مشاهدة النسخة كاملة : التّضليل والتّخذيل باسم السّلفية



محمّد محمّد المحب
25-10-2011, 14:50
مثل كلّ الشّعارات العظيمة يساء اليوم بسبق إصرار وترصّد إلى الرّاية السّلفيّة كلّما حضر الموضوع السّياسيّ: فهي إمّا راية تمتطي التّكفير وتدعو إلى الخروج والصّدام المسلّح مع أبناء الأمّة دون أدنى اعتبار لقضايا المصلحة ودرء الفتنة، أو هي راية ملوكيّة سلطانيّة ترفع عناوين المصلحة في وجه التّحرّر من المستبدّين والطّغاة، هكذا تتحول الرّاية السّلفيّة إمّا إلى خنجر تكفيريّ يفتّت الأمّة ويجعل بأسها بينها شديد، أو إلى بوق للتّخدير الفكريّ والتّحذيل السّياسيّ، وطوق يلجم حركة الأمّة ومطيّة يركبها الطّغاة لإعاقة ولايتها على نفسها واستبعادها عن الأخذ بزمام أمرها، وإجهاض تطلّعها نحو المستقبل. يطلّ علينا كلّما بدت بعض بوادر اليقظة من بتدثّر براية السّلف ليحدّثنا عن طاعة وليّ الأمر محاولا تشويه يقظة أمّة شرعت ترفض الاستبعاد رفضها للاستعباد، ومناوئا لما تقوم به الجماهير في ميادين التّحرير من إخراج لأعظم وأجمل مكنوناتها، وهي عشق الحرّيّة والرّغبة في المشاركة السّياسيّة ونبذ الاستبداد، والتّعبير بذلك عن المسئوليّة الفرديّة والجماعيّة في الخروج من خال الغثائيّة والوهن، ومن إخراج لأسوأ وأقذر ما في الحكّام من تسلّط واستئثار وهمجيّة، حكّام لجئوا عندما احترقت ورقة هؤلاء المدجّنين إلى الدّهماء والمرتزقة ليطلقوا أيديهم في إرهاب النّاس، لكنّ يقظة النّاس بتوفيق ربّ النّاس كانت أقوى من همجيّة المرتزقة والبلاطجة، فكانوا يخرجون بالملايين في حركة سلميّة ليحرسوا قضيّتهم من عبث العابثين، وليتثبتوا أنّ الأمة إذا اجتمعت فأجمعت على الأخذ بزمام أمرها سمت، وارتقت أخلاقها وتهذّب سلوكها في مقابل وحشية الطّغاة و((فقهائهم)) وإعلامهم الرّخيص.المؤسف أنّ في وسط هذا المشهد الرّائع أطل علينا بعض المنافقين أو الجهال المنتفعين يرفعون شعار السّلفيّة ليصفوا هذا المشهد التّاريخيّ في حياة الأمّة وسيرورة يقظتها، بتحويل قاعدة المصلحة من ميدان عملها الإيجابيّ وهو العلاقة بالأمّة أي بعموم المسلمين، إلى ميدان عملها السّلبيّ وهو العلاقة بمغتصب الحكم المتجبّر. علما أنّه حين يتمّ إعمال هذه القاعدة ضمن ميدان عملها الصّحيح فإنّ التّكفير يصبح أكبر معول للهدم وزرع الفتنة، وتصبح مصلحة المستبدّ بالحكم ضمن حالة استثنائيّة وظرفيّة ينبغي أن تقدّر بقدرها بحسب ما للمسلمين من مصلحة عامّة لا بحسب مصلحته هو، أما في غير هذه الحالة فإنّ إعمال قاعدة المصلحة ودرء الفتنة يؤدّي إلى ترسيخ الاستبداد وتعطيل فرص الإصلاح السّياسيّ وإجهاض دواعيه، وبالتالي مراعاة مصلحة الطّغاة والمستبدّين وهو أمر يدعو إلى الاستغراب بالفعل. لقد صار بعض أعلام السّلفيّة والمنتسبين إليها أكثر لجوءا إلى إعمال قاعدة المصلحة ودرء الفتنة كلّما تعلّق الأمر بمطالبة المستبدّين بأبسط التّغييرات أو الحقوق السّياسيّة حتى تلك التي لا تمسّ مشروعيّة ((الحكم))، بينما لا يوجد حتما أيّ ذكر لمراعاة المصلحة ودرء الفتنة إزاء فتاوى التكفير وإخـراج أهل القبلة من الملّة حتى وإن خدمت المحتلّ وطلعت على النّاس في وقت حاجته إليها. إنّ الاصطفاف في صفّ الطّغاة والغزاة وأعوانهم من الظّلمة لهو ظلم والخيانة للأمّة، كذاك رفض المطالب السّلميّة السّاميّة والنّبيلة بالمشاركة السّياسيّة ونبذ الاستبداد والتّفرّد ووصفها بالفتنة، فهل هي فتنة بالفعل أم أنّها أعظم وأنبل وأسمى آلية لاستعادة روح الأمّة وقوتها وفاعليتها؟!. لم نستغرب من أن يهتزّ الإسرائيليّون فرقا ممّا يحدث، وأن يحاولوا إقناع الدّول الغربيّة بعدم التّخلّي عن الطّغاة، ولم نستغرب من الطّغاة أنفسهم حينما يحذرون الغربيّين من أنّ البديل عنهم هم الإخوان وحركات الإسلام السّياسيّ، ولا نستغرب أن ترتعد فرائصهم من المحيط إلى الخليج من هذه اليقظة المباركة، ولكنّنا نستغرب من الفتاوى والدّعوات التي يرفع المتلحّفون بالرّاية السّلفية ليطعنوا يقظة الأمة ويخذلوها، لمصلحة الجبابرة والمستبدّين ولمصلحة أعداء الأمة فصاروا من أعدائها بالتّبع. إنّ الدّاء قديم واسع ومستفحل في مدرسة تحمل مضموناً عقائدياً وتعبّديّاً ولكنّها بلا إرث سياسيّ، وبلا مشروع سياسيّ، وبلا وعي سياسيّ سوى ما للمُلك العضوض من إرث ومشروع ووعي وثقافة وسنن. فبالنظر إلى أعضاء ((هيئة علميّة)) وإلى باقي العلماء والفرقاء الحركيّين والدّعاة نجد أنّ هناك فروقات هائلة في الخطاب إلى درجة تسمح بالظّنّ بأنّهم ينتمون إلى مدارس فكرية شديدة التّباين ولكن عند البحث والتّمحيص فإنّ المرء يلمس وحدة تكاد تفوق الوصف عندما يجدهم جميعا يستندون إلى نفس المستوى من الخلفية الفكريّة والثقافيّة والأيديولوجيّة، فالجميع يتحدث عن الكتاب والسّنّة وسيرة السّلف الصّالح، وينطق بلغة تقطر إيماناً وورعاً وخشية، والجميع يستند إلى مدرسة فكريّة واحدة تبدأ من الإمام أحمد بن حنبل مروراً بابن تيميّة وابن القيّم وانتهاء بالشّيخ محمّد بن عبد الوهاب. لكنّ تلك الخلفيّة المتماسكة سرعان ما تتشظّى على صعيد الرّؤى والمواقف السياسيّة إلى طروحات متباعدة تبدأ من أقصى اليمين وتنتهي بأقصى اليسار!! نحن لا نشكّ أبدا بأنّ كلاً منهم مقتنع برأيه، مرتاح الضّمير إلى موقفه، وفي نفس الوقت لا نشكّ بأنّ أعضاء ((الهيئة العلميّة)) إنّما يتصرّفون كأيّ مجموعة من الموظّفين الحكوميّين الذين يجتهدون بوعي أو بغير وعي في إثبات الولاء للسّلطان، وينافسون أجهزة الإعلام الرّسميّة في الحديث عن القضايا العامّة حينما تطلب منهم السّلطة ذلك وفي اتجاه ما ترغب فيه!! إنّهم موظّفون حتى الثّمالة، يفتقدون لأيّة درجة من درجات الاستقلاليّة، ويجتهدون في إرضاء ((الرّؤساء)) ويخشون من أن ينسب إليهم أي تقصير أو تقاعس، إنّهم يتعاملون مع الحجج والمصطلحات والنّصوص بطريقة انتقائيّة تسمح بتبرير المواقف، وتجنّبهم ما يفضي إليه عرض وجهة النّظر الأخرى خصوصا في المسائل ذات الصّبغة السّياسيّة من إحراج. وفي مقابل هذا التّواري إلى الظّلّ في مواجهة القضايا الكبرى تجدهم جريئين وغير مهادنين في كلّ ما يتعلّق بعامّة النّاس، ضيوفا دائمين في برامج الفتاوى حيث يجيبون باستفاضة على أسئلة الطّلاق والحيض والميراث لكن باختيار أشد الآراء وأكثرها تضييقاً حيث تختفي حجج المصلحة والفتنة وما إليها، وحيث يكرّرون تصوّرهم للفرقة النّاجية ويضيّقون دائرتها إلى حدود تؤدّي إلى استبعاد الغالبيّة السّاحقة من المسلمين من دائرتها. ولا تسأل في هذه المنطقة عن حجج المصلحة وتلمّس الأعذار وتوخّي الحذر في الحكم على عقائد النّاس !!ألا أيّها الرّافعون لراية السّلف: لا تعيقوا يقظة الأمّة، بل باركوها وادعموها ورشّدوها، فهي السّبيل الوحيد للخروج من الاستبداد والتّخلص من الحكم الجبريّ الذي أنبأ عنه الرّسول. منقول بتصرّف

امحمد قريب الادريسي
26-10-2011, 07:28
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع جريئ يحتاج الى حوار جاد طويل

الصادع
29-10-2011, 17:45
لا يمكن التعميم ..بان كل السلفيين يضللون ويخدرون ..كما هو الحال عند الصوفية..وخير مثال الزاوية البوتشيشية في المغرب ...

فهي الاخرى ضللت وخدرت جموع من المواطنين ..

............