مشاهدة النسخة كاملة : أخبار الحمقى والمغفلين



raji
07-08-2006, 20:17
أخبار الحمقى والمغفلين



كان بالكوفة امرأة حمقاء يقال لها مجيبة، فقفد عيناوة فتىً كانت أرضعته مجيبة، فقال له لما وجده: كيف لا تكون أرعن ومجيبة أرضعتك؟ فوالله لقد زقت لي فرخاً فما زلت أرى الرعونة في طيرانه.

ومن المجانين هبنقة القيسي، وجرنفش السدوسي، واسم هنبقة يزيد بن ثروان، وكنيته أبو نافع، وكان يحسن من إبله إلى السمان ويسيء إلى المهازيل. فسئل عن ذلك فقال: أما أكرم ما أكرم الله وأهين ما أهان الله! وشرد بعير له فجعل بعيرين لمن دل عليه، فقيل له: أتجعل بعيرين في بعير؟ قال: إنكم لا تعرفون فرحة من وجد ضالته.

وافترس الذئب له شاة، فقال لرجل: خلصها من الذئب وخذها، فإن فعلت فأنت والذئب واحد.
وسام رجل هبنقة بشاة، فقال: اشتريتها بستة، وهي خير من سبعة، وأعطيت فيها ثمانية وإن أردتها بتسعة وإلا فزن عشرة.

وكان باقل الذي يضرب به المثل في العي اشترى شاة بأحد عشر درهما، فسئل: بكم اشتريت الشاة؟ ففتح يديه جميعاً وأشار بأصابعه وأخرج لسانه، ليتم العدد أحد عشر..

قال الأصمعي: سوبق بين الجرنفش وهنبقة أيهما أجن وأحمق. فجاء جرنفش بحجارة خفاف من جص، وجاء هنبقة بحجارة ثقال وترس، فبدأ الجرنفش، فقبض على حجر، ثم قال: دري عقاب، بلبن وأشخاب. ثم رفع صوته وقال: الترس فرمى الترس فأصابه، فانهزم هنبقة، فقيل له: لم انهزمت؟ فقال إنه قال: الترس. فرمى الترس فلم يخطئه، فلو أنه قال العين ورماها، أما كان يصيب عيني.

قالت أم غزوان الرقاشي لابنها، وهو يقرأ في المصحف: يا غزوان، لعلك تجد في هذا المصحف حماراً كان أبوك في الجاهلية فقده. فقال: يا أماه. بل أجد فيه وعداً حسناً ووعيداً شديداً.

قال أبو دحية القاص: ليس في خير ولا فيكم. فتبلغوا بي حتى تجدوا خيراً مني.
وقال في قصصه يوماً: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف هملاج. قالوا: إن يوسف لم يأكله الذئب. قال: فهذا اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف.

وقال ثمامة بن أشرس: سمعت قاصاً ببغداد يقول: اللهم ارزقني الشهادة أنا وجميع المسلمين. ووقع الذباب على وجهه فقال: ما لكم كثر الله بكم القبور.
قال: ورأيت قاصاً يحدث الناس بقتل حمزة فقال: ولما بقرت هند عن كبد حمزة استخرجتها فعضتها ولاكتها ولم تزدردها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو ازدردتها ما مسها النار. ثم رفع القاص يديه إلى السماء وقال: اللهم أطعمنا من كبد حمزة.

من النوكى المتقدمين: مالك بن زيد مناة بن تميم، دخل على امرأته ناجية مغضباً، فلما رأت ما به من الجهل والجفاء قالت له: ضع شملتك. قال: جسدي أحفظ لها. قالت: اخلع نعليك. قال: رجلاي أحق بهما. فلما رأت ذلك قامت وجلست إليه. فلما شم رائحة الطيب وثب عليها.
ومن النوكى عجل بن لجيم. قال أبو عبيدة: أرسل ابن لعجل بن لجيم فرساً في حلبة فجاء سابقاً، فقال لأبيه: كيف ترى أن أسميه يا أبت؟ قال: افقأ إحدى عينيه وسمه الأعور. قال الشاعر: رمتني بنـو عـجـل بـداء أبـيهـم وأي عباد اللـه أنـوك مـن عـجـل
أليس أبـوهـم عـار عـين جـواده فأضحت به الأمثال تضرب في الجهل .

عبيد الله بن مروان، عم الوليد بن عبد الملك. بعث إلى الوليد قطيفة حمراء، وكتب إليه: إني قد بعثت إليك قطيفة حمراء حمراء، فكتب إليه قد وصلت القطيفة، وأنت والله يا عم أحمق أحمق.

ومنهم معاوية بن مروان وقف على باب طحان، فرأى حماراً يدور بالرحا في عنقه جلجل، فقال للطحان: لم جعلت الجلجل في عنق الحمار؟ قال: ربما أدركتني سآمة أو نعاس، فإذا لم أسمع صوت الجلجل علمت أنه واقف فصحت به، فانبعث. قال: أفرأيت إن وقف وحرك رأسه بالجلجل وقال هكذا وهكذا -وحرك رأسه- فقال له: ومن لي بحمار يكون عقله مثل عقل الأمير؟ وهو القائل، وضاع له بازي: اغلقوا أبواب المدينة حتى لا يخرج البازي.
وأقبل إليه قوم من جيرانه فقالوا: مات جارك أبو فلان، فمر له بكفن. فقال: ما عندنا اليوم شيء ولكن عودوا إلينا إذا نبش.

وأقبل إليه رجل أحمق منه، فقال له: تعيرنا أصلحك الله ثوباً نكفن فيه ميتاً؟ قال: أخشى أنه ينجسه فلا تلبسه إياه حتى يغسل ويطهر.

ومن النوكى الأشراف: عيينة بن حصن، دخل على عثمان بغير إذن، وكانت عنده ابنته، فقال له عثمان: ألا استأذنت؟ قال: ما ظننت أن هنا من أحتاج أن أستأذن عليه. قال: ادن فتعش. فقال: أنا صائم. قال: تصوم الليل وتفطر النهار. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسميه السفيه المطاع.

ومن حمقى قريش: أبان بن عثمان بن عفان. قال الشعبي: قدم أبان على معاوية. فقال: يا أمير المؤمنين، زوجني ابنتك. قال: يا بن أخي هما اثنتان. إحداهما عند ابن عامر والأخرى عند أخيك عمرو. قال: كنت أظن أن لك ثالثة. قال: يا بن أخي، تخطب إلي ولا تدري لي بنت أم لا، رحم الله أباك.


وكان الربيع العامري والياً باليمامة، فأتي بكلب قد عقر كلباً فأفاده فقال فيه الشاعر: شهدت بأن الله حقاً لـقـاؤه وأن الربيع العامري رقيع أقاد لنا كلباً بكلب فلـم يدع دماء كلاب المسلمين تضيع .

وكان بالبصرة ثلاثة إخوة من بني عتاب بن أسيد، كان أحدهم يحج عن حمزة ويقول: استشهد قبل أن يحج. وكان الآخر يضحي عن أبي بكر وعمر، ويقول: أخطأ السنة في ترك الأضحية، وكان الثالث يفطر أيام التشريق عن عائشة، ويقول: غلطت رحمها الله في صومها أيام التشريق.

ولعب رجل من النوكى بين يدي الرشيد بالشطرنج. فلما رآه وقد استجاد لعبه قال له: يا أمير المؤمنين، ولني نهر بوق. فقال له: ويلك أوليك نصفه. اكتبوا عهده علي بوق. قال: فولني أرمينية. قال: إذا يبطئ على أمير المؤمنين خبرك.

خطب وكيع بن أبي سود وهو والي خراسان فقال في خطبته: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أشهر. فقالوا له: بل في ستة أيام. فقال: والله لقد قلتها وأنا أستقلها.

وخطب علي بن زياد الإيادي فقال في خطبته: أقول لكم ما قال العبد الصالح لقومه: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد". فقالوا له: إن هذا ليس من قول العبد الصالح إنما هو من قول فرعون. فقال: من قاله فقد أحسن.

وخطب عتاب بن ورقاء الرياحي فقال: أقول لكم كما قال الله في كتابه: كتب القتل والقتال علينـا وعلى الغانيات جر الذيول

وخطب والٍ باليمامة فقال في خطبته: إن الله تبارك وتعالى لا يعاون عباده على المعاصي. وقد أهلك أمة عظيمة على ناقة ما كانت تساوي مائتي درهم، فسمي مقوم الناقة.


من كتاب / العقد الفريد/لابن عبد ربه