مشاهدة النسخة كاملة : من هم أصحاب اليمين؟



زيد الخير
06-09-2011, 00:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من هم أصحاب اليمين؟

وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 30 ) مرة باشتقاقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى : فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ .
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي رحمه الله في أصحاب الميمنة : هم الصنف الثاني من العباد أهل الذكر ، أهل الفتور من وجه ، وأهل الحضور من وجه ، وهم أرباب الرحمة .
وأما طبقات أصحاب اليمين فيقول الشيخ ابن عطاء الأدمي رحمه الله : أصحاب الميمنة على ثلاث طبقات : ظالم ، ومقتصد ، وسابق .
ويقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه : أصحاب اليمين : هم الموحدون ، أي : العاقبة لهم بالسلامة ، لأنهم أمناء الله ، قد أدوا الأمانة يعني أمره ونهيه ، لم يحدثوا شيئاً من المعاصي والزلات ، قد أمنوا الخوف والهول الذي ينال غيرهم .
ويقول الشيخ ولي الله الدهلوي : أصحاب اليمين : هم الذين تهذّب جانب من قلبهم وعقلهم ، ولم يتهذّب جانب آخر مع صحة مزاجهم ، أو أكثروا من القربات الإلهية ، وداوموا عليها إلا أن بهيميتهم في غاية الضعف ، وملكيتهم في غاية السافلية ، فلم يجدوا ما وجد السابقون فبقوا من أصحاب اليمين هذا .
وفي طريقتنا العلية القادرية الكسنـزانية نقول : أصحاب اليمين : هم أصحاب النفوس التي تتجه اتجاهين ، فمرة إلى العلويات ، ومرة إلى السفليات بالتفكير والعمل بالأمور الدنيوية ، وعملهم هو الأخلاق الحسنة .
وذلك لأن اليمين هو كناية عن الحسنات والشمال كناية عن السيئات ومن هذا المعنى لا يقال عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يمين رسول الله وشماله لأن كلتا يديه يمين فهو الذي قال الله تعالى فيه أوائل سورة الفتح : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر أي إنك عين المغفرة فمن اقتدى بك واتبعك فهو مغفور له . كما أن الحجر الأسود هو يمين الله في أرضه فمن قبله شهد له عند الله عزوجل بالإيمان فيغفر الله له .
وفي دنو مقام أصحاب اليمين عن المقربين يقول الشيخ فخر الدين الرازي رحمه الله : مقام أصحاب اليمين وهو دون المقام الأول مقام المقربين : وذلك لأن هؤلاء شاهدوا الحق موجودا ، وشاهدوا الخلق أيضاً موجودا ، فحصلت كثرة في الموجودات .
وفي دنو مرتبة أصحاب اليمين عن السابقين يقول الشيخ نجم الدين الكبرى رضي الله عنه : وكل ما يكون لأصحاب اليمين يحصل للسابقين ، وهم سابقون على أصحاب اليمين ، بما لهم من شهود الجمال وكشف الجلال ، وهذا خاصة لسيد المرسلين ومتابعيه ، كما قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي .
وأما الفرق بين أهل اليمين والمقربين يقول الشيخ ابن عربي رضي الله عنه : المقربون : هم بين يدي الله في مقابلة الذات الموصوفة باليدين ، فإنهم لتنفيذ الأوامر الإلهية في الخلق في كل دار . وأما أهل اليمين : فليس لهم هذا التصريف ، بل هم أهل سلامة وبراءة لما كانوا عليه ، وهم عليه من قوة الحكم على نفوسهم ، وقمعهم هواهم باتباع الحق .
ويقول أيضاً في فتوحاته : خرّج الترمذي عن جابر قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة دخل فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً الحديث لما كان الحجر يمين الله وجعل للإنسان المخلوق على الصورة يميناً شرع له أن يكون في طوافه بين يمين الله ويمينه فيكون مؤيداً بالقوّتين معاً فلا يجد الشيطان إليه دخولاً لأن الشيطان ليس له على اليمين سبيل وإنما يلقي في قلب العبد وهو مائل إلى جهة الشمال فيكون يمين الحق في الطواف في حق الطائف يحفظه وهو ذو يمين من نشأته فلا يزال محفوظاً فإذا انتقل من موازنته وهو من حد الركن العراقي إلى الركن اليماني تحفظه عناية البيت المنسوب إلى الله فإن قلت فقد أخبر الله تعالى عن إبليس أنه يأتينا من قبل اليمين قلنا اليمين الذي أراد الشيطان هنا ليس هو يمين الجارحة فإنه لا يلقي على الجوارح وكذلك ما هو شمال الجوارح ولا أمام الإنسان ولا خلفه وأن محل إلقائه إنما هو القلب فتارة يلقى في القلب ما يقدح في أفعال ما يتعلق بيمينه أو شماله أو من خلفه أو من بين يديه ، ونحن إنما نريد باليمين هنا هذه الجهة المخصوصة ، فإن قلت وكذا المشرك له هذه اليمين قلنا بالمجموع وقع ما وقع وما يكون المجموع إلا للمؤمن وهذا معنى قوله تعالى : فأما إن كان من أصحاب اليمين يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ما يريد يمين الجارحة .
ويقول ابن عجيبة في كتابه إيقاظ الهمم : قد قسم الله تعالى عباده ثلاثة أقسام أهل الشمال وأهل اليمين والسابقون أما أهل الشمال فلا كلام عليهم إذ لا إقبال لهم على الله أصلاً وأما أهل اليمين فلهم إقبال بوجه ما لكن لا خصوصية لهم لأنهم قنعوا بظاهر الشريعة ولم يلتفتوا إلى سلوك طريقة ولا حقيقة وقفوا مع الدليل والبرهان ولم ينهضوا إلى مقام الشهود والعيان ولا كلام معهم أيضاً وأما السابقون فقد أقبلوا على الله متوجهين إليه طالبين الوصول إلى معرفته وهم في ذلك على قسمين قسم أقبل على الله بملاطفة إحسانه وقياماً بشكر إنعامه وامتنانه وهم أهل مقام الشكر وقسم أقبل على الله بسلاسل الامتحان وضروب البلايا والمحن وهم أهل مقام الصبر أهل المقام الأول فأقبلوا على الله طوعاً وأهل المقام الثاني أقبلوا على الله كرهاً قال تعالى : ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً قال أبو مدين رضي الله عنه : سنة الله استدعاء العباد لطاعته بسعة الأرزاق ودوام المعافاة ليرجعوا إليه بنعمته فإن لم يفعلوا ابتلاهم بالسراء والضراء لعلهم يرجعون لأن مراده عز وجل رجوع العباد إليه طوعاً وكراهاً .
ويقول أيضاً في نفس المصدر : إن عرفت أنك من أهل اليمين وأردت أن تعرف قدرك عنده هل أنت من المكرمين أو من المهانين فانظر فإن كنت تمتثل أمره وتجتنب نهيه وتسارع في مرضاته وتحبب إلى أوليائه وأحبائه فأنت من المكرمين المعظمين ، وإن كنت تتهاون في أمره وتتساهل في نواهيه وتتكاسل عن طاعته وتهتك حرماته وتعادي أوليائه فأنت والله عنده من المهانين المحرومين المطرودين إلا أن تتداركك عناية من رب العالمين . وإن الأكوان ظاهرها ملك وباطنها ملكوت ، فمن وقف مع الملك كان من عوام أهل اليمين ، ومن نفذ إلى شهود الملكوت كان من خواص المقربين .
ويقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : كل من لم يفتح له في هذا العلم علم الباطن فهو من أهل اليمين وكل من فتح له في علم الباطن فهو من المقربين السابقين.

amoula09
13-09-2011, 12:39
baraka lah fik akhi zayd lkhayr

زيد الخير
13-09-2011, 21:19
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سررت بمرورك أختي الفاضلة، جعلنا الله ممن ينفعون و ينتفعون

حافظ
22-09-2011, 10:24
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

بارك الله فيك