مشاهدة النسخة كاملة : على مشارف سنوات رصاص جديدة



عادل محسن
12-07-2010, 00:44
على مشارف سنوات رصاص جديدة


هل نحن على مشارف سنوات رصاص جديدة ؟ وهل استنفذت الطبعة الأولى من عهد الإنصاف والمصالحة ؟ كثيرون من سيرون في هذين السؤالين الطلليين نظرة تشاؤمية تجاه واقع البلاد ومستقبلها ,نظرة سيراها البعض سابقة لاونها وبشرى مريرة او بالأحرى نعي مبالغ فيه ومهما توجه من انتقادات لهذا الاستهلال من طرف البعض ومهما تثير الإجابة عن هذين السؤالين من حفيظة في صفوف البعض الأخر فان تلك الإجابة لن تكون ادعاء او تحامل على عهد زهي عند البعض, واذا كنا أصلا من الذين لا يؤمنون بان المغرب يعرف عهدا جديدا لا يتسع المجال هنا للوقوف على أسباب موقفنا الذي قد يراه البعض خروجا عن الإجماع والذي كما قد أدلينا به سلفا وشرحنا فيه لماذا هذا الموقف بالذات ولا غيره ,فإننا مع ذلك نعود بعد ان بان البرهان وتفتقت الحقائق لنقول للذين يسلمون بهذه المقولة انها انتهت وان واقع الحال بدأت تشتم منه رائحة سنوات الرصاص جديدة السيئة الذكر بعدما اعتقد المغاربة ان ذاك الامر ولى الأدبار وعفا الله عما سلفا وان ذلك كان غلطت السلف لا ذنب للخلاف فيها فالمتتبع لمسار الأحداث والوقائع يلحظ وبشكل لا يدع مجالا للشك نحوها في هذا الاتجاه في هذا الوقت اكثر من غيره وتزداد اتضاحا وبروزا يوما بعد يوم وان سنوات الرصاص هاته التي اعتقدنا دفنها تبعث من جديد وتخطو في اتجاهنا بشكل لافت للنظر وان معالمها ترسم بايقاع متسارع مهما حاول المستسلمون التقليل من اهمية ذلك وحقيقته والتغطية عليها بخطابات مدفوعة الثمن .

ان التوتر والاحتقان الاجتماعي الذي وصل اليه المغرب اليوم وما وازا ذلك من إجابات من قبل الماسكين بزمام امور البلاد والعباد لا ترقى الى المستوى المأمول وتتناقض جملة وتفصيلا مع حمولة الشعارات المرفوعة حتى الان من جهة والارتكان الى خطابات الواجهة والتسويق ولوك المفاهيم الغليظة والفضفاضة دون ان يكون لذلك وقع على مستوى الواقع اليومي للمواطن تكشف بجلاء التناقض الصارخ بين القول والفعل عند الماسكين بزمام السياسة والاقتصاد والاجتماع .....كما تبين مرحلة الافلاس والباب المسدود الذي وصلت اليه الامور الى جانب هذا فان عملات العهد الجديد وطي صفحة الماضي والانصاف والمصالحة ومغرب المؤسسات كلها سجلت تراجعت الى ادنى مستوياتها على سلم اسهم الواقع وفقدت بريقها وتضاءلت مغنطيسيتها بعدما ظلت تشكل المجترات والمنتوجات الاكثر مبيعا في السوق السياسية المغربية وهي امور توضح بجلاء ان تخدير الشعب وإيهامه لا يمكن ان يطول مهما كانت فاعلية المخدر وان ما اصطلح عليه زورا عهد جديد لا يعدو ان يكون مرحلة ترتيب واستراحة لدا المخزن من اجل العودة وهو اجراء يقتضي منه جزء من التضحية لكن ليس الى الابد وان الرجوع الى الرصاص ليس محرما او ملغيا من أجندته إطلاقا ,فالفشل الذريع الذي أصاب الآلة السياسية المخزنية في جل المجالات والتجاوز الذي اصبح مسجلا بخصوص شعار الانصاف والمصالحة بفعل واقع الامر كلها مرتكزات تنذر بأفق العودة الى سنوات الرصاص مجددا ولعل المؤشرات التي باتت تلوح تبعا هي القوى الحجج على العودة المنتظرة فالانكماش المسجل على مستوى الحريات والقمع المتواصل والشرس للاصوات المناهضة والرافضة والعودة القوية للمخزن في شكل سيناريوهات متعددة وتحكمه في كل الفضاءات و اكتساحه الكبير باعتماد مقولات متعددة والطلاق المسجل بين الجماهير الشعبية الغاضبة وما يسمى بالأحزاب الممثل لها والقلق الذي يساورها بشأن مستقبلها وإجهاز الدولة المتواصل على ممتلكاتها –بعدما سحبت يدها عن عدد من المجالات لحماية مصالحها – كمرحلة اخرى من مراحل قهر الشعب وتركيعه وإذلاله لضمان الحماية للوبيات الاقتصادية الرأسمالية الوطنية والعالمية الحليفة للمخزن والعودة الخطيرة للأشكال البائدة في مواجهة الرافضين والمناوئين المجسد في القمع الشرس والاختطاف والمحاكمات الصورية واغلاق مقرات الصحف وتلفيق التهم للاقلام الحرة كما تنقل ذلك القنوات والجرائد والحملات المسعورة ضد كل الممانعين ومنع الاحتجاج في كثير من النقط داخل الوطن .... كل ذلك يؤكد هذه العودة للمخزن والى طباعه وحقيقته التاريخية بعدما أوهم البعض بعافيته من طباع العنف والدم وتبنيه للحوار والتفاوض والسلم هذه العودة التي تشير اليها اكثر من واقعة ستحرج لا محالة حراس العهد الجديد ورسله الذين ظلوا يتغنون به ويفرطون في التفاؤل به دون روية او تبصر والاندفاع السريع الذي ساقهم الى مباركته دون ضمانات من عدم العود الى ما سلف من انتهاكات والذي لن يتأتى الا بمعاقبة المجرمين والمسؤولين وكل من كانت له يد فيما سبق عن مأساة الماضي من اجل ان يأخذ الحاليون العبرة كما ان الاعلان عن الصفح لا جدوى منه ما لم يقع الطي النهائي لملف المأساة الماضية بشكل كامل وقراءة مسبباتها بشكل صريح على اعتبار ان طي الصفحات مقرون بقراءتها والتدقيق فيها واخذ العبر منها لكن كل هذه الامور لم تتم للاسف الشديد مما يجعل ان السرعة في الاعلان عن العهد الجديد والصفح والطي والمصالحة دون التزام المخزن بالاقلاع عن عادته المشينة والتسابق نحو الكراسي من قبل البعض والمحاباة والاسترزاق –على الرغم من نية التغيير التي ظلت تساور نفوس البعض - تظل احد الأسباب الباعثة على العودة الى مأساة الماضي من جديد .


محمد نبو
2010/07/02