مشاهدة النسخة كاملة : كيف تستمر حركة 20 فبراير؟



عادل محسن
07-04-2011, 01:30
كيف تستمر حركة 20 فبراير؟


بقلم: عبد الحميد فائز

تُعبِّر الحركات الاحتجاجية في جوهرها عن تطلُّعات الشعوب ومطالبها، قبل أن تتحول هذه الحركات الاجتماعية والسياسية إلى جماعات ضغط كبرى تتشكل على إثرها قاعدة شعبية وبؤر للتغيير الجذري أو الإصلاح السياسي داخل الحكومات والأنظمة الحاكمة لهذه الشعوب.

تشكلت في المغرب "حركة 20 فبراير" من رحم الفايسبوك متأثرة بالهبات التغييرية التي قادها الشباب في كل من مصر وتونس عبر الشبكة الافتراضية، مستفيدة بذلك من تشابه الأوضاع بيننا وبينهم-,ان لم يكن حالنا أسوء منهم- من حيث تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغياب الإرادة الحقيقية للتغيير، وتجميع السلط في يد واحدة، وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة، وقمع الحريات وتزوير الانتخابات... هذه الأسباب وغيرها جعلت ظهور حركة مثل 20 فبراير مطلبا وحاجة ملحة لتدارك الأوضاع في المغرب وإحداث التغيير المنشود من طرف المغاربة والقطع النهائي مع الاستبداد، للانطلاق ببلدنا الحبيب نحو العدل والحرية والكرامة.

رفعت "الحركة" في العشرين من فبراير شعارات مطلبية سياسية واجتماعية، لا يسع المقام هنا لذكرها، عبرت من خلالها عن الواقع المأزوم الذي يعيشه المواطن المغربي وانخرطت معها في التظاهرات بعض التنظيمات السياسية والنقابية والحقوقية ومعها الشعب المغربي في أكثر من 50 مدينة مغربية، وتستمر إلى حدود كتابة هذه السطور الوقفات والمسيرات ودعوات التظاهر في عديد من المدن المغربية مطالبة بالتغيير الجذري. لكن مع استمرارهاته المطالبات طفت على الساحة السياسية المغربية معطيات جديدة حاول من خلالها المخزن المغربي ركوب موجة الاحتقان الشعبي واحتواء سخط الجماهيربـ:

- تراجع المخزن عن السماح بالتظاهر السلمي واتجاهه لمنع وقمع التظاهرات، كما حدث في طنجة حيث توصلت التنسيقية المنظمة للتظاهرات بمنع مكتوب اضطرت معه التنسيقية إلى إلغاء الوقفة إلى حين، وكما وقع في مدينة أغادير والقنيطرة حيث جرى قمع للمظاهرات ترتب عنه عشرات الإصابات.

- التبخيس من حجم الاحتجاجات والتركيز على بعض أعمال الشغب التي حصلت بعد انفضاض التظاهرات - باعتراف وزير الداخلية نفسه - والترويج في نفس الوقت لإشاعات التغيير الحكومي والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ووعود بالتشغيل وخفض الأسعار.

- توريط جهاز القضاء في محاكمات متسرعة وقاسية، كما حصل في مدينة فاس.

في تقديري الشخصي أرى أن حركة التغيير هاته - رغم ظهور هذه المعطيات الجديدة القديمة - لن تتوقف لأننا ألفنا مثل هذا الخطاب المزدوج من السلطة طيلة سنوات، ولأن التاريخ يؤكد أن العنف والتماطل لا ينتج عنه إلا تأثير سلبي على الأنظمة نفسها - كما شاهدنا في مصر تونس - أضف إلى ذلك أن خيار التغيير والتغيير وحده هو الأمر الوحيد المتاح للخروج من هذه الانتكاسة التي عاشها الشعب المغربي بكل مرارة عقودا وعقود، مما يستوجب الدفع بحركة التغيير هاته وتوفير الشروط الموضوعية والذاتية لضمان استمرارها وفعاليتها ومن جهتي أعتقد أن الشروط التالية هي الضامنة لاستمرار حركة 20 فبراير ومعها المطالبات الشعبية بالتغيير:

- الالتزام بالخط السلمي للاحتجاجات والمظاهرات والتعبئة الإعلامية وسط الشعب للاستمرار في هذا الخيار المبدئي نظريا وتطبيقيا، والتصدي ميدانيا لكل دعوات التخريب والسلب والنهب، إن وجدت، الاندماج الكلي في صفوف المطالبين بالتغيير وترك الحزازات الإيديولوجية لصالح مطالب الشعب المشروعة والمستعجلة.

- تبني مشروع التغيير الجذري لأن مطالبات الإصلاح والترقيع لم تعد مجدية، وقد بلغ السخط الشعبي ذروته وباتت قناعات المطالبة بالتغيير معلنة حتى من بعض المنخرطين في دواليب الدولة.

- الانخراط في تنسيقيات كبرى تضم مختلف التنظيمات السياسية في مختلف المدن المغربية.

- تشكيل جبهة ميثاق وطني تضم مختلف التوجهات السياسية والمنظمات النقابية والحقوقية والمدنية، وكل الغيورين على هذا الوطن لتداول ونقاش حلول الخروج من الأزمة.

وأخيرا...

- التوجه إلى الشعب في كل صغيرة وكبيرة لأن أي حركة اجتماعية مطالبة بالتغيير لا تمثل نفسها وإنما تمثل القاعدة الشعبية الكبرى من المقهورين والمفَقّرين، باعتبار أن التغيير الحقيقي يروم تأكيد السيادة الشعبية، ورحم الله من قال: "الظلم لا يدوم والشعب أبقى من حكامه" ، وإنّ حركات التغيير نفسها إن لم تخضع للسلطة الشعبية لن يكتب لها الاستمرار.

تاريخ النشر: الجمعة 1 أبريل 2011