عادل محسن
24-05-2013, 23:59
سلسلة مهارات دراسية
-1-: لنغير نظرتنا للتعلم
http://www.aljamaa.net/ar/imagesDB/38951_small.jpg
بقلم: رشيد الوهابي
http://www.aljamaa.net/ar/imagesDB/52876_large.jpg
ينْتابني شعورٌ دافق، وتجْتاحني سعادةٌ غامرةٌ، كلما تواصلت معكم أحِبَّتِي التلاميذ عبر الحديثِ أو الكتابةِ، فمحبتُكم في قلبي ثابتةٌ ومعزتُكم محفوظةٌ والتواصل معكم كتابةً مستمرٌ، وسيأخذ طابعا إجرائيا ومنحى عمليا بعد أن مهدتُ لذلك في المقالات السابقة بالحديث عن المنطلق (تصحيح النية في التعلم) والهدف (إنهاء المسار الدراسي) والزاد المساعد على بلوغه.
دوافع الكتابة والمنهجية المعتمدة
في هذه السلسلة المُعَنْونة ب"مهارات دراسية" ارتأيت أن أضع بين أيديكم – أحبتي التلاميذ - مهارات أنتم في أمَسِّ الحاجة إليها في دراستكم للدوافع الآتية:
= استمرار التركيز في مقرَّرَاتنا الدراسية على الكم المعرفي بَدَلَ النوع المعرفي وسبلِ تحصيله، ومن ثَمَّ يصعب استيعاب الدروس دون امتلاك مهارات دراسية.
= غياب التدريب عليها في المكتبات والنوادي المدرسية.
= عدم معرفة الكثير منكم لعدد من المهارات الدراسية.
= تمكينكم منها نظريا وتيسير سبل تطبيقها عمليا.
لذلك زاوجت في هذه السلسلة بين الجانب النظري المرتبط بالقواعد العلمية للمهارة الدراسية والجانب العملي المتعلق بطريقة تطبيقها، مُراعيا في ذلك البساطة والسلاسة في الأسلوب، والإيجاز والاختصار في العرض.غير أنه بَدَا لي من الضروري - قبل خوض غمار الحديث عن المهارات الدراسية - الوقوف عند مشكل دراسي صار في الوقت الراهن مُقلقا لكل ذي غيرة على أمر التربية والتعليم ببلادنا، يتمثل هذا المشكل في طبيعة النظرة السائدة لدى التلاميذ حول التعلم. فكيف هي هذه النظرة؟ وما هي العوامل التي تقف وراءها؟
نظرة خاطئة
قد تَتَّفِقُون معي – أحِبتي التلاميذ - إن قلت بأن نظرة التلاميذ للدراسة والتعلم عموما تغَيَّرت، فصارت نظرةً سيئةً إن لم نَقُل عِدائية عند بعض؛ ولئن كانت قلةٌ قليلةٌ ما زالت تُقَدِّرُ مكانة التعلم وتحفظ هيْبته ويشْتَدُّ حرصها عليه، فإن فئةً عريضة سقطت في أسْرِ النظرة السلبية. وللإنصاف لا يمكن أن تُلقى عليها كامل المسؤولية، وفي الآن نفسه لا يمكن تبرئتها كليا، فهي تتحمل نصيبا منها، لكون العوامل الموضوعية شريكة للعوامل الذاتية، بل لها حصة الأسد، وهي بيتُ القَصِيد في المشكل.
في حقيقة الأمر، يمكن تسجيل ضعفِ الرغبة في الدراسة وانعدامِها عند عدد لايستهان به من التلاميذ، وضعفِ القدرة على مسايرة الدروس واستيعابها، وعدمِ الاكتراث بمراجعتها، واتخاذِ الغش في الامتحانات بديلا عنها، والانسياق الخطير مع التدخين والمخدرات وعلاقات الصداقة، والارتماء في "أحضان" الإنترنيت والمكوث الطويل "صحبته"، والمتابعة الدقيقة لأحْدثِ المُوضات في اللباس وحلاقة الشعر، إضافة إلى مشاهدة الخريجين المعطلين وطرح سؤال المستقبل، لكن تسجيل هذه العوامل الذاتية المرتبطة بالتلاميذ، لا ينفي وجود عوامل موضوعية من قبيل: فشل السياسة التعليمية المُتَّبَعة، غياب التوجيهِ الدراسي السليم والرقابةِ الأسرية الحانية المُوَجِّهة لا المُوَاجِهة، الممارسة الخاطئة للسلطة التربوية، ضعف المستوى المهني والخلقي عند بعض رجال التعليم، الفقر والجهل الأسري، بُعد السكن عن المؤسسات التعليمية خاصة في العالم القروي وقلة الداخليات وعدم توفر النقل المدرسي، تزايد عدد الخريجين وصعوبة اندماجهم الاقتصادي...
هذه العوامل الذاتية والموضوعية المتداخلة والمتشابكة تساهم بدون شك في صناعة النظرة السلبية للتعلم، فهل نستسلم – أحبتي التلاميذ – لهذه النظرة أم نغيرها؟ أيُمكن أن تكون عواقبُها حسنةً إن لم نُغيرها؟
لِنُغَيِّر نظرتنا للتعلم
لو جلستم – أحبتي التلاميذ – فرادى أو مع بعضكم البعض وفكَّرْتُم بعمقٍ وجديةٍ في نتائج النظرة السيئة للتعلم في حاضركم وعواقبها في مستقبلكم، لَتبيَّن لكم أنها نظرةٌ خاطئةٌ وجب تغييرها دون تردد لتصير نظرة إيجابية تُحَوِّل رغبتكم الضعيفة في الدراسة إلى رغبةٍ قويةٍ جامحةٍ تتولد منها عزيمةٌ ماضيةٌ تهدف إلى تحقيق النجاح باقتدار دون غش. وأنتم تَجِدُّون وتجتهدون في دراستكم لإنهاء المسار الدراسي بتميز تَذكَّروا رِضى الله عنكم إذا استجبتم لأمره اقرأ بسم ربك الذي خلق واستغفار الملائكة لكم وتسهيل الله طريق الجنة أمامكم، وتذكَّروا كذلك أن العلم شرفٌ لكم ومزيةٌ وفضلٌ، وأمضى سلاح وأفضل رأسمال، فهذه حوافز وأوسمة تدعوكم لاغتنام كل سنة دراسية بفصولها الأربعة دون كلل أو ملل أو تراخ. يقول الإمام أحمد بن فارس الرازي اللغوي:
إذا يؤذيك حَرُّ المَصيفِ *** ويُبْسُ الخريف وبَرْدُ الشِّتا
ويُلهيك حسنُ رمان الربيع *** فأخْذُك العلم قل لي متى؟
فلتركبوا – أحبتي التلاميذ – سفينة العلم، ولتسبحوا في بحره، واحذروا الأمواج العاتية التي تُغْرقكم في الجهل والانحراف وتقُودُكم إلى الفشل والضياع. وسأكونُ مُمْتَنّا وشاكرا لكم إن قَبِِلتم ركوبي معكم وإبحاري بكم مع سلسلة "مهارات دراسية"، وما أظنكم ترفضون، لأنه ليس من شِيَمِكم وخِصالكم رفض ما ينفعكم ويرتقي بكم دراسيا، فتعالوا نبدأ رحلتنا الممتعة في الحلقة القادمة مع المهارة الدراسية الأولى "وضع البرنامج الدراسي". فكونوا في الموعد.
2013/05/24
-1-: لنغير نظرتنا للتعلم
http://www.aljamaa.net/ar/imagesDB/38951_small.jpg
بقلم: رشيد الوهابي
http://www.aljamaa.net/ar/imagesDB/52876_large.jpg
ينْتابني شعورٌ دافق، وتجْتاحني سعادةٌ غامرةٌ، كلما تواصلت معكم أحِبَّتِي التلاميذ عبر الحديثِ أو الكتابةِ، فمحبتُكم في قلبي ثابتةٌ ومعزتُكم محفوظةٌ والتواصل معكم كتابةً مستمرٌ، وسيأخذ طابعا إجرائيا ومنحى عمليا بعد أن مهدتُ لذلك في المقالات السابقة بالحديث عن المنطلق (تصحيح النية في التعلم) والهدف (إنهاء المسار الدراسي) والزاد المساعد على بلوغه.
دوافع الكتابة والمنهجية المعتمدة
في هذه السلسلة المُعَنْونة ب"مهارات دراسية" ارتأيت أن أضع بين أيديكم – أحبتي التلاميذ - مهارات أنتم في أمَسِّ الحاجة إليها في دراستكم للدوافع الآتية:
= استمرار التركيز في مقرَّرَاتنا الدراسية على الكم المعرفي بَدَلَ النوع المعرفي وسبلِ تحصيله، ومن ثَمَّ يصعب استيعاب الدروس دون امتلاك مهارات دراسية.
= غياب التدريب عليها في المكتبات والنوادي المدرسية.
= عدم معرفة الكثير منكم لعدد من المهارات الدراسية.
= تمكينكم منها نظريا وتيسير سبل تطبيقها عمليا.
لذلك زاوجت في هذه السلسلة بين الجانب النظري المرتبط بالقواعد العلمية للمهارة الدراسية والجانب العملي المتعلق بطريقة تطبيقها، مُراعيا في ذلك البساطة والسلاسة في الأسلوب، والإيجاز والاختصار في العرض.غير أنه بَدَا لي من الضروري - قبل خوض غمار الحديث عن المهارات الدراسية - الوقوف عند مشكل دراسي صار في الوقت الراهن مُقلقا لكل ذي غيرة على أمر التربية والتعليم ببلادنا، يتمثل هذا المشكل في طبيعة النظرة السائدة لدى التلاميذ حول التعلم. فكيف هي هذه النظرة؟ وما هي العوامل التي تقف وراءها؟
نظرة خاطئة
قد تَتَّفِقُون معي – أحِبتي التلاميذ - إن قلت بأن نظرة التلاميذ للدراسة والتعلم عموما تغَيَّرت، فصارت نظرةً سيئةً إن لم نَقُل عِدائية عند بعض؛ ولئن كانت قلةٌ قليلةٌ ما زالت تُقَدِّرُ مكانة التعلم وتحفظ هيْبته ويشْتَدُّ حرصها عليه، فإن فئةً عريضة سقطت في أسْرِ النظرة السلبية. وللإنصاف لا يمكن أن تُلقى عليها كامل المسؤولية، وفي الآن نفسه لا يمكن تبرئتها كليا، فهي تتحمل نصيبا منها، لكون العوامل الموضوعية شريكة للعوامل الذاتية، بل لها حصة الأسد، وهي بيتُ القَصِيد في المشكل.
في حقيقة الأمر، يمكن تسجيل ضعفِ الرغبة في الدراسة وانعدامِها عند عدد لايستهان به من التلاميذ، وضعفِ القدرة على مسايرة الدروس واستيعابها، وعدمِ الاكتراث بمراجعتها، واتخاذِ الغش في الامتحانات بديلا عنها، والانسياق الخطير مع التدخين والمخدرات وعلاقات الصداقة، والارتماء في "أحضان" الإنترنيت والمكوث الطويل "صحبته"، والمتابعة الدقيقة لأحْدثِ المُوضات في اللباس وحلاقة الشعر، إضافة إلى مشاهدة الخريجين المعطلين وطرح سؤال المستقبل، لكن تسجيل هذه العوامل الذاتية المرتبطة بالتلاميذ، لا ينفي وجود عوامل موضوعية من قبيل: فشل السياسة التعليمية المُتَّبَعة، غياب التوجيهِ الدراسي السليم والرقابةِ الأسرية الحانية المُوَجِّهة لا المُوَاجِهة، الممارسة الخاطئة للسلطة التربوية، ضعف المستوى المهني والخلقي عند بعض رجال التعليم، الفقر والجهل الأسري، بُعد السكن عن المؤسسات التعليمية خاصة في العالم القروي وقلة الداخليات وعدم توفر النقل المدرسي، تزايد عدد الخريجين وصعوبة اندماجهم الاقتصادي...
هذه العوامل الذاتية والموضوعية المتداخلة والمتشابكة تساهم بدون شك في صناعة النظرة السلبية للتعلم، فهل نستسلم – أحبتي التلاميذ – لهذه النظرة أم نغيرها؟ أيُمكن أن تكون عواقبُها حسنةً إن لم نُغيرها؟
لِنُغَيِّر نظرتنا للتعلم
لو جلستم – أحبتي التلاميذ – فرادى أو مع بعضكم البعض وفكَّرْتُم بعمقٍ وجديةٍ في نتائج النظرة السيئة للتعلم في حاضركم وعواقبها في مستقبلكم، لَتبيَّن لكم أنها نظرةٌ خاطئةٌ وجب تغييرها دون تردد لتصير نظرة إيجابية تُحَوِّل رغبتكم الضعيفة في الدراسة إلى رغبةٍ قويةٍ جامحةٍ تتولد منها عزيمةٌ ماضيةٌ تهدف إلى تحقيق النجاح باقتدار دون غش. وأنتم تَجِدُّون وتجتهدون في دراستكم لإنهاء المسار الدراسي بتميز تَذكَّروا رِضى الله عنكم إذا استجبتم لأمره اقرأ بسم ربك الذي خلق واستغفار الملائكة لكم وتسهيل الله طريق الجنة أمامكم، وتذكَّروا كذلك أن العلم شرفٌ لكم ومزيةٌ وفضلٌ، وأمضى سلاح وأفضل رأسمال، فهذه حوافز وأوسمة تدعوكم لاغتنام كل سنة دراسية بفصولها الأربعة دون كلل أو ملل أو تراخ. يقول الإمام أحمد بن فارس الرازي اللغوي:
إذا يؤذيك حَرُّ المَصيفِ *** ويُبْسُ الخريف وبَرْدُ الشِّتا
ويُلهيك حسنُ رمان الربيع *** فأخْذُك العلم قل لي متى؟
فلتركبوا – أحبتي التلاميذ – سفينة العلم، ولتسبحوا في بحره، واحذروا الأمواج العاتية التي تُغْرقكم في الجهل والانحراف وتقُودُكم إلى الفشل والضياع. وسأكونُ مُمْتَنّا وشاكرا لكم إن قَبِِلتم ركوبي معكم وإبحاري بكم مع سلسلة "مهارات دراسية"، وما أظنكم ترفضون، لأنه ليس من شِيَمِكم وخِصالكم رفض ما ينفعكم ويرتقي بكم دراسيا، فتعالوا نبدأ رحلتنا الممتعة في الحلقة القادمة مع المهارة الدراسية الأولى "وضع البرنامج الدراسي". فكونوا في الموعد.
2013/05/24