مشاهدة النسخة كاملة : رحلة إلى مقام الإحسان



أم آلآء
06-07-2010, 19:04
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه


قبل أن نعرف الرحلة وثمارها يجب علينا أن نعلم لمن تكون وما معنى مقام الإحسان ؟؟


*************

لمن تكون هذه الرحلة؟؟


هذه الرحلة لأصحاب الهمم والمشمرين إلى أعلى درجات القرب وكما وصف الله المؤمنين في سورة الواقعة قسمهم الى قسمين:

القسم الأول: (والسابقون السابقون اولئك المقربون) وهؤلاء هم المقصودون في هذه الرحلة ولمن يريد أن يكون منهم الذين هم شعارهم (لن يسبقني إلى الله أحد) وهم أهل الله وخاصته وأهل ولايته ومن تدبر في كتاب الله حق التدبر لاكتشف أنه المطلوب من كل شخص أن يكون منهم ولا يوجد معنى في كتاب الله يحفزنا للوصول الى تلك المكانة مثل قوله تعالى(وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وهؤلاء هم الذين جاهدوا الجهاد الأكبر مع نفوسهم فوصلوا الى درجة القرب.


فهل أخي وأختاه تطمح لنيل تلك الدرجة؟

القسم الثاني: هم أصحاب اليمين من عامة المؤمنين الموحدين نسأل الله ان ينقلنا من هذا القسم الى القسم الأعلى وهو ميدان السابقين



*************


وما هو مقام الإحسان ؟

الحديث المشهور حينما سأل سيدنا جبريل سيدنا محمد ما الإحسان فأجاب سيد الخلق (أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك).
هذه العبارة هي أبلغ عبارة للتعبير عن ذلك المقام السامي .
تخيل أخي أن مدير عملك طلب منك إنجاز مهمة وهو أمامك ونظره عليك هل سيكون عملك متقن وفي أبهى صورة ؟
هذه درجة من درجات الاحسان أن تعمل وترى أن الحق ناظر اليك فهل سيكون الإخلاص حاصل ؟؟

بالطــبــع
الدرجة الأرقى من هذا المقام والإحسان درجات هو أنك تعمل وأن تراه تراقب الحق في أعمالك فهي درجة كمال المحبوبية لله تعالى ان تعبده وأنت تراه فتعبد بحب وكونك تراه فقط فهذه هي أرقى عبادة ...
تراه في خلقه بإبداع الصنعة وجمال خلقته
تراه في العاصي فترى غفرانه..
تراه في الكافر والفاجر فترى انتقامه..
تراه عزيزا في ذلك ومسكنتك..
تراه غنيا في افتقارك إليه..
تراه قويا في ضعفك..
فكلما تتحق بأوصاف العبودية من ضعف له وتذلل إليه وضعفا وإنكسارا بين يديه ترى صفات الالوهية وتزداد له تعظيما ومحبة وشوقا الى لقائه


لكن كيف تراه وكيف تدرك أنه يراك؟


لا ينكر مؤمن أن الله يراه والكل يعلم ان الله مطلع على كل أعماله خفيها وجليها ولكن هناك فرق بين العلم والإدراك .

يقول الحق جل وعلا عن الكافرين(ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله)

فقولهم دليل على العلم بأن الله خالق لكن هل انهم يدركون بالطبع لا لانهم لو ادركوا لآمنوا



وما الذي يمنعهم من الإدراك؟

يجيب الحق (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها )


وسبب ذلك اعظم ذنب ...........


وما هو أعظم ذنب؟

أعظم ذنب هو الشرك بالله فالشرك بالله اصاب قلوبهم ظلمة منعتهم عن الإدراك وكلما زاد جرم الذنب كلما ازدادت ظلمة القلب فحجبت القلوب عن الادراك

من هنا نصل أن الذنوب تظلم القلب وتمنعها عن الادراك الذي هو موصل لذلك المقام
والحمد لله وضع النبي الدواء فإن دواء الذنوب الاستغفار والتوبة الصادقة فأول طريق لرحلتنا تجديد التوبة وكلما ازداد العبد من الطاعات تنور القلب فادرك...


وهو الزاد للرحلة إليه.................

والذنوب ذنوب في الظاهر والباطن وذنوب الظاهر معروفة مشهورة ودوائها تركها والتوبة منها ....

أما ذنوب الباطن وتسمى أمراض القلوب معروفة ايضا ولكنها متروكة لإنه لا يوجد من يعلمك ويساعدك على ازالتها والتخلص منها كمرض الرياء وحب الظهور والسمعة والتعلق بالدنيا وتأثيرها في ادراك القلب اصعب من الذنوب الظاهرة وهي تحتاج الى طبيب يداويها ....

والمتدبر في القرءان يرى أن وظيفة النبي(يتلوا عليكم ءاياته ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة) فالتزكية هي تطهير القلوب من امراضها الحاجبة عن الادراك وهنانحتاج عالم عامل خبير بأمراض القلوب وهم موجودن بعصرنا ولكن اين هم

المداح
07-07-2010, 08:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أختي أم آلآء على الموضوع القيم

الإسلام هو مجموع الطوابق الثلاثة (إسلام- إيمان- إحسان) إلا أن طابقه الثالث (الإحسان) هو كماله من خلال تحقيق مستويي الإسلام والإيمان تحقيقا يحول الظن الغائب إلى يقين حاضر.

و مقام الإحسان عايشه الصحابة رضوان الله عليهم في علاقتهم بالرسول عليه الصلاة والسلام. وانتقلت أسرار هذا المقام إليهم روحيا من خلال رابط المحبة والتعلق بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكما أن أسرار مقام الإسلام تنتقل بالتلقين والاستماع من فكر إلى فكر، وأسرار مقام الإيمان تنتقل بالعمل والإتباع من سلوك إلى سلوك، فأسرار مقام الإحسان تنتقل من قلب إلى قلب بالمحبة والتعلق بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وورثته من أمته.

أم آلآء
07-07-2010, 18:41
شكرا للطف مرورك، ودد ت لو أنّك أجبت على سؤالي الاستنكاري.

إسلامية الفاروق
08-07-2010, 08:19
بارك الله فيك أختي أم آلآء على الموضوع القيم

هدا الحبيب يا محب
09-07-2010, 21:09
رتبة المشيخة الحقيقية عالية نادرة عزيزة الوجود، فكيف السبيل إلى معرفة صاحب الأهلية وأنت قاصر؟ قال الإمام أبو النجيب السهروردي: "رتبة المشيخة من أعلى الرتب في طريق الصوفية ونيابة النبوة في الدعاء إلى الله". ولقب "شيخ" لقب ذائع شائع حتى ليطلقه عامة العامة وعامة القُراء على كل من يفتح الكتابَ ويُنَسِّق بعض العبارات ويتصدّى للفتوى وفصل الأحكام.

أمامك إحدى ثلاث طرائق للنظر والبحث فيمن تخالل. فالأمر موكولٌ إليك.

أول طريقة أن تعتمد على موازينك المسكينة وتزن بها من يُشار عليك بصحبته. تجيء بمواصفات مسبقة وَقَرَتْ في فهمك، فربَّما تتصور هذا الوارثَ الكامل النائبَ في مقام الدعوة إلى الله على صورة ما يشبه الملائكة، فكن على ثقة أنك لن تعثر على شيء ولو انقطعت أنفاسك مرات في عد الآلاف، ولو انقطع عمرك في السياحة شرقا وغرباً تحمل معك تلك الموازين المسكينة. ذلك أن أولياء الله أصنافٌ ومراتبٌ وألوانٌ، منهم الوسيم الجميل الفصيح البليغ الجامع بين علم الظاهر وعلم الباطن، ومنهم الأشعث الأغبر، الذي لا يكاد يُبين. وربما يفوتُك الفَوْت حين تتخطّى رجلا عاديا في مظهره لا يُؤبَهُ له، وهو من هو. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة: "رُبَّ أشعث أغبرَ مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه".

ويعقد نفس الإمام مسلم في كتاب "فضائل الصحابة" بابا لذكر نموذج الولي الأشعث الأغبر: "بابٌ من فضائل أُوَيْسٍ القَرنِيِّ رضي الله عنه". روى في هذا الباب أن وفدا من أهل الكوفة وفدوا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمان خلافته، وفيهم رجل ممن كان يسخر بأُوَيْس. فقال عمر: "هل ههنا أحد من القَرَنِيِّينَ؟" فجاء ذلك الرجل فقال عمر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أُويس. لا يدع باليمن غير أم له. قد كان به بياضٌ فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضعَ الدينار أو الدرهم. فمن لقيه منكم فليستغفر لكم".

الصحابة ذوو القدر العالي عند الله ورسوله يُنصحون بالتماس بركة رجل ما هو من الصحابة ولا ممن يؤبه بهم، دعاؤه مستجاب. فأين تقع موازينك من معرفة الرجال؟

الطريقة الثانية أن تجرِّب ثم تجرب حتى تعرف من نفسك هل عثرت على من: "ينهض بك حاله ويدلك على الله مقاله". وهنا أيضا إن اعتمدت على يقظتك وفطنتك ستقضي عمرا طويلا في بلاد التيه لأنك لا تستطيع تُميز بين"النهضة" التي يحدثها فيك مقال الواعظ الصادق الذي يسمعه العاصي فيتوب إلى الله على يديه، وبين "نهضة" القلب الذي تنتزعه صحبة العارف الوارث من لصوقه بالدنيا، وتحلق به في سماء طلب وجه الله. ثم إنك قد تجرِّب على المطلوب الحقيقي فتجده على غير ما كنت ترجو. وقد يصدر منه السلوك البشريُّ العاديُّ فتنكره، فلا تستطيع معه صبراً كما لم يستطع موسى صبراً مع الخضر عليهما السلام. نعم، لا يكون أحد من الصالحين، بَلْهَ أن يكون من الأولياء المتبوعين وهو مرتكب للكبائر مصر على الصغائر. ميزان الشرع معك هو وحده عاصمك. لكن ما زاد عليه مما هو من مثاليات معاييرك المسبقة فأوهام لا تنفع.

كنتُ حين استوحشت من الدنيا عِفْتُ نفسي وطار لُبّي في طلب الحق عز وجل. اخْشَوْشَنْتُ وانقبضت وانصرفت للعبادة والتلاوة والذكر آناء الليل وأطراف النهار. فلما منّ علي الحنان المنان له الحمد والثناء والشكر بلقاء شيخي رحمه الله وجدت أنْساً ورحمة وطلاقة وبشرا وفرحا بالله. ما كنت أتصور مدة انقباضي و"أزمتي" وبحثي أن من شأن مريد صادق أن يضحك، ولا أن يلتذ بطعام وشراب، ولا أن يستقرّ به فراش وينعم بنوم.
دعك من الاعتماد على غير الله، وابحث واحمِلْ معك ميزان الشرع، لكن لا مخرجَ لك من البحث التائه إلى أن تقف على باب الملك الوهاب الهادي. استخره واستعنه وتوكل عليه ولن تعدُوَ قدرك ومقدورك وسابقتك على كل حال. قال الشيخ عبد القادر رحمه الله: "إذا أشكل عليك الأمر ولم تفرق بين الصالح والمنافق فقم من الليل وصل ركعتين ثم قل: يا رب دلَّني على الصالحين من خلقك، دلني على من يدلني عليك، ويطعمني من طعامك، ويسقيني من شرابك، ويكحل عين قلبي بنور قربك، ويخبرني بما رأى عيانا لا تقليدا". وقال: "إذا أردت أن تصحب أحدا في الله عز وجل، فأسبغ الوضوء عند سكون الهمم ونوم العيون، ثم أقبل على صلاتك تفتح باب الصلاة بطُهورك، وباب ربِّك بصلاتك. ثم اسأله بعد فراغك: من أصحب؟ من الدليل؟ من المخبر عنك؟ من المفرِّدُ؟ من الخليفة؟ من النائب؟ هو كريم لا يخيِّبُ ظنَّك. لا شك يُلهم قلبك، يوحي إلى سرِّك، يفتح الأبواب، يضيء لك الطريق. من طلب وجدَّ وجد".

من علامات صدق طلبك أن تُديم الوقوف بباب الملك الوهاب، وأن تديم التوسل إليه والضراعة والاستغفار والاستخارة. ثم توكل عليه بعد أن يطمئن قلبك، ولا تلتفت إلى وراء. فإن حَسْبَك الله.