مشاهدة النسخة كاملة : في غلبة السلطان عند الشيخ الأكبر قدس الله سره : مقدمة



عمرسعيدالحسني
24-09-2012, 18:21
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد النور الذاتي و السر الساري في سائر الأسماء و الصفات و الأوقات و على آله و صحبه أجمعين

فهرس الموضوع :
في غلبة السلطان عند الشيخ الأكبر قدس الله سره
الفصل الأول : - مقدمة:
1. في مدرسة الوجود و علومها :
2. في دائرة الإنسان و ترقيه :
3. الإنسان ودائرة العبد الجامع :
4. عندما يغيب سلطان العلم :
5. الجسر العملي :
6. في رحى المعرفة :
7.خاتمة :
- مقدمة :
ينفذ العلم في قلب العارف بالله ، فتصير أجزاء ذاته كلها حرفا إلهيا خاصا ، و غالبا ما يصطلح عليه أهل الله تعالى بغلبة سلطان المعرفة و هي عند الشيخ الأكبر قوة في التدبير و فهم في العلم و إجراء عملي سلوكي ، وجسر علمي عملي ، يختص به الولي عندما يتنزل القرآن في قلبه ذوقا و فهما و فقها . وهنا يأتي الولي في زمانه بالفهم الجديد في الدين و ليس بالشرع الجديد كما يتوهم البعض. و لسعة قلب العارف بالله ، و تمكن عرش الرحمن في روحه ، يخصه الله تعالى بعلم و معرفة تجمع بين الأسين الفهم الاصطلاحي و الفهم التدبري.
غالبا ما يتهم الشيخ الأكبر في فهومه بالحلول و الاتحاد ، وقد استنكرها رضي الله عنه في أكثر من موضع في كتابه الفتوحات المكية ، والقارئ لهذا السفر المميز العظيم في تاريخ الاجتهاد البشري ، يجد نفسه حائرا بين سعة علوم الرجل ، ودقة تصانيفه ووقوفه بالتحقيق في المصطلحات ، ومزج معارفه بذوقه و خلاصة تجربته ، بل أحيانا يورد منازلاته كبابا و مفتاحا لما فيه من الأسرار و الذوق و الري، ووضع منازلاته على محك الشرع ، و بساط التأويل ، وتصحيحا للمفاهيم ، وتقويما لتجارب العارفين و الصالحين من قبله.
ولاختلاف أمزجة الخلق في طلبهم لله ، واختلافهم في الوسيلة و المنبع و الحجزة و الهاد ، تنوعت هذه الإرادات والكامل الجامع بحسب الشيخ الأكبر من كان جامعا لهذه الاعتقادات ، عالما بمصادرها ومواردها لا يغيب عنه شيء، ليحيط بالاعتقاد من جانب النظر بأدلته العقلية ، وبمعرفته العرفانية باحثا عن كل سر و حقيقة . والحقيقة عند الشيخ الأكبر قدس الله سره مدرسة ، والرب سبحانه وتعالى رب هذه المدرسة ، وملقي الدروس فيها على المتعلمين ، فهو العالم جل جلاله ، والرسل عليهم السلام هم المعيدون ، و الورثة من العلماء هم الأطباء المؤدبون ، وهم معيدو المعيدين.
بهذه البساطة في العمق ، فالوجود في تجليه الحاضر ، ماعليه الإنسان في الكبد ، و في المستقبل هو تأثره تحت وقع أسماء الله تعالى المتفاضلة ، أو ما يسميه الشيخ الأكبر التربية باسم إلهي خاص ، وهي تربية يشرحها الشيخ الأكبر في مختلف فصول كتابه الفتوحات المكية و سنعود اليها بالتفصيل في أجزاء هذا البحث ، وعليها يكون مدار غلبة السلطان ، سلطان المقام و الحال و المعرفة و الرتبة و المهام أو التكليف الدعوي و الصفة و النيابة و الخلافة ، وبها يزن أهل الله رجال الله و الله أعلم.
بين الطريقة كمدرسة ومثال ، والحقيقة كنتيجة ومآل ، يكمن الوجود في جانبه الوضعي و الباعث الذاتي عند طالب الحق ، السالك على بصيرة من ربه ، ومن رشحوا بل طلبوا من الله تعالى أن ينازلوا نفوسهم في بساط البحث عن المعرفة كسلوك ، والحقيقة كغاية : ( من عرف نفسه عرف ربه) ، والتربية بحسب الشرعة و المنهاج كوسيلة.
ومما لم يفهم عن الشيخ الأكبر مصطلحاته ، وذلك لأطلاقه لها دون تقييد ، حتى أن القارئ يجد غموضا في وضعها ، أهي ظنية أم قطعية ؟ أو شرعية مستنبطة من قاعدة شرعية ، أو مبتدعة ؟
لكل شرب ذوق معلوم ، قاعدة يرددها إشارة منه إلى تفاوت الإ دراك باختلاف الإرادات أو ما يمكن تسميته في لازمة طرحت إشكالا كبيرا عند الأصوليين : العقل و النقل وما يترتب عليه من فهم كجسر عملي علمي للإرادة.
هذه مجرد خواطر أو ملاحظات ، كتبتها عند فهرستي لكتاب الفتوحات المكية فقرة فقرة ، جاهدا أن أجد ذالك النسق أو الترابط بين كل فصول كتابه ، مدة سنة تقريبا أضعا بين يدى أخوتي في الطريق كمحاولة أو جهد بسيط لفهم تراث الشيخ الأكبر ، وبابا للنقاش السليم بعيدا عن فوضى الاتهامات .
فإن وجدتم في كلامي أصابة أو خيرا فلله الحمد ، وإن وجدتم خطأ أو اعوجاجا فقوموني .
و أطلب منكم خالص الدعاء.
والسلام عليكم