مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة الحكم العطائية لأبي عطاء الله السكندري



جنات النعيم
13-01-2005, 19:08
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد واله الطيبين الابرار ونحن معهم الى يوم الدين

واما بعد:

فقبل ان ادرج سلسلة الحكم ونتدارسها فيما بيننا :

كان لا بد ان ادرج نبدة بسيطة عن رجل عظينم قدم الكثير وهو الذي قال في حق حكمه الشيخ والعالم الكبير الفاضل الدكتور سعيد رمضان البوطي :

"وليس بدعاً أن أكون واحداً ممن عشق هذه الحكم، وأن أكون واحداً ممن أدلى بدلوه في شرحها والتعليق عليها، وإن كنت على يقين بأني لست أهلاً لبلوغ المعاني السامية والأسرار القدسية الكامنة في تضاعيفها.
وهو حب قديم متجدد.. ويرحم الله من قال: «لو جازت الصلاة بشيء غير القرآن، لجازت بحكم ابن عطاء الله»!.. "

هو الإمام الملقب بتاج الدين، أحمد بن محمد بن عبد الكريم.. ابن عطاء الله السكندري المالكي، المتوفى عام 709 من الهجرة. فهو من أعيان القرن السابع الهجري. وقد بدأ فتفقه ودرس التفسير والحديث واللغة والأدب على شيوخ له في مصر، ثم توج حياته العلمية بالسلوك التربوي والسعي إلى تزكية النفس على يد عالمين جليلين جمع كل منهما بين ضوابط العلوم الشرعية وأصول تزكية النفس من أمراضها التي سماها الله «باطن الإثم» أما أحدهما فهو الشيخ أبو العباس المرسي أحمد بن عمر الذي اشتهر إلى جانب غزارة العلم بالصلاح والتقوى. وأمّا الآخر فهو الشيخ أبو الحسن الشاذلي علي بن عبد الله، وهو المرجع الأول في الطريقة الشاذلية. وقد توفي الأول منهما عام 686 هـ، أما الثاني فقد توفي عام 656 هـ.
لمع اسم ابن عطاء الله عالماً من أجلّ علماء الشريعة، مصطبغاً بحقائقها ولبابها التي تُحَرِّرُ الإنسان من حظوظ النفس والهوى، وترقى به إلى سدة الصدق مع الله، وتمام الرضا عنه، وكمال الثقة به، والتوكل عليه. ودرّس علوم الشريعة في الأزهر، وتخرج على يديه كثير من مشاهير العلماء، من أمثال الإمام تقي الدين السبكي، والإمام القرافي..
وكان إذا جلس للنصح والوعظ والتوجيه، أخذ حديثه بمجامع القلوب، وسرى من كلامه تأثير شديد إلى النفوس. شهد له بذلك أقرانه الذين كانوا في عصره، والعلماء الذين جاؤوا من بعدهم، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
ولنعلم بهذه المناسبة أن حكم ابن عطاء الله مقسمة إلى ثلاثة أقسام‏:‏

القسم الأول منها يدور على محور التوحيد‏.‏

القسم الثاني يدور على محور الأخلاق‏.‏

والقسم الثالث يتعلق بالسلوك وتطهير النفس من الأدران‏.‏

ولنبدأ ببيان البعد الاعتقادي وتحليله في هذه الحكمة الأولى‏:‏

يقول صاحب جوهرة التوحيد‏:‏


وإن يعذِّبْ فبمحضِ العَدْلِ

فإن يُثِبْنا فَبِمَحْضِ الفَضْلِ



اتمنى ان تروق اعجابكم سلسلة هذا الشيخ الفاضل وان نستفيد منها جميعا

أشرف
13-01-2005, 19:18
مبادرة قيمة جزاك الله كل خير

أرجو أن تكون أختي المشاركات القادمة كل حكمة على حدة قصد المدارسة والنقاش و.... وجزاك الله كل خير.

جنات النعيم
13-01-2005, 19:22
عدد رقم واحد من سلسلتنا الكريمة :

من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل
الاعتماد على العمل أهو في الشريعة أمر محمود أم مذموم‏؟‏
يقول لنا ابن عطاء الله‏:‏ إياك أن تعتمد في رضا الله عنك وفي الجزاء الذي وعدك به على عمل قد فعلته ووفقت له‏،‏ كالصلاة‏،‏ كالصوم‏،‏ كالصدقات‏،‏ كالمبرات المختلفة‏،‏ بل اعتمد في ذلك على لطف الله وفضله وكرمه‏.‏

هل هنالك من دليل على هذا‏؟‏ نعم‏،‏ إنه حديث رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ الذي رواه البخاري وغيره‏:‏ «لن يُدْخِلَ أحَدَكُم الجنةَ عملُه» قالوا‏:‏ ولا أنت يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته»‏.‏

إذن فالعمل ليس ثمناً لدخول الجنة‏،‏ وإذا كان الأمر كذلك فالمطلوب إذا وفقت لأداء الطاعات أن تطمع برضا الله وثوابه‏،‏ أملاً منك بفضله وعفوه وكرمه‏،‏ لا أجراً على ذات العمل الذي وفقت إليه‏.‏

وهنا يقول‏:‏ ومن أبرز الدلائل على اعتمادك على العمل لا على فضل الله‏،‏ نقصان رجائك بعفوه تعالى عند تلبسك بالزلل أي عندما تتورط في المعاصي والموبقات‏.‏

إن هذا يعني أنك عندما كنت ترجو كرم الله وعطاءه إنما كنت تعتمد في ذلك على عملك فلما قلَّ العمل وكثرت الذنوب غاب الرجاء‏!‏‏.‏‏.‏ فهذا هو المقياس الدال على أنك إنما تعتمد في رجائك على عملك لا على فضل الله سبحانه وتعالى وكرمه‏.‏‏.‏ هذا هو باختصار معنى حكمة ابن عطاء الله رحمه الله‏.‏

ثم إن هذه الحكمة لها بُعْدٌ هام في العقيدة‏،‏ وبعد هام يتجلى في السنة‏.‏‏.‏ في كلام سيدنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ‏،‏ ولها بعد ذلك بُعد أخلاقي تربوي‏،‏ وسنأتي على بيان ذلك كله إن شاء الله‏.‏* * *

المختار
14-01-2005, 15:30
جزاك الله خيرا اختنا الفاضلة جنات مبادرة جميلة

جعلها في ميزان حسناتك امين

أشرف
14-01-2005, 16:06
مشكورة أختي الفاضلة وجزاك الله كل خير

جنات النعيم
18-01-2005, 19:26
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخوتي الكرام أشرف والمختار بارك الله فيكم ولكم

والى باقي الاعضاء المشاركين الكرام

لقد طلبت منكم ان نتدارس هده السلسلة فيما بيننا كل حكمة على حدى

فاين النقاش واين آرائكم ؟؟؟؟؟
هيا اجتهدوا معنا وابدلوا جزاكم الله خيرا قصارى جهدكم
حتى نفيدوا ونستفيدوا من أفكاركم والنيرة
فهدا باب من ابواب الخير فاغتنموه عسى الله ان ينورنا واياكم ويهدينا الى سبل الرشد

اتمنى عليكم أن تناقشوا الحكمة الاولى وتبدوا آراكم فيها قبل المرور الى الحكم الثانية

فماذا فهمتم من الحكمة؟ وماذا نستنتج منها ؟وكيف نقتدي بها في حياتنا؟؟؟؟


ملحوظة : التفسير الدي ادرجته للحكمة هو للدكتور الفاضل سعيد رمضان البوطي

أشرف
18-01-2005, 19:41
حاضر أختي الفاضلة وجزاك الله كل خير على هذه المبادرة القيمة

hassan_1677
29-01-2005, 21:20
الإحسان
المحبة والأدب عماد الطريق وسمة الطائفة
*العُمدة ليست في اطّلاعك على ما يفعله الله بك عز وجل، العمدة في اشتغالك بما أمرك. فمما أمرك به الجهاد
وأنت يا من تقرأ كتابي أحياك الله في أزمنةٍ أصبح فيها الجهاد لإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة فرضا. فاشتغل بالعمل الصالح، لكن لا يفتك الله، واطلب من بين المجاهدين من يحضُنك ويطيبك ويبخِّرُك، ويزجُّ بك في حضرة الأحياء بالله في نفس الوقت الذي يحرِّضُك فيه على الجهاد في سبيل الله. إن فاتك طلب الله مع الطالبين، والشوقُ إليه مع المشتاقين، والسير مع السائرين، والولادة في الروح والمعنى مع الوالدين والمولودين، فقد تنال الشهادة الصغرى بالموت الطبيعي، تصيبك رصاصة في سبيل الله. لكن الشهادة الكبرى لا ينالها من انحصرت همته في طلب جنات النعيم ومفاكهة الحور العين. لا ينالها إلا من قتله سيف الحب لله، والحب في الله، والأدب مع الله ومع أولياء الله.

جنات النعيم
30-01-2005, 21:22
الآيس واليائس بمعنى واحد، وهو القانط، فأيس مقلوب يئس كما يقول جلّ اللغويين.

وهذه الحكمة، مع اللتين قبلها، تدور، كما ترى، على محور واحد. هو التحذير من الطمع في المخلوق ونسيان الخالق.

قالوا إن رجلاً كانت له مشكلة استعصت على الحلّ، قيل له: إن فلاناً من الناس ذو صولة ووجاهة وقدرة نافذة، فامض إليه وحدثه عن مشكتك في رجاء واستعطاف، تصل إلى ما تبتغيه. ففعل ما قيل له، وأخذ يتردد عليه ويستعطفه في قضاء حاجته، ويتودد له، دون أن يستفيد منه شيئاً.

فلما يئس منه، واستغلقت السبل أمامه، قطع سبيله إليه، واتجه إلى الله عز وجل يطرق بابه بالمسألة والدعاء، وما هي إلاّ أيام مضت حتى جاء من يخبره بأن مشكلته العويصة قد حلت، وأنه قد وصل من مبتغاه إلى ما يريد. فازداد بهذا الخبر تعلقاً بالله وتذللاً على بابه، وتحرراً من أسر ذلك الذي قاده الوهم إلى التعلق به والتذلل له واستعطافه لحلّ معضلته.

على الرغم من أنهم يرْوون ذلك حادثة شخصية جرت، إلا أنها في الواقع قاعدة دائمة تُسْتَلُّ منها هذه الحكمة.

إن يأسك من الشيء يعني تحررك من سلطانه، وخروجك من أسر التذلل له وحاجة توددك إليه واستعطافك له.. في حين أن آمالك في إمكان الاستفادة منه يطمعك فيه، وطمعك فيه يوقعك في براثن العبودية له.

تلك هي القاعدة التي تنطق بها هذه الحكمة.. وإنها لقاعدة صحيحة مطردة.

على الإنسان ألا يطمع إلا بمن لا يغيرالطمع من علاقته به شيئاً، وهو الله عز وجل:

والنتيجة التي ينبغي أن نعود بها، من فهم هذه الحكمة، وإدراك أنها قانون دائم، أن على الإنسان الكريم على نفسه المعتز بذاته أن لايطمع إلا بمن لايغير الطمع من علاقته به شيئاً.. ولايصدق ذلك إلاّ على الله عز وجل. فالإنسان عبد مملوك لله على كل حال، طمع به أم لم يطمع، سأله أم لم يسأله. إذن فطمعه به وتذلله له وانكساره بالدعاء بين يديه لايغير من واقع حاله تجاهه شيئاً، بل إن موقفه هذا ليس إلا وضعاً للأمر في نصابه، وتنسيقاً للسلوك مع الحقيقة والواقع.

ولن يتحول عن هذا النصح إلى نقيضه إلاّ من كان مهيناً في نفسه، استوت لديه، وفي حق ذاته، الضّعة والكرامة - فهو الذي يعلق آماله بأمثاله، ثم يبني عليها الأطماع بهم، ثم يسلك السبيل بأطماعه إليهم على أرض من التذلل والتحبب والمداهنة والصغار.

adam
31-01-2005, 10:54
جزاك الله خيرا اختنا الفاضلة جنات مبادرة جميلة

جعلها في ميزان حسناتك امين

Hr@F
31-01-2005, 13:26
الله أكبر أختي الكريمة على هذه الروائع الله لا يحرمنا من هذه المشاركات القيمة،

كلام الأولياء كله حكمة ورحمة، اللهن اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين والحمد لله رب العالمين

عاطف
08-02-2005, 00:15
إنما الأعمال امتثال ليس إلا, و المعول عليه هو رحمة الباري, ثم قولوا لي بربكم كيف هي أعمالنا هاته التي نعتمد عليها, أهي حقا سالمة من شوائب الأمراض القلبية, أم كم هي بالإضافة إلى أعمال إبليس لعنه الله من قيام وركوع وسجود قبل أن يطرد من رحمة الله, وهل كان سبب طرده إلا تكبره. أو بالإضافة إلى أعمال أسيادنا من السلف الصالح رضي الله عنهم حتى وصل الإجتهاد بأحدهم بأن يحج على قدميه ويصلي في كل خطوة ركعتين لله تعالى, ورغم كل هذا تجد الواحد منهم خارجا من طاعته خروج العاصي من معصيته كما جاء في "الإحياء" أدبا مع الله, حالهم التذلل وديدنهم الإنكسار, والله عند المنكسرة قلوبهم لأجله كما جاء في الحديث القدسي.
إذا أدرك الإنسان أن المعول عليه هو الله, وأن مفاتيح خزائن الفضل بيده, يفتح بها لمن يشاء,نفعته الطاعة بما يعقبها من فضل الله إن أخلص, وربما نفعته المعصية بما تورثه من ذل بين يدي الله وانكسار, ثم إن حسن الظن بالله من أصول السلوك إلى الله ومن ترك الأصول حرم الوصول, و نقصان الرجاء عند وجود الزلل دلالة على سوء الظن بالله.
لكن لكن لكن لا بد مع جناح الرجاء من جناح الخوف حتى يستطيع السالك التحليق في مقامات القرب عند الله.
أكرمك الله أيتها الأخت الكريمة على مبادرتك الطيبة هذه, ونفعك ونفع بك, ولا أنسى أن أشير إليك أنه لا بد من إجتهاد في أعمال السابقين ينقحها لنا من أفكار اقتضتها ظروفهم الزمانية والمكانية, ويصوغها لنا مناسبة لظروفنا وزماننا المستشرف على الخلافة المنهاجية إن شاء الله تعالى

أشرف
08-02-2005, 10:35
بارك الله فيك أخي عاطف وجزاك المولى كل فضل وخير

خالد
11-02-2005, 00:02
[بسم الله الرحمن الرحيم
وأصلي وأسلم على أشرف المخلوقات والمرسلين
[align=center] أما بعد :

صدقت أخي عاطف حين قلت - إنما الأعمال امتثال ليس إلا, و المعول عليه هو رحمة الباري - فلو لا رحمة الله ما زكى من أحد أبدا , ولو لا رحمة ربنا لتبعنا الشيطان إلا قليلا ولو ولو....وهدا لايجب أن يدفعنا للتهاون في الصلاة والقيام والصيام والدكر ..بحجة الرحمة , فالله جل جلاله قال في محكم تنزيله " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها.." وعلى الأقل:
نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم - مغفورا له , ورجله تورمت بكترة القيام-
- شكرا لله
- بتغاء مرضات الله
إستحضروا أيها الإخوان ** وأرجوا من الله أن نكون من إخوان الأخرة ** الوقت الدي تعرض فيه أعمالنا إلى رسول الله , وسأل نفسك هل أنا راضي عن أعمالي حتى يرضى عنها ربي وربك جل جلاله وعضم شئنه الغني عن كل شيء , وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم راضي عنها - من ناحية طهارتها من الأمراض القلبية و و ..-
يقول رسول الله صلى اللهى عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات, وإن لكل امرء ما نوى..." ويقول صلى الله عليه وسلم " من تواضع لله رفعه " فتطهير النية من دنس الأمراض القلبية, والتواضع لله شيئين أوصي بهما نفسي واخوتي.

أخوكم خالد يسألكم الدعاء[/frame]

المختار
11-02-2005, 20:11
جزاك الله خيرا اخي الفاضل خالد وجعلك من الخالدين في جنات النعيم امين

hassan_1677
11-02-2005, 20:38
جزاكم الله عنا خير الجزاء

جنات النعيم
12-02-2005, 18:44
بارك الله لكم وفيكم اخوتي الكرام آدم- خالد حسن -المختار وعاطف على المتابعة والمشاركات القيمة
جزيت خيرا اخي الكريم عاطف على هده المقولة" ومن ترك الأصول حرم الوصول, و نقصان الرجاء عند وجود الزلل دلالة على سوء الضن بالله" فهدا هو المقصود بوركت يمينك اخي وجزاك الله خيرا كثيرا

عاطف
12-02-2005, 19:00
بوركت أيضا وأكرمت أختي الكريمة, كما لا يفوتني أن أبارك تدخل الأخ الكريم خالد وأذكر نفسي وإياه بأن هناك فرقا بين التواضع وصغر النفس كالفرق بين التكبر ومعرفة قدر النفس, ومعرفة قدرها تجعل السالك يترفع عن الدنايا مروؤة تلقائية


أرجو من الأخت الكريمة أن تصحح إسم كاتب الحكم وهو ابن عطاء الله بدل أبي عطاء الله والسلام

جنات النعيم
12-02-2005, 19:42
"سوابق الهمم لا تخرق أسوار القدر"

الهمم هي العزائم التي يمتع الله بها الناس في مجال الإقبال على شؤونهم‏،‏ من تجارة وصناعة ودراسة ونحوها‏.‏‏.‏ هذه الهمم أو العزائم‏،‏ مهما اشتدت وقويت‏،‏ في نفوس أصحابها‏،‏ فإنها لا تستطيع أن تخترق أسوار الأقدار‏.‏ والأسوار جمع سور‏،‏ وهو السور المعروف الذي يحيط بالبلدة‏.‏ شبّه ابن عطاء الله القَدر الذي قدّره الله في غيبه عليك وعليّ‏،‏ بسور محكم عالٍ غليظ يحيط بالبلدة‏،‏ فمهما أراد الأعداء أن يخترقوه من هنا أو هناك لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً‏.‏ أي فأنت لا تستطيع أن تلغي أو تقفز فوق أقدار الله تعالى بهممك ومحاولاتك مهما أوتيت من براعة الحيلة وخوارق القوة‏.‏

والمعنى الذي يرمي إليه ابن عطاء الله هو التالي‏:‏ يا ابن آدم اكدح كما تحب وابحث عن النتائج كما تشاء ومارس الأسباب في عالمها الذي أقامك الله فيه‏،‏ جهد استطاعتك‏،‏ ولكن فلتعلم أن الأسباب التي تتعامل معها‏،‏ مهما كانت ذات مضاء وفاعلية فيما يبدو لك‏،‏ تتحول إلى ظواهر ميتة‏،‏ إن هي عارضت قضاء الله وحكمه المبرمين في سابق غيبه‏

جنات النعيم
12-02-2005, 19:52
جزاك الله خيرا اخي الكريم على التصحيح لم انتبه

المختار
12-02-2005, 22:52
جزاك الله خيرا كثيرا اختي الفاضلة ، حكمة اخرى من الحكم القيمة جعلها الله في ميزان حسناتك امين ، نضيف عنها - كلمات- حتى يتححق التدارس فيما بيننا ...

يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز :

يَمْحُو اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعندَهُ أمُّ الكِتاب) .(الرعد / 39)
(إنّ الدّعاء يردّ القضاء، ينقضه كما ينقض السلك، وقد أبرم إبراما).
(ادع الله عزّ وجلّ، ولا تقل إنّ الامر قد فرغ منه).

فكثير من الناس الذين يجهلون حقيقة العلاقة بين قضاء الله وقدره، وعلمه بالامور والحوادث من جهة، وبين تغيّرها من حال إلى أخرى، أو رفعها وإبطالها من جهة أخرى يثيرون زوبعة من الشكوك والغبار حول الدعاء، ويتوهمون تغير علم الله تعالى، وإرادته .
فيكون لله تعالى مع هذا التغيير ـ كما يتصّور هذا الفريق من الناس ـ علمان وإرادتان:
علم وإرادة سابقة على التغيير، وهما اللّذان ثبتا تقدير الشيء على حالته الاولى، وعلم وإرادة حين التغيير، وهما اللّذان أحدثا التغيير، والتبديل الجديد، بعد حالته الاولى .
وهذا يعني بالنتيجة أنّ علم الله سبحانه وإرادته متناقضتان وقاصرتان عن تحقيق خير الوجود، ودقّة نظامه .
ولتصحيح هذا المفهوم، وردِّ هذه الشبهة، لابدّ للانسان المسلم من أن يفهم:
أولاً ـ أنّ تغيير الامور بابدالها، أو رفعها عن الإنسان ، بسبب الدعاء لا يعني تبعية إرادة الله لارادة الإنسان ، ولا يعني بطلان القضاء والقدر، لان تغيّر الحوادث يجري أيضاً وفق قضاء وقدر ناسخ للقضاء والقدر الاول، فهما قضاء وقدر واحد في تقدير الله ومشيئته، وما التعدّد والفاصل الزمني إلاّ أمر مرتبط بذات الحوادث الجارية في عالم الإنسان .
ثانياًـ لا يعني تغيّر الاشياء والحوادث بسبب الدعاء، تغيّر علم الله، ذلك لان الله سبحانه بحكمته ولطفه، ورحمته بعباده، قد جعل بقضائه وقدره أيضاً وسابق علمه دعاء الدّاعي عند، وقبل، وبعد نزول البلاء به، أو انقطاع حوائجه عنه، سبباً لكشف البلاء، أو غفران الذنب، أو قضاء الحاجة .
فسببية الدعاء بهذا الاعتبار جزء من قضاء الله وقدره، وليس خارجاً عنهما أو متعارضاً معهما، أي إنّه حقيقة مقدّرة في قضاء الله لدفع ما قدّر، شأنها في القضاء شأن بقيّة الحقائق التي وقعت على الإنسان ، كالحاجة، والمرض، والمحنة . . . الخ

fakir
16-02-2005, 12:08
السلام عليكم إخواني في الله جزاكم الله خيرا على ما قدمتم،أريد أن أتقدم بمشاركتي هذه إحياء لسنة التدارس.
بالنسبة لحكمة "من علامات الإعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل"
نعلم إخواني أن الله عز وجل خلق الإنسان و أمره بعبادته و طاعته،و فضل الله و كرمه أنه هو سبحانه الموفق لذلك والمعين عليه،و هذا من باب "أعطاك و نسب إليك"فيظن العبد المسكين الجاهل أنه هو الذي أطاع الله،هو الذي ذكره،هو الذي صلى و صام و قام وحضر مجالس الدكر...فيقع بذلك في معاصي القلوب: العجب والرياء و رؤية النفس في الأعمال وغيرها...

خالد
17-02-2005, 01:34
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيد الأولين والأخرين وإمام الأولياء والمتقين وعلى أصحابه الأخيار ونسائه الأبرار أمهاتنا الصالحات الطاهرات الطيبات وعلى آله ومن تبعهم إلى يوم الدين..
جزاكم الله خيرا- يا إخوان الأخرة - على ما قدمتم وأفدتم..
أخوكم خالد يسألكم الدعاء

عاطف
17-02-2005, 02:09
السلام على أهل الهمم ، فهم صفوة الأمم ، وأهل المجد والكرم ، طارت بهم أرواحهم إلى مراقي الصعود ، ومطالع السعود ، ومراتب الخلود.
صاحب الهمة ما يهمه الحرّ ، ولا يخيفه القرّ ، ولا يزعجه الضرّ ، ولا يقلقه المرّ ، لأنه تدرع بالصبر . صاحب الهمة ، يسبق الأمة ، إلى القمة ،{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{ ، لأنهم على الصالحات مدربون ، وللبر مجربون .
ألا فليهنأ أرباب الهمم ، بوصول القمم ، وليخسأ العاكفون على غفلاتهم في الحضيض ، فلن يشفع لهم عند ملكوت الفضل نومهم العريض ، وقل لهؤلاء الراقدين{ إنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ}
فإن نصيب الإنسان من الدنيا عمره، فإن أحسن استغلاله فيما ينفعه في دار القرار ربحت تجارته، وإن أساء استغلاله في المعاصي والسيئات حتى لقي الله على تلك الخاتمة السيئة فهو من الخاسرين، وكم حسرة تحت التراب والعاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله، وخاف من ذنوبه قبل أن تكون سببا في هلاكه، قال ابن مسعود: المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه.
وكل مخلوق ميسر لما خلق له وسابقة كل واحد عند الله لن تكون إلا ما قدره له أو عليه كثر عمله أو قل علت همته أو ركدت والفضل ومقداره بيد الله وإن خير ما يسأل حسن الخاتمة.
وأكرمكم الله وجزاكم خيرا والحمد لله رب العالمين

جنات النعيم
17-02-2005, 18:12
جزيتم خيرا كثيرا اخوتي الكرام

بارك الله لكم وفيكم على هذه المشاركات القيمة

اللهم اجعلنا ممن يفيد ويستفيد وينصح ويستنصح ويعظ ويتعظ. ...آآمين

أشرف
19-02-2005, 09:44
مشاء الله الله ينفعنا بكم آمين والحمد لله رب العالمين

hassan_1677
19-02-2005, 20:58
حياك الله على هذه المشاركات المتميزة
بالفعل لاييأس من روح الله الا القوم الكافروون .
المؤمن قوي الثقة بالله
مستبشر بالفرج إن مع العسر يسرا

خالد
26-02-2005, 00:53
جزاك الله خيرا -أخي عاطف- على تفهيمك وتوضيحك وأسأل الله أن ينفعنا و ينفع بنا

ابويوسف الجزائري
27-02-2005, 08:48
شكر الله لك خوي وقد قام الدكتور محمد سيعد رمضان البوطي بشرح العطائية فبودنا ان تفيدنا من الشرح شيئا وانت مشكور مرة اخري خوي الحبوب.

hassan_1677
20-03-2005, 11:58
أخرج ابن سعد عن مسلم بن بشير، قال:
بكى أبو هريرة – رضي الله تعالى عنه – في مرضه، فقيل له:
ما يبكيك، يا أبا هريرة؟
قال: أَمَا إنِّي لا أبكي على دنياكم هذه، ولكني أبكي لبُعد سفري وقلَّةِ زادي. أصبحت في صعود مهبطة على جنَّة ونار، فلا أدري إلى أيِّهما يُسْلَك بي.
(حياة الصحابة: 2/693 – 695 - 696

جنات النعيم
25-03-2005, 11:14
الناس يمدحونه لما يظنونه فيه..

كيان الإنسان مليء بالعيوب، ولكن سنة الله في عباده اقتضت أن يكون جلّ هذه العيوب خفية عن أعين الآخرين لا يطلع عليها إلا أصحابها
هذا يدل على أن سبب ثناء الناس بعضهم على بعض، ما يلوح لكل منهم من ظواهر الآخرين
إذن فمن الغباء أن يغتر الممدوح بمدح الناس له اعتماداً على ما لاح لهم من ظاهر أمره وما خفي عنهم من حقيقة حاله
لعل في الناس من يقول: ولكن الله عافاني من سائر النقائص، وليس مدح المادحين لظاهري إلا مطابقاً للواقع الذي أعرفه من باطني
لا ريب أن هذا الذي يدعي ذلك، من أكثر الناس ابتلاء بالنقائص والعيوب وبيان ذلك الحكمة التالية التي تقول :ّ" المؤمن إذا مُدِح استحيا من الله"

المراد بالمؤمن هنا، من كان إيمانه بالله هو القائد له في حياته
هذا المؤمن إما أن يرى أن الوصف الذي مُدِحَ به موجود لديه، وإما أن يرى أنه غير موجود لديه في الحالة الأولى يستبدّ به الخجل لما يعلم أنه من الله هو المتفضل عليه بذلك الوصف
وفي الحالة الثانية لا بدّ أن يكون حياؤه من الله أشد، لما يعلم أنه مبتلى بنقيض ما قد مُدِحَ به
أما الذي يمدحه الناس فيزهى بمدحهم له، فهو غير مؤمن بالله حق الإيمان

المختار
25-03-2005, 15:13
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة

نسأل الله تعلى ان يرزقنا ايمانا كاملا امين امين

anass
29-03-2005, 20:32
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة

hassan_1677
07-04-2005, 15:00
الحسن البصري

هو أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، ولد الحسن في أواخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، وأبوه مولى زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي وكانت أمه ربما غابت في حاجة فيبكي فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه فدر عليه ثديها فشربه فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك.

ونشأ الحسن بوادي القرى وكان من أجمل أهل البصرة حتى سقط عن دابته فحدث بأنفه ما حدث.

وحكى الأصمعي عن أبيه قال ما رأيت أعرض زندا من الحسن كان عرضه شبرا. وقال أبو عمرو بن العلاء ما رأيت أفصح من الحسن البصري ومن الحجاج ابن يوسف الثقفي فقيل له فأيهما كان أفصح قال الحسن.

جنات النعيم
17-05-2005, 19:04
بارك الله فيك اخي
جزيت خيرا على هذه المعلومات القيمة

جنات النعيم
17-05-2005, 19:10
الدين الحق الذي ابتعث الله به الرسل والأنبياء، وختمهم ببعثة آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، إنما جعله الله حصناً لحرية الإنسان، بل هو الحصن الوحيد الذي لابديل عنه لحمايتها من الآفات التي تتهددها.

وما الحرية، في معناها الواضح البسيط الذي يفهمه كل عاقل؟

هي أن يطمئن الإنسان إلى أن لا سلطان لغير من هو عبد ومملوك له، عليه.

وهذا يعني أن المدخل الذي لابديل عنه إلى حصن الحرية الحقيقية، أن يبدأ الإنسان فيتعرف على هويته، ولسوف يعلم - إن هو بحث بجدّ وصدق - أنه مملوك للإله الذي خلقه فصوره في ظلمات الرحم كيف يشاء، ثم يسّر سبيله للخروج إلى فضاء هذا العالم، ثم قضى بأن يميته عند حلول الأجل المحدود، ثم ينشره ويعيده إلى حياة أخرى خالدة باقية في الميقات المحدد والمعلوم له. وإذا علم أنه مملوك له حقاً، علم أنه إذن عبده بالواقع والاضطرار، مهما حاول وتصرف، ومهما استغنى أو افتقر، ومهما عزّ أو تذلل، ومهما ضعف أو اقتدر.

يقين الإنسان بعبوديته ومملوكيته لهذا الواحد، يدفعه إلى أن يدين بالولاء والخضوع له وحده، دون سائر الكائنات الأخرى على اختلافها وتفاوتها في الأهمية.

فمهما لاحت له مظاهر القوة أو مقومات السلطة أو بوارق الضرر والنفع، في شأن أناس من أمثاله من البشر، لايقيم لشيء من ذلك وزناً ولا يوليه أي أهمية أو اهتمام.. ومن ثم فإن ذلك كله مجتمعاً لن يقوى على انتقاص شيء من آفاق حريته. إذ قد انحصرت الفاعليات كلها، في يقينه العقلي، في ذات واحدة هو الله عز وجل. وكل ما عداه ومن عداه مملوك له مسيّر تحت سلطانه داخل قبضته.

meriam k
20-10-2005, 21:04
rabi irfa3 makamana 3indak

annassim lmahbob
29-11-2005, 11:11
amine ya rab l3alamine

lahrech
10-01-2006, 23:34
جزاك الله خيرا اختنا الفاضلة جنات مبادرة جميلة

جعلها في ميزان حسناتك امين

سهيل
12-01-2006, 22:52
يقول سيدي عبد القادر الجيلاني
بك لا يأتي شيء ولا بد منك
معناها والله أعلم يصب في نفس معنى الحكمة الاولى
أي بعملك واجتهادك لا يمكن أن تبلغ وتسلك ان اعتمدت عليه ولكن لا بد منه ابتلاء وامتحانا

صوبوني ان أخطأت