مشاهدة النسخة كاملة : ولذكر الله أكبر



الماحي_سلام
11-02-2010, 21:20
ذكر الله عز وجل هو الدواء الذي يطهر القلب، وهو النعمة العظمى، والمنحة الكبرى، به تدفع النقم، وتجلب النعم، وتنال أعلى الدرجات، وهو قوت القلوب، وقرة العيون، وحياة الروح، وروح الحياة. فعن معاذ رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم. قالوا بلى يا رسول الله: قال ذكر الله عز وجل" [1].

قال الله عز وجل: ﴿ ولذكر الله أكبر﴾ أي أنه أكبر من كل شيء، ومن كل عمل، وأجره فوق كل أجر، وثمرته لا حد لها، فهو مصب الإيمان وملتقى شعبه ومصدر نوره، ولذلك قال الله عز وجل ﴿ وأقم الصلاة لذكري﴾ وختم به الأعمال كلها، ففي الصيام قال تعالى ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ وفي الحج قال الله عز وجل: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً﴾ ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل" . وفي الصلاة قال الله تعالى ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وقال سبحانه كذلك ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً﴾ وفي الجهاد قال الله عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ﴾ .

بذكر الله عز وجل يحيا الإنسان الحياة الطيبة "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت" [2]، وبه يحيا العالم "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت" [3].

وللذكر معان كثيرة وردت في القرآن على وجوه عدة منها مفهوم عام وآخر خاص، فالمفهوم العام في قوله عز وجل ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾ ، وحد الذكر الكثير قوله عز وجل ﴿ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض﴾ .

درجة أولي الألباب عالية فوق مجرد ملء الأوقات بالذكر، هي درجة الاستهتار حتى يقال مجنون: أولئك هم المفردون.

وبهذا المعنى فالذكر هو مجموع العبادات، فرائض ونوافل، التي تقرب إلى الله عز وجل، والآيات في ذلك كثيرة تفيد استحباب ذكر الله في كل الأحوال والأوقات، بكرة وأصيلا، بالعشي والإبكار، بالغدو والآصال، منفردا أو وسط الجماعة، سرا أو جهرا، بالقلب والجوارح واللسان، حين ذاك يتحقق الفلاح ﴿ واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون﴾ وينال الأجر العظيم ﴿ والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما﴾ ، ولذلك تواتر أن "رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى على كل أحيانه" [4].

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله في كلمة سبح "ذات دلالة عامة تشمل كل العبادات من قول وفعل ونية..." .

ومن تمام فضل الذكر أن الذاكر يحظى بمجالسة الله عز وجل، ويذكره الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل ﴿ فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون﴾ ، قالوا في هذا الشأن: "ذكر العبد ربه محفوف بذكرين: ذكرك الله ذكرته فذكرك. ذكرك قبل أن تذكره وذكرك بعد أن ذكرته" . وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: "أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه" [5]، وقال صلى الله عليه وسلم كذلك فيما يرويه عن ربه "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفس، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" [6].

لهذا الفضل وهذه الدرجة العالية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالذكر، فعن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله" [7]. إذ بذكر الله ينجمع هم المؤمن على أمر واحد هو الله عز وجل. عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال: "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" ، وفي رواية أخرى "إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع. قال: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل" . فبذكر الله ينجمع القلب على الله عز وجل، وتتحقق الصلة، والصلاة صلة، والحج من أجل الصلة، والصيام والزكاة، وسائر الأعمال من أجل ذلك.

ثم هناك مفهوم خاص للذكر يحصره في التسبيح والتهليل والحمدلة والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يتضح من أمره عز وجل لنا بذكره بعد انقضاء الصلاة رغم أن الصلاة ذكر، وبعد انقضاء المناسك رغم كونها ذكرا له سبحانه وتعالى.

المداح
12-02-2010, 07:54
اللهم اجعلنا لك ذاكرين لك ذكارين يا رب آمين
و هذا كله لا يأتي إلا بصحبة شيخ مرب عارف بالله ولي لله، ينهضك حاله و يدلك على الله مقاله،