مشاهدة النسخة كاملة : yassine.net ياأيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة



المداح
01-03-2010, 16:51
عن أبي هريرة رضي عنه الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي من النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها. قال: فذلكم مثليومثلكم؛ أنا آخذ بحُجَزِكم[1] عن النار: هلم عن النار!هلم عن النار! فتغلبوني تقحمون فيها". رواه الإمام مسلم رحمه الله.

وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال: يا قوم، إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء! فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم، وكذبت طائفة منهم، فأصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم. فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب به من الحق".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم". قال: "يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟" قال: "أما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله". قال: "فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة". قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "فيراهما جميعا". رواه الإمام مسلم رحمه الله.

ونحن نشهد أنه صلى الله عليه وسلم كان حريصا علينا وعلى هدايتنا ونجاتنا، رؤوفا رحيما بنا صلوات الله وسلامه عليه. لم يترك بابا يؤدي بأمته إلى الخير

إلا وطرقه لهم، ولا نصيحة تنفعهم إلا وبسطها لهم، ولا طريقا أو سبيلا يوصلهم إلى رضى ربهم إلا ودلهم عليه. آخذ بشدة حُجَزَنا ليمنعنا من الوقوع في الشر، مشفق علينا من أن يمسنا سوء أو يضر بنا شيء، وممسك نواصينا بقوة ليَزُجَّ بنا في مواطن الخير.

همه صلى الله عليه وسلم أن تكون أمته أمة مشرفة، فاضلة، كاملة، معززة، مكرمة، يباهي ويفاخر بها يوم العرض على الله تبارك وتعالى. يفرح لحالها هذا كل من يراها، فتقر عين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهدأ روعه لما يراها آمنة ناجية، ويزداد فرحه ويكبر سروره بفضل الله ورحمته عليها.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين. قال: "إني لم أبعث لعانا، إنما بعثت رحمة". رواه أحمد ومسلم رحمهما الله.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان، فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: اضرب مثل هذا ومثل أمته، فقال: إن مثل هذا ومثل أمته كمثل قوم سَفْر انتهوا إلى رأس مفازة، فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة حبرة، فقال: أرأيتم إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أتتبعوني؟ قالوا: نعم. فانطلق بهم فأوردهم رياضا معشبة وحياضا رواء، فأكلوا وشربوا وأسمنوا، فقال لهم: ألم ألقاكم على تلك الحال فجعلتم لي أن أوردكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين أيديكم رياضا هي أعشب من هذه، وحياضا أروى من هذه فاتبعوني. قال: فقامت طائفة قالت: صدق! والله لنتبعنه، وقالت طائفة: قد رضينا بهذا نقيم عليه".

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ما كان يرضى لأمته أقل الدرجات أو أصغر المقامات، بل كان دائما يسعى جهده لتكون سيدة في الأعالي. فجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين ما هو أهله.

عن جابر رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا، فقال: اسمع سمع أذنك، واعقل عقل قلبك. إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا، ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مائدة، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه. فالله هو الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد رسول. من أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها". الحديث مرسل صحيح رواه الحاكم رحمه الله، وهو في صحيح البخاري رحمه الله من طريق آخر، وله شاهد عن ربيعة الجرشي للدارمي والطبراني رحمهما الله نحوه وسنده جيد كما قال الحافظ لكنه مرسل.

وعن ربيعة الجرشي رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: لتنم عينك، ولتسمع أذنك، وليعقل قلبك. قال: فنامت عيناي، وسمعت أذناي، وعقل قلبي. قال: فقيل لي: سيد بنى دارا فصنع مأدبة، وأرسل داعيا، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يطعم من المأدبة وسخط عليه السيد. قال: فالله السيد، ومحمد الداعي، والدار الإسلام، والمأدبة الجنة". رواه الدارمي رحمه الله.

وعن أبي صالح رحمه الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يناديهم: "ياأيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة". رواه الحاكم رحمه الله وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي، ورواه ابن سعيد والدارمي عن طريق الأعمش عن أبي صالح مرسلا وسنده صحيح. وعزاه في مجمع الزوائد للبزار والطبراني، وقال: رجال البزار رجال الصحيح.رحمهم الله جميعا.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] الحجز: مفردها حُجْزَة، وهي موضع شد الإزار من الوسط