مشاهدة النسخة كاملة : رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم



أبو خولة
14-01-2005, 14:55
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم
ما يراه الإنسان في أثناء نومه إن كان شيئاً يسرَّه فتلك رؤيا صالحة وهي من الله تعالى.

قال صلى الله عليه وسلم : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " رواه البخاري . وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : " إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى فليحمد الله عليها وليحدِّث بها" رواه الشيخان وفي رواية : "فلا يحدث بها إلا من يحب" وإن كانت هذه الرؤيا لا تسره فذلك حلم من الشيطان فلينفث عن يسراه ثلاث مرات وليتعوَّذ من شرها فإنها لا تضره ولا يلقي لها بالاً ولا يخبر بها أحداً فهي وسوسة من الشيطان .

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس: 64] قال: ما سألني عنها أحد قبلك هي الرؤيا الحسنة يراها المرء أو تُرى له " رواه الترمذي وأحمد وحسَّنه الترمذي ورواه الطبراني بإسناد قوي. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي " رواه الشيخان. وروى الشيخان عن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رآني فسيراني في اليقظة " .

هكذا يتبين لنا أن من يرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في منامه فهذه رؤيا صالحة وبشارة من الله تعالى إما بحُسن الخاتمة والوفاة على الإيمان أو أن الرؤيا قد تكون موعظة لصاحبها وتذكِرة له . وقال العلامة المناوي رحمه الله تعالى : يراه رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب والشفاعة.


ينبغي أوَّلاً ملاحظة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوصافه الشريفة و أخلاقه المنيفة ليسهل تطبيقه بعد الرؤية في المنام عليها. و حقيقة الرؤيا اعتقادات يخلقها الله في قلب النائم كما يخلقها في قلب اليقظان يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم و لا يقظة . و قوله من رآني في المنام فقد رآني، أي من رآني في حال النوم فقد رآني حقّاً أو فكأنما رآني في اليقظة فهو على التشبيه و التمثيل و ليس المراد رؤية جسمه الشريف و شخصه المنيف بل مثاله على التحقيق.

وقوله فإنّ الشيطان لا يتمثَّل بي أي لا يستطيع ذلك لأنه سبحانه و تعالى جعله محفوظاً من الشيطان في الخارج فكذلك في المنام سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها قال العلامة القرطبي رحمه الله تعالى رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال ليست باطلة ولا أضغاثاً، بل هي حق في نفسها، ولو رُؤي على غير صورته صلى الله عليه وسلم، فَتصَوُّر تلك الصورة ليس من الشيطان، بل هي من قِبَل الله تعالى . ولقد اتفق العلماء أنه من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام على الهيئة التي وُصِفَت لنا في كتب الشمائل بسند صحيح فقد رآه قطعاً وأما من رآه على غير الصورة المذكورة في السُنَّة الصحيحة كأن رآه حليقاً أسود اللون هنا وقع الخلاف بين العلماء .

فريق منهم قال إنه يكون قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة وإن كان المرئي ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم بعينه (أي ذاته) ولكن تُؤوَّل هذه الرؤية بحسب اختلاف حال الرائي لأنه صلى الله عليه و سلم كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما يقابلها وفي ذلك يقول النووي رحمه الله تعالى : والصحيح أنه يراه - صلى الله عليه وسلم الرائي في المنام - حقيقة، سواء كانت على صورته المعروفة أو غيرها .

و يُذكر أنّ رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في صورة حسنة تدل على حُسن دين الرائي بخلاف رؤيته في صورة شين أو نقص في بعض البدن فإنها تدل على خلل في دين الرائي فبها يعرف حال الرائي فلذلك لا يختص برؤيته صلى الله عليه و سلم الصالحون بل تكون لهم ولغيرهم .

وقال فريق آخر من المحدثين والعلماء إنه من رآه عليه الصلاة والسلام على غير الصورة أو الأوصاف التي نُقِلَت إلينا فلا يُعتبر أنه رآه، واستدلوا على ذلك بأن بعض التابعين كان إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أخبر الصحابة فيقولون له صفه لنا فإذا كان رآه على وصفه بشَّروه بأنه رآه وإلا فلا .

سؤال : ما حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فأمره بطاعة ما وماذا لو أمره بمعصية ؟

الجواب : إذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بما يوافق الشرع كأن أمره بصوم يوم كذا مثلاً ونحو ذلك مما يوافق الشرع، يندب للرائي العمل به هو نفسه بشكل خاص ولا يأمر به الناس ولا يندب لغيره أن يأخذ به.

فلقد سُئلَ شيخ الإسلام زكريا الأنصاري أن رجلاً رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يأمره أن يأمر المسلمين أن يصوموا يوم كذا، فقال : لا يجب علينا صومه ولا نأمر به المسلمين بل يندب صومه للرائي فقط .

أما لو أُمِرَ بمعصية ففي ذلك شبهة أوضحها الإمام النووي فقال : أما الرؤية فجاء بها النص فلا يمكن للشيطان أن يتمثل به صلى الله عليه وسلم .

أما ما وراء الرؤية كالكلام وغيره فلم يأتِ فيه نص يمنع أن يكون الشيطان ألقى في سمع النائم وتلاعب به . وذلك يكون بأن يرى النائم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فيأتي الشيطان فيأمر النائم بأمور ويسمعها النائم فيظن أنها من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ممكن، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في عروقه " . ومن المعلوم أن الشيطان يحاول أن يلقي في روع الأنبياء فيبطل الله سبحانه وتعالى ما يلقيه فكيف لا يمكن له أن يلقي في روع أحدنا وهو نائم ؟ !!! ومن المعلوم أن الشيطان قد يتلاعب بالإنسان في نومه وقد يستعين بعض الفجار بالجن حتى يتلاعب بإنسان و الاحتلام هو باب من تلاعب الشيطان بالإنسان .

ثم قال النووي : وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في المنام من قبيل الرواية والإخبار، والرواية والإخبار لا يُقبل فيه إلا الضابط، والنائم لا يعتبر ضابطاً، وذلك لأنه قد ينسى ويلقى الشيطان في روعه أشياء أخرى، ومن المعلوم أن أطول منام لا يتجاوز اللحظات القليلة وإنه أحسَّ به الإنسان أن طويل جداً "، بسط هذا الكلام الإمام النووي في تهذيب الأسماء والصفات.

المختار
15-01-2005, 13:41
جزاك الله خيرا اخي الفاضل ابو خولة

nadia
15-01-2005, 21:52
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

شكراً لك اخي الكريم على هذا المقال


أتقدم بهذا السؤال

هل الشيخان هما البخاري ومسلم
و ماذا يقصد من جملة- رواه الجماعة-
و ماذا يقصد من جملة -إتفق الجمهور على -


وجزاك الله خير الجزاء

أبو خولة
16-01-2005, 19:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذكر بعض المصطلحات والتعريفات الأولية

1 ـ الحديث:
وهو لغة: ضد القديم، وجاء في القاموس أيضاً: الحديث: الجديد والخبر.
وأما في اصطلاح المحدثين، فهو: ما أضيف إلى النبي (صل الله عليه وسلم) من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية، أو أضيف إلى الصحابي، أو التابعي، مما لا مجال للرأي فيه.
2 ـ الخبر:
وهو لغة: النبأ، ويجمع على أخبار.
وأما في الاصطلاح ففيه أقوال:
الأول: أنه مرادف للحديث، فهو بمعناه، وهذا هو تعريف المحدثين له.
الثاني: أنه مغاير للحديث، فالحديث ما جاء عن الرسول (صل الله عليه وسلم)، والخبر ما جاء عن غيره، كالصحابة والتابعين.
الثالث: أنه أعم من الحديث، فالحديث ما جاء عن النبي (صل الله عليه وسلم)، والخبر ما جاء عن النبي (صل الله عليه وسلم) وعن غيره كالصحابة والتابعين.
الرابع: أنه ما جاء عن النبي (صل الله عليه وسلم) خاصة وهو قول جماعة من فقهاء خراسان.
3 ـ الأثر:
وهو لغة: بقية الشيء.
وفي الاصطلاح فيه قولان:
الأول: أنه مرادف للحديث، فهو بمعناه، وهو المعتمد عند المحدثين.
الثاني: أنه مغاير له، فهو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين، وهو قول فقهاء خراسان.
وبهذا يتبين أن العبارات الثلاث: (الحديث، والخبر، والأثر) تطلق عند المحدثين بمعنى واحد، هو ما تقدم في تعريف (الحديث) اصطلاحاً.
4 ـ الإسناد:
ويطلق على معنيين:
الأول: عزو الحديث إلى قائله.
الثاني: سلسلة الرجال الموصلة للمتن، فيكون بهذا مرادفاً للسند.
5 ـ السند: لغة: المعتمد.
واصطلاحاً: سلسلة الرجال الموصلة للمتن.
6 ـ المتن: لغة: ما صلب وارتفع من الأرض.
واصطلاحاً: ما ينتهي إليه السند من الكلام.
7 ـ المسند ـ بفتح النون ـ :
أ ـ لغة: هو اسم مفعول، من: أسند الشيء، بمعنى عزاه ونسبه إليه.
ب ـ اصطلاحاً:
1 ـ كل كتاب جمع فيه مرويات كل صحابي على حدة.
2 ـ الحديث المرفوع، المتصل سنده.
3 ـ أو يراد به نفس السند.
8 ـ المسند ـ بكسر النون ـ :
هو من يروي الحديث بسنده.
9 ـ الجماعة، في قول المخرجين: (رواه الجماعة):
المراد بهم: الإمام البخاري والإمام مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
10 ـ الستة في قولهم: (رواه الستة):
هم الجماعة السابقون.
11 ـ قولهم: متفق عليه أو رواه الشيخان
المراد اتفاق البخاري ومسلم على إخراج حديث ما، إلا أن صاحب المنتقى المجد ابن تيمية يريد بذلك اتفاق الإمام أحمد والبخاري ومسلم، وهذا اصطلاح له في كتابه: (منتقى الأخبار).
12 ـ قوله (أصحاب السنن):
المراد بهم: أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبدالرحمن النسائي، وابن ماجه القزويني.
13 ـ قولهم: (أخرجه الخمسة):
المراد بهم: الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن الأربع.

أما اتفق الجمهور على: فهذا لا يدخل ضمن علوم الحديت أو مصطلح الحديت وإنما ضمن علم أصول الفقه والجمهور هنا هم:جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.

nadia
17-01-2005, 11:30
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً لك اخي الكريم ابا خولة على هذه الشروح وجزاك الله عني خير الجزاء
حبذا يا أخي لو تستطيع كل أخواتي في الله أن تتعلمن هذه المسطلحات و أن تدخل ضمن دروسهن في البرامج التعليمية و هذا إقتراح أرجو من الجماعة أن تأخذه بعين الإعتبار بالنسبة للأخوات يعني أن يشمل كل الأخوات المتعلمات

أبو خولة
17-01-2005, 12:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الفاضلة
إن هذه المواضيع موجودة فعلا في البرنامج التعليمي للجماعة.
إنما يطلب منكن تفعيل هذا البرنامج وتطبيقه دون تخطي المراحل.
فالدروس مرتبة بشكل يسمح لكل المؤمنين بفهم المراد والهدف من الدرس و للمزيد من المعلومات فعلى المومن الاتصال بدوى الاختصاص في منطقته أو طلب عون المومنين من حوله.
جزاك الله كل خير.
و الحمد لله رب العالمين.

خالد
04-02-2005, 00:31
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله
أما بعد:
يستحيي الإنسان في مناقشة أهل العلم والعرفان , ولكن بغية الإستفادة من إخوان أهل العدل والإحسان وبالخصوص أبناء عبد السلام , أشارك بمدح مقالةأبو خولة , وأشكر أختي الفاضلة على تسائلها المهم والمفيد..
شكرا