور خلال هذه المحطة، يتعلق الحدث الأول بمحاكمة أحد «الأفغان المغاربة»، وهو علي علام، حيث انصبت التهم الموجهة إليه أساسا على سرقةٍ للوثائق الرسمية، ومنها جوازات السفر.
وأكيد أن علي علام قد «وظف» من قبل بعض أعضاء «الجماعة المغربية المقاتلة» للقيام بذلك. ويرتبط الحدث الثاني بتفكيك «الخلية النائمة» صيف 2002 والتي كانت تضم ثلاثة سعوديين متزوجين بمغربيات، ظلوا لسنوات يتنقلون بين المغرب وأفغانستان التي كانوا يقيمون بها قبل سقوط نظام طالبان نهاية سنة 2001. ومعلوم أن أعضاء هذه الخلية النائمة، وإن أصروا على استبعاد التهم الموجهة إليهم بخصوص رغبتهم في استهداف استقرار المغرب، لم ينفوا صلتهم بالقاعدة.

إن توفير الدعم اللوجستيكي كمهمة رئيسية لـ«الجماعة المغربية المقاتلة» في هذه المحطة الأولى كان ينسجم مع الأهداف العامة لتنظيم القاعدة التي رسخت وجودها في أفغانستان وكانت تتخذ منه منطلق تحقيق استراتيجيتها المرتكزة أساسا على المساس باستقرار النظام السياسي في المملكة العربية السعودية.

- تتحدد المحطة الثانية في الفترة الممتدة بين 2002 و2004، حيث لم يعد دور «الجماعة المغربية المقاتلة» مقتصرا على توفير الدعم اللوجستيكي بل تعداه إلى المشاركة في تنفيذ بعض العمليات التخريبية ضد بعض الدول عقابا لها على تعاونها مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد الإرهاب. وفي هذا الإطار، تندرج الاعتداءات التي استهدفت مدينة الدار البيضاء يوم 16 مايو 2003 وتلك التي استهدفت مدريد يوم 11 مارس 2004.

في اليوم الذي وقعت فيه الاعتداءات على الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يوم 11 شتنبر 2001، قطع الملك المغربي محمد السادس زيارته لموريطانيا وأعلن انخراطه في الحرب ضد الإرهاب، وشهدت سنة 2002 حملة اعتقالات طالت نشطاء السلفية الجهادية المغربية، بدءا بأعضاء «جماعة الصراط المستقيم» ومرورا باعتقال مجموعة أبي حفص ومجموعة يوسف فكري. ولم تتميز سنة 2002 بحملة الاعتقالات فقط، بل استضافت السجون السرية بالمغرب بعض معتقلي «غوانتنامو» للتحقيق معهم. ولعل هذا التعاون هو الذي استفز تنظيم القاعدة الذي أدخل المغرب في دائرة استهدافه، حيث دعا أسامة بن لادن المجاهدين إلى التحرك من أجل إسقاط نظام الطاغوت القائم في المغرب في بداية شهر فبراير 2003، ولم تكد تمر ثلاثة أشهر على هذا النداء حتى قام 14 انتحاريا ليلة 16 مايو من نفس السنة باستهداف مجموعة من النقط ذات الرمزية بمدينة الدار البيضاء، تراجع منهم ثلاثة انتحاريين في آخر لحظة في حين لقي 11 انتحاريا حتفهم.

رغم كل الغموض الذي أحاط باعتداءات 16 مايو2003، لم تتردد السلطات المغربية في توجيه أصابع الاتهام إلى «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة»، كما أن «بصمات» هذه الجماعة كانت حاضرة في الاعتداءات التي استهدفت العاصمة الإسبانية مدريد يوم 11 مارس 2004، فأحد قياديي هذه الجماعة وهو الحسين الحسكي، نائب رئيس اللجنة الدينية، اعتقل في بلجيكا وسلم إلى إسبانيا التي تتهمه بالضلوع في الاعتداءات التي استهدفت عاصمتها.

- تنطلق المحطة الثالثة في «مسار الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» سنة 2004 حيث تحدد دورها، مرة أخرى، جراء تفاعلات سقوط نظام صدام حسين في أبريل 2003 وانتقال جزء من نشطاء القاعدة إلى بلاد الرافدين حيث بلور كل من أسامة بن لادن وأيمن الظواهري استراتيجية جديدة أصبحت تراهن على كسب المعركة في العراق وإلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة الأمريكية وإقامة دولة إسلامية في بغداد تشكل مدخلا لإسقاط الأنظمة «الطاغوتية» في العالم العربي، وبلوغ هذا الهدف يقتضي تزويد العراق بالمقاتلين. ووفق هذا التصور، اعتبرت «القاعدة» المغاربيين، سواء في بلاد المغرب العربي أو في أوربا، بمثابة خزان بشري بإمكانه تغذية الحرب في العراق.
في هذا الإطار، أضيفت إلى مهمتي «الجماعة المغربية المقاتلة»، المتمثلتين في توفير الدعم اللوجستيكي والمشاركة في تنفيذ العمليات التخريبية، مهمة جديدة تتجسد في استقطاب المقاتلين من المغاربة، سواء داخل المغرب أو في أوربا، من أجل إرسالهم إلى العراق. وقد أكد سعد الحسيني نجاحه في استقطاب أكثر من 17 مغربيا وإرسالهم إلى العراق بين سنوات 2004 و2007.

بعدما كانت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» تركز اهتمامها على الداخل الجزائري، قامت في شهر يونيو 2005 بعملية «نوعية» خارج التراب الجزائري، حيث استهدفت ثكنة المغيطي العسكرية فوق التراب الموريطاني. وكانت هذه العملية إيذانا بتحول في توجهات «الجماعة السلفية» التي بادرت في شتنبر 2006 إلى تقديم بيعتها لتنظيم القاعدة، وهي «البيعة» التي اقتضت استبدال اسم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» باسم جديد وهو «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي» نهاية شهر يناير 2007.

ويبدو أن الأمر ليس مجرد استبدال اسم باسم بقدر ما هو تعبير عن استراتيجية جديدة تروم، أساسا، تجميع السلفيين الجهاديين في منطقة المغرب العربي. وقد عكس تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي هذا التوجه من خلال توجيه تهديدات تشمل مختلف الأنظمة المغاربية، من جهة، وتأمين تمثيلية للمغاربيين ضمن مجلس شؤون التنظيم، من بينهم المغربي «أبوالبراء الطنجي».

بعد ميلاد «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي»، كان هناك خياران متاحان أمام «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة»: الاندماج في التنظيم الجديد أو الحفاظ على استقلاليتها التنظيمية.

يبدو خيار اندماج «الجماعة المغربية المقاتلة في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الخيار الأكثر واقعية، وذلك لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية. ذاتيا وحسب السلطات المغربية، فالجماعة المقاتلة قد أُضعِفت إضعافا شديدا ولم يعد بإمكانها الاستمرار في تهديد استقرار المغرب، ذلك أن غالبية قياداتها قد اعتقلت وتقبع الآن في السجون المغربية والبلجيكية والإسبانية والفرنسية، فمعلوم أن القضاء المغربي قد حاكم المجموعة الأولى من نشطاء «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» في شهر دجنبر 2003، كما حاكم المجموعة الثانية بعد اعتقال سعد الحسيني في شهر مارس 2007 بالدار البيضاء، كما أقدمت السلطات البلجيكية على محاكمة بعض قياديي الجماعة نهاية سنة 2005، وعلى رأسهم الحسين الحسكي وعبد القادر حكيمي. إن الاعتقاد السائد بأن «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» قد انهارت تنظيميا، باعتبار أن أغلب أعضاء مجلس شوراها أو مجلسها التنفيذي أو رؤساء لجانها ونوابهم هم معتقلون في السجون المغربية أو الأوربية، هو اعتقاد خاطئ .

ينضاف إلى العامل الذاتي عامل موضوعي يتمثل في ميلاد «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي» الذي يضع من بين أهدافه تجميع السلفيين الجهاديين في منطقة المغرب العربي واحتواء التنظيمات الجهادية «القطرية» كـ»الجماعة الإسلامية التونسية المقاتلة» و»الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة». وقد سبق الإعلان عن التحاق «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» بصفوف «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي». وهذا الالتحاق من شانه أن يدفع «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» إلى الاندماج في صفوف تنظيم القاعدة.

خيار اندماج «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وإن كان الأكثر واقعية فإنه ليس بالضرورة الأقرب إلى التحقق، فالمعطيات الأمنية والاستخباراتية المتوفرة تشير إلى وجود تنسيق بين «الجماعة المغربية المقاتلة» و«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» دون أن يفقدها ذلك التنسيق استقلاليتها التنظيمية، فالجماعة لازالت قائمة ولا يمكن الاستناد إلى كون أغلب قيادات الجماعة هي معتقلة للقول بانهيارها التنظيمي، فاستخلاف القيادات المعتقلة هو أمر معمول به في مثل هذه التنظيمات، إضافة إلى كون الأجهزة الأمنية الأوربية لازالت تعلن، بين الفينة والأخرى، عن اعتقالها لأشخاص تتهمهم بالانتماء إلى «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة».