مشاهدة النسخة كاملة : باب الحارة .. م.خالد حسنين



إسلامية الفاروق
24-07-2010, 09:05
باب الحارة، من المسلسلات الأكثر متابعة عربيا (250 مليون مشاهد) وتحتكر انتاجه شبكة أم بي سي، صدر منه أجزاء أربعة، والجزء الخامس سيعرض في شهر رمضان القادم، ما لفت نظري في الأخبار المتداولة حول المسلسل ذلك التشابه العجيب بين إنتاج المسلسل وتعامل المخرج (بسام الملا) مع الممثلين والجمهور، وبين واقعنا السياسي العربي (تحديدا).
يمثل المسلسل تحالفا بين أصحاب المال والإعلان وبين أهل الفن يشبه التحالف بين أهل السياسة والمال، لدرجة تشعرك أن الطرقات في باب الحارة ممزوجة برائحة النفط، أما اغتيال الشخصيات الفنية فلا يختلف كثيرا عن اغتيال الشخصيات السياسية، بل أحيانا تكون الأسباب متشابهة، فالحكيم أبو عصام (عباس النوري) تم تغييبه عن الجزء الثالث لأنه اشترط قراءة النص قبل توقيع العقد، وهذا مخالف للقواعد السياسية السائده، فالأصل أن يبصم قبل أن يقرأ، أما العكيد أبو شهاب (سامر المصري) فاستثمر إرثه الفني في إعلان لصالح شركة زين، مما أثار حفيظة الملّا، فأقسم بشرف باب الحارة أن لا يعود إلى المسلسل مرّة أخرى، وهذا ما كان، فالقاعدة هنا أن أبناء (النظام) عليهم أن لا يخونوا مبادئ الأسياد، والاستئثار بالغنيمة وحدهم دون تقاسم الحصص، وإلا فالإعدام هو السبيل. أما ابو غالب (نزار أبو حجر) فحاول أن يتجاوز حدود (بائع البليلة) فاستشهد في ليلة ما فيها ضو قمر، لأن الناس (مقامات).
لو كانت الأمور بالاستفتاء فإن جميع المشاهدين سيصوتون لعودة العكيد أبو شهاب إلا أن رأي الجمهور هو آخر ما يفكر فيه (أصحاب القرار)، فرغم أن 250 مليون مشاهد ينفق كل واحد منهم 30 ساعة (على الأقل) من عمره في رمضان لمتابعة المسلسل (أي بمجموع 850 ألف سنة من أعمار المشاهدين جميعا) ومع ذلك لا أحد يحفل برأيهم، وهذا يشبه أحوال (المواطنين) في بلادنا، فالسياسيون يصنعون الحدث وينطقون باسم الأمة (غصبا عنها) واللي مش عاجبه يمكنه ببساطة أن ينتقل إلى (محطة) أخرى.
من أوجه التشابه أيضا أن باب الحارة صنع نجوما لم تكن مشهورة من قبل، فشخصية مثل النمس (مصطفى الخاني) قاتل الناموس؛ أصبحت تنافس (الكبار) ويتقاضى أجرا يعادل 240 ألف دولار مقابل مشاركته في مسلسل آخر، وكذلك الحال في عالم السياسة، حيث أنها تصنع أسماء من اللاشيء، ثم يصبح (البطل) بعد المنصب مستشارا في عدة شركات، ومحاضرا (خبيرا) في عدة مجالات، بصرف النظر عما يملكه من (شهادات).
باب الحارة في نسخته الخامسة وربما الأخيرة سيكون أكثر (اجتماعية) وأبعد عن قضايا الحصار (والسياسة) وفيه ممثل سعودي، وستدبّ الحياة في الحكيم أبو عصام وأم جوزيف من جديد، بناء على إرادة المعلنيين وضغوطاتهم، وليس بناء على رغبات المشاهدين، ولعل ذلك يعكس توجهات شبكة أم بي سي، صاحبة (العربية) وقنوات الأفلام الأميركية الموجهه لمختلف الأعمار والأذواق بل واللغات، بهدف إنتاج جيل يفهم لغة (الأعداء) ويحسن التعامل معهم، إنها السياسة مرة أخرى، ولكن هذه المرة بنكهة فنية، وتجدها في موقع آخر بنكهة رياضية، ثم نتساءل بعد ذلك: لماذا نفشل عالميا في هذين الميدانين!!