مشاهدة النسخة كاملة : مع أهل الله الله في تفسير القرآن الكريم " التفسير الإشاري"



قابض على الجمر
19-07-2010, 16:02
بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه

إخوتي اخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بارك الله لكم في شعبان وبلغكم رمضان فضلا منه ومنة .
في هذا الموضع أحببت أن أقف عند فهم في كتاب الله طالما غفل عنه الناس وإن كان يلامس روح القرآن ، هذا التفسير الذي يسمى بالتفسير الإشاري نسبة إلى الإشارات التي فهمها أهل الله من كتابه عزوجل ، وقد حاول البعض أن يشكك في مدى مصداقية هذا العلم الجليل لكن أنى له ذلك وقد تكلم فيه أكابر هذه الأمة ، وقبل أن نغوص سوية في أسرار هذا العلم العظيم أضع بين أيديكم هذه الدراسة التأصيلية لهذا العلم الكبير لأحد الإخوة مشكورا على مجهوده وجعله الله في ميزان حسناته ، وذلك ليكون عونا لمن أراد أن يغوص ويتعمق وإفحاما لمن أراد أن يشكك وبهواه يتعلق .
ولطول هذه الدراسة فقد وضعتها في هذا المرفق ليتم تحميلها منفردة "تفضل هنا اخي أختي وقل بسم الله ودعوا لي دعوة خالصة" (http://alrafi3.com/forum/uploaded/1563/ichari.doc)

طيب لنعد لموضوعنا وهو الوقوف عند آيات كتاب الله من خلال هذا التفسير العظيم ، وهنا سأعتمد على تفاسير مجموعة من الشيوخ الأجلاء وهم :

الشيخ الجليل سهل التستري (ت 283 هـ)في كتابه تفسير القرآن

الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي ( ت 412 هـ )في كتابه حقائق التفسير

الشيخ الإمام القشيري صاحب الرسالة القشيرية المشهورة(ت 465 هـ)في لطائف الإشارات

الشيخ البقلي (ت 404 هـ) في عرائس البيان في حقائق القرآن

الشيخ الجليل اسماعيل حقي (ت 1127 هـ)في روح البيان في تفسير القرآن

الشيخ الكبير ابن عجيبة (ت 1224 هـ)في البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

الشيخ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ)في الهدايه إلى بلوغ النهايه


وإن كان غير هؤلاء الشيوخ كثر لكني أكتفي فقط بما ذكرت ، على اعتبار أن كل شيخ له في تفسيره مجلدات فمابالك بهم مجتمعين ، وأود أن أشير إلى أني اعتمدت في بحثي هذا على بعض المواقع وكل ما قمت به هو جمع المادة العلمية بطريقة على حد ما اعرف أنها منظمة أو هكذا حاولت فهمها.
منهجية البحث : سأتبع في بحثي إن شاء الله تعالى هذا طريقة جد مبسطة وذلك بأن أعرض الآية وأعرض تحتها مجموعة من التفاسير الواردة فيها ، وليس بالضرورة أن أنقل التفاسير كلها ، لكني لن أتصرف فيها وذلك لعظم الأمر وجلالته ، كما سأقسم الموضوع إلى مراحل عديدة لطوله وسأتناول موضوعي بشيء من التأني البطيء . لا أدعي أني سأعرض تفسير القرآن الكريم كاملا وإنما ما استطعت بحسب ظروف الزمان والمكان .
والله الموفق وهو هادي السبيل .

قابض على الجمر
19-07-2010, 16:10
بسم الله الرحمن الرحيم

لنبدأ على بركة الله مع سورة الفاتحة :

الآية : { بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ }

يقول الشيخ الجليل سهل التستري في كتابه تفسير القرآن :

فصل في قوله

بسم الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ

قال أبو بكر: سئل سهل عن معنى: { بسم الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } فقال:

الباء بَهاء الله عزَّ وجلَّ: والسين سناء الله عزَّ وجلَّ. والميم مجد الله عزَّ وجلَّ.

والله: هو الاسم الأعظم الذي حوى الأسماء كلها، وبين الألف واللام منه حرف مكنى غيب من غيب إلى غيب، وسر من سر إلى سر، وحقيقة من حقيقة إلى حقيقة. لا ينال فهمه إلاَّ الطاهر من الأدناس، الآخذ من الحلال قواماً ضرورة الإيمان.

والرحمن: اسم فيه خاصية من الحرف المكنى بين الألف واللام.

والرحيم: هو العاطف على عباده بالرزق في الفرع والابتداء في الأصل رحمة لسابق علمه القديم.

قال أبو بكر: أي بنسيم روح الله اخترع من ملكه ما شاء رحمة لأنه رحيم. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " الرحمن الرحيم " اسمان رقيقان أحدهما أرقُّ من الآخر، فنفى الله تعالى بهما القنوط عن المؤمنين من عباده.

وفسرها الشيخ السلمي بقوله :

قال أبو القاسم الحكيم: { بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } إشارة إلى المودة بدءًا.

حُكى عن العباس بن عطاء أنه قال: الباء بره لأرواح الأنبياء بإلهام الرسالة والنبوة، والسين سره مع أهل المعرفة بإلهام القربة والأنس.

والميم منته على المريدين بدوام نظره إليهم بعين الشفقة والرحمة.

وقال الجنيد في { بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ }: بسم الله هيبته، وفي الرحمن عونه، وفي الرحيم مودته ومحبته. وقيل الباء في { بسم ٱلله } بالله ظهرت الأنبياء وبه فنيت وبتجليه حسنت المحاسن وباستناره فتحت وسمحت.

وحكى عن الجنيد رحمه الله أنه قال: إن أهل المعرفة نفوا عن قلوبهم كل شئ سوى الله عز وجل، وصفُّوا قلوبهم لله، وكان أول ما وهب الله تعالى لهم فناهم عن كل شئ سوى الله قولوا بسم الله إلينا فانتسبوا ودعوا انتسابكم إلى آدم عليه السلام.

وقيل أيضاً: إن { بسم } لبقاء هياكل الخلق، فلو افتتح كتابه باسمه؛ لذابت تحت حقيقتها الخلائق إلا من كان من نبى أو ولى، والاسم بنور نعيم الحق على قلوب أهل معرفته.

وقيل في { بسم ٱلله }: إنه صفاة أهل الحقيقة لئلا يتزينوا إلا بالحق، ولا يقسموا إلا به.

وقال أبو بكر بن طاهر: الباء سر الله بالعارفين، والسين السلام عليهم، والميم محبته لهم.

وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنْ صح هذا، الباء بهاؤه والسين سناؤه، والميم مجده.

وقيل: إن الباء في { بسم ٱلله } إلينا وصلهم إلى { بسم ٱلله }.

سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم الإسكندرانى يقول: سمعت أبا جعفر الملطى يذكر عن على بن القاسم موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: { بسم } الباء بقاؤه والسين أسماؤه والميم ملكه، فإيمان المؤمن ذكره ببقائه وخدمة المريد ذكره بأسمائه، والعارف عن المملكة بالمالك لها.

وقال أيضاً: { بسم } ثلاثة أحرف: باء وسين وميم فالباء باب النبوة، والسين سر النبوة الذي أسرَّ بها النبي صلى الله عليه وسلم به إلى خواص أمته، والميم مملكة الدين الذى أنعم به للأبيض والأسود، وأما { ٱلله } فإن محمد بن موسى الواسطى قال: ما دعى الله أحد باسم من أسمائه، إلا ولنفسه في ذلك نصيب إلا قوله { ٱلله } ، فإن هذا الاسم يدعوه إلى الوحدانية وليس للنقص فيه نصيب، وقيل: كل أسمائه تقتضى عوضًا عند الدعاء إلا { ٱلله } ، فإنه اسم تفرد الحق به. وقيل: كل من قال: { ٱلله } فمن عادة قالها إلا من غيب عن شاهده، وقام الحق بتوليته عنه، عند ذاك زالت العيوب والزلل.

وقال الحسين: بسم الله منك منزلة " كن " منه فإذا أحسنت أن تقول: { بسم ٱلله } وأنكرت فيه فضل من الله أن تقول الله وأنتم عند الغفلة والحيرة تحققت الأشياء بقولك { بسم ٱلله } كما يتحقق له كن.

وحُكى عن الشبلى أنه قال: ما قال الله أحد سوى الله، فإن كل من قاله قاله بحظ وأنَّى يدرك الحقائق الحظوظ.

وقال أبو سعيد الخراز في كتاب درجات المريدين: ومنهم من جاوز نسيان حظوظ نفسه، فوقع في نسيان حظه من الله ونسيان حاجته إلى الله فهو يقول: لا أوركها أريد وما أقواه وما أنا ومن أين أنا، ضاع اسمى فلا اسم لى، وجهلت فلا علم لى، وضللت فلا جهل لى، وأسوق إلى من يعرف أقول فيساعدنى فيما أقول، وإذا قيل لأحدهم ما تريد قال: الله وما تقول الله قال وما علمت قال: الله فلو تكلمت جوارحه لقالت: الله وأعضاؤه ومفاصله ممتلئة من نور الله المخزون عنده، ثم يصيرون فى القرب إلى غاية لا يقدر أحد منهم أن يقول الله؛ لأنه ورد في الحقيقة على الحقيقة ومن الله على الله ولا حيرة، ومعناه لا حيرة فيما فيه الحيرة.

وسُئل الحسين بن منصور هل ذكره أحد على الحقيقة فقال: كيف يذكر على الحقيقة من لا أمد لكونه ولا علة لفعله ليس له كدُّك، ولا لغيبه هدَّك له من الأسماء معناها والحروف مجراها إذ الحروف مبدوعة والأنفاس مصنوعة، والحروف قول القائل تنزغن ذلك من الأحوال خلقة، رجع الوصف في الموصف، وعمى العقل عن الفهم، والفهم عن الدرك، والدرك عن الاستنباط، ودار المُلكُ في المِلك، وانتهى المخلوق إلى مثله، عدا قدره الظن، ودها نوره الغيبة.

وقيل: إن الألف الأول من اسمه الله ابتداؤه، واللام الأول لام المعرفة، واللام الثاني لام الآلاء والنعماء والسطر الذي بين اللامين معانى مخاطبات الأمر والنهى، والهاء نهاية مما تكن العبادة عنه من الحقيقة لا غير.

وقيل: إن الألف آلاء الله، واللام لطف الله واللام الثانى لقاء الله والهاء هيبة بآلاء الله فَوَلِهَ به المحبون والمشتاقون حين عجزوا عن علم شئ منه.

وحكى أن أبا الحسين النورى بقى في منزله سبعة أيام لم يأكل ولم ينم ولم يشرب، ويقول في ولَهِه ودهشه: الله الله، وهو قائم يدور فأُخبر الجنيد بذلك فقال: انظروا أمحفوظ عليه أوقاته أم لا؟ فقيل: إنه يصلى الفرائض فقال: الحمد لله الذى لم يجعل للشيطان عليه سبيلاً ثم قال: قوموا حتى نزوره إما نستفيد منه أو نفيده فدخل عليه وهو في ولهه قال: يا أبا الحسين ما الذي دهاك؟ قال: أقول: الله الله زيدوا علىَّ فقال له الجنيد: انظر هل قولك الله الله أم قولك قولك إن كنت القائل الله فالله ولست القائل له وإن كنت تقوله بنفسك فأنت مع نفسك فما معنى الوله فقال: نعم الود فسكنت وسكن عن ولهه فكان الشبلى يقول: الله فقيل له لم لا يقول لا إله إلا الله؟ فقال: لا أنفى به ضدًا.

وقيل في قوله: الله هو المانع الذى يمنع الوصول إليه لما امتنع هذا الاسم عن الوصول إليه حقيقة كانت اللذات أشد امتناعاً لعجزهم في إظهار اسم الله، ليعلموا بذلك عجزهم عن ذكر ذاته.

وقيل في قوله الله: الألف إشارة إلى الوحدانية واللام إشارة إلى محو الإشارة، واللام الثانى إشارة إلى محو المحو في كشف الهاء.

وقيل: إن الإشارة في الألف هو قيام الحق بنفسه وانفصاله عن جميع خلقه ولا اتصال له بشئ من خلقه كامتناع الألف أن يتصل بشئ من الحروف ابتداء بل تتصل الحروف به على حد الاحتياج إليه واستغنائه عنها.

وقيل: إنه ليس من أسماء الله عز وجل اسم يبقى على إسقاط كل حرف منه اسم الله إلا الله فإنه الله، فإذا أسقطت منه الألف يكون { ٱلله } فإذا أسقطت إحدى لاميه يكون " له " فإذا أسقطت اللامين بقى " الهاء " وهو غاية الإشارات.

وأما وَلَهِ الخلق في تولهم فمنهم من وَلِهَ سره في عظمة جلاله، ومنهم من وَلِهَ قلبه في وجوه معرفته، ومنهم من وَلِهَ لسانه بدوام ذكره.

وحكى عن ابن الشبلى قال في تجلى الجنيد في ولهه: الله فقال له الجنيد: يا أبا بكر الغيبة حرام أى أن ذكر الغائب غيبة فإن كنت غائبًا فالذكر غيبه وإن كنت تذكره عن مشاهدة فهو ترك الحرمة.

وقيل: من قال الله بالحروف، فإنه لم يقل الله لأنه خارج عن الحروف والخصوص والأوهام ولكن رضى منك بذلك لأنه لا سبيل إلى توحيده من حيث لا حال ولا قال.

وقيل إن معنى قول الله: إن الأسماء كلها داخل فى هذا الاسم وخارج منه، يخرج من هذا الاسم معنى الأسماء كلها ولا يخرج هذا الاسم من اسم سواه وذلك أن الله عز وجل يفرد به الاسم دون خلقه وشارك خلقه في اشتقاقات أساميه.

وقال بعض البغدادين: ليس الله ما يبدو لكم وبكم ووالله والله ما هذا فهو الله هذه حروف تبدو لكم وبكم، فإذا انظهر انتقيت فمعناه ها هو الله، وقال أبو العباس بن عطاء: قوله { ٱلله } هو إظهار هيبته وكبريائه.

وكتب أبو سعيد الخراز إلى بعض إخوانه: هل هو إلا الله، وهل يقدر أحد أن يقول الله إلا الله، وهل يرى الله إلا الله، وهل عرف الله أو يعرفه إلا الله، وهل كان قبل العبد وقبل الخلق إلا الله، وهل الآن فى السماوات وفى الأرضين وما بينهما إلا الله؟ إذ لم تكونوا فكونوا بالله ولله.

قال أبو سعيد الخراز: رأيت حكيماً من الحكماء فقلت له: ما غاية هذا الأمر قال: الله.

قلت: فما معنى قولك الله؟ قال: يقول اللهم دلنى عليك وثبتنى عند وجودك ولا تجعلنى ممن يرضى بجميع ما هو ذلك عوضاً وأقر قرارى عند لقائك.

وقال أبو سعيد: إن الله عز وجل أول ما دعا عباده دعاهم إلى كلمة واحدة فمن فهمها فقد فهم ما وراءها وهى قوله { ٱلله } ألا يراه يقول قل هو الله فتم به الكلام لأهل الحقائق ثم زاد بيانًا للخاص فقال: أحد، ثم زاد بيانًا للأولياء فقال: الصمد، ثم زاد بيانًا للعوام، فقال: لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، فأهل الحقائق استغنوا باسمه الله وهذه الزيادات لمن نزلت مرتبته عن مراتبهم.

وقيل: إن كل أسمائه تتهيئ أن يتخلق به إلا قوله الله فإنما هو للتعلق دون التخلق وقيل: إن الإشارة في { ٱلله } هو اتصال اللامين والهاء وانفصال الألف عنه أى إنما أشرتم به إلى الله من ألف التعريف منفصل عنى لا بكم بإياكم.

يقولون: وما كان من صفاتى فإنه متصل به كلله حيث اتصلت حروفه.

سمعت منصوراً بإسناده عن جعفر أنه قال فى قوله { ٱلله }: إنه اسم تام لأنه أربعة: أحرف الألف وهى عمود التوحيد واللام الأول لوح القلم واللام الثانى لوح النبوة والهاء النهاية فى الإشارة، والله هو الاسم المتفرد لا يضاف إلى شئ بل تضاف الأشياء كلها إليه، وتفسير المعبود الذى هو إله الخلق منزه عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته وهو المستور عن الأبصار، والأفهام والمتحجب بجلاله عن الإدراك.

قوله تعالى: { الرَّحْمٰنِ }.

باسم الرحمن خرجت جميع الكرامات للمؤمنين مثل الإيمان والطاعات والولاية والعصمة وسائر المنن وكل نعمة تدوم ولا يستحق أحد من المخلوقين هذا الاسم لإن المخلوق عاجز عن إعطاء شئ لأحد يدوم ويبقى.

وأيضًا فإن رحمة الرحمانية للمريدين بها ينفصلون عما دون الرحمن، ولما عمت رحمته في العاجلة على الولى والعدو في معايشهم وأرزاقهم وغير ذلك سمى رحمن.

وقيل فى اسمه الرحمن: حلاوة المنة ومشاهدة القربة ومحافظة الخدمة.

وقيل: إن المحبين يتنعمون بأسرارهم فى رياض معانى اسمه الرحمن فيجتنون منها ثمرة الأنس ويشربون منها ماء القربة ويتنعمون على ضفاف أنهار القدس ويرجعون منها برؤية الآلاء والنعماء، والخائفون يتلذذون فى قلوبهم فى معانى اسمه الرحمن ويتزودون منها حلاوة السكون والأمن، والتائبون يتروحون بأسرارهم فى معانى اسمه الرحمن فيرجعون منها بصفا السر وطهارة القلوب، والعاصون يمرون على ميادين اسمه الرحمن فيرجعون منها بالندم والاستغفار.

وقال ابن عطاء: فى اسمه الرحمن عونه ونصرته.

وقال الواسطى: الرحمن لا يتقرب إليه أحد إلا بصرف رحمانيته، والرحيم يتقرب إليه بالطاعات لأنه يشارك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
{ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
[التوبة: 128].

قوله تعالى: { الرَّحِيـمِ }.

يقال: إن معنى الرحيم هو ما يخرج من الرحمة الرحيمية لمعاش الخلق ومصالح أبدانهم فلذلك لم يمنعوا أن يتسمَّوا بالرحيم ومنعوا بالتسمية بالرحمن.

وقيل: إن معنى الرحيم أى بالرحيم وصلتم إلى الله وإلى الرحمن والرحيم بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم في قوله:
{ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
[التوبة: 128] كأن معناه يقول بسم الله الرحمن الرحيم وبالرحيم محمد وصلتم إلى أن قلتم بسم الله الرحمن الرحيم، والرحيم هو الذى يقبلك بجميع عيوبك إذا أقبلت عليه، ويحفظك أتم الحفظ فى العاجلة وإن أدبرت عنه، لاستغنائه عنك مقبلاً ومدبرًا.

قال ابن عطاء: فى اسمه { الرَّحِيـمِ } مودته ورحمته، سمعت منصورًا بإسناده عن جعفر فى قوله { الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } قال: هو واقع على المريدين والمرادين، فاسم الرحمن للمرادين لاستغراقهم فى الأنوار والحقائق، والرحيم للمريدين لبقائهم مع أنفسهم واشتغالهم بإصلاح الظواهر، والرحمن المنتهى بكرامته إلى ما غاية له لأنه قد أوصل الرحمة بالأزل وهو غاية الكرامة ومنتهاه بدءًا وعاقبة، والرحيم وصل رحمته بالياء والميم وهو ما يتصل به من رحمة الدنيا والهدى والأرزاق.

قابض على الجمر
19-07-2010, 16:14
أما الشيخ القشيري رحمه الله فقد قال فيها :

{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ }

الباء في بسم الله حرف التضمين؛ أي بالله ظهرت الحادثات، وبه وجدت المخلوقات، فما من حادث مخلوق، وحاصل منسوق، من عين وأثر وغبر، وغيرٍ من حجر ومدر، ونجم وشجر، ورسم وطلل، وحكم وعلل - إلا بالحق وجوده، والحق مَلِكُه، ومن الحق بدؤه، وإلى الحق عوده، فبه وَجَدَ من وَحَّد، وبه جحد من الحد، وبه عرف من اعترف، وبه تخلَّف من اقترف.

وقال: { بسم ٱلله } ولم يقل بالله على وجه التبرك بذكر اسمه عند قوم، وللفَرْقِ بين هذا وبين القَسَم عند الآخرين، ولأن الاسم هو المسمى عند العلماء، ولاستصفاء القلوب من العلائق ولاستخلاص الأسرار عن العوائق عند أهل العرفان، ليكون ورود قوله { ٱلله } على قلبٍ مُنقَّىً وسرٍ مُصَفَّىً. وقوم عند ذكر هذه الآية يتذكرون من الباء (بره) بأوليائه ومن السين سره مع أصفيائه ومن الميم منته على أهل ولايته، فيعلمون أنهم ببره عرفوا سرّه، وبمنته عليهم حفظوا أمره، وبه سبحانه وتعالى عرفوا قدره. وقوم عند سماع بسم الله تذكروا بالباء براءة الله سبحانه وتعالى من كل سوء، وبالسين سلامته سبحانه عن كل عيب، وبالميم مجده سبحانه بعز وصفه، وآخرون يذكرون عند الباء بهاءه، وعند السين سناءه، وعند الميم ملكه، فلما أعاد الله سبحانه وتعالى هذه الآية أعني بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة وثبت أنها منها أردنا أن نذكر في كل سورة من إشارات هذه الآية كلمات غير مكررة، وإشارات غير معادة، فلذلك نستقصي القول ها هنا وبه الثقة.

قابض على الجمر
20-07-2010, 20:23
بسم الله الرحمن الرحيم


الآية : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }


*في تفسير تفسير القرآن للشيخ التستري

قال سهل: معنى: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } [2] الشكر لله، فالشكر لله هو الطاعة لله، والطاعة لله هي الولاية من الله تعالى كما قال الله تعالى:
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ }
[المائدة:55] ولا تتم الولاية من الله تعالى إلا بالتبري ممن سواه. ومعنى: { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [2] سيد الخلق المربّي لهم، والقائم بأمرهم، المصلح المدبر لهم قبل كونهم، وكون فعلهم المتصرف بهم السابق علمه فيهم، كيف شاء لما شاء، وأراد وحكم وقدر من أمر ونهي، لا رب لهم غيره.

* وقال الشيخ السلمي في تفسير حقائق التفسير

قال ابن عطاء: معناه الشكر لله إذا كان منه الامتنان على تعليمنا إياه حتى حمدناه.

وقيل معنى الحمد لله أى: لا حمدًا لله إلا الله. وقيل الحمد لله أى: أنت المحمود لجميع صفاتك وأحوالك.

قال الواسطى: الناس في الحمد على ثلاث درجات، قالت العامة: الحمد لله على العادة، وقالت الخاصة الحمد لله شكرًا على اللذة وقالت الآية: الحمد لله الذى لم ينزلنا منزلة استقطعنا النعمة عن شواهد ما أشهدنا الحق من حقه.

وذُكر عن جعفر الصادق فى قوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } فقال: مَن حمده بجميع صفاته كما وصف نفسه فقد حمده، لأن الحمد حاء وميم ودال فالحاء من الوحدانية والميم من الملك والدال من الديمومة فمن عرفه بالوحدانية والملك والديمومة فقد عرفه.

وقال رجل بين يدى الجنيد رحمه الله: الحمد لله فقال لأتمها كما قال الله تعالى قل { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فقال الرجل ومن العالمين حتى يذكر مع الحق فقال قله يا أخى فإن المحدث إذا قرن بالقديم لا يبقى له أثر.

وذكر عن عطاء أو غيره أنه قال: الحمد لله إقرار المؤمنين بوحدانيته وإقرار الموحدين بفردانيته وإقرار العارفين باستحقاق ربوبيته، فالأول إقرار بالإلهية والثانى إقرار بالربوبية والثالث إقرار بالتعظيم.

وقيل الحمد: هو الثناء لله فثناء المؤمنين فى قراءة فاتحة الكتاب وثناء المريدين بالذكر في الخلوات وثناء العارفين في الشوق إليه والأنس به.

وقال الحسين: ما من نعمة إلا والحمد أفضل منها، والحمد النبى صلى الله عليه وسلم والمحمود الله والحامد العبد والحميد حاله التى توصل بالمريد.

وقيل أيضًا: الحمد لله رب العالمين عن العالمين قبل العالمين لعلمه بعجز العالمين عن أداء حمد رب العالمين.

وقيل هذا رحمة للعالمين بإضافته إياهم إليه أنه ربهم.

وقيل في الحمد لله رب العالمين: إن الحمد يكون على السراء والضراء والشكر لا يكون إلا على النعماء.

وقيل: الحمد لله يكون لاستغراق الحامد فى النعمة والشكر لاستزاده.

وقيل فى قوله: الحمد لله رب العالمين أى منطق العالمين لحمده.

وذكر عن ابن عطاء فى قوله الحمد لله رب العالمين أى: مربى أفضل العارفين بنور اليقين والتوفيق وقلوب المؤمنين بالصبر والإخلاص وقلوب المريدين بالصدق والوفاء وقلوب العارفين بالفكرة والعبرة.

وقيل: رب العالمين أى هو الذى برأ العالمين بين رحمته الرحمن الرحيم حتى يؤهلهم لتمجيده بقولهم: الحمد لله رب العالمين، أى سبق الحمد منى لنفسى قبل أن يحمدنى أحد من العالمين، وحمدى نفسى لنفسى فى الأزل لم يكن لعلة، وحمد الخلق إياى مشوب بالعلل، وقيل رب العالمين أى: ملهم العالمين بحمده وحده.

وقيل: لما علم عجز عباده عن حمده حمد نفسه بنفسه فى الأزل فاستراح طوق عباده هو محل العجز عن حمده وأنَّى ينازع الحدث القدم، ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله

" لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ".

وأنشد:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نُثنى وفوق الذى نُثنى
وحمد نفسه بالأزل لما علم من كثرة نعمه على عباده وعجزهم عن القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم؛ لتكون النعمة أهنأ لديهم، حيث أسقط عنهم به ثقل رؤية المنة.

وسُئل جعفر بن محمد عن قوله: الحمد لله رب العالمين قال: معناه الشكر لله فهو المنعم بجميع نعمائه على خلقه وحسن صنيعته وجميل بلائه، فالألف الحمد من الآية وهو الواحد فبالآية أهل معرفته من سخطه وسوء قضائه، واللام من لطفه وهو الواحد فبلطفه إذا فهم حلاوة عطفه وسقاهم كأس سره والحاء فمن حمده وهو السابق يحمد نفسه قبل خلقه، فبسابق حمده استقرت النعم على خلقه وقدروا على حمده، والميم فمن مجده فبجلال مجده زينهم بنور قدسه، والدال فمن دينه الإسلام فهو السلام ودينه الإسلام وداره السلام وتحيتهم فيها سلام لأهل السلام فى دار السلام.

قابض على الجمر
22-07-2010, 23:46
{ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }
قال الإمام القشيري رحمه الله في لطائف الإشارات
اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة صفة أزلية وهي إرادة النعمة وهما اسمان موضوعان للمبالغة ولا فضل بينهما عند أهل التحقيق.

وقيل الرحمن أشد مبالغة وأتم في الإفادة، وغير الحق سبحانه لا يسمى بالرحمن على الإطلاق، والرحيم ينعت به غيره، وبرحمته عرف العبد أنه الرحمن، ولولا رحمته لما عرف أحد أنه الرحمن، وإذا كانت الرحمة إرادة النعمة، أو نفس النعمة كما هي عند قوم فالنعم في أنفسها مختلفة، ومراتبها متفاوتة فنعمة هي نعمة الأشباح والظواهر، ونعمة هي نعمة الأرواح والسرائر.

وعلى طريقة من فرَّق بينهما فالرحمن خاص الاسم عام المعنى، والرحيم عام الاسم خاص المعنى؛ فلأنه الرحمن رزق الجميع ما فيه راحة ظواهرهم، ولأنه الرحيم وفق المؤمنين لما به حياة سرائرهم، فالرحمن بما روَّح، والرحيم بما لوَّح؛ فالترويح بالمَبَارِّ، والتلويح بالأنوار: والرحمن بكشف تَجَلِّيه والرحيم بلطف تولِّيه، والرحمن بما أولى من الإيمان والرحيم بما أسدى من العرفان، والرحمن بما أعطى من العرفان والرحيم بما تولَّى من الغفران، بل الرحمن بما ينعم به من الغفران والرحيم بما يَمُنُّ به من الرضوان، بل الرحمن بما يكتم به والرحيم بما ينعم به من الرؤية والعيان، بل الرحمن بما يوفق، والرحيم بما تحقق، والتوفيق للمعاملات، والتحقيق للمواصلات، فالمعاملات للقاصدين، والمواصلات للواجدين، والرحمن بما يصنع لهم والرحيم بما يدفع عنهم؛ فالصنع بجميل الرعاية والدفع بحسن العناية.

قابض على الجمر
24-07-2010, 20:37
{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }


ورد في تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن للبقلي (ت 404 هـ)


قوله تعالى { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } في اسم المالك رجاء المقبلين وتخويف المهلكين يجازى مقاساة أَكَم فراقِ العاشقين بمشاهدته ونفائس كرامته ويجازى عُموم المحبين بكشف جمالِه وجلاله ويجازى المعاملةَ الصادقين بادخالهم في جنانه واسكانهم في جواره وقال ابن عطا يجازى يوم الحساب كل صنفٍ بقصودهم وهمتهم ويجازى العارفين بالقرب منه والنظر الى وجهه الكريمة ويجازى ارباب المعاملات بالحسنات وقيل مالكِ يوم الكشف والاشهاد ليجازى كل نفسٍ بما تسعى وقال الاستاذ مالك نفوس العابدين فصرفها في خدمته ومالك قلوب العارفين فشرفها ومَالِكِ نفوس القاصدين فيتمها ومالك قلوب الواجدين فهيّمها ومالكِ اشباحِ من عَبَدَه فلاطفها بنواله وافضاله ومالك ارواح من اَحَبّه فكاشفها بنعت جلال ووصف جماله ومالك زمامِ ارباب التوحيد فصرّفهم حيث شاء كما شاء ووفقهم حيث شاء كما شاء على ما يشاء كما شاء لم تكِلْهم إليهم لحظة ولا ملَكهم من امرهم سيئةً ولا خَطْرة افناهم له عنهم.


وورد في التفسير المديد لابن عجيبة



ثم من تحقق منه الإيجادُ والإمداد استحق أن يكون ملكاً لجميع العباد، ولذلك ذكرَهِ بِأَثَره فقال: { ملك يوم الدين } أي: المتصرف في عباده كيف شاء، لا رادّ لما قضى ولا مانع لما أعطى، فهو ملكُ الملوك رب الأرباب في هذه الدار وفي تلك الدار..

وإنما خصّ يوم الدين - وهو يوم الجزاء - بالملكية؛ لأن ذلك اليوم يظهرُ فيه المُلْكُ لله عيَاناً لجميع الخلق، فإن الله تعالى يتجلّى لفصل عباده، حتى يراه المؤمنون عياناً، بخلاف الدنيا فإن تصرفه تعالى لا يفهمه إلا الكَمَلَةُ من المؤمنين، ولذلك ادَّعى كثير من الجهلة الملكَ ونسبوه لأنفسهم. ويوم القيامة ينفرد الملك لله عند الخاص والعام، قال تعالى:
{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ }
[غَافر: 16].

الإشارة: لما تلجَّى الحق سبحانه من عالَم الجبروت إلى عالم الملكوت، أو تقول: من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، حمد نفسه بنفسه، ومجَّد نفسه بنفسه، ووحَّد نفسه بنفسه، ولله دَرُّ الهَرَوِيّ، حيث قال:

ما وَحَّدَ الواحِدَ مِنْ واحِدِ إذ كُلُّ مَنْ وَحَّدَهُ جَاحِدُ
توحيدُ مَنْ ينطقُ عن نَعْتِهِ عاريةُ أَبْطَلَهَا الواحِدُ
توحيدُه إياه توحيدُه ونعتُ من يَنْعَتُه لاَحِدُ
فقال في توحيد نفسه بنفسه مترجماً عن نفسه بنفسه: { الحمد لله رب العالمين } ، فكأنه يقول في عنوان كتابه وسر خطابه: أنا الحامد والمحمود، وأنا القائم بكل موجود، أنا رب الأرباب، وأنا مسبب الأسباب لمن فهم الخطاب، أنا رب العالمين، أنا قيوم السموات والأرَضين، بل أنا المتوحِّدُ في وجودي، والمتجلِّي لعبادي بكرمي وجودي، فالعوالم كلها ثابتة بإثباتي، مَمْحُوَّةٌ بأحدية ذاتي.

قال رجل بين يدي الجنيد: { الحمد لله } ولم يقل: { رب العالمين } ، فقال له الجنيد: كَمِّلْهَا يا أخي، فقال الرجل: وأيّ قَدْر للعالمين حتى تُذكر معه؟! فقال الجنيد: قُلها يا أخي؛ فإن الحادث إذا قُرن بالقديم تلاشى الحادُ وبقي القديم.

يقول سبحانه: " يا مَن هو مني قريب، تَدبر سِرِّي فإنه غريب أنا المحبُ، وأنا الحبيب، وأنا القريب، وأنا المجيب، أنا الرحيم الرحمن، وأنا الملك الديّان، أنا الرحمن بنعمة الإيجاد، والرحيمُ بتوالي الإمداد. منِّي كان الإيجاد، وعليَّ دوام الإمداد، وأنا رب العباد، أنا الملك الديَّان، وأنا المجازي بالإحسان على الإحسان، أنا الملك على الإطلاق، لولا جهالة أهل العناد والشقاق، الأمر لنا على الدوام، لمن فهم عنا من الأنام ".

قال في الرسائل الكبرى: لا عبرة بظواهر الأشياء، وإنما العبرة بالسر المكنون، وليس ذلك إلا بظهور أمر الحق وارتفاع غَطَائه وزوال أستاره وخفائه، فإذا تحقق ذلك التجلّي والظهور، واستولى على الأشياء الفناءُ والدُّثُور، وانقشعت الظلمات بإشراق النور، فهناك يبدو عينُ ويَحِقُّ الحق المبين، وعند ذلك تبطل دعوى المدعين، كما يفهم العامة بطلان ذلك في يوم الدين، حين يكون الملك لله رب العالمين، وليت شعري أيُّ وقت كان الملكُ لسواه حتى يقع التقييد بقوله:
{ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }
[الحَجّ: 56]، وقوله:
{ وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }
[الانفِطار: 19]؟! لولا الدعاوَى العريضة من القلوب المريضة. هـ.

قابض على الجمر
25-07-2010, 12:02
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }



قال الشيخ القشيري في لطائف الإشارات


معناه نعبدك ونستعين بك. والابتداء بذكر المعبود أتمُّ من الابتداء بذكر صفته - التي هي عبادته واستعانته، وهذه الصيغة أجزل في اللفظ، وأعذب في السمع. والعبادة الإتيان بغاية ما في (بابها) من الخضوع، ويكون ذلك بموافقة الأمر، والوقوف حيثما وقف الشرع.

والاستعانة طلب الإعانة من الحق.

والعبادة تشير إلى بذل الجهد والمُنَّة، والاستعانة تخبر عن استجلاب الطول والمِنَّة، فبالعبادة يظهر شرف العبد، وبالاستعانة يحصل اللطف للعبد. في العبادة وجود شرفه، وبالاستعانة أمان تلفه. والعبادة ظاهرها تذلل، وحقيقتها تعزز وتجمُّل:
وإذا تذللت الرقاب تقرباً مِنَّا إليك، فعزُّها في ذُلِّها
وفي معناه:
حين أسلَمْتَني لذالٍ ولام ألقيتني في عينِ وزاي
فصل: العبادة نزهة القاصدين، ومستروح المريدين، ومربع الأنس للمحبين، ومرتع البهجة للعارفين. بها قُرَّةُ أعينهم، وفيها مسرة قلوبهم، ومنها راحة أرواحهم. وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: " أرِحنا بها يا بلال " ولقد قال مخلوق في مخلوق:
يا قوم ثاري عند أسمائي يعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أصدق أسمائي
والاستعانة إجلالك لنعوت كرمه، ونزلك بساحة جوده، وتسليمك إلى يد حكمه، فتقصده بأمل فسيح، وتخطو إليه بخطو وسيع، وتأمل فيه برجاء قوي، وتثق بكرم أزلي، وتنكل على اختيار سابق، وتعتصم بسبب جوده (غير ضعف).



وقال ابن عجيبة في البحر المديد :

{ الإشارة }: لمّا تجلّى الحقّ جلّ جلاله من عالم الجبروت إلى عالم الملكوت، وحَمِدَ نفسه بنفسه، تجلّى أيضاً وتنزَّل من عالم الملكوت إلى عالم المُلك بقدرته وحكمته؛ لإظهار آثار أسمائه وصفاته، فأظهر العبودية وأخفى الربوبية، أظهر الحكمة وأبطن القدرة، فجعلَ عالَم الحكمة يخاطبُ عالمَ القدرة، ويخضع له، ويتعبّد ويستمد، منه الإعانة والهداية، ويتحرز من طريق الضلالة والغواية.

فعالَمً الحكمة محلُّ التكليف، وعالم القدرة محل التصريف، عالم الحكمة عالم الأشباح، وعالم القدرة عالم الأرواح، فإياك نعبد لأهل عالم الحكمة، وإياك نستعين لأهل عالم القدرة، ولذلك قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه: { إياك نعبد } شريعة، و { إياك نستعين } حقيقة، و { إياك نعبد } إسلاماً، و { إياك نستعين } إحساناً، { إياك نعبد } عبادة، و { إياك نستعين } عبودية، { إياك نعبد } فَرْقٌ، { إياك نسعتين } جَمْعٌ.

هـ.

وإن شئت قلت: { إياك نعبد } لأهل العمل لله وهم المخلصون، و { إياك نستعين } لأهل العمل بالله وهم الموحِّدون، العمل لله يوجب المثوبة، والعمل بالله يوجب القُرْبَة، العمل لله يوجب تحقيق العبادة، والعمل بالله يوجب تصحيح الإرادة، العمل لله نعتُ كُلِّ عابد، والعمل بالله نعت كل قاصد، العمل لله قيامٌ بأحكام الظواهر، والعمل بالله قيام بإصلاح الصمائر، قاله القشيري.

ثم إنَّ الناسَ في شهود القدرة والحكمة على ثلاثة أقسام: قسم حُجبوا بالحكمة عن شهود القدرة، وهم أهل الحجاب من أهل الغفلة، وقفوا مع قوله: { إياك نعبد } ،وقسم حُجبوا بشهود القدرة عن الحكمة، وهم أهل الفناء، وقفوا مع قوله: { إياك نستعين } ، وقسم لم يحجبوا بالحكمة عن القدرة ولا بالقدرة عن الحكمة، أَعْطَوا كُلَّ ذي حق حقَّه وَوَفَّوْا كل ذي قسط قسطه، وهم أهل الكمال من أهل البقاء، جمعوا بين قوله: { إياك نعبد وإياك نستعين } ، وبالله التوفيق.

قابض على الجمر
26-07-2010, 21:58
{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }

ورد في تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن للشيخ البقلي



قوله تعالى: { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } اي اهْدِنا مرادك منّا لان الطريق المستقيمَ ما اراد الحق من الخلق من الصدق والإخلاص في عبوديته وايضاً ارشِدْنا الى ما انت عليه وايضاً اهْدِنِا انابتك حتى نتّصف بصفاتك وايضاً اهدنا الى معرفتك حتى نستريحَ من معاملتنا بنسيم أُنسِك وحقائق حسنك وقيل معنى اهِدِنا اي مِلْ بقلوبنا اليك واقم بهمِّنا بين يديك وكن دليلَنا منك اليك حتى لا تقطعَ عمالك بك وقيل اي ارشدنا طريق المعرفة حتى نستقيم معك بخدمتك وقيل أي ارِنَا طريق الشكر فنفْرحَ ونَطرب بقربك وقيل اهدنا بفناء أوصاف الطريق الى أوصافك التي لم يزل ولا يزال وقيل اهدنا هدى العيان بعد البيان لنستقيم لك على حسب ارادتك وقيل اهدنا هدى من يكون منك مَبْدأه حتى يكون اليك منتهاه وقيل اهدِنا الصّراط المستقيم بالضِّدية عن الصّراط لئلاّ يكون مربوطاً بالصّراط قال الجنيد إن القوم لما سألوا الهداية عن الحيرة التي وردت عليهم عن اشهاد صفاته الازليّة فسألوا الهداية الى أوصاف العبوديّة كيلا يستغرقوا في رؤية صفات الازليّة قال بعضهم اليك قصدنا فقومنا وقيل اهدنا بالقوة والتمكين وقال الحسين اي اهدِنا طريق المحبة لك والسعى اليك قال الشبلي اهدنا صراط الاولياء والاصفياء وقال بعضهم ارشدنا الذي لا اعوجاج فيه وهوالاسلام وقيل ارشدنا في الدنيا الى الطاعات وبلغنا في الاخرة الدرجات وقال الاستاذ اي ازل عنّا ظلُماتِ احوالنا لنستضئ بانوار قدسك عن التفيؤ لظلال طلبنا وارفع عنّا ظلّ جَهْدِنا لنستبصر بنجوم جودك فنجدك بك قال الحسينُ اهدنا الى طاعتك كما ارشَدَنا الى علم توحيدك قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه اهدِنا اي ثبتنا على الطريق المستقيم والمنهج القويم.



وقال مكي بن أبي طالب في تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه


معناه ثبتنا، لأنهم كانوا مهتدين، وإنما هو رغبة إلى الله أن يثبتنا على ذلك حتى يأتي الموت ونحن عليه.

وقيل: معناه / ألهمنا الثبات على الصراط المستقيم، وهو دين الإسلام، وهو مروي عن ابن عباس.

و " هَدَى " يكون بمعنى: " أَرْشَد " ، نحو قوله:
{ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ }
[ص: 22]، أي أرشدنا.

ويكون بمعنى " بَيَّنَ " كقوله:
{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ }
[فصلت: 17]، أي بينّا لهم الصواب من الخطأ، فاستحبوا الخطأ.

ويكون بمعنى " أَلْهَمَ " كقوله:
{ ثُمَّ هَدَىٰ }
[طه: 50]، / أي ألهم الذَّكَر من الحيوان إلى إتيان الأنثى.

وقيل: معناه ألهم المصلحة ويكون هدى بمعنى " وَفَّقَ " كما قال "
{ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }
[البقرة: 258] أي لا يوفقهم.

والصراط المستقيم كتاب الله. وهو مروي عن النبي [عليه السلام].

وقال ابن عباس: " هو الطريق إلى الله عز وجل ".

وعن جماعة من الصحابة أنه الإسلام.

وقال جابر بن عبد الله: " هو الإسلام وهو أوسع مما بين السماء والأرض ".

وعن أبي العالية أنه: " رسول الله صلى الله عليه وسلم / وصاحباه ابو بكر وعمر ".

وهو قول الحسن.

وأصله الطريق الواضح.

وقال ابن الحنفية: " هو دين الله تعالى ".

وسمي مستقيماً لأنه لا عوج فيه ولا خطأ.

وقيل: سمي بذلك لاستقامته بأهله إلى الجنة.

وأصل { ٱلْمُسْتَقِيمَ }: " الْمُسْتَقْوِم " ، فألقيت حركة الواو على القاف وبقيت الواو ساكنة فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. كما قالوا ميزان، وهو من الوزن. وأصله " مِوْزَان " ، ثم قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وكذلك يقلبون الياء واواً إذا انضم ما قبلها نحو " مُوقِنٍ " و " موسِرٍ " لأنه من اليقين واليسار.

قابض على الجمر
28-07-2010, 22:40
{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

ورد في لطائف الإشارات للإمام القشيري

قوله جل ذكره { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }.

يعني طريق من أنعمتَ عليهم بالهداية إلى الصراط المستقيم، وهم الأولياء والأصفياء. ويقال طريق من (أفنيتهم) عنهم، وأقمتهم بك لك، حتى لم يقفوا في الطريق، ولم تصدهم عنك خفايا المكر. ويقال صراط من أنعمت عليهم بالقيام بحقوقك دون التعريج على استجلاب حظوظهم.

ويقال صراط من (طهرتهم) عن آثارهم حتى وصلوا إليك بك.

ويقال صراط من أنعمت عليهم حتى تحرروا من مكائد الشيطان، ومغاليط النفوس ومخاييل الظنون، وحسبانات الوصول قبل خمود آثار البشر (ية).

ويقال صراط من أنعمت عليهم بالنظر والاستعانة بك، والتبري من الحول والقوة، وشهود ما سبق لهم من السعادة في سابق الاختيار، والعلم بتوحيدك فيما تُمضيه من المَسَار والمضار.

ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بحفظ الأدب في أوقات الخدمة، واستشعار نعت الهيبة.

ويقال صراط الذين أنعمت عليهم بأن حفظت عليهم آداب الشريعة وأحكامها عند غلبات (بواده) الحقائق حتى لم يخرجوا عن حد العلم، ولم يُخِلُّوا بشيء من أحكام الشريعة. ويقال صراط الذين أنعمت عليهم حتى لم تطفئ شموسُ معارفهم أنوارَ ورعهم ولم يُضيِّعُوا شيئاً من أحكام الشرع.

ويقال صراط الذين أنعمتَ عليهم بالعبودية عند ظهور سلطان الحقيقة.

قوله جل ذكره: { غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }.

المغضوب عليهم الذين صدمتهم هواجم الخذلان، وأدركتهم مصائب الحرمان، وركبتهم سطوة الرد، وغلبتهم بَوَاده الصد والطرد.

ويقال هم الذين لحقهم ذل الهوان، وأصابهم سوء الخسران، فشغلوا في الحال باجتلاب الحظوظ - وهو في التحقيق (شقاء)؛ إذ يحسبون أنهم على شيء، وللحق في شقائهم سر.

ويقال هم الذين أنِسُوا بنفحات التقريب زماناً ثم أظهر الحق سبحانه في بابهم شانا؛ بُدِّلوا بالوصول بعاداً، وطمعوا في القرب فلم يجدوا مراداً، أولئك الذين ضلّ سعيُهم، وخاب ظنهم.

ويقال غير المغضوب عليهم بنسيان التوفيق، والتعامي عن رؤية التأييد. ولا الضالين عن شهود سابق الاختيار، وجريان التصاريف والأقدار.

ويقال غير المغضوب عليهم بتضييعهم آداب الخدمة، وتقصيرهم في أداء شروط الطاعة.

ويقال غير المغضوب عليهم هم الذين تقطعوا في مفاوز الغيبة، وتفرّقت بهم الهموم في أودية وجوه الحسبان.

فصل: ويقول العبد عند قراءة هذه السورة آمين، والتأمين سُنَّة، ومعناه يا رب افعل واستجب، وكأنه يستدعي بهذه القالة التوفيق للأعمال، والتحقيق للآمال، وتحط رِجْلُه بساحات الافتقار، ويناجي حضرة الكرم بلسان الابتهال، ويتوسل (بتبريه) عن الحول والطاقة والمُنَّة والاستطاعة إلى حضرة الجود. وإن أقوى وسيلة للفقير تعلقه بدوام الاستعانة لتحققه بصدق الاستغاثة.


قال ابن عجيبة في البحر المديد :


الإشارة: الطريق المستقيم التي أمرنا الحق بطلبها هي: طريق الوصول إلى الحضرة، التي هي العلم بالله على نعت الشهود والعيان، وهو مقام التوحيد الخاص، الذي هو أعلى درجات أهل التوحيد، وليس فوقه إلا مقامُ توحيد الأنبياء والرسل، ولا بد فيه من تربية على يد شيخ كامل عارف بطريق السير، قد سلك المقامات ذوقاً وكشفاً، وحاز مقام الفناء والبقاء، وجمع بين الجذب والسلوك؛ لأن الطريق عويص، قليلٌ خُطَّارُهُ، كثيرٌ قُطَّاعُه، وشيطانُ هذا الطريق فَقِيهٌ بمقاماته ونوازِله، فلا بد فيه من دليل، وإلا ضلّ سالكها عن سواء السبيل، وإلا هذا المعنى أشار ابن البنا، حيث قال:
وَإِنَّمَا القَوْمُ مُسَافِرُونَ لِحَضْرَةِ الْحَقِّ وَظَاعِنُونَ
فَافْتَقَرُوا فِيهِ إلَى دَلِيل ذِي بَصَرٍ بالسَّيْرِ وَالْمَقِيلِ
قَدْ سَلَكَ الطَّرِيقَ ثُمَّ عَادَ لِيُخْبِرَ الْقَوْمَ بِمَا اسْتَفَادَ
وقال في لطائف المنن: (من لم يكن له أستاذ يصله بسلسلة الأتباع، ويكشف له عن قلبه القناع، فهو في هذا الشأن لَقيطٌ لا أب له، دَعِيٍّ لا نَسَبَ له، فإن يكن له نور فالغالب غلبة الحال عليه، والغالب عليه وقوفه مع ما يرد من الله إليه، لم تَرْضْهُ سياسةُ التأديب والتهذيب، ولم يَقُدْهُ زمَانمُ التربية والتدريب)، فهذا الطريق الذي ذكرنا هو الذي يستشعره القارئ للفاتحة عند قوله: { اهدنا الصراط المستقيم } مع الترقي الذي ذكره الشيخ أو العباس المرسي رضي الله عنه المتقدم، وإذا قرأ { صراط الذين أنعمت عليهم } استشعر، أَيْ: أنعمتَ عليهم بالوصول والتمكين في معرفتك.

وقال الورتجبي: اهدنا مُرَادَك مِنَّا؛ لأن الصراط المستقيم ما أراد الحق من الخلق، من الصدق والإخلاص في عبوديته وخدمته. ثم قال: وقيل: اهدنا هُدَى العِيَانِ بعد البيان، لتستقيم لك حسب إرادتِك. وقيل: اهدنا هُدَى مَنْ يكون منك مبدؤه ليكون إليك منتهاه. ثم قال: وقال بعضهم: اهدنا، أي: ثبِّتْنا على الطريق الذي لا اعوجاج فيه، منازل الذين أنعمت عليهم بالمعرفة والمحبة وحسن الأدب في الخدمة. ثم قال: وقال بعضهم: اهدنا، أي: ثبِّتْنا على الطريق الذي لا اعوجاج فيه، وهو الإسلام، وهو الطريق المستقيم والمنهاج القويم { صراط الذين أنعمت عليهم } أي: منازل الذين أنعمت عليهم بالمعرفة والمحبة وحسن الأدب في الخدمة. ثم قال: { غير المغضوب عليهم } يعني: المطرودين عن باب العبودية، { ولا الضالين } يعني المُفْلِسين عن نفائس المعرفة. هـ.

قلت: والأحسن أن يقال: { غير المغضوب عليهم } هم الذين أَوْقَفَهُمْ عن السير اتباعُ الحظوظ والشهوات، فأوقعهم في مَهَاوِي العصيان والمخالفات، { ولا الضالين } هم الذين حبسهم الجهل والتقليد، فلم تنفُذْ بصائرهم إلى خالص التوحيد، فنكصوا عن توحيد العيان إلى توحيد والبرهان، وهو ضلال عند أهل الشهود والعِيان، ولو بلغ في الصلاح غايةَ الإمكان.

وقال في الإحياء: إذا قلت: { بسم الله الرحمن الرحيم } فافْهَمْ أن الأمور كلها بالله، وأن المراد ها هنا المُسمَّى، وإذا كانت الأمورُ كلها بالله فلا جرَم أنَّ الحمد كله لله، ثم قال: وإذا قلت: { الرحمن الرحيم } فأحضرْ في قلبك أنواعَ لطفه لتتفتحَ لك رحمتُه فينبعث به رجاؤُك، ثم استشعر من قلبك التعظيم والخوف من قولك: { يوم الدين }. ثم قال: ثم جَدَّد الإخلاص بقولك: { إياك نعبد }. وجدَّد العجز والاحتياج والتبرِّيَ من الحوْل والقوة بقولك: { وإياك نستعين } ، ثم اطلب اسم حاجتك، وقل: { اهدنا الصراط المستقيم } الذي يسوقنا إلى جوارك ويُفضي بنا إلى مرضاتك، وزِدْهُ شرحاً وتفصيلاً وتأكيداً، واستشهد بالذين أفاض عليهم نعم الهداية من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، دون الذين غضب عليهم من الكفار والزائغين واليهود والنصارى والصابئين. هـ. ملخصاً.

وقال القشيري: قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم } الأمر في هذه الآية مضمر، أي: قولوا: اهدنا. والصراط المستقيم: طريق الحق، وهو ما عليه أهل التوحيد، أي: أرشدْنا إلى الحق لئلا نتكل على وسائط المعاملات، فيقعَ على وجه التوحيد غُبَارُ الظنون والحسابات لتكون دليلنا عليك، ثم قال: { صراط الذين أنعمت عليهم } أي: الواصلين بك إليك، ثم قال: { غير المغضوب عليهم } بنسيان التوفيق والتَّعامِي عن رؤية التأييد، { ولا الضالين } عن شهودِ سابقِ الاختيار، وجريان تصاريف الأقدار. هـ.

رياحين
29-07-2010, 00:19
baraka allah fi yomnak

awal marra asma3 bi hada attafsir

lakin chokran lak

molahada ya rit 3adam alkitaba satr wara2

satr wa mota9aribayn jidan

sa3b al9ira2a hakada

wa antom ahl acha2n adra

قابض على الجمر
31-07-2010, 19:43
baraka allah fi yomnak

awal marra asma3 bi hada attafsir

lakin chokran lak

molahada ya rit 3adam alkitaba satr wara2

satr wa mota9aribayn jidan

sa3b al9ira2a hakada

wa antom ahl acha2n adra

بوركت أختي رياحين إن شاء الله سآخذ بملاحظاتك القيمة مستقبلا .

أما الآن فسأتوقف قليلا ريثما يستوعب تفسير سورة الفاتحة كي أبدأ بعدها في سورة البقرة ان شاء الله

محبة العدل والإحسان
01-08-2010, 00:56
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أكرمك الله أخي الفاضل وبارك الله بك وأثابك الجنة