أشرف
08-07-2012, 14:43
في شأن الحرمان من التخييم: ليس دفاعا على "باشا" تازة
بقلم: المصطفى سَـنْـكـي
ـ 1 ـ
اتخذ باشا مدينة تازة قرارا ذا طابع إداري بمنع مجموعة من الأطفال من المشاركة في إطار جمعية الأمل الوطنية من التخييم، وقامت الدنيا ولما تقعد على قرار ـ رغم إداريته ـ بعيد عن أي شطط في استعمال السلطة، ما دام يستند إلى المذكرة التي توصل بها الولاة والعمال من طرف وزير الداخلية يستنفرهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لعرقلة أنشطة جماعة العدل والإحسان. وحيث إن آباء الأطفال موضوع القرار أعضاء في العدل والإحسان، فالسيد الباشا قدر أن منع أبنائهم من حقهم في التخييم عرقلة وتضييق على العدل والإحسان. إذن، قراءة الباشا للمذكرة المعلومة مقبولة، وبالتالي فقراره سليم ومبرر.
ـ 2 ـ
تناسلت التعليقات على القرار، ولم يكن من شجبوا تمسك جماعة العدل والإحسان بحقها في تنظيم مخيماتها وفق القوانين ليتأخروا عن التعليق مرة أخرى، فأطل الدكتور عبد العلي حامي الدين بصفته الحقوقية هذه المرة ليندد بقرار باشا تازة، ويعتبره في حال ثبوته "انتهاكا صريحا للقوانين الجاري بها العمل، وتعارضا مع الدستور الذي يكرس مبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين، وضربا لحق الطفل في التخييم، وتعطيلا للأدوار التربوية للجمعيات.".
جاء التعليق بصيغة حقوقية متضامنا مع الأطفال ضحايا قرار إداري ومؤكدا استعداد منتدى الكرامة للدفاع عن حق الأطفال الممنوعين من التخييم ومساندة الجمعية المذكورة إذا ما قررت اللجوء إلى القضاء.
ـ 3 ـ
قبل أسبوعين تحدث الدكتور عبد العلي حامي الدين بصفته الحزبية، وعبر عن موقف سياسي هيأ تغطية لهكذا قرار؛ واليوم، يتحدث بصفته الحقوقية معبرا عن استعداده لمساندة الجمعية وليس الأطفال ضحايا القرار، لأن الأطفال وضمنيا آباءهم يحيلون على جماعة العدل والإحسان التي يجب ألا تستثمر القضية فتكسب نقطا سياسية وتحرج الحكومة. وبتعبير أدق، تحرج حزب المصباح الذي لخص برنامج ولايته الحكومية في تنزيل دستور فاتح يوليوز. "إحراج الحكومة/حزب المصباح" تحول إلى لازمة تردد كلما جد مستجد يكشف عجز الحكومة عن تدبير قطاع معين، لذلك أضحى طرح السؤال "من يُحرج الحكومة؟ ومن يشوش على أدائها؟" مشروعا.
ـ 4 ـ
مصدر حرج الحكومة، بل حرج حزب المصباح تحريا للدقة هو قََبوله بحكومة دون حكم وسلطة فعلية، وهو الأمر الذي أحال الحكومة واجهة لتصريف قرارات ظل الحزب خلال مرحلة المعارضة يرفضها ويعارضها، ويكفي الرجوع إلى مداخلات حزب المصباح وإحالاته في البرلمان في مختلف المجالات للوقوف على المسافة الضوئية بين خطابات الأمس القريب وقرارات اليوم: صندوق المقاصة نموذجا.
الذي أحرج الحكومة وسيحرج حزب المصباح مستقبلا هو قبوله تحمل تدبير مرحلة حرجة جدا دون ضمانات باتخاذ القرارات الجريئة في معضلات كبرى. الذي أحرج الحكومة وسيحرج حزب المصباح مستقبلا هو قبوله سحب سلطته على قطاعات حيوية باسم قوانين تنظيمية: 12.02 مثالا التي انتقدها الدكتور حامي الدين نفسه واعتبرها انقلابا على صلاحيات رئيس الحكومة. الذي أحرج الحكومة وسيحرج حزب المصباح مستقبلا هو قبوله أن يكون ظلا لحكومة الظل فقبل بإعادة انتشار الولاة والعمال، بل زكاهم وبيّض سجلاتهم وشهد لهم بالكفاءة المهنية.
ـ 5 ـ
لقد ارتأى رئيس الحكومة عوض مواجهة الفساد بأسمائه ورموزه التي طالما رددها في لقاءاته التواصلية وشوش بها على الحراك الشعبي أن يضفي عليها بعدما تقلد المسؤولية صفة ميتافيزيقية "أشباح، عفاريت"، وهو أسلوب "ابتكره" تفاديا لمواجهة الفساد ولوبياته في ما يشبه نوعا من الاستسلام والمهادنة والاعتراف الضمني أن هذه الكائنات التي لا يدركها الحس متجذرة في بنية النظام يستحيل اقتلاعها والتصدي لها، وفضل بذلك رئيس الحكومة العمل بالمثل الشعبي المَصري: "ابتعد عن الشر وغنِّ له".
ومناسبة بعد أخرى، تُحرَج ـ بفتح الراء ـ بقرارات من قبيل مذكرة وزارة الداخلية تحث الولاة والعمال على عد أنفاس حزب رئيس الحكومة وذرعه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح، مثلما تدعو للتضييق على جماعة العدل والإحسان وحرمان أعضائها وذويهم من حقوقهم العامة، وتُملى على الحكومة قرارات لا شعبية يدفع مقابلها حزب المصباح وليس الحكومة قسطا من رصيد شعبيته في أفق إفلاسه السياسي.
ـ 6 ـ
إذن، قرار باشا مدينة تازة سليم ومبرر، وهو في النهاية ووفق التسلسل الإداري قرار يتحمل رئيس الحكومة مسؤوليته. وحيث إن الأمر لا قبل للحكومة به ويتجاوز الصلاحيات المخولة لها، إذ تقف وراءه كائنات فوق مرئية ـ أشباح وعفاريت ـ يُستعاذُ من شرها بإخلاء المكان وترديد التسليم والخضوع بالتعبير العامي الشعبي، ويُراهَن كما في جميع القرارات اللا شعبية التي اتُّخذت وستُتَّخذ لاحقا على حُسن تفهم المتضررين للإكراهات التي تشتغل في ظلها الحكومة.
بقلم: المصطفى سَـنْـكـي
ـ 1 ـ
اتخذ باشا مدينة تازة قرارا ذا طابع إداري بمنع مجموعة من الأطفال من المشاركة في إطار جمعية الأمل الوطنية من التخييم، وقامت الدنيا ولما تقعد على قرار ـ رغم إداريته ـ بعيد عن أي شطط في استعمال السلطة، ما دام يستند إلى المذكرة التي توصل بها الولاة والعمال من طرف وزير الداخلية يستنفرهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لعرقلة أنشطة جماعة العدل والإحسان. وحيث إن آباء الأطفال موضوع القرار أعضاء في العدل والإحسان، فالسيد الباشا قدر أن منع أبنائهم من حقهم في التخييم عرقلة وتضييق على العدل والإحسان. إذن، قراءة الباشا للمذكرة المعلومة مقبولة، وبالتالي فقراره سليم ومبرر.
ـ 2 ـ
تناسلت التعليقات على القرار، ولم يكن من شجبوا تمسك جماعة العدل والإحسان بحقها في تنظيم مخيماتها وفق القوانين ليتأخروا عن التعليق مرة أخرى، فأطل الدكتور عبد العلي حامي الدين بصفته الحقوقية هذه المرة ليندد بقرار باشا تازة، ويعتبره في حال ثبوته "انتهاكا صريحا للقوانين الجاري بها العمل، وتعارضا مع الدستور الذي يكرس مبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين، وضربا لحق الطفل في التخييم، وتعطيلا للأدوار التربوية للجمعيات.".
جاء التعليق بصيغة حقوقية متضامنا مع الأطفال ضحايا قرار إداري ومؤكدا استعداد منتدى الكرامة للدفاع عن حق الأطفال الممنوعين من التخييم ومساندة الجمعية المذكورة إذا ما قررت اللجوء إلى القضاء.
ـ 3 ـ
قبل أسبوعين تحدث الدكتور عبد العلي حامي الدين بصفته الحزبية، وعبر عن موقف سياسي هيأ تغطية لهكذا قرار؛ واليوم، يتحدث بصفته الحقوقية معبرا عن استعداده لمساندة الجمعية وليس الأطفال ضحايا القرار، لأن الأطفال وضمنيا آباءهم يحيلون على جماعة العدل والإحسان التي يجب ألا تستثمر القضية فتكسب نقطا سياسية وتحرج الحكومة. وبتعبير أدق، تحرج حزب المصباح الذي لخص برنامج ولايته الحكومية في تنزيل دستور فاتح يوليوز. "إحراج الحكومة/حزب المصباح" تحول إلى لازمة تردد كلما جد مستجد يكشف عجز الحكومة عن تدبير قطاع معين، لذلك أضحى طرح السؤال "من يُحرج الحكومة؟ ومن يشوش على أدائها؟" مشروعا.
ـ 4 ـ
مصدر حرج الحكومة، بل حرج حزب المصباح تحريا للدقة هو قََبوله بحكومة دون حكم وسلطة فعلية، وهو الأمر الذي أحال الحكومة واجهة لتصريف قرارات ظل الحزب خلال مرحلة المعارضة يرفضها ويعارضها، ويكفي الرجوع إلى مداخلات حزب المصباح وإحالاته في البرلمان في مختلف المجالات للوقوف على المسافة الضوئية بين خطابات الأمس القريب وقرارات اليوم: صندوق المقاصة نموذجا.
الذي أحرج الحكومة وسيحرج حزب المصباح مستقبلا هو قبوله تحمل تدبير مرحلة حرجة جدا دون ضمانات باتخاذ القرارات الجريئة في معضلات كبرى. الذي أحرج الحكومة وسيحرج حزب المصباح مستقبلا هو قبوله سحب سلطته على قطاعات حيوية باسم قوانين تنظيمية: 12.02 مثالا التي انتقدها الدكتور حامي الدين نفسه واعتبرها انقلابا على صلاحيات رئيس الحكومة. الذي أحرج الحكومة وسيحرج حزب المصباح مستقبلا هو قبوله أن يكون ظلا لحكومة الظل فقبل بإعادة انتشار الولاة والعمال، بل زكاهم وبيّض سجلاتهم وشهد لهم بالكفاءة المهنية.
ـ 5 ـ
لقد ارتأى رئيس الحكومة عوض مواجهة الفساد بأسمائه ورموزه التي طالما رددها في لقاءاته التواصلية وشوش بها على الحراك الشعبي أن يضفي عليها بعدما تقلد المسؤولية صفة ميتافيزيقية "أشباح، عفاريت"، وهو أسلوب "ابتكره" تفاديا لمواجهة الفساد ولوبياته في ما يشبه نوعا من الاستسلام والمهادنة والاعتراف الضمني أن هذه الكائنات التي لا يدركها الحس متجذرة في بنية النظام يستحيل اقتلاعها والتصدي لها، وفضل بذلك رئيس الحكومة العمل بالمثل الشعبي المَصري: "ابتعد عن الشر وغنِّ له".
ومناسبة بعد أخرى، تُحرَج ـ بفتح الراء ـ بقرارات من قبيل مذكرة وزارة الداخلية تحث الولاة والعمال على عد أنفاس حزب رئيس الحكومة وذرعه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح، مثلما تدعو للتضييق على جماعة العدل والإحسان وحرمان أعضائها وذويهم من حقوقهم العامة، وتُملى على الحكومة قرارات لا شعبية يدفع مقابلها حزب المصباح وليس الحكومة قسطا من رصيد شعبيته في أفق إفلاسه السياسي.
ـ 6 ـ
إذن، قرار باشا مدينة تازة سليم ومبرر، وهو في النهاية ووفق التسلسل الإداري قرار يتحمل رئيس الحكومة مسؤوليته. وحيث إن الأمر لا قبل للحكومة به ويتجاوز الصلاحيات المخولة لها، إذ تقف وراءه كائنات فوق مرئية ـ أشباح وعفاريت ـ يُستعاذُ من شرها بإخلاء المكان وترديد التسليم والخضوع بالتعبير العامي الشعبي، ويُراهَن كما في جميع القرارات اللا شعبية التي اتُّخذت وستُتَّخذ لاحقا على حُسن تفهم المتضررين للإكراهات التي تشتغل في ظلها الحكومة.