مشاهدة النسخة كاملة : أبو بكر القادري رحمه الله



توفيق
04-03-2012, 22:37
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://a2.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/419919_245991935495322_100002535512160_496710_1529 618063_n.jpg

الشريف سيدي أبو بكر القادري رحمه الله، من سلالة تاج العارفين مولاي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، وقد استقر أجداده بالأندلس قبل مصيبة سقوط غرناطة وفرار أسرته من سطوة محاكم التفتيش.
ولد الفقيد بمدينة سلا سنة 1914، أي سنتين بعد الاحتلال الفرنسي للمغرب، ونشأ في ظلال أسرة عالمة متدينة، فوالده رحمه الله كان ملجأ لسكان سلا يحل مشكلاتهم وخلافاتهم، وكان معارضا للحكم، إلى درجة أن السلطان أصدر ظهيرا لتولي والد القادري العدالة في الرباط فأبى الاشتغال في وظيفة تابعة للسلطة.
حفظ فقيدنا القرآن على يد أحد إخوته، فهو الذي تولى كفالته وتعليمه بعد وفاة والدهما، وتلقى أصناف العلوم الشرعية على يد شيوخ زمانه.
وعندما بلغ فقيدنا رحمه الله السادسة عشرة من عمره التحق بمدرسة فرنسية، ومنذ ذلك الحين تجلت فيه روح الإباء والعزيمة، وكان سببا في تأجيج حركة طلابية ثائرة.
وقام فقيدنا رحمه الله بتأسيس حركة قرآنية تربوية وتغييرية، فقد كان يجتمع برفاقه لتلاوة الحزب القرآني بعد صلاة المغرب، ثم يتشاورون ويحددون معالم الطريق في حركيتهم، وكانت هذه الحركة القرآنية حركة مباركة، وضّحت معالم طريقه النضالية المرتكزة أساسا على القرآن، والمنبنية كذلك على تجميع القلوب وتربيتها على مبادئه.
وعندما أصدرت الإدارة الفرنسية "الظهير البربري" سنة 1930، تحرك شباب الوطنيين في موجة احتجاجية سُميت بحركة "اللطيف"، وسميت بهذا الاسم لأنها اعتمدت في أساسها على اتخاذ المساجد منفذا أساسيا لتوعية المغاربة بخطورة السياسة الفرنسية الرامية إلى إحداث التفرقة بين العرب والأمازيغ، وطُلب من المصلين ترديد هذا الدعاء: "اللهم إنا نسألك اللطف فيما جرت به المقادير، ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابر"، وكان المجاهد أبو بكر من الشباب الفتيّ الذين انشغلوا بهذه الحركة المباركة.
هذا وقد وضَع فقيدنا رحمه الله يده على الداء، واختار المقاومة في ميدان التعليم، واتجه بعزيمة الشباب إلى تأسيس مدرسة حرة بزاوية "ابن عبود" ، وعُرفت هذه الزاوية بالمكتب الإسلامي الذي طالما أرق السلطات الاستعمارية وأقض مضجعها، وبسبب أعمالها المناهضة للاستعمار والمقاومة له، قامت سلطات فرنسا باعتقال فقيدنا رحمه الله.
وفي سنة 1934، تقدم عشرة من الوطنيين المغاربة الأحرار ومنهم فقيدنا رحمه الله بمذكرة تضم مطالب الشعب المغربي في ميدان الحريات العامة كحرية الصحافة وإصلاح العدالة والقضاء على الفساد، إلا أن السلطات الفرنسية ماطلت وسوَّفت إلى أن أعلنت رفضها لتلك المطالب سنة 1936.
وعقدت المجموعة مؤتمرا مصغّرا لصياغة مطالب مستعجلة للشعب المغربي في نفس الوقت الذي كانت تقود فيه مظاهرات واحتجاجات لا تنقطع، وتم القبض على فقيدنا رحمه الله مرة ثانية، وبعد الإفراج عنه لم يهدأ ولم يستكن، ولجأ من جديد إلى المهد الأصيل: المسجد، وكانت الحركة الوطنية المغربية تقود عقب كل صلاة مظاهرات مناهضة للاحتلال الأجنبي، ويذكر أن أبا بكر رحمه الله كان قد ألقى خطبة شديدة اللهجة في المسجد الأعظم بسلا هاجم فيها الاستعمار وندد بالقبض على مجموعة من الوطنيين، ودعا إلى تنظيم مظاهرات تضامنية موازية، فقاده خليفة الباشا من المسجد إلى السجن مرة أخرى سنة 1937.
وأثناء استنطاقه بالدار البيضاء خضع لتعذيب مرير، ثم أنزل إلى قبو قضى فيه نحو عشرين يوما لا يتناول فيها إلا الخبز والماء، وهو يعاني من الضغط المعنوي لصراخ وعويل المعذبين من حوله، ثم نفي رحمه الله إلى "تافينغولت" النائية بضواحي تارودانت في بيت مغلق لا يسمح له بالخروج منه إلا نصف ساعة صباحا ومثلها مساء.
يقول سيدي أبو بكر رحمه الله: "إن السجن معيار للثبات والصدق وحسن المعاشرة والإيثار، ولا تعرف أهمية هذه المواصفات إلا في الامتحان، والسجن مدرسة من مدارس الحياة الحقيقية، المتخرج منها لا بد أن يحصل على شهادة في معرفة الحياة".
وتوج القادري رحمه الله حياته الجهادية بتكوين مجموعة من الوطنيين الذين وقعوا على وثيقة الاستقلال، كما أسس جمعية الشباب المسلم، وشارك في تأسيس الحزب الوطني سنة 1934، وحزب الاستقلال سنة 1944، وشارك سنة 1958 بشكل فاعل في تنظيم مؤتمر طنجة لتحقيق حلم المغرب العربي الموحد.
وبعد (الاستقلال)، ظل المجاهد القادري رحمه الله متواجدا بقوة على الساحتين السياسية والفكرية، إذ تولى مسؤولية الكتابة العامة لجمعية الكفاح الفلسطيني لمدة عشرين سنة، ومسؤولية أمين عام مساعد للمؤتمر الإفريقي الإسلامي، ومسؤولية أمين عام مساعد للمؤتمر العالمي للإعلام، كما أنه عضو لمجلس رئاسة حزب الاستقلال وعضو بأكاديمية المملكة المغربية.
ولم يفارق أبو بكر رحمه الله القلم والتأليف، فقد أثرى المكتبة الإسلامية بمجموعة زاهية من المؤلفات، نذكر منها في الميدان الإسلامي:
في سبيل مجتمع إسلامي - في سبيل وعي إسلامي - التعليم.. المهمة الأولي في الإسلام - دفاعا عن المرأة المسلمة - في سبيل وحدة إسلامية.
وفي ميدان العمل القومي: المغرب والقضية الفلسطينية.
كما أن له كتابات في أدب الرحلات، وتربو مؤلفاته في مجملها عن الخمسين كتابا!
رحم الله فقيدنا برحمته الواسعة، وجزاه عن المغرب وعن الأمة الإسلامية خيرا.


منقول .

توفيق
04-03-2012, 23:11
قال عنه الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في كتابه حوار الماضي والمستقبل بعد نقل نص من مقال له :

" نقلتُ هذا النص من مقال للشريف أبي بكر القادري، وهو مِمّن بقي غريبا بديانته وطيبوبَته وسط الإعصار، بعد شباب جهاد وكهولَةٍ امتشق فيها حُسام اليراع ليدافع عن الإسلام. "

.............................................

رحم الله الأستاذ الشريف أبو بكر القادري آمين.

عادل محسن
04-03-2012, 23:15
جماعة العدل والإحسان تعزي في وفاة المجاهد أبي بكر القادري

بسم الله الرحمن الرحيم ـــ وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه

جماعة العدل والإحسان ــ مجلس الإرشاد ــ الناطق الرسمي

تلقينا بحزن بالغ نبأ وفاة الأستاذ العلامة المجاهد أبي بكر القادري رحمه الله، والتحاقه بالرفيق الأعلى بعد مسيرة طويلة من الكفاح في طليعة الحركة الوطنية، ومن النضال من أجل القضايا العادلة للأمة الإسلامية، وبعد مسار مشرف في حقول التربية والعلم والمعرفة.

وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم إلى الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام لحزب الاستقلال وإلى كل قيادة وأعضاء الحزب، وإلى عائلة الفقيد وكل الشعب المغربي، بخالص تعازينا ومواساتنا، وإن مصابنا ومصابكم في الفقيد الراحل كبير، وعزاءنا وعزاءكم واحد.

وإن ما تركه الراحل، رحمه الله، في بلده وأهله وإخوانه ومعارفه ومحبيه من علم وفكر وجهاد لهو خير العزاء، آملين أن يحقق الله عز وجل للبلد ما سعى الراحل إليه من خير يعم هذا الشعب العظيم ويرضى به عنا المولى سبحانه.

فلله ما أعطى وله ما أخذ، وأسكنه سبحانه فسيح جنانه آمين.
فتح الله أرسلان ــ الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان

تاريخ النشر: الأحد 4 مارس/آذار 2012

عادل محسن
04-03-2012, 23:16
رحمه الله واسكنه فسيح جناته وغفر له ذنوبه

توفيق
04-03-2012, 23:33
هسبريس كتبت في الموضوع :

بنكيران: الراحل كان علما من أعلام المغرب المعاصر

وفي هذا الصدد٬ قال رئيس الحكومة٬ عبد الإله بن كيران٬ إن الراحل كان علما من أعلام المغرب المعاصر٬ "يجد فيه الجميع أنفسهم٬ سواء الوطنيون أو أبناء الحركة الإسلامية٬ أو التقدميون".

وأضاف بن كيران أن الراحل ظل طيلة حياته محافظا على الوفاء للمشروعية والملكية٬ كما ظل قريبا من الشعب ومدافعا عن قضاياه٬ مبرزا الخصال الإنسانية الرفيعة التي كان يتحلى بها أبو بكر القادري الذي يشكل فقدانه "خسارة عظمى لكل من يريد الخير لهذا البلد من مختلف التيارات والأحزاب السياسية".