مشاهدة النسخة كاملة : التنفس العميق: فن تخفيف الضغط النفسي



حامـ المسك ـل
26-08-2010, 02:36
التنفس العميق: فن تخفيف الضغط النفسي

سعد الدين العثماني
طبيب مختص في الأمراض النفسية

عندما يشعر الفرد بالقلق أو عندما يكون في موقف صعب يكون الجسم متوترا، كأنها حالة استعداد للفرار أو للدفاع عن النفس. وهذا التوتر النفسي يؤدي إلى تغيرات فيزيولوجية وتوتر في عضلات الجسم، مثل عضلات الرقبة والظهر، ولذلك فهي تكون في حالة تأهب لأي طارئ قد يأتي وقد لا يأتي، أو تكون في حالة اضطراب فتؤدي إلى رعشة اليدين أو فرك الأصابع مثلا. ويمكن أن يصيب ذلك التوتر العضلات اللاإرادية أيضا مثل عضلات الصدر فيسرع التنفس، وعضلات القلب فيسرع النبض، والعضلات المعوية فتضطرب وظائفها، وعضلات المتانة فتتوتر ويكثر التبول، وهكذا. وهذا التوتر يمكن أن يكون مؤقتا كما يمكن أن يكون مزمنا يشعر معه الفرد كأنه في حالة استنفار دائم. ويستنفد ذلك طاقة نفسية كبيرة، تؤثر على أداء الإنسان وإنتاجيته، وتمنعه من التفكير بشكل سليم، مما يجعل ردود أفعاله مبالغا فيها أو غير متناسبة.

وهذا القلق الناتج عن مشاكل الحياة وضغوطاتها، أو عن عوامل أخرى وراثية أو مكتسبة، عندما يطول يمكن أن يساعد على ظهور عدد من الأمراض أو ازدياد حدتها، وذلك مثل فرط ضغط الدم أو مرض السكري أو بعض أمراض القلب أو مرض القولون الوظيفي.

أحيانا يتعلق الأمر بواحد من اضطرابات القلق التي تعتبر مرضا نفسيا يحتاج إلى علاج متخصص، وذلك مثل الاضطراب الوسواسي القهري واضطرابات الرهاب واضطراب القلق العام. فهنا لا بد من الرجوع إلى طبيب متخصص. لكن في غير ذلك من حالات القلق والتوتر فإن هناك العديد من الوسائل لإزالته أو التخفيف منه، لكن يعتبر الاسترخاء من أكثرها تأثيرا وفاعلية، بل أصبح اليوم ضرورة من ضرورات التغلب على ضغوط الحياة.

فما هو الاسترخاء؟ وكيف يمكن أن يفيد منه الفرد؟
الاسترخاء من جهة أولى أسلوب للتخلص من الانفعالات النفسية السلبية ومن القلق النفسي عن طريق التأثير في التوتر العضلي، على أساس أن العضوي والنفسي يتفاعلان، بل هما وجهان لشيء واحد. والاسترخاء من جهة ثانية تدريب للجسم وهو في حالة الوعي ليستفيد منه عندما يهجم القلق أو التوتر حيث يتصرف الجسم عادة في حالة اللاوعي.

وكان الاسترخاء العميق يتم عبر القرون بالعبادة والتأمل الصوفي، لذلك فإن الأشخاص المتدينين يمكنهم التوفيق بين ممارستهم الدينية وحاجتهم للاسترخاء. فهي توصل للطمأنينة كما قال تعالى: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». لكن العبادة كي تكون مفيدة يجب أن تمارس بتركيز وخشوع. وهناك وسائل أخرى ذكرتها بعض الأحاديث النبوية لتخفيف التوتر النفسي، مثل كونها توصي الغاضب أن يجلس إذا كان واقفا، ويرقد إذا كان جالسا. فهذا نوع من المعالجة السلوكية. وهناك أيضا وسائل طبيعية أخرى كثيرة تعين على الاسترخاء مثل ممارسة الرياضة المتبوعة بفترة استراحة، والمشي حافي القدمين الذي يدلك مناطق حساسة مفيدة للاسترخاء وغيرهما.

ويمكن للفرد أن يستعين بتقنيات بلورها المتخصصون للاسترخاء يمكن أن تتعلم. وهي تدريبات يجب أن تمارس مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل، في مكان هادئ أو في حالة الشعور بالتوتر النفسي. ومع مرور الوقت سيحس الفرد بأنه أصبح أقدر على إجادة فن الاسترخاء وضبط انفعالاته، ومعرفة كيف يمكن أن يرخي عضلاته، وبالتالي يخفف من توتراته. سنتحدث هنا عن نوع واحد من تلك التقنيات المفيدة للاسترخاء هي التنفس العميق أو التنفس بالحجاب الحاجز بين الصدر والبطن. ويسمى أيضا التنفس من البطن.

إن التنفس يعكس عادة مستوى التوتر لدى الفرد. فإذا كان التوتر عاليا يكون التنفس سطحيا سريعا، لا يكاد يحرك الحاجز بين الصدر والبطن، ولا يمكن الرئتين من الامتلاء امتلاء كافيا. أما عند الاسترخاء، فإن التنفس يكون أعمق، وتكون حركة الحاجز أقوى، ويظهر ذلك في حركة البطن الذي ينتفخ عند كل زفير. وقد دلت العديد من التجارب على أن التدرب على التنفس الصدري يفيد في تخفيف التوتر. والتدريب على هذا النوع من التنفس يمكن أن يكون وفق المراحل التالية:

ـ اختر مكانا هادئا واستلق على ظهرك، ركز على تنفسك دون أن تغير وتيرته. ضع يدا على الصدر واليد الأخرى على البطن. ستلاحظ أن اليد التي تتحرك هي التي فوق الصدر، مع أن الطبيعي هو العكس.

ـ حاول الآن أن تتنفس دون أن يتحرك صدرك، وحاول أن تدخل النفس (الشهيق) عن طريق الأنف، بشكل بطيء دون عجلة أو تسرع. سترتفع يدك التي على بطنك.

ـ أخرج الهواء بعد ذلك بثوان بشكل بطيء من الفم، حتى تعود يدك التي على البطن لوضعها الطبيعي ـ كرر العملية عشر مرات دون عجلة عندها تكون قد بدأت الخطوات الأولى للاسترخاء عن طريق التنفس العميق.

أشرف
26-08-2010, 13:49
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك على نقل الموضوع القيم

بورك فيك و في الدكتور سعد الدين العثماني