مشاهدة النسخة كاملة : دعوة للمدارسة..



زيد الخير
28-02-2010, 21:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بينما كنت أقرأ كتاب الله، استوقفتني الآية الكريمة:"ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "الآية 32 من سورة النحل، و تذكرت الحديث النبوي الشريف:" لن يَدْخُل أحدُكُم الجَنَّة بعَمَلِهِ، قالوا: ولا أَنْتَ؟ قَالَ: ولا أَنَا، إِلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَتِه ". فأخذت أتمعن في كلام الله عز و جل و في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم، فبدا لي من الظاهر بعض "التناقض" أو التعارض. لذلك أحببت أن أطرح هذه المسألة بين يدي أحبتي في المنتدى فيفيدونا، كل بما علمه الله. جزاكم الله خيرا.

محبة العدل والإحسان
01-03-2010, 01:42
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أكرمك الله أخي على هده المداخلة لأنها مهمة جدا لمن يشككون في أيات الله



إن حديث: ( لن يدخل أحدًا عمله الجنة ) مخالف لقوله تعالى: { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } (النحل:32)
ويضيفون إلى هذا: (إن في القرآن آيات كثيرة في هذا المعنى...وإن ( صحيح البخاري ) فيه أصح الأحاديث، ولكن الناس بالغوا في تقديره، حتى وصلوا إلى تقديسه، مع أن المحدِّثين يقررون أن الحديث مهما كانت درجته، إذا خالف القرآن، ولم يمكن التوفيق بينه وبين الآية، نحكم بأن الرسول لم يقله ) .
هذا حاصل قول من قال بهذه الشبهة. ومراد قائلها أن يقلل من قيمة ( صحيح البخاري ) ومن باب أولى أن يسحب هذا الطعن إلى ما سواه من كتب السنة؛ وذلك بحجة أن فيها ما يعارض القرآن ويخالفه !!
فكيف تردون على هذه الشبهة؟؟؟؟
فإن المتشككين يردون أن يوجدوا اعتراضا على نصوص الشريعة - قرآنًا وسنة – ويريدون النيل منها، والتنقص من قدرها، وتوهين أمرها ....

محبة العدل والإحسان
01-03-2010, 01:53
الاعتراض على نصوص الشريعة - قرآنًا وسنة - والنيل منها، والتنقيص من قدرها، وتوهين أمرها، أمر كان ولا يزال شغل المشككين

في هذا الدين، والضعفاء من أتباعه وأشياعه .

وفي هذا السياق، يطالعنا من يعلم ظاهرًا من العلم دون حقيقته، بأن ثمة تعارضًا بين آيات وردت في القرآن الكريم، تصرح بأن دخول

الجنة إنما يكون بعمل العبد، ونتيجة لسعيه وكسبه؛ في حين أن هناك أحاديث وردت في "الصحيحين" تصرح أيضًا أن دخول الجنة

ليس جزاء لعمل العبد، ولا هو نتيجة لسعيه، وإنما هو بفضل الله ورحمته .

ويفصل البعض الشبهة، بقوله: ( إن حديث: ( لن يدخل أحدًا عمله الجنة ) مخالف لقوله تعالى: { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون }

(النحل:32) ويضيفون إلى هذا قائلين: إن في القرآن آيات كثيرة في هذا المعنى...وإن ( صحيح البخاري ) فيه أصح الأحاديث، ولكن

الناس بالغوا في تقديره، حتى وصلوا إلى تقديسه، مع أن المحدِّثين يقررون أن الحديث مهما كانت درجته، إذا خالف القرآن، ولم

يمكن التوفيق بينه وبين الآية، نحكم بأن الرسول لم يقله ) .

هذا حاصل قول من قال بهذه الشبهة. ومراد قائلها أن يضع ويقلل من قيمة ( صحيح البخاري ) .

المحسن
01-03-2010, 02:32
ومن رحمته ان يتقبل الاعمال

المداح
01-03-2010, 10:52
عبادة الله سبحانه و تعالى عز و جل و كما علمنا المومنون في هذه الجماعة المباركة تكون على جناحي الخوف و الرجاء، يعني أنك تجتهد في الأعمال (وهي مفروضة و مطلوبة) : ( وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون)، و كذلك يكون الرجاء في الله لقبول عملك برحمته
و كما قال سيدي المحسن، من رحمته قبول عملك،
و كما لا يفوتني أن أعقب على كلمة (تناقض) بين كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، فحاشاه أن يناقض مولاه، لأن ما يقوله صلى الله عليه و سلم إنما هو (وحي يوحى)

زيد الخير
01-03-2010, 22:04
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم أختي محبة العدل و الاحسان، المحسن و المداح على تدخلاتكم الطيبة.
حبذا لو نرى مشاركات مدعومة بأقوال العلماء و المفسرين، بارك الله فيكم

عابرة سبيل
01-03-2010, 23:20
--------------------------------------------------------------------------------

قال شيخ الاسلام فى مجموع الفتاوى ج1 ص 63

و ( منها أن نعمه على عباده أعظم من أن تحصى فلو قدر أن العبادة جزاء النعمة لم تقم العبادة بشكر قليل منها فكيف والعبادة من نعمته أيضا . و ( منها أن العباد لا يزالون مقصرين محتاجين إلى عفوه ومغفرته فلن يدخل أحد الجنة بعمله وما من أحد إلا وله ذنوب يحتاج فيها إلى مغفرة الله لها : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة } وقوله صلى الله عليه وسلم { لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله } لا يناقض قوله تعالى { جزاء بما كانوا يعملون } . فإن المنفي نفي بباء المقابلة والمعاوضة كما يقال بعت هذا بهذا وما أثبت أثبت بباء السبب فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببا للجزاء ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه فهو ضال كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لن يدخل أحد الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل وروي بمغفرته } ومن هذا أيضا الحديث الذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم . ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم } الحديث .

عابرة سبيل
01-03-2010, 23:21
قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم:


وفيه دليلٌ على أنَّ الأعمالَ سببٌ لدخول الجنَّة ، كما قال تعالى : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ((2)) .

وأما قولُه - صلى الله عليه وسلم - : (( لَنْ يدخُلَ أحدٌ منكُمُ الجنَّة بِعمَلِه )) ((3)) فالمراد - والله أعلم - أنَّ العملَ بنفسه لا يستحقُّ به أحدٌ الجنَّة لولا أنَّ الله جعله - بفضله ورحمته - سبباً لذلك ، والعملُ نفسُه من رحمة الله وفضله على عبده ، فالجنَّةُ وأسبابُها كلٌّ من فضل الله ورحمته .

عابرة سبيل
01-03-2010, 23:22
وقال النووى فى شرح مسلم ج 9 ص 197:

باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى

( باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى )
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن ينجي أحدا منكم عمله ، قال رجل : ولا إياك يا رسول الله ؟ قال : ولا إياي إلا أن يتغمدني الله منه برحمة ، ولكن سددوا ) وفي رواية : ( برحمة منه وفضل ) وفي رواية : ( بمغفرة ورحمة ) وفي رواية : ( إلا أن يتداركني الله منه برحمة ) .
اعلم أن مذهب أهل السنة : أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب ولا إيجاب ولا تحريم ولا غيرهما من أنواع التكليف ، ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها إلا بالشرع ، ومذهب أهل السنة أيضا : أن الله تعالى لا يجب عليه شيء تعالى الله ، بل العالم ملكه ، والدنيا والآخرة في سلطانه ، يفعل فيهما ما يشاء ، فلو عذب المطيعين ، والصالحين أجمعين ، وأدخلهم النار كان عدلا منه وإذا أكرمهم ونعمهم وأدخلهم الجنة فهو فضل منه ، ولو نعم الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك ، ولكنه أخبر وخبره صدق ، أنه لا يفعل هذا ، بل يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته ، ويعذب المنافقين ويخلدهم في النار عدلا منه .
وأما المعتزلة فيثبتون الأحكام بالعقل ، ويوجبون ثواب الأعمال ، ويوجبون الأصلح ، ويمنعون خلاف هذا في خبط طويل لهم ، تعالى الله عن اختراعاتهم الباطلة المنابذة لنصوص الشرع . وفي ظاهر هذه الأحاديث : دلالة لأهل الحق أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته ، وأما قوله تعالى : { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة ، فلا يعارض هذه الأحاديث ، بل معنى الآيات : أن دخول الجنة بسبب الأعمال ، ثم التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها ، وقبولها برحمة الله تعالى وفضله ، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل . وهو مراد الأحاديث ، ويصح أنه دخل بالأعمال أي بسببها ، وهي من الرحمة . والله أعلم .
ومعنى ( يتغمدني برحمته ) : يلبسنيها ويغمدني بها ، ومنه أغمدت السيف وغمدته إذا جعلته في غمده وسترته به . ومعنى ( سددوا وقاربوا ) : اطلبوا السداد واعملوا به ، وإن عجزتم عنه فقاربوه ، أي : اقربوا منه ، والسداد : الصواب ، وهو بين الإفراط والتفريط ، فلا تغلوا ولا تقصروا .

زيد الخير
03-03-2010, 20:42
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أختي على التوضيح و التأصيل.
في نفس المعنى قال الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ:
...و من جملة ذلك، عبادتنا لله و طاعتنا لله، هي سبب للقرب و للمغفرة و النجاة من النار و دخول الجنة، فنحن نثبت هذه السببية، و لكن في فقهنا لا نتخذ من الطاعات مركبا للغرور و لا للعجب و لا ننسى فضل الجبار لنعتمد عليها أو نركن إليها، فنحن نعلم أن الأعمال الصالحة لا تجاوز أن تكون سببا هو بفضل الله و قبوله بمحض فضل الله، فإن تم قبول العمل الصالح فقد رحمنا الله بالتوفيق للعمل أولا، ثم رحمنا بقبول العمل ثانيا، ثم رحمنا بالجزاء ثالثا.
إذن فلنا مع الأعمال الصالحة رغبة و تشوق و حرص عليها، لكن لا نخدع في الطريق فنعتمد عليها و نركن إليها.

و قال ابن عجيبة في تفسيره: البحر المديد في تفسير القرآن المجيد:
فإن قلت: كيف التوفيق بين الآية وبين الحديث: " لن يَدْخُل أحدُكُم الجَنَّة بعَمَلِهِ، قالوا: ولا أَنْتَ؟ قَالَ: ولا أَنَا، إِلاَّ أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَتِه " ؟ فالجواب: أن الهداية لصالح العمل، والتوفيق له، هو برحمة الله أيضًا، فالعمل الصالح رحمة من رحمات الله، فما دخل أحد الجنة إلا برحمته، فرجعت الآية إلى الحديث. ومقصد الحديث: نفي وجوب ذلك على الله تعالى بالعقل، كما ذهب إليه فريق من المعتزلة. وهنا جواب آخر صوفي؛ وهو الجمع بين الحقيقة والشريعة، فنسبة العمل إلى العبد شريعة، ونفيه عنه، بإجراء الله ذلك عليه، حقيقة. فالآية سلكت مسلك الشريعة في نسبة العمل للعبد؛ فضلاً ونعمة؛ " من تمام نعمته عليك أن خلق فيك ونسب إليك ". والحديث سلك مسلك الحقيقة؛ لأن الدين كله دائر بين حقيقة وشريعة، فإذا شرَّع القرآنُ حققته السُّنة، وإذا شرَّعت السُّنةُ حققها القرآن. والله تعالى أعلم.