مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة عز العرب حامد الزبيدي



محمد حسين سعيد بور
09-02-2010, 16:44
حامد الزبيدي



اشترك في: 25 ديسمبر 2005
مشاركات: 10




عز العرب
قصة قصيرة : حامد الزبيدي
كان سارحا في غفوة الزمن الميت في روحه، وغارقاً في نقيع التمر والعنب ، وعبداً مريداً للرغبة المتناسخة والسائبة في قمقم ذاته المظلم، كثيراً ما كان يقضي لياليه في السجن الذي جالسه فيه رجلاً صالحاً ومسح عنه أدران الشر بالرشد، ومن تلك النقطة المضيئة التي اتسعت في ذهنه، حيث رأى نفسه بأشكال متعددة، ومتناقضة شعر إن حياته الماضية لا قيمة لها ولا معنى لها ولكنه كان مغروراً ومفتوناً بها إلى حد الموت وكان يكابر بها على الرغم من ذل العبودية التي تربعت على عروش الأزمنة .
قرر في ذات نفسه أن يتغير وأن يولد من جديد من اجل التغيير، كسر قضبان الأبواب الحديدية والقيود المفروضة عليه وهرب من السجن ، عاد إلى قريته إنسان أخر، حيث أحيا ارض أبيه البور وبذر فيها البذور وأعاد الحياة فيها، لكن الغزاة لم يسمحوا إليه ولم يمنحوه حق الحياة كما كان يريد، داهموا قريته وعاثوا بها وعبثوا فيها ، وهو يرنو إليهم بعين خالية من الرهبة والرعب، استشاط غيظاً ورمى المعول بمحاذاة الساقية وأخرج القاذفة المدفونة في الحقل، ووضع فيها الصاروخ وركض بهمة الغيارى صوب الرتل المتجحفل في القرية.
وكانت أمه من وراءه، تركض في الحقل وهي تنادي بصوتها القروي وتلوح بالعصبة في الهواء..
(ها يبني ها- ها يعز العرب يا أبو الغيرة- الخنازير دشو بقريتنه لا تخلهم يدوسوا عرضنة)
أشتعل الغضب في صدره وزداد لهيباً بكلمات أمه- قفز الساقية، قفزة ذئب ضار وفيه يمور غليان المواجهة، أطلق عليه الرصاص رامي الدبابة وأصاب ما أصاب ولكن لم يستطع إيقافه، كان يركض والدماء ترسم ثايات في الطريق، لم تخر أرادته ولم تنثني عزيمته، جلس القرقصاء بين البيوت في بركة الدم ووضع القاذفة على كتفه النازف وضغط على الزناد ، واشتعلت النار من الخلف والأمام، وتراكض الجنود وخلفهم الكلاب، يبحثون عن الذين صاروا رماداً في ارض السواد.
2/7/2007