مشاهدة النسخة كاملة : هنيئا للعدل والإحسان



عادل محسن
28-02-2012, 22:06
هنيئا للعدل والإحسان


بقلم : المصطفـى سنكي

أحكام جاهزة:
يحظى أي نشاط أو موقف أو مبادرة تُقدم عليها جماعة العدل والإحسان باهتمام كبير، حيث تخصص فريق من "المحللين المتخصصين" في تتبع حركاتها ومواقفها وتصريحات قيادييها من باب النيل من خطها وأسلوب عملها وتعاملها مع المستجدات.

وعليه، ستأتي الأحكام تترى على دعوتها الأخيرة لتنظيم مسيرة تضامن مع الشعب السوري من قبيل: الجماعة تستعرض عضلاتها في الشارع، العدل والإحسان ترد على رئيس الحكومة، رسائل الجماعة إلى حلفائها في 20فبراير، ... وإذا كان لهذا الاهتمام من دلالة، فهي أن قدم جماعة العدل والإحسان راسخة في الواقع المغربي ومكانتها محفوظة في النسيج السياسي، وعبثا يحاول المتحاملون النيل منها، بل إنهم بذلك ـ التحامل ـ يعترفون بقيمتها المضافة في المشهد السياسي، ولو من باب: أنا مُستهدف إذن أنا موجود.

إلا الجماعة:
جرت العادة أن أنشطة الجماعة ومواقفها وقراراتها تحمل دلالات خاصة، ولعل هذا من "حسن ظن" النظام وأقلامه بها، فتنظيم من عيار العدل والإحسان تنزه ـ في نظرهم ـ أنشطته أو مبادراته أو خرجاته الإعلامية عن العبث.

وفي هذا السياق، كان قرار شبيبة العدل والإحسان الانخراط في حركة 20 فبراير مثيرا للاهتمام، وسال في تفسيره مداد غزير، بحثا عن الدواعي والأهداف، وخلال أشهر انخراط الجماعة في الحركة لم تتوقف التصريحات والتعليقات المشككة في نوايا الجماعة والمحذرة من انزلاق الحركة الفبرايرية عن مطالبها الاجتماعية. وقبل توقيف أنشطتها في حركة 20 فبراير أعلنت هيئات سياسية مختلفة مقاطعتها لانتخابات 25 نونبر، واعتبر ذلك ممارسة لحريتي الرأي والتعبير، حتى إذا رفعت الجماعة نفس الوقف أقامت السلطة القيامة وأشهرت القوانين المجرمة لهكذا فعل.

وغداة إعلان العدل والإحسان قرار توقيف نشاطها في حركة 20فبراير، كان الأولى أن يتنفس من تضايقوا بانخراطها في الحركة قبل عشرة أشهر الصعداء، ويعيدوا سيوفهم/أقلامهم إلى أغمادها، لكنهم راحوا يبحثون عما بين السطور، فمن مفسر القرار أنه صفقة مع حزب العدالة والتنمية، إلى زاعم أن اتفاقا تحت الطاولة تم بين الجماعة والنظام، إلى مدع أن الجماعة فشلت في تأليب الشعب على النظام، إلى مروج أن حالة صحة الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حرجة تطلبت تجميد أي نشاط لمعالجة قضية خليفته. أما دعوة الجماعة لتنظيم مسيرة تضامنية مع الشعب السوري في مواجهته لغطرسة النظام ووحشيته، فلم ولن تخرج عن السياق المعهود: استعراض للعضلات، تنفيس عن حالة الانطواء والانحسار.

هلع واستنفار:
لم يكن النظام ليكتفي بالمراقبة والتفرج، فقد سارع لجمع معلومات استخبارية عن مدى إمكانية نجاح المسيرة التضامنية مع الشعب السوري، والتي في حالة نجاحها حضورا شعبيا وتنظيما ستحسب للجماعة، وهذا ما لا يستسيغه النظام ولا تتسع له حويصلته السياسية. وتفاديا للمفاجئة جيشت وزارة الداخلية أعوانها ـ شيوخا ومُقدمين ـ للتقصي في شأن مشاركة أعضاء الجماعة من خارج محور البيضاء في المسيرة، حتى يتسنى للجهات المختصة تقييم شعبية الجماعة بناء على طبيعة المسيرة وحجمها: محلية هي أم وطنية؛ وفي ذات السياق، اتخذت التدابير لتعويم المسيرة بدءاً من دفع بعض الهيئات السياسية أو المدنية المعروفة بولائها المخزني لدعوة الشعب المغربي للمشاركة في المسيرة، ومرورا بتهيئ الوسائل اللوجيستيكية من صور وأعلام وطنية ولافتات وتوفير وسائل لنقل والوجبات الغذائية للراغبين في المشاركة من مدن بعيدة، وانتهاء بالتغطية الإعلامية التي تجاهلت الجهة الداعية ـ الجماعة ـ أصلا للمسيرة. إنه نفس النهج الإقصائي الذي يحاول عبثا إخفاء الشمس بالغربال، ويؤكد أن حق الإعلام الذي نص عليه دستور المخزن ما زال مهضوما ما دام الخبر الإعلامي لا يخدم هوى النظام ويفتل في توجهاته.

كل ينفق مما عنده:
خرجت العدل والإحسان تساند شعبا سوريا أعزل إلا من إيمانه بحقه في الحرية والكرامة، وقامت بذلك أداء لواجب ديني نصرة للمظلوم، وطبيعي أن تتعدد التفسيرات والتحليلات لمواقف الجماعة، ومن عادة العدل والإحسان ألا تكترث بردود أفعال المتحاملين ولا بتشكيك المشككين، فهي ماضية متوكلة على ربها آخذة بأسباب التدافع وسننه، وفق تصور يوجه منهاج عملها، لا تنجر لمعارك جانبية، ولا تخدع بأنصاف الحلول أو أرباعها، لا تحيد ولا تزيغ عن سبيل الرفق وأسلوب الحكمة وقانون التدرج مستشرفة موعود الحق سبحانه وبشارة نبيه أن بعد العض والجبر عدل وتمكين لدين الله تسعد به الانسانية بعد ضنك.

ومن رأى أن الجماعة استثمرت المناسبة لمآرب سياسية غير هذا، فالشارع أمامه ليحقق ما يريد من "المكاسب" السياسية، وسيكون مرحبا به في استوديو الأخبار ليعبئ لنشاطه، وسيتجند الإعلام بأنواعه لتغطية الحدث، وتوفر له السلطة كل الخدمات: تنظيم حركة المرور، سيارات الإسعاف، تأمين النشاط.

2012/02/28