مشاهدة النسخة كاملة : مهرجان للأنشودة الإسلامية في بروكسل



عثمان حنزاز
20-04-2006, 17:03
بسم الله الرحمان الرحيم

مهرجان للأنشودة الإسلامية في بروكسل

بين شطي الثقافات الغربية والإسلامية تتقابل الشعوب في بحر الفن والثقافة، مما يحدث تناغما وتآلفا بين الشعوب المختلفة. وتأتي الأنشودة الإسلامية كوسيلة لدفع عملية الانسجام بين الثقافة الغربية والإسلامية وخلق جو من الألفة والتعارف.

لذلك تحرص الجمعية الأوربية للثقافة والفن الموجودة ببروكسل على إحياء مهرجانات الأنشودة الإسلامية من أجل تأسيس ثقافة إسلامية جديدة قادرة على الاندماج مع الثقافة الغربية، مع الاحتفاظ بجذور التراث الإسلامي متغلبة على عملية التجديد والانفتاح.

وقد احتفلت مدينة بروكسل بمهرجانها الأوربي الثالث للأنشودة الإسلامية في 31 مارس 2005 الذي شاركت فيه مجموعة كبيرة من الشباب المنشدين من بلاد مختلفة مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا وهولندا، بالإضافة للبلد المنظم بلجيكا من أجل إحياء هذا الاحتفال الديني.

الدين في رسالة فنية

يقول جمال أحدوش أحد أعضاء الجمعية الأوربية: "تسعى الجمعية لتحقيق التواصل والاندماج بين الشعوب المختلفة، فهي لا تخص المسلمين بعينهم، ولكنها تخاطب المؤمنين بصفة عامة. ويحقق الفن والثقافة نجاحًا كبيرًا في توصيل رسالة الإسلام للشعوب في غلاف جديد بعيد عن الأشكال التقليدية الدينية.

وإذا كانت الأنشودة نابعة من روح الإسلام فإنها قادرة على مخاطبة المسلمين وغير المسلمين، ومن هنا فتكون قادرة على خلق جو المحبة لله ولرسوله ومحبة الناس.

كما أننا من خلال هذه الطرق البسيطة نجعل أبناءنا قادرين على ممارسة دينهم الإسلامي ويعيشون جوَّه، ولكوننا نعيش في هذا البلد عاصمة أوربا فلنا دور نقدمه للناس دون أن نشعرهم بالتمايز عنهم، ولا نقبل في نفس الوقت ما يفرضه علينا الغرب خارجًا عن نطاق ديننا. ونأخذ منه ما هو مفيد لنا كمسلمين.

فرق الأنشودة العالمية

احتضن هذا المهرجان ثلاثة آلاف زائر جاءوا من شتى ضواحي ومدن بلجيكا للتعبير عن هويتهم الدينية، ولوحظ أن أغلبية الزائرين كانوا من أصل مغربي، وكانوا يرددون الأناشيد الدينية القديمة بصوت عالٍ مع المنشدين كأنهم يقولون نحن ما زلنا محافظين على تقاليدنا الدينية في وجه الثقافة الغربية.

ومن بين الفرق المشاركة في المهرجان جاءت فرقة النصرة من دولة ألمانيا. تتكون هذه الفرقة من أحد عشر فردًا مقسمة إلى جزأين: المنشدون ويرتدون لباسًا تقليديًّا عريقًا أما العازفون فيرتدون لباسًا عصريًّا كالقميص والكرافتة.

وتُعَدّ الدربكة والدف الرقيق من الآلات المستخدمة في الإنشاد، وفي بعض الأغاني يضيفون آلات البيانو.

تركز هذه الفرقة على المدح والإنشاد من خلال أغانٍ دينية قديمة مثل أغنية (صاحب الشفاعة) التي أثارت إعجاب جميع النساء المتحجبات الموجودات في القاعة وهن الأغلبية، وتتطرق هذه الأغنية الدينية إلى وصف خُلُق النبي عليه الصلاة والسلام.

ومن شدة الشوق للنبي وحب الحاضرين له تتصاعد التصفيقات بحرارة ويطالبون بإعادة إنشاد هذه الأغنية من جديد. كما أن هذه الفرق تحاول أن تلعب بالأغاني الشعبية مثل الأغنية المشهورة للفنان الراحل المغربي إبراهيم العلمي (اللي مشالو غزا لو يندم عليه) محتفظين باللحن ولكن يقومون بتغيير الكلام ووضعه في قالب ديني.

يرى العلوي المدغري أحد أعضاء الجمعية الثقافية الفنية وأحد المستشارين بهذه المؤسسة أن هدف هذه الجمعية هو فتح فرص لهؤلاء الشباب الذين يرغبون في التعبير عن هويتهم الدينية بالإنشاد أو من خلال التخطيط أو الفكاهة.

ونتيجة للتباين الثقافي بين المسلمين المقيمين في البلدان الأوربية والمسلمين المقيمين في البلدان العربية الإسلامية نجد أن الفرقة الأولى هم في حاجة دائمًا لتشجيع من أجل إحياء هويتهم الدينية وتنميتها حتى لا تضيع وسط الأجواء الغربية.

لهذا يجب علينا الاجتهاد من أجل تقديم صورة صحيحة عن الإسلام والمسلمين. ويدعو العلوي إلى تشجيع هذه الفرق الإنشادية من أجل جاليتنا المسلمة الغربية التي تشعر باغتراب في التعامل مع الثقافة العربية وفي كيفية التعايش معها.

ويقول إن الفن له رسالة عميقة ويجب تبليغها بشكل جيد؛ لهذا لو قصرنا في استعمال الآلات الموسيقية المحرمة فهذا سيعيقنا في تبليغ رسالتنا الإنسانية الروحية، فالإنسان في حاجة مستمرة إلى الخطاب الروحي؛ لأن الإنسان ليس بمادة جامدة وإنما هو مادة وروح. ويأتي الغناء الإسلامي أو المدح ليغذي قلب المسلم ويرقيه.

وتتنافس هذه الفرق المشاركة في المهرجان رغبة في الحصول على الجائزة التي تمنحها الجمعية لأحسن فرقة في الإنشاد الديني والمدح والموشحات. وتُعَدّ فرقة الندى من أقوى الفرق لفوزها بالجائزة منذ بداية هذا المهرجان. وتتكون هذه الفرقة من سبعة أشخاص، كل فرد منها له تاريخ في الغناء، وتركز على الصوت الجميل وتطوير الأغاني من خلال مجموعة أذواق وأدوار مشرفيها.

وقد جاء اختيار اسم فرقة الندى بعيدًا عن المسميات الإسلامية التي قد تثير من حولها بعض التساؤلات والمشاكل، فلقب الندى مقبول من الجميع حيث يدل على نسيم الصباح.

ويقول أوفوس أحد مؤسسي هذه الفرقة: إن مجموعته تعتبر من أكثر الفرق المعروفة رغم أن معظم أغانيها باللغة الفرنسية؛ لأنها تقوم دائمًا بالتجديد، فهي الآن تحاول أن تدرس اللون الغربي مثل "الدجاز، والراب مع الاحتفاظ بالمضمون الديني الذي يتركز على المدح والابتهال. كما أنها حاليًّا بصدد إعداد أغنية جديدة تحمل معاني للإنسانية تحت عنوان "يا إنسان".

وفي البداية كانت هذه الفرق تقتصر على المشاركة في حفلات الأعراس والأعياد الدينية فقط، ولكن مؤخرًا بدأت تشارك في مهرجان "التسامح الديني" مع فرق مسيحية دينية من أجل المشاركة في الغناء الديني الذي تنظمه دولة بلجيكا.

من أناشيد الجهاد إلى نشيد الروح

وفي أواخر الثمانينيات ظهرت فرق غنائية مثل فرقة "فلسطين واليرموك"، وكانت تعالج قضايا الشرق الأوسط وخصوصًا قضية فلسطين.

وفي التسعينيات ظهرت فرقة أخرى تتطرق للغناء السياسي مثل فرقة الفرقان، لكنها لم تواصل مسيرتها، حيث كانت تغني الأغاني الجهادية في الأفراح والأعراس مما لا يتلاءم بشكل كبير مع طابع الفرح، ومن هنا بدأت هذه الفرق في تغيير مضمون أغانيها.

وبالرغم من امتناع بعض الفرق الإنشادية القديمة عن استخدام الآلات الموسيقية، فإن استخدام الآلات الموسيقية أصبح من الأمور الضرورية من أجل إحياء عمليات الإنشاد، فأصبح الدف والدربكة من مظاهر التجديد تاركًا لمضمون الأناشيد والأغاني الصفة الدينية.

وإذا كانت بعض الفتاوى تحرم استعمالها في الغناء، فإن الواقع لا يسمح بهذا؛ لأننا في عصر آخر صار فيه الهدف الأساسي تبليغ الرسالة إلى الناس والتقرب من المجتمع من خلال الكلام النظيف، القليل والرزين مع بقاء استعمال الآلات تحت ضوابط محددة.

وتبقى الفرق الموجودة حاليًّا من الجيل الجديد بمساعدة كبار المنشدين القدماء، من بينهم البشائر، الفردوس، أشبال النبراس، الصحبة... وتشارك هذه الفرق في المناسبات، محاولة تحريك نزعة الوحدة الإسلامية والحب الإلهي وحب الناس وليس الألم مثل الفرق الجهادية الأولى؛ لأن المستمع ينبغي علينا أن نوصل له الذوق الرفيع، ونجعله يقترب إلينا بالأشياء الجميلة الروحية.

ويبلغ عدد هذه الفرق الإسلامية الموجودة حاليًّا في بلجيكا تقريبًا ثماني فرق؛ وذلك نتيجة لغياب الدور السياسي لهذه الفرق التي تركز فقط على المدح والإنشاد.



إسلام أون لاين

سهيل
20-04-2006, 17:14
شكرا أخي الكريم على هذا المقال

المرجو كتابة مصدر المقال

شكرا لك ألف شكر

محمد يعقوبي
20-04-2006, 17:50
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

إسلام أون لاين