مشاهدة النسخة كاملة : خبر جديد الذكرى الثانية لرحيل سيدي محمد العلوي السليماني



عادل محسن
23-11-2010, 00:06
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




الذكرى الثانية لرحيل سيدي محمد العلوي السليماني



..."كان رجلا أي رجل"...
الذكرى الثانية لرحيل سيدي محمد العلوي السليماني


" ﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون، لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون﴾

وقال الأستاذ المرشد "رزئنا برجل أي رجل، كان رجلا أي رجل. رجلا يتحلى بالأخلاق الحسنة ويحبه كثير من الناس، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من شهد له أربعة دخل الجنة. وهذا رجل يشهد له أربعة وأربعة وأربعون وأربعة آلاف وأربعون ألفا وأكثر من ذلك، يحبه الجميع. نسأل الله تعالى أن يتغمده برحمته وأن يلحقنا به مسلمين مقربين سابقين. نشهد أنه كان سباقا إلى الجماعة، إلى نصرة الحق يوم كان بعض الناس يخنسون ويترددون ويخشون من لا يخشى الله عز وجل".


"جابر عثرات الكرام"
الذكرى الثانية لرحيل سيدي محمد العلوي السليماني

وقد انتقل إلى عفو الله ورحمته الأستاذ المجاهد سيدي محمد العلوي السليماني، أحد أول من صاحبوا الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين ، يوم الثلاثاء 03 ذي الحجة 1429 الموافق لـ 2 دجنبر 2008.

الأستاذ العلوي رحمه الله غرس غرسا طيبا رأى بعضا من ثماره، وكان يقول في أخريات أيامه : الحمد لله الذي أحياني حتى أرى شبابا مؤمنا متوثبا يعمل بجد وإخلاص لنصرة دينهم ولإعلاء كلمة الله عزل وجل، والآن "إِيلا بْغَات تْجِي المُوت غِير تْجِي".

كان يحرض المؤمنين على حضور المحطات الإيمانية التي يسمو بها المرء بروحه بعيدا عن مثبطات الدنيا"، ومن خصال الفقيد "سباقا إلى الجود والعطاء، ما سمع بمريض إلا عاده ولا جنازة إلا مشى خلفها، يتذكر الأصحاب بالزيارة والتفقد، لا يكل ولا يمل، ذو غيرة شديدة على أعراض المؤمنين والمؤمنات".

رحم الله عز وجل سيدي محمد العلوي السليماني، ذلك الرجل الذي تعلمت منه أجيال العدل والإحسان معاني الصحبة والصدق والإخلاص .
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ومتعه بالنظر لوجهه الكريم وألحقنا به من الصالحين، آمين.

عادل محسن
23-11-2010, 00:27
مقتطفات من سيرة الأستاذ محمد العلوي السليماني رحمه الله

الذكرى الثانية لرحيل سيدي محمد العلوي السليماني



- ازداد الأستاذ محمد العلوي السليماني بمراكش سنة 1931.

- أب لعشرة أبناء، خمسة ذكور وخمس إناث، وجد لأربع وعشرين حفيدا.

- من أوائل رجال التربية والتعليم في المغرب، تقلد عدة مهمات تربوية وتعليمية، واشتغل مدرسا ثم مديرا لمدة تزيد عن أربعين سنة. وأحيل على التقاعد سنة 1991 أثناء إدارته لمدرسة الإمام الجزولي بمراكش التي استغرقت ثمانية وعشرين سنة.

- ثاني الرجلين اللذين صحبا الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في جميع مراحل مساره التربوي والدعوي والجهادي إلى جانب الأستاذ أحمد الملاخ.

- من كبار مؤسسي جماعة العدل والإحسان وعضو مجلس إرشادها.

- اعتقل لمدة خمسة عشر شهرا، بدون محاكمة، بدرب مولاي الشريف الشهير سنة 1974 رفقة الأستاذ أحمد الملاخ إثر كتابة وتوزيع "رسالة الإسلام أو الطوفان" التي وجهها الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين نصيحة إلى ملك المغرب الحسن الثاني رحمه الله.

- كما سجن لمدة سنتين رفقة أعضاء مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان سنة 1990.

- أشرف على تربية أجيال من شباب الأمة الذين تعلموا منه معاني الصدق والمحبة والوفاء والرجولة.

- رجل صوام قوام ذاكر لله تعالى ولا نزكي على الله أحدا.

- رجل عرف بالبذل والعطاء فكانت حياته كلها لله، فتح بيته كما فتح قلبه للمؤمنين لذكر الله تعالى وتعلم القرآن الكريم والتربية على الأخلاق الحسنة.

- إذا رؤي ذُكر الله وإذا تكلم نصح في الله، وإذا صمت كان صمته حكمة ودمعته رحمة.

- رجل ما بدل ولا غير ولا خاف في الله لومة لائم حتى لقي الله تعالى (الثلاثاء 2 دجنبر 2008) وهو عنه راض إن شاء سبحانه.

عادل محسن
01-12-2010, 15:46
في الذكرى الثانية لرحيله.. الأستاذ محمد العلوي "مدرسة الوفاء"


بقلم: نور الدين الملاخ

شهادة وشفاعة
عامان مضيا، كلمح البصر، على رحيل رجل من أهل العلم والتقوى عن دار الغرور، بعد حياة مثمرة في التربية والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله؛ إنه الرجل المحب المحبوب الذي تربع في قلوب الجميع، الصغير والكبير، الشباب والشيوخ، النساء والرجال، الأبناء والآباء... لا يحب أضواء النهار، لكن تسطع من إشراقة وجهه أنوار تبصرها قلوب أهل الذكر والنصيحة. ذاك هو سيدي محمد العلوي السليماني رحمه الله تعالى.

لقد وجدت أن من الواجب علي، وعلى غيري ممن يستطيعون الكتابة، الإسهام ببيان فضل مثل هؤلاء الرجال على من التف حولهم خاصة، وعلى أبناء الأمة الإسلامية عامة، وإبراز دورهم في الحفاظ على هذه الأمة وأخلاقها ومثلها، علما أنني أضعف المحبين بيانا وأقلهم بلاغة، لكن حرقة الرجل على أن يبلغ هذا الأمر للناس أجمعين، جعلتني أجرؤ على أن أجر قلمي ليكتب ما يحس به قلبي.

كيف لا نصنع هذا ونحن نرى أناسا يطنطن لهم قبل وبعد موتهم وقد عملوا بدأب على الفتك بدين هذه الأمة وقيمها المثلى، وعلقوا الشباب بتفاهات الحياة وزخرفها، ونخروا في عظمهم حتى لا تبقى لهم قوة ولا مُثل يخدمون بها أمتهم، ويحافظون بها على مجدها ورفعتها!!

إنها شهادة لله ولرسوله، أدلي بها عسى أن تشفع لي يوم العرض على الله عز وجل.

سلوك مؤسس
شهادة في حق رجل عشق الشهادة، أمضى حياته كلها لله، دعوة وتربية واحتضانا.
احتضن الشباب وعلق قلوبهم بما عند الله، بالدخول من الأبواب المشروعة،
بعد امتلاك مفاتيح القلب لفتح مغاليق العقل، واكتساب العلم النافع عبر:

1. باب الصحبة والجماعة: باب يدخل منه "صاحب الإرادة" الذي يرغب في أن:
- ينضج وعيه بوجوده،
- يعي انتمائه لأمة ذات رسالة،
- يتعلق قلبه بصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم،
- ينخرط في محضن إيماني، محضن الجماعة المجاهدة. وهكذا يتخذ وجهته ليتكون في مدرسة الجهاد.

2. باب الذكر: باب يدخل منه "صاحب العزمة" على اكتساب مجموع خصال الإيمان بإتيان أنواع العبادات المشروعة التي توقظ روحانية العبد، ويعم عبيرها الجو الذي يتنفسه جند الله ليصلح المحل، وهو القلب والعقل، للتخلق بأخلاق الجندية، وللسلوك سلوكا جهاديا.

3. باب الصدق: باب يرشح منه "صاحب القوة" للبناء والإنجاز، لا بمجرد الكلام، فإنما الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.

إنها الأبواب الرئيسية لاكتساب علم المنهاج النبوي والعمل بمقتضياته. تعلمه الراحل من رجل صادق، الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله، حينما كان فردا ونقله نصيحة لملك المغرب ولعلماء المغرب، وطرق به الأبواب بيتا بيتا، إلى أن أودعه أمانة في يد شباب طاهر، شباب العدل والإحسان. فكان بحق "مدرسة وفاء".

مدرسة وفاء
في عرف أهل التربية، يصطلح على "الرجل" ب"المدرسة" إن ترك علما ينتفع به، أو تجلت في سلوكه خصال تكون نبراسا لما بعده، وهديا يحتذى به في مجال معين.

رجال جماعة العدل والإحسان مدارس تمشي بين الناس. كل ومجموعه، أي رصيده الإيماني من شُعب الإيمان، لكن صحبة الفرد مع الجماعة تجعل الفرد بمجموعه ينصهر في الجماعة، ويصبح للفرد مجموع خصال الجماعة.

الأستاذ المجاهد محمد العلوي السليماني رحمه الله، عاش هذه الحقيقة مع صاحبيه، وذاق معانيها في المحن قبل المنح، وتجلت له رحمه الله فضائلها ونسماتها... وبقي وفيا لروح الصحبة والجماعة، فكان بحق "مدرسة وفاء". هذا لمن أراد أن يفهم حقيقة شهادة الأستاذ المرشد فيه: "رجل وأي رجل" .

- صحبة التأسيس
الأستاذ المجاهد محمد العلوي السليماني، رحمه الله، "مدرسة وفاء" لأنه أول من لبى نداء الأستاذ المرشد، بل كان أول من رافقه في رحلته بحثا عن الملاذ الروحي، وشهد كتابة رسالة "الإسلام أو الطوفان" سنة 1974، ثم أسس معه جماعة العدل والإحسان، واستمر في البناء إلى أن انتقل إلى عفو الله سنة 2008.

- صحبة البناء
الأستاذ المجاهد محمد العلوي السليماني رحمه الله "مدرسة وفاء" لأنه كان يحتضن الشباب من دفئ المحضن الأسري -حضن الوالدين- إلى حرارة محضن الجماعة التي تنصهر فيها كل مقومات الرجولة الإيمانية لتخريج جند الله بعد اقتحام العقبات. مرتكزات توجيهاته الشريفة بنيت اتباعا على محبة الله ورسوله، التحاب في الله عز وجل، صحبة المومنين وإكرامهم، التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في خلقه، التأسي به صلى الله عليه وسلم في بيته، الإحسان إلى الوالدين وذوي الرحم والصديق... كان رحمه الله ينتفض عند سماعه أن أحدا منا أغضب والديه.بل يصرح باللفظ الواضح أن الجماعة لا تقبل عاقا لوالديه. فمحضن الوالدين هو منبع الرجال.

الأستاذ المجاهد محمد العلوي السليماني رحمه الله "مدرسة وفاء" لأنه كان يحثنا على أن تكون مجالسنا مجالس نصيحة وأن تكون بيوتنا محاضن لتلاوة القرآن وذكر الله.

الأستاذ المجاهد محمد العلوي السليماني رحمه الله "مدرسة وفاء" لأنه كان يفرح عندما يعلم أن أحوالنا في جلواتنا هي نفس الأحوال في خلواتنا، وأننا نفزع إلى الصلاة في وقتها...

- صحبة الآخرة
في اللحظات الأخيرة، من حياة سيدي محمد العلوي السليماني، أردت أن يكون آخر صوت يسمعه الفقيد صوت الأستاذ المرشد حفظه الله. فكانت المهاتفة التاريخية للصاحب مع رفيقه بهدوء وثبات قائلا بكلمات تسيل رقة وحنانا ورضا بقدر الله سبحانه وتعالى: "السلام عليك يا سيدي محمد العلوي، أودعك يا أخي وأقول لك لا إله إلا الله عليها نحيى وعليها نموت وفي سبيلها نجاهد وعليها نلقى الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله، أنت الآن في ضيافة الرحمن، اثبت عند السؤال ولا يفتر لسانك عن ذكر الله" .

كلمات خالدة تنطق برأس الحكمة في أشد المواقف حرجا، لا تخطر إلا ببال من رسخت أقدامهم في أرض العبودية لله عز وجل وظلت أعناقهم خاضعة لعزة الله عز وجل واثقة برحمته سبحانه وتعالى لعباده المقبلين على باب جنابه الذين نذروا حياتهم للشهادة بالقسط بين الناس.

"السلام عليكم، أنتم السابقون ونحن اللاحقون"
نستحضر ذكرى رحيل الرجل لنعمل نحن، أبناءَ الرجل، ليوم نرحل فيه إلى ما رحلوا إليه، ولنقول للرجل ولكوكبة الرجال: "السلام عليكم أهل الديار. أنتم السابقون ونحن اللاحقون" .

أدب نبوي رفيع، إذ يعلمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أدب التعامل مع من رحل إلى الدار الآخرة، كما يُذكِّر عليه الصلاة والسلام الأحياء ممن بقي من الخلق في الدنيا إلى ما صار إليه السابقون في الدار الآخرة، وأن جميع الخلائق راحلون من دار الفناء إلى دار البقاء.

رحلت عنا اليوم سيدي، بجسدك وبقيت:
- كلماتك الخالدة مدوية في أسماعنا مؤذنة لنا "حي على الصلاة، حي على الفلاح".
- دمعتك الصادقة تسقي ظمأ قلوبنا أن "هبوا لذكر الله، تفلحوا".
- جلستك مستقبلا القبلة، تحفزنا ألا نلتفت عن صراط ربنا ومنهاج رسولنا الكريم: وأن ﴿ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾ .
- ابتسامتك الدائمة، تبعث فينا أمل استشراف المستقبل واستقبال موعود الله أن ﴿ إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب﴾ .
- خصالك الحميدة شهدناها وعشنا معك سيدي أطوارها، خصال من منبع النبوة سقيتنا بمعانيها وتذوقنا -ولله الحمد والفضل-حلاوتها، وأوصيتنا بأن نلبس لبوسها ونشم رائحتها ونبذل منها لمن يأتي بعدك وبعدنا عطاء سخيا غير منقوص من أجل استمرار عطاء الشجرة المباركة والمحافظة على حلاوة ثمارها وبهاء منظرها واستقرار أصلها، مصداقا لقول الله عز وجل: ﴿ ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون. ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار﴾ .

خاتمة
هذا قليل من كثير مما عرفته عن سيدي محمد العلوي رحمه الله تعالى، ولعل غيري ممن هم ألصق بالرجل وأكثرهم معرفة به يبادرون إلى بيان فضله وآثاره في خدمة هذه الأمة ودينها الحنيف. والله أسأل له الرحمة والغفران وإنا لله وإنا إليه راجعون.

تاريخ النشر: الأربعاء 1 دجنبر 2010

المداح
01-12-2010, 18:50
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا إله إلا الله، محمد رسول الله

جزاك الله خيرا سيدي عادل محسن على التذكرة

abdol 77
01-12-2010, 19:08
Salamo3alaykom warhmato llah jazak allho akhi alkrim wa nas2alo laha ta3ala an yrahma akhona
si mohamid al3alawi wa yatajawaza 3an syi2atihi wa yazida fi hassanatihi
wa yolh9ana bihim mominon mawhhiddna yarabi amin

عادل محسن
02-12-2010, 21:33
في ذكرى رحيل الأستاذ الجليل سيدي محمد العلوي

بقلم: محمد العربي أبو حزم

ذ. محمد العلوي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان سابقا، رحمه الله
تحل، اليوم الخميس، الذكرى الثانية لرحيل الأستاذ محمد العلوي السليماني عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان. وهي مناسبة لاستذكار سيرة هذا الرجل القدوة والاقتباس من جذوة حياته وعطائه وأياديه البيضاء عساها تكون مشعلا ونبراسا للسالكين درب الدعوة.

شريف النَّسَبَيْن ومُعَلِّمُ الْجِيلين
ولد الأستاذ محمد العلوي السليماني بحاضرة المرابطين، مراكش، عام 1931، وفيها نشأ وترعرع. ولئن كان نسبه الشريف إلى جده الأعظم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يلتقي بالأسرة الحاكمة عند المولى سليمان، السلطان العلوي المعروف، فإنه اختار شرف الانتساب إلى المستضعفين الممنون عليهم بالإمامة والوراثة، الموعودين بالنصر والفتح والتمكين في الأرض. ولئنْ "كاد المعلم أن يكون رسولا" كما قال شوقي، فإن الراحل، رحمه الله، كان له نصيب وافر من وراثة الرسالة في وظيفته بسلك التعليم على مدى أربعين عاما، وكان له نصيب أوفر في سلك الدعوة إلى الله بما كان له فيها من أيادٍ بيضاء صحبة الأستاذ عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان.

فأما سلك التعليم فقد عمل فيه على مدى سنوات معلما مربيا، وعلى مدى ما يقرب من ثمانية وعشرين عاما مديرا لمدرسة الإمام الجزولي بمراكش إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 1991.

وأما سِلْكُ الدعوة فقد سلك فيه لأول الأمر صاحبا متتلمذا على يد الأستاذ المرشد، خاصة بعد عام 1972، ونصيرا مؤيدا كَلَّفَتْهُ نصرته إياه، إلى جانب رفيقه الأستاذ أحمد الملاخ، خمسة عشر شهرا في زنازين معتقل درب مولاي الشريف الرهيب بالبيضاء من غير محاكمة، ابتداء من عام 1974، لمساهمتهما في نشر نصيحة "الإسلام أو الطوفان" التي وجهها الأستاذ عبد السلام ياسين إلى الملك الحسن الثاني، واستأنف العمل الدعوي، بعد السراح، مبشرا بالحركة الوليدة، داعيا لغاياتها، مساهما في بناء صرحها، عضوا من أعضاء مجلس إرشادها.

المحنةُ الممتحِنة
ويكتب الله تعالى للرجل العودة إلى الزنازين عام 1990 صحبة أعضاء مجلس إرشاد الجماعة كأن جدران السجن اشتاقت إلى ترانيمه في جوف الليل بين يدي الله تهجدا واستغفارا وتسبيحا وترتيلا وتَقَلُّبًا في الساجدين البكائين بين يدي الله.

ويفتح الله تعالى لعبده من فيضه ما يفتح، وأول ما يفتح له ثبات على الحق تزيده المحنة قوة ومضاء وعزما ويقينا لا يفتر ببلاء ولا يتزعزع بامتحان ولا يعمل فيه الجور عملَه فيمن وُكِلَ إلى نفسه.

يقول الأستاذ المرشد في الراحل رحمه الله:
"رزئنا برجل أي رجل، كان رجلا أي رجل... نسأل الله تعالى أن يتغمده برحمته وأن يلحقنا به مسلمين مقربين سابقين. نشهد أنه كان سباقا إلى الجماعة، إلى نصرة الحق يوم كان بعض الناس يخنسون ويترددون ويخشون من لا يخشى الله عز وجل" .

يقول الأستاذ فتح الله أرسلان متصفحا صفحة كتاب الراحل الفقيد:
"عندما نتحدث عن كرم الأستاذ محمد العلوي، من منا لم يره؟ إذا تكلمنا على رحمة سيدي العلوي، من منا لم تمسه هذه الرحمة؟ إذا تطرقنا إلى قوة وشجاعة وإباء الرجل، من منا لم يشهد مشاهد مع الأستاذ العلوي؟" .

أما رفيق دربه وصاحبه الأستاذ أحمد الملاخ فيستعرض بعض مناقب الراحل:
"جابر عثرات الكرام، لمست فيه هذا الجانب طوال معاشرتي له وهي طويلة وطويلة جدا، وعندما عاشرته في المحن إذ كنا نعيش في زنزانة طولها وعرضها متران (يقصد اعتقالهما في درب مولاي الشريف)، في هذه عرفني وعرفته وعرفت صبره وتجلده وحبه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. عرفته في زنزانة الاعتقال وعرفته في ساحة العمل الدؤوب المستمر وفي حرصه على إخوان وأخوات الجماعة" .

ويقول الأستاذ عبد الله الشيباني، رفيق الراحل العظيم في زنازين سجن أولعلو بسلا على مدى عامين كاملين:
"هناك (في السجن) خبرنا صبر شيخ أكبرنا سنا، مريض بشتى الأمراض، على قساوة برد مخافر الشرطة في مخفر سلا في شهر يناير 1990، حيث البرد القارس والقوت القليل لمدة 12 يوما. وبعد انتقالنا للسجن، خلال فترة "الضيافة"، خبرناه حيث الضيق والقلة في كل شيء؛ خبرناه في عفته وفي إيثاره لشاب آنذاك مثلي، بغطاء أو بيضة أو كسرة خبز أو مكان مريح. وجدنا فيه الصبر والاستبشار واليقين والثبات. كان الرجل رحمه الله يشكو من الربو، وكانت الزنزانة تزيده ضيقا، وكان يشكو من البرد في الساقين، وكانت أرض الزنزانة تضاعف برده أضعافا، فيضطر لمضاعفة السراويل والجوارب؛ فكان صبره بالنسبة لصبري مضاعفا أضعافا كثيرة. وفي تلكم الظروف كان يظهر ضعفي ولا يظهر ضعفه، وتبرز شكواي ولا تسمع شكواه."

القدوة الثابت على المنهاج
وخرج الرجل من السجن بقوة ما زكَّى يقينه في المنهاج النبوي الذي نهجه هو وإخوته.
خرج والعادة هي العادة، بل العبادة هي العبادة، تَشَبُّثًا بمصدر القوة والغلبة على النفس في ذات الحق:
- ناشئةُ ليلٍ هي أشد وطأً وأقوم قيلاً.
- وصيامُ يوم طريقا لتطهير الروح في دنيا هائجة مائجة.
- وسبحٌ في النهار بين العباد تبشيرا لليائسين ودعوة للمعرضين وتواصلا في ذات الله وتنفيسا على المعسرين وتسلية (من السلوى) لمن تجهمت في وجهه الأيام.
- وروحٌ من أرواح الآخرة تسري في الدنيا بين المؤمنين تذكر بالله وباليوم الآخر حرصًا على آخرتهم.

يقول الأستاذ رشدي بويبري في الراحل رحمه الله:
"كان بيته قبلة للمؤمنين والمؤمنات ومنارة للعلم والتربية وصرحا من صروح الجهاد. وقد أرخ هذا البيت الكريم لمحطات بارزة من تاريخ دعوة العدل والإحسان وجهادها... كان حاله الدائم أفصح بكثير من مقاله وهو الذي كان طويل الصمت عميق العِبرة وسريع العَبرة. لقد كان همه الذي تفطر له قلبه وشاب له رأسه: إنقاذ الذمم وإيقاظ الهمم لطلب أعز ما يطلب: رضا الله جل وعلا. لم يفتر طيلة سنين عديدة عن التذكير بضرورة الاستعداد للقاء الله عز وجل والعمل للآخرة. فقد كان هذا ديدنَه في كل مجلس ومنتدى مع كل من التقاه أو زاره أو جالسه أو صحبه..." .

ويقول الأستاذ مبارك الموساوي في الراحل رحمه الله:
"كان، رحمه الله تعالى ورضي عنه، يحرّض المؤمنين والمؤمنات على التّعلق الدّائم بالله تعالى والتقرّب إليه سبحانه بالاتِّباع الكامل لرسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. وكان إذا قرئ القرآن بين يديه أو تلاه فاضت عيناه وبكى حتى تبتلّ لحيته، وإذا ذُكر رسول الله، صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، أو كلامُه بين يديه بكى بكاء شديدا..." .

كان الأستاذ العلوي رحمه الله نفحة ونسمة زكية رقيقة تسري بين المؤمنين منهاجا نبويا عمليا حيًّا متحركا ترمقه العيون وتشعر به القلوب وتتحسسه الأيادي، وهو الآن، وبعْدُ إن شاء الله، ذكرى ومثال ودليل على نوع الرجال الذين تُخَرِّجُهُم مدرسة العدل والإحسان يمشون في الناس بالخير والحب والبذل والتواضع لله والتواصل بعباد الله. يصفه الدكتور محمد سلمي فيقول:

"من العسير جدا حصر مناقب هذا الرجل، فما من خصلة من خصال الخير إلا وله منها النصيب الأوفر. كان قويا في صحبته، وفيا لجماعته، صادقا في طلب وجه ربه، ذاكرا لله في مختلف أحواله، باذلا غير بخيل، عالما ومعلما ومتعلما، عاملا بالليل والنهار، ذو سمت عز نظيره، نموذجا في تؤدته، قاصدا مقتصدا حسن التدبير، مجاهدا مقبلا غير مدبر مقداما لا يخاف في الله لومة لائم. جمع له الله من خصال المنهاج النبوي، ومن شعب الإيمان ما لا يجتمع سوى للأولياء الكُمَّل" .

شهد كل الناس للراحل بحسن العشرة والصلة، ومنهم الأستاذ المهدي الدرقاوي جار الراحل قائلا: "كان يعتني بأطفال هذا الحي عندما يمر وهو في طريقه إلى المسجد ويحتفي بهم، ويعتبرهم مستقبل هذه المدينة وهذا البلد. وكان يتفقد أحوال الجيران، يسأل عنك وعن أحوالك كلما غبت عنه، وكان يرعى حق الجوار" .

هكذا كان سيدي محمد العلوي السليماني رحمه الله، إلى أن لقي الله تعالى يوم الثلاثاء 2 دجنبر 2008، وهكذا ينبغي أن نكون إلى أن نلحق به وبجده وإخوانه وصحبه صلى الله عليه وسلم: خَدَمًا لدعوة غايتُها أن نكون طلابَ آخرة فيما اليد تجري بالخير وتبني في دنيا الناس.


موقع الجماعة: الخميس 2 دجنبر 2010

أشرف
03-12-2010, 21:19
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رحم الله شيخنا الفاضل

مشكور أخي العزيز على التذكرة الطيبة العطرة

بذكر هؤلاء الجبال تتنزل الرحمات

عادل محسن
25-03-2011, 20:56
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لك اخي الكريم
على المرور الطيب
ورحم الله سيدي محمد العلوي
وجعله الله من اهل الفردوس الاعلى