مشاهدة النسخة كاملة : قانون الإضراب ليس أولوية في الشأن التربوي



محمد الصادقي العماري
19-04-2012, 21:32
بسم الله الرحمن الرحيم

محمد الصادقي العماري
sadiki-amari@hotmail.com
قانون الإضراب ليس أولوية في الشأن التربوي
بعد مرور مائة يوم على عمل هذه الحكومة الموقرة، كثر الجدل بخصوص حصيلة الحكومة، ومن الأمور التي أثارت اهتمام الرأي العام وخصوصا رجال ونساء التعليم، بما فيهم النقابات، موضوع قانون الاضراب، واقتطاع أيام الاضراب، كأنها أولوية في الشأن التربوي في بلادنا، أليست هناك قضايا أهم وأشمل وأحرج وأحوج للمدرسة من قانون الإضراب؟؟؟ أم أن قانون الاضراب يمكن الحكومة من ضبط الايقاع في القطاع وفق نظرية " أفضل طريقة للدفاع الهجوم" ؟؟؟؟؟؟؟؟ أم أن الحديث عن قانون الاضراب دليل على الرعب والقلق والارتباك الذي تعيشه الحكومة والوزارة في معالجة قضايا التعليم؟؟ أم هي فرصة لشغل الرأي العام وتأليبه على الأستاذ وتحميله مسؤولية فشل التدبير الحكومي للقطاع ؟؟؟؟؟؟....
من جهتي أعتقد أن الحكومة ليست لها نية الإصلاح في القطاع، وقد يقول القارئ الكريم وهل تحكم على النوايا؟ أقول حاشا لله، ولكن قرائن الحال تدل على ذلك، والدليل هو أن الحكومة ومعها النقابات الكارتونية، لو أرادت المدخل الحقيقي لمعالجة اختلالات المدرسة، لاحترمت سلم الاولويات، وبدأت بالنظام الاساسي للوظيفة العمومية كأولوية أساسية.
والذي به تربح الوقت والجهد معا، لأن به يتم تجاوز الهانات، والفراغ التشريعي الذي يتسم به قانون 2003، واستيعاب المستجدات التي يعرفها الشأن التربوي، والتي تحتاج إلى تشريع ينظمها، ليكون الموظف داخل القطاع على بينة من أمره، وإعطاء وجهة نظر المشرع في إطار المدير، والناظر، والحارس، العام ...، وإطار المفتشين التربويين الذي ثار حوله نقاش في الآونة الاخيرة، وإصلاح الادارة التربوية وعدم تركها للشيوخ، أو الراغبين في الانتقال، أو السكن، أو لإنتقال، ...
ومن خلال مناقشة القانون التنظيمي سيتم معالجة قانون الاضراب بطريقة غير مباشرة، وحينها ستكون المعالجة شاملة وجذرية، تراعى فيها حقوق الأستاذ وواجباته كذلك، وليس الركوب على ظهر الأستاذ باعتباره الحلقة الأضعف.
كما أن هناك طريق أسهل ومباشر للإصلاح، ويفضي بدوره إلى إصلاح قانون الاضراب بصفة غير مباشرة كذلك، لأن الستة وثلاثون نقابة أو يزيد، تؤرق الجسم التربوي، هذه النقابات التي فرخها المخزن من أجل التحكم في الحقل النقابي، المفروض اليوم أنه هو الذي يؤدي فاتورة هذا الانحلال والتمزق والتمييع وليس الأستاذ، لذلك المفروض أن تنصب الجهود حول قانون النقابات، لنعرف من معنا ومن ضدنا، ما هي الجدوى من قانون الاضراب في ظل هذا المشهد النقابي، بل يضاف إليه الكم الهائل من التنسيقيات، التي هي مظهر من مظاهر فشل المركزيات النقابية وغيرها.
إن من القضايا المستعجلة في قطاع التعليم، والتي تفضي بدورها إلى معالجة قضايا كثيرة ينشأ عنها الإضراب، تسوية رواتب رجال ونساء التعليم مع موظفي الوزارات الأخرى، كيف يعقل أن موظف في قطاع المالية ما يأخذه من حوافز في السنة قد يصل إلى ما يأخذه رجل التعليم كراتب.
أي منطق عقلي يحكم هذا البلد، إن لم يكن منطق إذلال رجل وسيدة التربية والتعليم، جزاءا له على رسالته النبيلة، عوض الانصاف، ومراجعة الاختلالات، ورفع الحيف والمظلومية عنه، نثقل كاهله، ونحمله مسؤولية فشل الحكومات السابقة والحالية في ملف التعليم.
إن هذا التضخيم والهالة التي أعطيت للإضراب وخصوصا في قطاع التعليم، المقصود منها ليس رغبة في الإصلاح، وإلا كما قلت في هذه المقالة هناك قضايا أخرى جديرة بالمراجعة والتصحيح، ولم أذكر هنا إلا البعض منها فقط، للتدليل والتمثيل لا الحصر، ولكن المقصود استهداف الأستاذ، ونزع سلطته المعنوية، وفقده لمركزه الاجتماعي والتربوي.
إن المسؤول عن الإضرابات في أي قطاع ومنها قطاع التعليم، هو تماطل الحكومة في الاستجابة للمطالب المشروعة، وعدم فتح قنوات الحوار والتواصل الحضاري، كما في الدول التي تحترم أطرها، والدليل هو أن هناك ملفات قد ترجع إلى عشرات السنين ولم تحل بعد.
هل ملف الزنزانة تسعة يحتمل التأخير والتماطل كل هذا الوقت؟؟ وهل إذا أضرب أساتذة هذه الزنزانة يستحقون الاقتطاع؟؟ هل ملف الدكاترة يحتمل كل هذا التماطل؟؟؟ وهل إذا طالب هؤلاء الأطر بحقوقهم المشروعة يستحقون الإقتطاع؟؟، واللائحة طويلة...أعتقد أن كل أصحاب هذه الحقوق، وغيرها من الذين أضربوا عن العمل في القطاع، يفضلون لو أن الوزارة اقتطعت لهم ثلاثة أيام أو حتى عشرة أيام أو شهر من الاضرابات التي خاضوها، واستجابت لمطالبهم المشروعة، عوض الاضراب بدون اقتطاع وبدون حوار وبدون استجابة للمطالب، لأن في هذه الحالة الحكومة هي المستفيدة وليست الشغيلة التعليمية.
كفانا من المزايدات على الشعب المغربي، كفانا من الارتجالية، إن الشأن التعليمي لا يحتمل هذه المزايدات السياسية، نريد سياسة تعليمية مستمدة من هويتنا وثقافتنا، نريد أيادي متوضأة تسهر على تدبير الشأن التربوي، وتعيد الثقة للأستاذ وللتلميذ ولللآباء، نريد برامج ومناهج تخرج الاطر القادرين على تنمية مجتمعهم، وبناء أمتهم، نريد إبداع بدائل فكريّة ومناهج علمية مستقلة تتناسب مع البيئة الإسلامية بدل استيرادها كما هي من الغرب، نحتاج إلى ضمير نقابي حي يناضل من أجل مستقبل أبناء أمته وليس من أجل حسابات حزبية ونقابية ضيقة، نريد المدرس الرسالي الذي يعمل ويحتسب لوجه الله .
لما سبق ذكره في هذه الورقة وغيره كثير، ينبغي أن يُرْجع البصر إلى هذه الأطروحة الاصلاحية المشوهة للوزارة الوصية، لسد فطورها وتقويم اعوجاجها.
سبحان الذي تتم بنعمته الصالحات

توفيق
20-04-2012, 00:50
جزاك الله خيراً أخي الكريم على صرختك هذه وغيرتك النبيلة على هذا القطاع الذي وضعه كارثي إلى أبعد مدى...

وأقترح أن ينشر هذا المقال في مجلة الرفيع




مع التثبيت هنا في القسم.