مشاهدة النسخة كاملة : التأريخ يعيد نفسه



العربي الأصيل
20-10-2011, 22:36
التأريخ يعيد نفسه
الدكتور. سلام الجبوري
الحمد لله ربا لعالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبعهم الى يوم الدين. أما بعد:- فلطالما يمر علينا هذا المصطلح )التأريخ يعيد نفسه( فنقف عند هذه العبارة نستجمع أفكارنا علنا أن نجد في مخزونها ما يثبت صدقها، ونحن إذ نعيش في بلد الرافدين وفي دار السلام بغداد وحين ترى معالمها الشاهقة كيف دمرت وكيف ألبست بعد ثوبها الأبيض ثوب الحزن والأسى الثوب الأسود، وبعد أن كانت حاضرة الدنيا ومن عندها تشع أنوار المعارف والعلوم نجدها اليوم قد خلت من كل هذا الجمال المعنوي وضاقت على أهلها العارفين وعلمائها المدققين وحكمائها المتقنين حتى لفظتهم وأخرجتهم خارج حدودها بل من شدة البلاء الذي أصابها خشيت عليهم فدعتهم لمغادرة أرضها العراق فهم اليوم مشردون في بلاد الله الواسعة وبغداد تقول لهم لا عليكم يا أبنائي فإنكم عائدون لا محالة ولا بد أن يعيد التأريخ نفسه، وأخبرتهم ما معنى ذلك وأن حالي اليوم يكشف مستور ما هنالك، فتعالوا معي لنميط اللثام ونزيح الستار عن ما اريد أن أخبركم به، والذي أقف عليه اليوم هو الاحتلال الأمريكي الغاشم الذي طال بلدنا العزيز فالتاريخ أعاد نفسه في احتلال بغداد اليوم كما احتلت في زمن المغول والتتار بالأمس فهناك أوجه تشابه كثيرة وكبيرة بين احتلال بغداد على أيدي المغول واحتلالها اليوم على يد المغول الجدد وهنا اذكر نقاطاً مقتبسة من تاريخنا القديم والحديث في هذا التشابه:-
1- سبق للمغول اجتياح خوارزم في طريقهم إلى احتلال العراق وسبق للمحتل اليوم اجتياح أفغانستان في طريقهم إلى العراق.
2- تحالف المغول والتتار في حربهم على بغداد واليوم تحالفت امريكا والصهيونية والصفوية على حربهم على العراق
3- حصار بغداد من الشرق والغرب في زمن المغول وحصار بغداد من الشرق والغرب في الاحتلال الامريكي
4- بدأ غزو بغداد على يد المغول في 16 محرم سنة 656ه ، وبدأ غزو العراق في 16 محرم سنة 1424ه
5- دخل المغول بغداد في 7 صفر ودخل الاحتلال الامريكي الى العراق في السابع من صفر
6- تأمر ابن العلقمي مع المغول لأسقاط الدولة وتأمر الصفويون مع الامريكان ضد دوله العراق الشرعيه
7- استولى المغول على كنوز وأموال الخلافة واستولى المحتل على ثروات العراق ونفطه.وهناك مفارقات أخرى لم اذكرها لدلالة المعلومة في واقعنا ولكن هناك أمور أخرى هي استنتاج ودروس يجب علينا الأخذ بها والانتباه لها:أن لا تعجب من فعل أمر المغول وتاريخهم بأنهم أقوام همجية وشيمتهم القتل فليس الاختلاف كبيراً بينهم وبين العدو الأمريكي فالجيش الامريكي ومن معهم جيش بربري همجي ليس له ادبيات الحرب فقد قتل وشرد مئات الالاف من العراقيين بكل وحشية واستعمل الاسلحة المحرمة دوليا ضد العزل من العراقيين وحاولوا بكل الوسائل الاستيلاء على هذه الأرض وقاموا بحملة إبادة جماعية للشعب العراقي ولم يفرقوا بين رجل و امرأة أو كبير وصغير
الامر الاخر ان المغول احتلوا اغلب بقاع الارض وسيطروا عليها طمعاً بالسيطرا على العالم وكذلك امريكا اليوم فالمغول دخلوا بغداد حينما أصاب الأمة الخور والضعف ولكن الأمة العربية والإسلامية أمة معطاءة لا تموت فخرج من رحمها بعد عسر ولادة رجال أشداء وأبطال جهابذة ودعاة تقاة وأرجعوا بغداد إلى مكانتها ورونقها حتى صارت زينة الدنيا وبهجتها، ودخل المغول في دين الله ببركة صدق توجه علماءها الصوفية، فهم الذين قاتلوا المغول بسلاحهم وقاوموهم بكل ما أوتوا من قوة، وهكذا اليوم كانت لبغداد صولة وجولة في ميادين العزة والإباء فخرج أبناؤها رافعين السلاح بوجه عدوهم، مقاتلين في سبيل الله، وهم أيضا من أحفاد أولئك الرجال العظام علماء الصوفية فهم أبطال جيش رجال الطريقة النقشبندية الذين كان منهجهم الرباني الصوفي هو منبع قوتهم ومنه يستمدون عزمهم، فالتصوف حال وعمل وسير خلف النبي الأكرم "صلى الله عليه وسلم "، فقد قاوم هؤلاء الأبطال عدوهم بسلاحهم وعلمهم وأخلاقهم وذكرهم لله رب العالمين، حتى نكص الكافر المحتل وتقهقر وذهبت قوته أدراج الرياح وأخذ يتمنى الفرار، وهكذا فإن التأريخ يعيد نفسه، والله وأكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كثيرا.

هذه المقالة منقولة من المجلة النقشبندية العدد 56
لتحميل المجلة
http://www.archive.org/download/archivenkshiarmymgz56/56.pdf