مشاهدة النسخة كاملة : في حديقة الأخلاق.. الصبر



أم آلآء
14-05-2010, 16:13
الصبر هو حبس النفس على المكروه، وعلى ما يقتضيه العقل أو الشرع، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً (5)﴾ (المعارج)، والصبر الجميل الذي لا جزع ولا ضجر فيه، فإذا نفد صبر المسلم فعليه أن يتصابر، وإذا نفدت مصابرته فليأت من هو أكثر منه صبرًا ويساعده على الصبر، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)﴾ (آل عمران).



وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "ومن يتصبر يصبره الله" (1) أي: تنال مكارم الأخلاق، ومعالي الصفات بالصبر.



والصبر خلق قرآني نبوي قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)﴾ (البقرة) أي: اطلبوا العون من الله بالصبر والصلاة على صعوبات الحياة، وقال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ (محمد: من الآية 31) فاللام للقسم، أي: والله لنختبركم حتى يظهر الطائع والعاصي منكم، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "والصبر ضياء" (2)، والضياء هو شدة النور، أي: بالصبر تنكشف الظلمات والكربات، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سرِّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن) (3) فالمؤمن في جميع حالاته مثابٌ من الله تعالى.



ولقد جعل الله إمامة الدين في الصبر واليقين قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)﴾ (السجدة)، وقال تعالى: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43)﴾ (الشورى).



أقسام الصبر:

أ- الصبر على النوازل: قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155)﴾ (البقرة).



أحمد عبد الهادي شاهين حمودة


فقد يكون بالخوف والجوع، أو الفقر وهلاك المال، أو موت العيال. مثل قصة: أيوب عليه السلام، أم سلمة رضي الله عنها، عروة بن الزبير رضي الله عنه.



وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على امرأة تبكي عند القبر فقال لها: "اتقي الله واصبري" فقالت إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه أنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال لها بعد ذلك: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" (4)



وكان صلى الله عليه وسلم يوعك كما يوعك الرجلين وقال: "أشدكم ابتلاءً الأنبياء ثم الصالحون، يبتلى المرء على قدر دينه" (5)، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيرًا عجَّل له العقوبة في الدنيا" (6)



‌ب- الصبر على الطاعة: بإقامة النفس عليها، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات" (7)

ج- الصبر عن المعصية: بالبعد عن المعاصي، فتركها يحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس.

د- الصبر على تكاليف الدعوة: قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ﴾ (الأحقاف: من الآية 35).



وقصة تقسيم النبي للغنيمة، وقول الأعرابي له اعدل، فقال صلى الله عليه وسلم: "ويحك ومن يعدل إن لم أعدل"، وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199)﴾ (الأعراف).



ثمرات الصبر في الدنيا والآخرة:

أ- تكفير السيئات: وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من وصبٍ ولا نصبٍ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله له بها من خطاياه" (8)

ب- الأجر الجزيل بغير حساب: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)﴾ (الزمر).

ج- الهداية والرحمة من الله تعالى: قال تعالى:﴿وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157)﴾.(البقرة) وفي الحديث قال- صلى الله عليه وسلم-: "إن عِظَم الجزاء من عظم البلاء" (9)

د- محبة الله ومعيَّته للصابرين، قال تعالى:﴿وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)﴾ (آل عمران)، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)﴾ (البقرة).
بقلم: د. أحمد عبد الهادي شاهين




نسأل الله أن يجعلنا من الصابرين على الشدائد، وأن يرزقنا الثواب في الدنيا والآخرة.

---------------------

الهوامش:

(1) الحديث أخرجه الإمام البخاري (1469) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(2) الحديث أخرجه الإمام مسلم (223) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.

(3) الحديث أخرجه الإمام مسلم (2999) عن صهيب بن سنان رضي الله عنه.

(4) الحديث أخرجه الإمام البخاري (7154) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

(5) الحديث أخرجه الإمام الترمذي (2398) وقال حسن صحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(6) الحديث أخرجه الإمام الترمذي (2396) وقال حسن غريب عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

(7) الحديث أخرجه الإمام مسلم (2822) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

(8) الحديث أخرجه الإمام البخاري (5641) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(9) الحديث ذكره الإمام المنذري في الترغيب والترهيب 4/223 عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

prof09
14-05-2010, 20:40
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصبر عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، وهومن أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقلّ معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب، والصبر ضياء، بالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور.
وما أحوجنا في هذه الظروف الصعبة إلى الصبر والإتكال على الله وعدم اليأس وأن نرجو دفع البلاء بالطاعة والصلاة والعبادة وحبس الألسن عن الإعتراض على الله تعالى فالله الأمر في الأولى والأخرة وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين.
أكرمك الله أختي الفاضلة
موضوع قيم

أم آلآء
14-05-2010, 23:41
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
زادك الله أخي prof09 من فضله و إحسانه، و أكرمك على مساهمتك النيرة و جعلها في ميزان حسناتك، نسأل الله لنا و لك القَبول، آآآمين.

بهاء
21-05-2010, 12:13
http://www.abosh3ar.net/vb/mwaextraedit4/extra/69.gif