مشاهدة النسخة كاملة : «اللهم يا رزاق يا منان انزع عن صحافيي المغرب الأنياب والأسنان»



عادل محسن
22-11-2009, 22:32
«اللهم يا رزاق يا منان انزع عن صحافيي المغرب الأنياب والأسنان»


http://www.hespress.com/_img/haknaciri105.jpg

وزير الاتصال خالد الناصري سيذهب إلى مكة للحج، وهناك سيستغل الفرصة ويرفع أكفه بالدعاء متضرعا إلى الله تعالى بأن يهدي الصحافيين المغاربة. لقد قال ذلك بنفسه ووعد الصحافيين بأنه سيدعو لهم بالهداية من قلب مكة.

الدعاء بالهداية، حسبما يعرف المغاربة، يكون إما للكفار، حتى يهديهم الله لاعتناق عقيدة التوحيد، أو للمسلمين من مرتكبي الكبائر من الذين يرفضون التوبة. وفي كلتا الحالتين، فالصحافيون المغاربة ليسوا من الفئة الأولى ولا هم من الفئة الثانية. لا هم من الخارجين عن الملة ولا هم من مرتكبي الكبائر في حق الشعب. إنهم صحافيون يخطئون ويصيبون مثل باقي البشر. وفي كل الأحوال فإن الصحافيين المغاربة لا يضيرهم أن يدعو لهم الناصري بالهداية، خصوصا أنه شيوعي سابق، وعادة ما يتحول الشيوعيون السابقون إلى مؤمنين ورعين، وتصل تضرعاتهم إلى السماء قبل غيرها من دعوات المؤمنين الدائمين.

الناصري الذي سيدعو للصحافيين بالهداية وهو أمام الكعبة، حسب ما وعد به بعظمة لسانه، لم يقل لنا هل سيدعو لجميع الصحافيين بالهداية، بمن فيهم أولئك الذين يسبحون بحمد المخزن صباح مساء، أم فقط لأولئك الصحافيين «الباسْلين» الذين لا يرون في المغرب شيئا جميلا أبدا، مع أن المغرب أجمل بلد في العالم، بشهادة النساء اللواتي يلدن في الشارع لأن سيارة الإسعاف لا تأتي لحملهن إلى المستشفى أو لأن المستشفى لا يوجد بالمرة.

المشكلة أيضا أن الناصري لم يقل لنا هل سيدعو بالهداية للصحافيين فقط، أم سيدعو لكل الخارجين عن الملة في هذه الأمة. لم يقل هل سيدعو لنا فقط أم أيضا للبرلمانيين الغائبين الذين لا يحضرون جلسات البرلمان على الأقل لكي يبرروا حصولهم على ملايين كثيرة كل شهر. ولم يقل هل سيدعو بالهداية للوزراء والموظفين الكبار الذين يحصلون باستمرار على زيادات «معتبرة» في رواتبهم، بينما صغار الموظفين لا يجدون ما يكملون به الشهر غير القروض التي تهدد بإدخالهم السجن.

لم يقل لنا الناصري، وهو في قمة الخشوع في مكة، هل سيدعو بالهداية أيضا لكل هؤلاء المختلسين ولصوص المال العام في المغرب، الذين سرقوا في سنوات قليلة ما يعادل الميزانيات السنوية للمغرب لأعوام طويلة. لم يقل لنا الناصري هل سيدعو بالهداية لآلاف «الشرموطات» المغربيات اللواتي حولن سمعة البلاد إلى أضحوكة في أعين الشعوب. لم يقل لنا الناصري هل سيدعو بالهداية للقضاة الذين ينزلون بالأحكام الجائرة على رؤوس الصحافيين هذه الأيام كما ينزل المطر في أيام الشتاء، ولم يقل لنا هل سيدعو الله أن يهدي القضاة الذين يتلقون التعليمات بالهواتف المحمولة والثابتة حتى يتوبوا إلى الله ويعرفوا أن الظلم ظلمات يوم القيامة.

الصحافيون المغاربة بدورهم لا يعرفون أي هداية يريدون لأنهم تائهون هذه الأيام ويخافون أن يكتبوا أي شيء فتنزل عليهم أحكام السجن النافذة، هم الذين لم يعودوا يعرفون أين توجد الخطوط الحمراء أو البرتقالية. في الماضي كان الصحافيون يعرفون أن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها، واليوم توجد تلك الخطوط في أيدي أصحابها كما يوجد الحبل في يد «الكوبوي» الراكب على حصانه، يرميه على الصحافي فيجد الأخير نفسه مكبلا بالخطوط الحمراء. ويبدو اليوم أنه حتى لو كتب الصحافي عبارة «سعاد في المكتبة» فإن القاضي سيسأله: آجي انت.. شكون هاد سعاد؟ وعندما لا يجيب الصحافي يدخل السجن.

بقي إشكال أخير وهو أن الناصري لم يقل لنا ما هي صيغة الدعاء الذي سيتلوه هناك، وهل سيخترع كلماته بنفسه أم سيقتبسها من دعاء معروف سيقوم بتحويره حسب المقام. وكمساهمة من الصحافة في رد الجميل للوزير، نقترح عليه هذا الدعاء المختصر، الذي يمكنه أن يحفظه في الطائرة، فإذا قرأه في مكة فلنا أجران، وإذا لم يقرأه فلنا أجر الاجتهاد.
وهذا نص الدعاء:
«اللهم يا رازق يا منان، يا خالق الإنس والجان، انزع عن صحافيي المغرب الأنياب والأسنان، واجعلهم يا ألله مخلوقات بلا رزق ولا أمان، حتى يصبحوا أرذل مخلوقات هذا الزمان.
أنا يا ربي كما تعرفني، وزير الاتصال خالد الناصري، شيوعي من الزمن الطباشيري، أرفع إليك أكف الضراعة أن تهدي صحافيينا حتى يقولوا آمين للسلطة في كل وقت وكل حين، وفرق شملهم يا رب ما بين مطارد وسجين، ولا تبق فيهم أحدا إلا جعلته يرى في منامه الكوابيس وصور الزنازين، واخذلهم يا رب بالآهات والأنين.. آمين يا رب آمين».


جريدة المساء : 986