مشاهدة النسخة كاملة : فـي الـتـوكـل و مـقـامـاتـه



الماحي_سلام
17-11-2011, 18:37
قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : ما حجبت عن فضل الله ونعمه إلا لاتكالك على الخلق والأسباب, والصنائع والاكتساب, فالخلق حجابك عن الأكل بالسنة وهو المكسب, فما دمت قائماً مع الخلق راجياً لعطاياهم وفضلهم سائلاً لهم متردداً إلى أبوابهم فأنت مشرك بالله خلقه, فيعاقبك بحرمان الأكل بالسنة الذي هو الكسب من حلال الدنيا, ثم إذا تبت عن القيام مع الخلق وشركك بربّك عزَّ وجلَّ إياهم ورجعت إلى الكسب فتأكل


بالكسب وتتوكل على الكسب وتطمئن إليه وتنسى فضل الرب عزَّ وجلَّ, فأنت مشرك أيضاً، إلا أنه شرك خفي أخفى من الأول, فيعاقبك الله عزَّ وجلَّ ويحجبك عن فضله والبداءة به, فإذا تبت عن ذلك وأزلت الشرك عن الوسط, ورفعت اتكالك عن الكسب والحول والقوة, ورأيت الله عزَّ وجلَّ هو الرزاق, وهو المسبب والمسهل والمقوي على الكسب, والموفق لكل خير والرزق بيده,

تارة يواصلك به بطريق الخلق على وجه المسألة لهم في حالة الابتلاء أو الرياضة أو عند سؤالك له عزَّ وجلَّ, وأخرى بطريق الكسب معاوضة وأخرى من فضله مبادأة من غير أن ترى الواسطة والسبب, فرجعت إليه واستطرحت بين يديه, ورفع الحجاب بينك وبين فضله, وباداك وغذاك بفضله, عند كل حاجة على قدر ما يوافق حالك, كفعل الطبيب الشفيق الرقيق الحبيب للمريض حماية منه عزَّ وجلَّ, وتنزيهاً لك عن الميل إلى من سواه, يرضيك بفضله, فإذاً ينقطع عن قلبك كل إرادة وكل شهوة ولذة ومطلوب ومحبوب, فلا يبقى في قلبك سوى إرادته عزَّ وجلَّ, فإذا أراد أن يسوق إليك قسمك الذي لابدّ من

تناوله وليس هو رزقاً لأحد من خلقه سواك, أوجد عندك شهوة ذلك القسم وساقه إليك, فيواصلك به عند الحاجة, ثم يوفقك ويعرفك أنه منه وهو سائقه إليك ورازقه لك, فتشكره حينئذٍ وتعرف وتعلم, فيزيدك خروجاً من الخلق وبعداً من الأنام, وأخليت الباطن عما سواه عزَّ وجلَّ, ثم إذا قوي علمك ويقينك, وشرح صدرك ونور قلبك, وزاد قربك من مولاك ومكانتك لديه


عنده، وأهليتك لحفظ الأسرار علمت متى يأتيك قسمك كرامة لك وإجلالاً لحرمتك فضلاً منه ومنة وهداية, قال الله تعالى : }وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ{.السجدة24. وقال الله تعالى : }وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ{.العنكبوت69. وقال تعالى : }وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ{.البقرة282. ثم يرد عليك التكوين

فتكون بالإذن الصريح الذي هو لا غبار عليه والدلالات اللائحة كالشمس المنيرة, وبكلامه اللذيذ الذي هو ألذ من كل لذيذ, وإلهام صدق من غير تلبس مصفى من هواجس النفس ووساوس الشيطان الرجيم.


قال الله تعال في بعض كتبه : (يا ابن آدم أنا الله الذي لا إله إلا أنا أقول للشيء كن فيكون, أطعني أجعلك تقول للشيء كن فيكون), وقد فعل ذلك بكثير من أنبيائه وأوليائه وخواصه من بني آدم.


سيدي عبد القادر الجيلاني

loulwa
04-12-2011, 16:48
اللهم امنن علينا بالتوكل عليك ، وبالتفويض إليك ، و الرضا بقضائك ، والتسليم لأمرك ، حتى لا نُحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا أرحم الراحمين