مشاهدة النسخة كاملة : أطواق الذهب في المواعظ والخطب/ الزمخشري



raji
05-08-2006, 11:25
الذي يخفض المرء
ما يخفض المرء عُدمه ويتمه، إذا رفعه دينه وعلمه. ولا يرفعه ماله وأهله،إذا خفضه فجوره وجهله. العلم هو الأب، بل هو للثأي أرْأَب. والتقوى هي الأم، بل هي إلى اللبان أضم. فأحرز نفسك في حرزهما، واشدد يديك بغرزهما. يسقك الله نعمة صيّبة، ويحيك حياة طيبة.
المقالة الثانية: أصلك يا ابن آدم
يا ابن آدم أصلك منم صلصال كالفخار، وفيك ما لا يسعك من التيه والفخار. تارة بالأب والجد، وأخرى بالدولة والجد. ما أولاك بأن لا تصعر خديك، ولا تفتخر بجديك. تبصّر خليلي مم مركّبك، وإلى م منقلبك. فخفض من غلوائك، وخل بعض خيلائك.
المقالة الثالثة: عُمرٌ ينقضي
عمر ينقضي مر الإعصار، وأنت ترجوه مدى الأعصار. ضلة لرأيك الفائل، في ظلك الزائل. ما هو إلا بياض نهارك فتغنمه، وسواد ليلك فلا تنمه. واتبع من ضرب أكباد المطي، بكنف وطيّ.
المقالة الرابعة: أسطوانة وخنزوانة
قدُّ في طول الأسطوانة، وأنف ملئ من الخنزوانة. وعطف ميال، وقميص ذيّال. وشخص لا يشعر أجر الإزار، من الأجور أم من الأوزار. وإن من أعظم الحوب، فضل الذيل المسحوب. يا أرعن، ومثلك ألعن. قل لي ويلك، كم تلحف البطحاء ذيلك. وهي عما قليل تلحفك حصباءها، وتقذف عليك أعباءها وتثقلك فوق ما أثقلتها. وتحملك أضعاف ما حملتها.
المقالة الخامسة: يا ابن أبي
يا ابن أبي وأمي هات، حديث الآباء والأمهات. وحدّث عن رجال العشيرة وكرام الأخلاء والجيرة. من الجار الجنب، وماس الطنب. ومن جاثيناه على الركب، وجاريناه في كشف الكرب. ومن رفدنا بالخير ورفدناه، وأفادنا الحكمة وأفدناه. قد اقتضاهم من أوجدهم أن يفنوا، وخلت عنهم الديار كأن لم يغنوا. وكفى بمكانهم واعظاً لو صودف من يتعظ، وموقظاً عن الغفلة لو وجد من يستيقظ.