مشاهدة النسخة كاملة : أشرف العبادات ولكنها مهجورة



أم آلآء
17-11-2011, 18:38
عبادة التفكُّر




أهمية التفكر

إن التفكر في خلق الله تعالى يوقف الإنسان على حقيقة بديعة هي متانة الخَلْق والتدبير في كل مفردات الكون وأجزائه، وإن النظرة السليمة التي ينبغي أن نسلكها نحن المسلمين ليست التي تقف بنا عند ظواهر الأشياء، بل التي تحملنا من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب، ومن معرفة المخلوق إلى معرفة الخالق عز وجل الذي أنشأه وأبدع له النظام الذي يسير عليه..


ألم تر إلى قول الله تعالى: " الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ(4)" (المُلك)..
فإنها تكشف عن عظمة خلق الله تعالى للسماوات السبع تكاملاً وتناسقاً، واللطيف في التعبير أنه حدثنا عن السماوات السبع، ولكنه عندما نفى وجود التناقض نفاه عن كل خلق الله عز وجل؛ فقد يسلم الإنسان بأن خلقاً من خلقه تعالى كالسماوات محكم ومتقن، ولكنه يشك في وجود هذه الحقيقة عندما يفكر في خلق آخر؛ فإذا به يتساءل: لماذا خلق الله الذباب والميكروبات المهلكة؟ لماذا الزلازل التي يذهب ضحيتها الألاف من الناس؟
ولكن عليه أولاً أن يقيس ما يعرفه من خلق الإنسان بما لا يعرفه.
وثانياً أن يعالج شكه باليقين، فلا يسترسل مع وساوس الشيطان.


بل يظل باحثاً عن الحقيقة حتى يكتشفها، ومن هنا جاء الخطاب الإلهي الكريم في سورة آل عمران يدعو كل فرد من أبناء البشر للنظر والتفكر في خلق الله، ودراسة الظواهر المختلفة، لأننا كلنا مسؤولون عن معرفة الحقيقة والوصول إلى درجة اليقين من الإيمان بالله تعالى، فإلى جانب البصر ينبغي أن يُعْمِل الإنسان بصيرته أيضاً لأن العين نافذة القلب على الحياة، ولهذا أثنى على المتفكرين:

"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ 190 الَّذين يَذكرونَ الله قِياماً وقُعُوداً وعلى جُنُوبِهم ويَتَفَكَّرُونَ في خَلقِ السَّمواتِ والأَرضِ ربَّنا ما خَلَقتَ هذا باطلاً سبحانكَ فَقِنَا عذابَ النَّارِ 191 " (آل عمران).




علاج نفسي


أثبتت دراسة حديثة أن خلو الإنسان بنفسه كي يتأمل عالمه الداخلي ويتعبد ويحاسب نفسه على أخطائها يزيده صقلاً وصفاء.

وأشارت الدراسة إلى أن علماء الإسلام أكدوا أن في الخلوة فوائد كثيرة، منها:
تجنب آفات اللسان وعثراته، والبعد عن الرياء والمداهنة، والزهد في الدنيا، والتخلق بالأخلاق الحميدة، وحفظ البصر وتجنب النظر إلى ما حرم الله تعالى، كما أن التفرغ للذكر فيه تهذيب للأخلاق، وبعد عن قساوة القلب.


وفي هذا إشارة إلى أهمية التمكن من عبادة التفكر والاعتبار ولذة المناجاة ومحاسبة النفس ومعاتبتها، وإن معرفتنا بعظمة الله تورث القلب الشعور الحي بمعيّته.






أشرف العبادات:

لأن التفكر عبادة لله عز وجل بأسمائه وصفاته وأفعاله، والانقطاع إليه تعالى عن غيره، والمداومة على هذا العمل والممارسة عليه تورث ملكة التفكر والاتعاظ ودوام التوجه إليه تعالى، وانقطاع النفس عن كل ما يقطعها عنه، وقد ورد الحث الأكيد على ذلك في القرآن الكريم، ولم لا يكون التفكر أشرف العبادات، وهو الذي يولد المعرفة عند العبد، ولقد دعا الإسلام إلى التفكر من أجل أن تكتسب المعرفة، وعند بعضهم أن تفكر ساعة يعدل عبادة سنة، والسبب في كون ساعة من التفكر والتأمل تعادل سنة من العبادة هو أن الإنسان يستطيع في ساعة واحدة من التفكر الصحيح المثمر تغذية أسس إيمانه وتقويته، فتبرق في نفسه أنوار المعرفة وتومض في قلبه المحبة الإلهية، فيصل إلى الأشواق الروحية ويطير في أجوائها.



كما أن التفكر في آلاء الله ونعمه يولد محبة الله عز وجل..

واقرأ إن شئت قوله جلَّ وعلا:
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (لقمان/20)


كما أن التفكر في وعيد الله عز وجل يولد الخوف من التقصير؛ وتدبر قوله تعالي:

فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى 14لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى 15 الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى 16 وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى 17الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى 18 وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى 19 إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى 20 وَلَسَوْفَ يَرْضَى 21 (الليل)، لما قرأ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هذه الآيات ما استطاع أن يبرحها، وراح يرددها حتى أصبح..


كما أن التفكر في حال المسلمين اليوم يولد الألم عند العبد المتأمل.




أسباب بُعْد العبد عن التفكر

أسباب البعد عن التفكر كثيرة منها:

(1) الجهل بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته، وأوامره ونواهيه.


(2) ضعف الإيمان بالله عز وجل وباليوم الآخر، والابتعاد عن الأجواء الإيمانية.


(3) التكاسل عن الطاعات والعبادات.


(4) عدم التأثر بآيات القرآن الكريم.


(5) الغرور وطول الأمل.


(6) كثرة الفتن والشبهات والشهوات.


(7) التعلق بالدنيا، والشغف بها.


(8) صحبة السوء.







شروطه


(1) التعود على القراءة وعلى مطالعة كتاب الكون.



(2) فتح القلب للإلهامات الإلهية.



(3) فتح العقل لمبادئ الشريعة.




(4) النظر إلى الوجود بعدسة القرآن الكريم الذي يعد الكتاب المقروء للكون.




(5) قراءة سير السلف في هذا الباب.








أنواعه


هناك عدة أنواع منها:


(1) التفكر في آيات اللَّه عز وجل.

(2) التفكر في نعم اللَّه عز وجل وآلائه.



(3) التفكر في كتاب اللَّه عز وجل أو في المناجاة والدعاء والصلاة.



(4) التفكر في النفس وحالاتها ومهالكها وأساليب علاجها ونجاتها.



(5) التفكر في العِبَر المؤثّرة في النفس، وصدق بشر الحافي حين قال: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه.







عوامل مُساعِدة



(1) الإيمان بالله عز وجل وبمعرفته تعالى، وتعظيم حرماته.



(2) استشعار عظمة الله تعالى، والانكسار بين يديه.



(3) تدبر القرآن العظيم.



(4) تذكر منازل الآخرة.




(5) النظر في السماوات والأرض.



(6) النظر في خلق الإنسان.



(7) النظر في الموتى وفي كل ما حولنا.



(8) طلب العلم وتعليمه الناس: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (فاطر:28)، فبالعلم تزيد الخشية والخوف من الله عز وجل.




فلا تنسي عبادة التفكر ... إملأ عينيك بعظيم قدرة الله ... قبل أن يأتي يوم و تغمضها ولم تتفكر يوما في عظمة الله.

أشرف
18-11-2011, 13:52
بارك الله فيك على التذكرة المباركة العطرة

التفكر من أعظم أساليب العبادات التي يتقرب بها للمولى جل وعلى وكما ذكرت في موضوعك على لسان الصالحين 'تفكر ساعة يعدل عبادة سنة'

رزقنا الله وإياكم التفكر الدائم فيه آمين