لا بدّ من رحابة الصّدر لإثراء النّقاش فلا يعتبر النّقد من السّبع الموبقات، لأنّ النّقد فعّاليّة فكريّة حيويّة لإنتاج المعرفة وصقل موهبة التّفكّر والتّدبّر، ولا شيء يمنع من النّقد إلاّ أن يتحوّل إلى سوء الأدب، ألم يربّينا القرآن على النّقاش الحرّ والمنفتح؟ لنتأمّل إذن قول الله عزّ وجلّ للملائكة: (( وإذ قال ربّك للملائكة إنّي جاعل في الأرض خليفة)) لقد استشار سبحانه ملائكته مع أنّه القادر على إنفاذ إرادته دون استشارة أحد من المخلوقين لأنّه جلّ وعلا ((لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون))، ولنتأمّل كيف استقبل الملائكة هذا القرار في سياق الاستشارة بالانتقاد لكن بتأدّب مع الحضرة الإلهيّة: ((قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك))، لم يعاتبهم الرّحيم الرّحمن على ما أبدوا من ملاحظة اعتمدوا فيها قياس الغائب على الشّاهد، ولم ينهرهم عن استعمال فعّالية فكريّة مرغوبة ليعلمّنا حسن التّحاور والنّقاش، ولكن طالبهم بعدم الاستعجال والتّمهّل لأنّ علمه أوسع وقدرته أصلح وأنفع، فقال: ((إنّي أعلم ما لا تعلمون))، ولكي لا يظلّ بعضنا يحاكم بعضا بالشّكليات، وحتى لا ينصرف أغلبنا عن الاحتفاء بالمضمون، أجدّد الدّعوة إلى أن نتعود على أن نجري الحوار والنّقاش فيما بيننا بأدب واحترام، وأن نقابل الأفكار بالأفكار، والدّليل بالدّليل، والمثل بنظيره، فلا نتعرّض لبعضنا بالسّبّ وفحش القول، هذا والله تعالى أعلى وأعلم، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

كلام جميل ولكن لا حياة لمن تنادي

إشارات مباركة

أكرمك الله سيدي :)