مشاهدة النسخة كاملة : "الإسلام".. كيف يراه الغرب ولماذا؟



عادل محسن
19-12-2009, 00:09
"الإسلام".. كيف يراه الغرب ولماذا؟

http://www.islamtoday.net/media_bank/image/2009/12/14/1_20091214_8628.jpg



د. نيكولاس فان دام*
ترجمة/ علاء البشبيشي

معظم الغربيين لم تطأ أقدامهم ثرى العالم العربي أو الإسلامي، لكنهم حصلوا على انطباعهم حول الإسلام والمسلمين فقط عن طريق وسائل الإعلام، أو احتكاكهم بمجموعاتٍ متعددة من المهاجرين المسلمين الذين يعيشون بين ظهرانيّ أوطانهم، على سبيل المثال المغاربة في هولندا، والجزائريون في فرنسا، والباكستانيون والهنود في المملكة المتحدة، والأتراك في ألمانيا.

أو هم يُكوِّنون أفكارهم عن الإسلام من خلال الأحداث المتطرفة، مثل هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، وأخواتها حول العالم، وكثيرًا ما تكون هذه التجارب أو الانطباعات سلبيةً أكثر من كونها إيجابية.

وغالبًا لا يكون الإسلام بهذه الصورة التي تَلقَّوْها، لكنها ممارسات أفرادٍ ينتمون إليه، يُشَوِّهون بها صورته لأنهم يدَّعون أنهم يتحدثون باسمه، لكنهم لا يمثّلون بأي شكل أي أغلبية مسلمة معتبرة.

إن صورة الإسلام لدى السواد الأعظم من الأوروبيين خاصة، أو الغربيين عامة، مرتبطةٌ بتلك الأيام التي شُكِّلت في الغالب بما حدث قريبًا من أوطانهم، أكثر من تأثرها بما حدث بعيدًا في البلدان المسلمة.

في أوروبا، النظرة تجاه المسلمين والإسلام كانت في الماضي متأثرةً بشدة بالتفكير النمطي المنبثق عن الصراع بين الحكام المسيحيين والمسلمين في العصور الوسطى، لكن الوضع الراهن في الغرب تَطوَّر أكثر وأضحى مختلفًا.

ورغم أن بعضًا من الأفكار التقليدية المسبقة والتحيّز ما تزال موجودةً، فقد ظهرت عناصر جديدة على الساحة، لقد نشبت صراعاتٌ جديدة، ورغم أن تأثيرها على الإسلام يبقى ضئيلًا، فإنها مع ذلك تلقي بظلالها على العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي والمسلمين عمومًا.

بالطبع، حكم الدول الغربية الاستعماري للشرق الأوسط ترك آثاره بين الشعوب التي كانت مستعمرَةً، وعلى قدر تماس حقبة ما بعد استعمار بهذا السياق، فإن الصراع العربي-الإسرائيلي يظل هو الآخر عاملًا هامًّا في التأثير على العلاقات.

وكبدايتها، كانت نوعًا من صراع القومية حول الأراضي الفلسطينية المتنازَع عليها، وعلى مدار الوقت، اكتسبت القضية بالطبع بُعدًا آخر، هو الصراع بين اليهود والمسلمين بدلًا من الصراع بين العرب فقط ويهود إسرائيل.

لقد أضاف الاحتلال الإسرائيلي وضم القدس بُعدًا دينيًّا للصراع، الدعم الغربي القوي والمتواصل لإسرائيل، واتّباع السياسات المزدوجة تجاه الشرق الأوسط، أفرزت أيضًا عداءً لدى العرب والعالم الإسلامي تجاه الغرب.

هذا العداء، بوجهه القومي خاصة، اكتسب فيما بعد بُعْدًا أوسع يشمل العداء الإسلامي تجاه الغرب، نتج عنه العديد من العمليات الإرهابية، وغيرها من الثورات العنيفة من قبل منظمات شبيهة بالقاعدة، وطالبان وغيرهما، التدخل الغربي في دول عربية كالعراق وأفغانستان، والتواجد الغربي في شبه الجزيرة العربية، قلب العالم الإسلامي، لعب هو الآخر دورًا في هذه العداوة والصراعات.

عنصرٌ آخر طفا مؤخرًا، هو التواجد القوي للعديد من المهاجرين المسلمين في أوروبا، بخلفياتهم الثقافية المتباينة كل التباين، وقد كان لهذا التواجد تأثيرًا قويًّا على آراء بعض الأوروبيين فيما يتعلق بالإسلام والمسلمين عمومًا.

العديد من المهاجرين منحدرون من قطاعات فقيرة، إن لم تكن الأفقر، داخل أوطانهم؛ ولذلك فهم بشكل عام يحملون مستوًى متدنيًا من التعليم مقارنةً بمستوى البلد الذي هم مهاجرون إليه، وغالبًا لا يكونون في موقع يسمح لهم بالمنافسة الاقتصادية، (رغم وجود الكثير من رجال الأعمال الناجحين من بينهم).

في هولندا، ترتفع معدلات البطالة في أوساط المغاربة أكثر منها بين المهاجرين من الأصول الأخرى، ونفس الأمر ينطبق على معدلات الجريمة.

لهذا السبب قدحوا زناد المواقف السلبية المباشرة تجاههم داخل قطاعات معينة في المجتمع الهولندي، حتى أصبح الإسلام نفسُه مادة للجدل في أوروبا على مدار السنوات الماضية.

-------------------------------------------------------------------
* د. نيكولاس فان دام، هو سفير هولندا في جاكرتا حاليًّا، وفي ألمانيا وتركيا ومصر والعراق سابقًا، قضى معظم حياته الدبلوماسية والأكاديمية في قلب العالم العربي، بما في ذلك ليبيا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.

- المقال جزء من محاضرة ألقاها د. نيكولاس في بيماسينا بجاكرتا، بتاريخ 8 أكتوبر 2009.



الاثنين 14 ديسمبر 2009