مشاهدة النسخة كاملة : آمل أن يأتي يوم نجلس فيه أمام الحاسوب بدون خوف من السجن



عادل محسن
10-05-2010, 16:02
سعيد بن جبلي : آمل أن يأتي يوم نجلس فيه أمام الحاسوب بدون خوف من السجن
http://marayapress.net/data/imgs/thumb2_sm_JKULHNEMXVC849D27BW61272305514.jpg

1- سؤال: أولاً سعيد بن جبلي نريد منك لمحة تعريفية مقتضبة عن جمعية المدونون المغاربة؟ وأهداف تأسيسها، ومجال تدخلها؟
- جواب : في صيف 2006 وبعد قضائي لبضعة أشهر في اكتشاف وخوض غمار التدوين، أطلق أحد المدونين المؤيدين لإسرائيل مبادرة للاحتفال بيوم عالمي للتدوين في نهاية شهر غشت من كل سنة تباينت ردود أفعال مجتمعات التدوين العربية عليها حيث لم يتوصل المدونون العرب إلى قرار موحد بالمشاركة أو المقاطعة، ورغم تداول بعضهم مقترحات عملية كجعل يوم 31 أغسطس يوما للتدوين لأجل لبنان وفلسطين أو نشر بيان موحد مكتوب بعدة لغات من أجل إحياء ذكرى الشهداء وفضح مجازر وجرائم الكيان الصهيوني، فقد رأيت حينها أنه لابد من اتخاذ موقف عربي موحد لأن المشاركة إذا كانت غير شاملة ومن غير تعبئة عامة ستكون سلبية، ولا معنى للمقاطعة إذا شارك البعض، فكتبت عن القضية وأرسلت نداء عاجلا لنخبة المدونين العرب آنذاك من أجل توحيد جهودهم، وهو النداء الذي ألهم فيما بعد بعض رواد التدوين العرب لإنشاء اتحاد المدونين العرب حيث كنت من مؤسسيه، ثم سعينا فيما بعد إلى تأسيس فرع للاتحاد بالمغرب، فقمت بفتح النقاش وتوجيه الدعوة للمئات من أشهر المدونين المغاربة حينها حيث توجت هذه المشاورات الافتراضية بأول لقاء تواصلي على أرض الواقع استضافه المدون سعد البورقادي في بيته بالرباط يوم 10 مارس 2007 وحضره عشرة مدونين، ولاعتبارات عديدة قررنا إنشاء اتحاد مستقل للمدونين المغاربة عوض فرع للاتحاد العربي واستمرت المشاورات وتم تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس اتحاد المدونين المغاربة الذي سمي فيما بعد جمعية المدونين المغاربة.

لفظ الجمعية جاء ليساير التطور الحاصل في الأهداف والغايات المفترضة للهيئة ونتيجة للتطور الحاصل في ميدان التدوين والتقنيات الحديثة للإعلام والتواصل عموما، ففي البداية كنا نميل إلى محاكاة العمل النقابي أو الحقوقي تأثرا بحركة المدونين المصريين ولم يكن هناك إجماع على الحضور القانوني، لكننا مع الوقت عرفنا دورنا المفترض وأصبحت أهدافنا أكثر تحديدا بعدما اكتشفنا ميادين نشاط أثرى حيوية، فغذا نطاق تحركنا أوسع وأصبحنا أكثر طموحا ، لم تتغير غايتنا المتمثلة في خدمة التدوين كممارسة والمدون كمبدع، لكننا صرنا نهتم بإدماج التدوين في مجالات الحياة جميعها، من صحافة وإعلام أو إبداع فني وأدبي وعلمي وكذلك خدمة أهداف التربية والتعليم والثقافة والتنمية الاجتماعية والبشرية وغيرها مما يستحيل حصره...

2- سؤال:هل تشعرون أنكم بدأتم تحققون أهداف تأسيسكم للجمعية؟
- جواب : نقوم بإعداد وتأطير برامج تكوين في تقنيات الإعلام الجديد وصحافة المواطن، وتأطير أوراش ودورات تكوينية يستفيد منها المدونون ومستعملو الانترنت، إذ بخلاف الصحفي الذي تعطيه رغبته في تطوير مهنته حافزا للتكوين والبحث والإنتاج، لا تتوفر للمدون أية حوافز من شأنها دفعه للاستمرار بله تجشم عناء التكوين والتأطير، ولذلك نجد في عالم التدوين ظواهر سلبية ترجع جلها إلى الجهل بأبجديات العمل الصحفي وأخلاقياته، تنتج عنها مشاكل يكون المدونون سببا فيها وضحية لها، وبالإمكان تجاوزها لو توفر الوعي الجماعي لدى المدونين وترسخت بينهم أعراف للتدوين الحر والمسؤول ، كما أن للمدونين رغبة جامحة في اللقاء بزملائهم الذين يشاركونهم هواية ويشاطرونهم تطلعات، فالمدونين يسعدون جدا حين يلتقون بأصدقائهم من العالم الافتراضي، ونحن نوفر لهم ومعهم فضاءات للالتقاء والتعارف، ومنتديات للحوار والتواصل، ومحاضن للإبداع وتلاقح التجارب والأفكار، ومحطات لتوثيق عرى الصداقة والأخوة.

إن جمعيتنا التي أصبحت فاعلا مدنيا لا يمكن تجاوزه تستكشف وسائل لدعم المدونين ومساعدتهم، وأساليب لتطوير التدوين وتأهيله وتسخيره لخدمة أهداف سامية في جميع مناحي النشاط الإنساني بدءا بالأدب والفن ومرورا بالتنمية والاقتصاد والتربية والتكوين ووصولا دون انتهاء إلى دمقرطة الحياة السياسية وترسيخ مبادئ العدالة والحرية وحقوق الإنسان.

وقمة منجزات جمعية المدونين المغاربة هي أنها ألهمت المدونين عبر العالم العربي وأعطت مثالا ناجحا لإمكانية التعايش بين جميع الحساسيات والخلفيات في إطار مدني من أجل أهداف وغايات مشتركة وحيوية، وبدفاعها عن حرية التعبير والحق في الاختلاف في جو من الاحترام المتبادل والحوار الصريح والبناء فإن عددا مهما من المدونين ينخرط بفعالية في أنشطة الجمعية ويدعم مبادراتها، كما أن فئة واسعة من هيئات المجتمع المدني تستفيد من تجاربنا وخبراتنا لتحسين إلمامها بالتقنيات الحديثة للإعلام والتواصل وكيفية استثمارها للتواصل والتعبئة والتعارف، ونحن نركز في الفترة المقبلة على حفز التدوين والرقي به ثقافة وممارسة، وتأهيل المدونين وتمكينهم من تقنيات وأساليب التدوين المحترف والراقي، وكذا ترسيخ أخلاقيات التدوين بما يؤهلنا لنحافظ على ريادتنا في حماية المدونين والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم المشروعة.

3- سؤال:وماهي الأنشطة البارزة التي نظمتموها وشاركتم فيها حتى الآن؟
- جواب : حملة مدونون ضد الفساد الانتخابي والتي سعت إلى لفت الانتباه لتفشي وانتشار ظاهرة الفساد الانتخابي بالواقع المغربي وإلى التحسيس بخطره ونتائجه السلبية على العملية الديمقراطية برمتها، عن طريق رصد جميع مظاهر الرشوة الانتخابية وتزوير النتائج والأساليب غير المشروعة لتأثير على إرادة الناخب، وإلى توعية المواطن لتجنب الوقوع في حبال أباطرة وسماسرة الانتخابات وشباك المفسدين بل فضحها والاعتراض عليها، كما نقوم بممارسة قليل من الضغط على السلطات حكومة وإدارة من أجل الانضباط للحد الأدنى من ضوابط الشفافية والنزاهة في الانتخابات ومن أجل بذل الجهود اللازمة لتأمين العملية الانتخابية من جميع الشوائب وأشكال الفساد، وذلك اعتمادا على إمكانياتنا المتواضعة ونشتغل بالأساس في الفضاء الافتراضي، وذلك بالنشر على المدونة الرئيسية والمواقع والمدونات الشخصية للمشاركين في الحملة، وكذلك عبر الشبكات الاجتماعية وخصوصا موقع الفايسبوك وعلى موقع اليوتيوب لمدونات الفيديو، هذا على مستوى الرصد الإعلامي والعمل التحسيسي في المجال الرقمي، أما على مستوى الرصد التوثيقي فإننا نقوم بتعاون مع شركائنا وخصوصا المركز المغربي لحقوق الإنسان بتتبع مظاهر الفساد الانتخابي وتوثيقها وإحصائها، من أجل إنجاز تقرير عام حول مدى نزاهة الانتخابات انطلاقا من هذه المعطيات الدقيقة.

كا أعلنت الجمعية عن أسبوع حدادا على حرية التعبير نظرا لما يتعرض له المدونون من مضايقات وزج بالسجون ونظرا للوضعية المتردية لحرية التعبير في العام 2009، بعدما قررنا اقل ما يمكن عمله للفت النظر لهذه الوضعية المتدهورة هو إعلان حداد لمدة أسبوع ألبست فيه المدونات السواد معلنة للرأي العام مطالبها بضرورة التوقف عن استخدام للتضييق على حرية التعبير والزج بالمدونين والصحفيين بالسجون، وهي الخطوة التي لثيت نجاحا منقطع النظير.

4- سؤال: ماهي العوائق التي تجدونها في طريقكم؟
- جواب : حالات اعتقال المدونين وزجهم في السجون في المغرب ليست نادرة كما أن أشكال التضييق عليهم غير محصورة ابتداء من محاولة تجنيدهم لصالح المخابرات بالترغيب والترهيب ومرورا بالتضييق عليهم في وظائفهم وأعمالهم وانتهاء بتجميد ملف القانوني للجمعية بدون أي مبررات وفي خرق واضح لجميع القوانين.

5- كم عدد المدونون المنخرطين معكم، وكيف تقييمون عملهم؟
- جواب : عدد المدونات المغربية يقارب الثمانين ألف نصفها تقريبا باللغة العربية والنصف الآخر بالفرنسية بينما تبقى المدونات باللغة الانجليزية نادرة، ومع ذلك فعدد المدونات النشطة التي تخضع للتحديث بشكل مستمر لا تتجاوز بضع آلاف ينخرط منهم حوالي 400 في جمعيتنا ويشارك في أنشطتنا أكثر من ألف آخرين.

كما أن هناك عدد كبير من متصفحي الانترنت غير المشمولين في الإحصاء لأنهم يقتصرون على النشر في فضاء الشبكات الاجتماعية ومواقع التعارف والتي لا تندرج ضمن فئة المدونات.

6- سؤال: ما قرائتكم لواقع التدوين المغربي؟
- جواب : التدوين بالمغرب لا يخضع لحكم واحد، وذلك لتنوع مشارب رواده واختلاف اتجاهاتهم التدوينية وتمايز رؤاهم للدور المفترض للإعلام الجديد عموما والتدوين خصوصا وعلاقته بالواقع، كما يختلف باختلاف منصات التدوين وبرامجه والمجتمعات التدوينية المتعددة التي تعد بالعشرات ومئات أشكال الممارسة التدونينة، حتى إن خبراء التدوين ليعجزون عن تتبع مستجداته ومواكبة التطورات الحاصلة في الميدان أو الإحاطة بها جميعها، لكن على العموم يمكننا القول أن التدوين المغربي تجاوز مرحلة الاكتشاف وتجسد وعي عام بأهميته وأوجه استعماله وأخذ يثبت جذوره في أعماق المجتمع ويتغلغل في أركانه، وتستمر جسور التواصل تتوثق يوما بعد يوم بين مجتمعات التدوين المغربية المختلفة وخصوصا المستعملين للغة العربية والفرنسية، وكذلك بين المدونين أنفسهم وبينهم وبين مختلف الفاعلين في المجال الإعلامي والثقافي والسياسي والمدني، وهو ما يمكن أن يمنح التدوين المغربي طفرة تميزه عن غيره.

اليوم لم يعد عدد المدونين المغاربة يتزايد بنفس الوثيرة السابقة وحتى يحكى عن وجود حالة ركود، لكن الجميل في الأمر أن المدونين المتميزين هم الذين استمروا في المسيرة، بينما ركن النساخون إلى أسباب الراحة وهاجر الآخرون ممالك التدوين جريا خلف المتعة التي تمنحها إياهم الشبكات الاجتماعية.

7- سؤال: هل يمكن للتدوين أن يصبح مستقبل حرية التعبير؟
- جواب : لقد ساهمت وسائل الإعلام الحديثة التي تصنف المدونات على رأسها في إثراء المشهد الإعلامي العالمي وفرضت نفسها كمكمل في البداية ثم منافس لوسائل الإعلام التقليدية رغم ما تتمتع به من موارد واحترافية، وسبب ذلك أن صحافة المواطن التي تعتمد أشكالا وأساليب أخرى أيضا تتصل بالتدوين وتتكامل معه يتمتع روادها باستقلالية وهامش حرية أوسع وكثافة أكبر وقرب من الحدث، وكذا تنامي إقبال الجمهور القارئ على الانترنت والوسائط الرقمية، والتدوين يشكل عامل دعم وإغناء لوسائل الإعلام التقليدية إما إمدادا لها بالمادة الخام أو ضمانا لاستمرارية تداول المنتوج الإعلامي بعد نشره.

وإذا كان هذا الحال في البلدان المتقدمة تقنيا واجتماعيا ففي بلدان العالم الثالث يختلف بسبب انتشار الأمية الابجدية والرقمية، وبسبب سياسة احتكار المعلومات المصاحبة لاحتكار السلطة والثروة مما يعني انحسار سلطة الإعلام وضعف تأثيرها وصناعتها للرأي العام، ورغم ذلك فإن وسائل الإعلام التقليدية لا تزال تملك رصيدا كافيا يخولها الصمود مدة طويلة أمام موجة النيوميديا، وكمثال على تعاظم دور المدونات كان الرئيس الأمريكي أوباما مثلا إبان حملته الانتخابية يمتنع عن لقاء كبريات الصحف الأوروبية بينما يمنح وقته الثمين للمدونين، حتى أن الفضل الأكبر في نجاحه يرجع للإعلام الجديد الذي كافأه على منحه الاهتمام والتقدير بأن حمله إلى البيت الأبيض، هناك تلعب وسائل الإعلام باختلافها دورا رائدا في صناعة الرأي وصنع القرار، ويتمكن عموم المواطنين من الوصول إلى الأرشيفات العامة ومصادر المعلومات بسلاسة، ويتمتعون بحرية سقفها السماء بينما يعاني حتى الصحفيون المهنيون في البلدان المتخلفة ديمقراطيا من شح المصادر وحصار المعلومة فيكتفي معظمهم بالتكهن والتعليق، تكريسا لصحافة المكالمات الهاتفية والمكاتب المنعزلة في غياب تام لصحافة التحقيق والاستقصاء، والحال نفسه يسري على عالم التدوين وبدرجة أكبر حين تقل الموارد ويغيب الاحتراف.

التدوين يندرج في صنف الإعلام الجديد الذي يمتاز بخصائص تجعله ناجعا ومؤثرا، وأهمها هذه المزايا هي استحالة الرقابة على النشر في فضاء الانترنت بخلاف موجات التلفزيون أو الإذاعات التي تخضع لتوجيه وتحكم القوى الاقتصادية أو السياسية، أما النشر الرقمي فهو كالمياه الجوفية التي تخط مجاريها تحت باطن الأرض فيصعب وضع السدود في طريقها أو حفر القنوات لإعادة توجيه مسارها حسب الرغبات، كما أنه عابر للحدود بحيث يلمس الجرح الذي يؤلم أي سلطة قمعية : "صورتها في الخارج"، ومادامت وسائل الإعلام الجديد تمتاز بالسرعة والسهولة والنفاذ فإنها تحقق بإمكانيات تقنية ومالية بسيطة ما تعجز عنه وسائل الإعلام الضخمة من تأثير على الرأي العام مما جعلها الخيار المفضل للشباب والنشطاء، أما الدول الديمقراطية فلا تخاف الإعلام الجديد بل تعتبره رافدا من روافد التنمية والتقدم وسلطة شعبية للرقابة على تصرفات المسؤولين ووسيلة من وسائل الحوار والانفتاح على العالم، فإن الدول المنغلقة سياسيا تعتبره تشويشا على صوتها الفريد وتنقيصا من منجزاتها الباهرة التي تظل تتغنى بها في تلفزاتها وإذاعاتها وكثير من جرائدها التي تسمنها من أموال شعب لا يقرؤها.

دعنا لا نعتبر الإعلام الجديد وسيلة نضال فحسب فقد كنا وسنظل نعتبر النيوميديا وسيلة من وسائل نشر المعرفة وتعميمها، وبداية الطريق لهدم الهوة الرقمية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولدينا رؤية وخطط لمشاطرتها مع جميع الفاعلين، لكن مؤسساتنا الرسمية لازالت تختصر أهدافها الرقمية في شراء أجهزة لا يتم استخدامها ومواقع بئيسة لا تخضع للتحديث أبدا ولا يتصفحها أحد.

8- سؤال: شهدت الساحة التدوينية المغربية، إعتقال العديد من المدونين وكان آخرهم المدون البشير حزام، كيف تدبرون ملف هده الإعتقالات؟
- جواب : الدفاع عن المدونين وصيانة حقهم في التعبير وحريتهم في إبداء الرأي كانت مبرر وجودنا الأول، ونقوم بذلك عن طريق مواكبتنا الإعلامية عبر المدونات لقضايا المدونين ضحايا القمع ومضايقات حرية التعبير ومحاكمات الرأي وإصدارنا للتقارير والبيانات، وكما نركز على التواصل المباشر مع الهيئات الحقوقية والمدنية والإعلامية للتعريف بقضايا هؤلاء المدونين وحشد الدعم العاجل لهم، فقد ساهمنا في تطويع أساليب جديدة لمناصرة ضحايا حرية التعبير مثل الشبكات الاجتماعية الافتراضية لما توفره من سرعة وتمتاز به من نجاعة ونفاذ مدشنين بذلك عهد النضال الرقمي ، فمثلا في قضية المدون محمد الراجي الذي تعرض للاعتقال وحكم بسرعة قياسية بسنتين سجنا نافذة، أطلق المدونون حملة تضامن عالمية سرعان ما انخرط فيها جميع المهتمين وكانت النتيجة مرضية تماما، حيث حصل المدون على السراح المؤقت في خطوة أولى وبشكل استثنائي لم يسبق حدوثه في المغرب في قضايا المحاكمات السياسية ثم حصل بعد ذلك على البراءة من جميع التهم، ولم نحقق ذلك لوحدنا بالطبع ولكننا بدعم مشكور من أطراف يستحيل حصرهم، لكننا نعتقد مع ذلك أن دورنا يبقى محكوما بالمناخ العام الذي يسود المشهد الحقوقي والسياسي.

وإضافتنا النوعية أننا لا نكتفي بالدفاع عن المدونين بعد وقوعهم في المتاعب بسبب الشطط في استعمال السلطة أو جراء سوء استغلالهم للحرية الافتراضية، وإنما نوفر لهم آليات الحماية التي تبتدئ من توفير التكوين الضروري الذي يخولهم التطرق للقضايا الحساسة وملامسة الخطوط الحمراء دون ارتكاب ما يوجب الملاحقة الأمنية، وكذا احترام أخلاقيات التدوين واعتبار مقتضيات المسؤولية وعدم استغلال حق حرية التعبير في الإخلال بالاحترام الواجب للآخرين أو إلحاق الضرر بهم عبر المساس بحياتهم الشخصية، لقد ساهمنا في ترشيد التدوين المغربي لترسيخ ثقافة الحوار والإبداع وتوجيه وسائل الإعلام الجديد لنشر المعرفة وخدمة أهداف التربية والتكوين وتنمية المجتمع وتطويره بعد حصول وعي لدينا بأن المدونات ليست وسيلة سحرية للقيام بالثورة أو قلب الأنظمة السياسية كما أمل البعض، لكنها قد تساهم جزئيا في نهضة المجتمع.

9- سؤال: هل ترى أن التدوين يدخل في إطار الهواية، أم أنه عمل إعلامي بديل له إستقلالية وبعيد عن مقص الرقيب؟
- جواب : رغم أن الأصل في التدوين هو تفاعل شخصي للمدون مع الأحداث والظروف المحيطة وربما حتى بدون غايات إعلامية وإنما لمجرد الإبداع والتعبير عن الذات، لكنه شهد تطورا وارتقاء بأهدافه لما أصبحت المدونات فاعلا أساسيا في صناعة الرأي العام ونوعا إعلاميا قائما بذاته منافسا لوسائل الإعلام التقليدية ومكملا لها يسمى الإعلام البديل أو الإعلام الجديد، لكن الاسم التقني له هو إعلام المستخدم أو إعلام المواطن، بحيث تحولت طبيعة العلاقة التي كانت تربط بين صانع إعلام واحد ومستقبليه لتصبح من صناع متعددين إلى مستقبلين متتعددين، إذن فرغم أن اكتشاف التدوين الالكتروني لم يكن لأجل صناعة الإعلام والرأي فقد تطور ليصبح كذلك مثله كثير من المخترعات وجدت بالصدفة ولم تكن لأجل أهداف كبيرة، فالاكتشاف يولد الحاجة، كما الحاجة أم الاختراع.

فكل من الصحفي الالكتروني والمدون يستعملان وسائل الإعلام والتواصل الحديثة لنشر المادة الإعلامية سواء أكانت إخبارية أو إبداعية،إذن فالمدون مواطن يمارس الصحافة هواية من غير التزام، لكن الصحفي المهني هو في مرحلة أكثر التزاما من المدون ويفترض أن يكون أكثر احترافية مما يقتضيه ذلك من التزام بأعراف المهنة أو ببنود العقد المهني أو بنهج المؤسسة الصحفية التي يشتغل لديها، خلافا للمدون الذي يمارس صحافة المواطن في فضاء أرحب متحررا من تلك القواعد والقيود، إضافة إلى وجود فئة هي الأكبر من المدونين لا تندرج ضمن العمل الصحفي ولا ترتبط به تبعيا، فهناك مدونات الإبداع الأدبي والفني، والمدونات التعليمية ومدونات السيرة الذاتية والمدونات المهنية والرسمية وغيرها مما يتعذر حصره، فالتدوين أوسع من الصحافة الالكترونية وتمثل بها في بعض جوانبه، وعموما يتحول قد المدونون إلى محترفين للصحافة الالكترونية...

10- سؤال: هل ترى أن للمدونات المغربية اليوم إنعكاس على الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية للمغرب؟
- جواب : ساهم التدوين والنشر الرقمي بمختلف أشكاله في إحداث نقلة نوعية في أنماط التواصل وترسيخ نوع جديد من الإعلام يسمى إعلام المواطن أو إعلام المستخدم حيث يتحول مستعمل الانترنت العادي إلى منتج للخبر ومساهم في بلورة المادة الإعلامية وهو ما مكن فعليا من دمقرطة الإعلام وتسهيل الولوج للمعلومة وتيسير نشرها، مما فتح الباب أما الفئات التي كانت مهمشة ومنحها فرصة لإيصال صوتها ووجهة نظرها بشكل متكافئ مهما كان وضعها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فأصبح للمضطهدين متنفس وللمهمشين صوت وللأقليات شبكات...

وباعتبار التدوين أبرز أشكال إعلام الجديد فقد اكتسب فورا جزءا هاما من مقتضيات السلطة الرابعة، وصار مؤثرا في صناعة القرار رقيبا على أصحاب الامتيازات والنفوذ فاضحا لأشكال الفساد كاشفا لمكامن الخلل بالمجتمع.

لكن لا ننسى أن المدونات أتاحت لأصحاب الأموال والأعمال صغيرة كانت أم كبيرة فرصة جيدة للتواصل مع زبنائهم والترويج لمنتوجاتهم مما انعكس إيجابا وضعهم الاقتصادي ودعم تنافسيتهم، كما أتاح النشر الرقمي فرصا تعليمية وثقافية هائلة جعلت المعرفة مشاعا في متناول الجميع بأقل الإمكانيات وأسهل الطرق.

وحتى مؤسسات المجتمع المدني استفادت من تقنيات النيوميديا للتشبيك بين أعضائها والتعبئة لبرامجها ومشاريعها والترافع عن قضاياها تماما كما فعلت الأحزاب والهيئات السياسية، وهذا لا يعني أن الحكومات والمؤسسات العمومية بقيت خارج اللعبة.

لقد أصبحت المدونات المغربية مصدرا للأخبار الدقيقة والمعلومات الموثقة والرأي الحر والإبداع الجميل، وأصبحت للمدن المهمشة والقرى المنسية مدونات ومواقع على الانترنت تجمع شبابها على نقاش هادف واهتمامات محلية مشتركة، وتمكنت مقاولات فائقة الصغر من وضع قدم لها في سوق المال والأعمال انطلاقا من مدونة مجانية أو موقع الكتروني بسيط.

فالمدونون المغاربة ينشرون في مجالات وميادين كثيرة ويتفاعلون مع قضايا المجتمع والعالم الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكن التردي العام للوضعية بالبلاد يجعل نسبة كبيرة تولي اهتماما أكبر لمتابعة نشاط المؤسسات السياسية والهيئات المجتمعية ونقد أدائها، وهذه الفئة تتشكل في أغلبها من أولئك الذين يتهمون بالسلبية والعزوف السياسي، لكنني أجدهم مهتمين جدا ويحسون بالتهميش وتبخيس قدرهم ومؤهلاتهم، لذلك يجدون في الانترنت وسيلة للحوار والنقاش والهروب عن الواقع أحيانا بأشكال متعددة لا تخلو من إبداع وتنوع وطموح واختلاف قد يصل التطرف أحيانا.

وهناك أجناس أخرى متخصصة من التدوين ولا تعدم إقبالا ومنها التدوين المعرفي والتقني والأدبي والفني والاقتصادي وحتى الديني، فالتدوين بداية عصر جديد وعالم لانهاية له... آمل أن يأتي يوم نجلس فيه أمام الحاسوب بدون خوف من السجن.


إستجوبه: عبدالعزيز بوضوضين
الاثنين 26 أبريل 2010

أشرف
10-05-2010, 18:18
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك على نقل هذا الإستجواب الممتع

بارك الله في أخينا سعيد