مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم ( الارهاب ) فى القرآن الكريم - للمشاركة -



ابتهال
16-08-2013, 20:35
الإرهاب في القرآن والسنة:

ورد في بعض آيات القرآن الكريم ذكرٌ لمشتقات كلمة "الإرهاب"، في مناسبات متعددة من سوره، وبصيغ مختلفة، منها: قول الله عز وجل: "وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ.
ومعنى قوله (رغباً ورهباً): رغباً في رحمة الله ورهباً من عذاب الله. وقوله (وكانوا لنا خاشعين): أي متذللين لله عز وجل، خائفين، متواضعين، مصدقين بما أنزل الله، وحكى ابن كثـير في تفسـيره عن أبي سـنان، قـولـه: "الخشوع هـو الخـوف اللازم للقلب لا يفارقه أبداً".

ومنها قوله تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ".
قال الشوكاني: الترهيب التخويف ... والمراد بعدو الله وعدوهم هم المشركون من أهل مكة وغيرهم من مشركي العرب.
وقوله: "وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ"، أي من غير كفار العرب.
قيل هم اليهود وقيل فارس والروم .. وقيل كل من لا تُعرف عداوته .. والأولى الوقف في تعيينهم لقوله لا تعلمونهم الله يعلمهم.
وورد في تفسير المراغي عند شرحه لهذه الآية: "الإرهاب والترهيب: الإيقاع في الرهبة، وهي الخوف المقترن بالاضطراب".

ويزداد معنى الآية وضوحاً عند النظر إليها من خلال السياق، وفي ضوء الآية التي سبقتها وذُكِر فيها الخوف من خيانة المعاهدين بسبب نقضهم العهود، قال تعالى: "وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ".

كما يزداد المعنى وضوحاً أيضاً وتأكيداً، عند مواصلة القراءة إلى تمام الآية التي تليها، وهي قوله تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ".

حيث يتجلى أنَّ معنى (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) هو من أجل منع العدوان والظلم ولحماية أمة الإسلام التي أُمرت بالتزام الحق والعدل وحرية التدين، وأمرت بتحصيل القوة لتثبيت هذه المبادئ إزاء الناس كافة، ولأنّ الاستعداد المستمر والجاهزية للجهاد عند الاقتضاء يدفع الحرب ويمنع وقوعها بسبب خوف من يعتزم نقض العهود والمواثيق، ويبيت الاعتداء ويضمر الخيانة والغدر، وإرهابه إرهابٌ مشروع، ولا يتحقق له ذلك، ويحصل له الخوف والرهبة الزاجرة إلاّ متى علم بشدة المسلمين.

فالآية تأمـر المسلمين بوجوب تحصيل القوة، وتوفير أسبابها ومقوماتها، بما يتناسب مع كل عصر ومصر، لتكون رادعاً وزاجراً يرهب كل من تسول له نفسه مباغتتهم بالحرب فيتضرر المسلمون، وتتعطل رسالة الإسلام الذي يسعى إلى تحقيق السلام، ويأمر بالجنوح له، لأنه - أي السلام - من بين مقاصده وغاياته، كما أنّ من بين مقاصد الإسلام وغاياته نشر حرية العقيدة والتدين في الأرض "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ.

وفي تحصيل القوة سدٌّ لأبواب المفاسد والحروب، وحفظ للأمن، وجلب مصالح ومنافع العباد فيهنأ الجميع باتقاء الفتن، ويسعد الجميع بانفتاح أبواب التعاون، ونمو روابط المودة، ويزدهر العمران في الأرض، قال تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ".

ونصل إلى نتيجة من ذلك هي: أنّ الإرهاب المأمور به الوارد في القرآن الكريم، إنما هو خاص يتعلق بالمعتدين، لصدهم عن عدوانهم متى حصل منهم.

منقول
المرجو من اصحاب الاختصاص مراجعة هذا النص

ابتهال
16-08-2013, 20:48
د. حسن بن إدريس عزوزي

إن مصطلح الإرهاب جاء في القرآن الكريم في دلالات مختلفة لا صلة لها ألبتة بالمفهوم الغربي ، يقول تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } . (1)
وإذا تأملنا جيدا معنى الإرهاب في الآية نجده يرمي إلى معنى "الردع" فيكون معنى { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ } أي تعدون من القوة ما يجعله يخاف من الحرب فيرتدع عن ممارسة العنف الذي قد يدفعكم إلى العنف المضاد .
إنها نوع من المقاومة القبلية أو الدفاع عن النفس والدين عن طريق الوقاية من الاضطرار إلى الرد على العنف بالعنف المضاد على أساس أنه رد طبيعي وتلقائي ومشروع ضد العنف المراد إنشاؤه وتوجيهه ضد المسلمين .
_________
(1) الأنفال ، الآية :60 .



لقد اشتقت كلمة "إرهاب" من الفعل المزيد (أرهب) . ويقال أرهب فلان فلانا أي خوفه وأفزعه ، وهو المعنى نفسه الذي يدل عليه الفعل المضعف (رهب) . أما الفعل المجرد من المادة نفسها وهو (رهب) يرهب رهبة ورهبا ورهبا فيعني خاف ، فيقال : رهب الشيء رهبا ورهبة أي خافه ، أما الفعل المزيد بالتاء وهو (ترهب) فيعني انقطع للعبادة في صومعته ( رهبان النصارى) ، ويشتق منه الراهب والرهبانية . . . إلخ . وكذلك يستعمل الفعل ترهب بمعنى توعد إذا كان متعديا فيقال : ترهب فلانا : أي توعده ، وكذلك تستعمل اللغة العربية صيغة "استفعل" من المادة نفسها فتقول: (استرهب) فلانا أي رهبه (1) .
ويلحظ أن القرآن الكريم لم يستعمل مصطلح "الإرهاب" بهذه الصيغة وإنما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من المادة اللغوية نفسها بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع ، وبعضها الآخر يدل على الرهبنة والتعبد .
وهكذا وردت مشتقات المادة (رهب) سبع مرات في مواضع مختلفة في الذكر الحكيم لتدل على معنى الخوف والفزع كما يأتي:
يرهبون : { وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } . (2)
_________
(1) لسان العرب لابن منظور الجزء الثالث ، مادة (رهب) والمعجم الوسيط والمصباح المنير ، مادة (رهب) .
(2) (الأعراف ، الآية : 154) .


فارهبون : { وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } (1) .
{ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } . (2)
ترهبون : { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ } . (3)
استرهبوهم: { وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } . (4)
رهبة: { لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ } . (5)
رهبا : { وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } . (6)
ووردت مشتقات المادة نفسها (رهب) خمس مرات في مواضع مختلفة لتدل على الرهبنة والتعبد (رهبان- رهبانهم - رهبانية) . بينما لم ترد مشتقات مادة ( رهب) كثيرا في الحديث النبوي . ولعل أشهر ما ورد هو لفظ (رهبة) في بعض الأحاديث النبوية منها حديث الدعاء ( وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك ) . (7)

(1) (البقرة ، الآية : 40) .
(2) (النحل ، الآية : 51) .
(3) ( الأنفال ، الآية : 60) .
(4) ( الأعراف ، الآية : 116) .
(5) (الحشر ، الآية : 13) .
(6) ( الأنبياء ، الآية : 90) .
(7) رواه البخاري في كتاب التوحيد وكتاب الدعوات ، ورواه أحمد في مسنده 4 / 285 .

ابتهال
16-08-2013, 20:52
وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بالتطبيق الذكي في الحرب لمفهوم "الإرهاب" وفق المدلول القرآني السابق أي معنى الردع ، فقد أمر عمه العباس في فتح مكة أن يحبس أبا سفيان في شعب" ، وأن يوجه كتائب جنود المسلمين لتمر أمامه كتيبة كتيبة ، وينسب كل كتيبة إلى قبيلتها ، فراح أبو سفيان يسأل عن كل كتيبة فيقال : هؤلاء بنو فلان ، فيقول: ما لي ولبني فلان ، فكان لذلك الاستعراض تأثيره الفاعل في نفسية أبي سفيان على النحو الذي يرهبه ويردعه عن بدء القتال ، وبعد اقتناع أبي سفيان بقوة المسلمين ركب فرسه ودخل على قومه يقول: "يا معشر قريش ، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به" . فكان أن فتحت مكة سلميا ولم تزهق أي روح . (1) وبذلك تحقق أمر الإعداد المفضي إلى الإرهاب ، أي الردع . وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك ملمحا إلى معنى الردع الذي نتج عنه كف أيدي الكفار عن المسلمين وعدم نشوب الحرب ، قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } . (2)
_________
(1) الرحيق المختوم للمباركفوري ، طبعة الدار البيضاء 2000م ، ص 369 .
(2) الفتح ، الآية : 24 .

ابتهال
16-08-2013, 21:15
منقول عن صوت العربية
ما هو المعنى الصحيح للمصدر 'إرهاب' ومشتقاته في القرآن الكريم ؟
إن المتصفح للمصادر اللغوية القديمة المعتبرة كلسان العرب و القاموس المحيط وأساس البلاغة ومعجم مفردات القرآن الكريم وغيرها لا يجد أثرا للمعنى الغربي الدخيل على مادة 'رهب' الذي تبنته المعاجم العربية المتأخرة دون أي تمحيص؛ إذ المعنى العربي الأصيل ينحصر ما بين خشية الله والخوف الغريزي من احتمال وقوع الأذى ، أو بعبارة أخرى ما بين 'الرهبانية والرهبة'. وعلى هذا الأساس يكون معنى 'الإرهاب' هو التخويف من احتمال وقوع الأذى لا التخويف بإيقاع الأذى ! وبالتالي فالقوة التي يجب إعدادها 'للإرهاب' هي قوة ردع لدرء أي هجوم محتمل من العدو.

وبيان ذلك بالتفصيل كما يلي :

يقول الله - عز وجل - في 'آية الإرهاب' من سورة الأنفال:

(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم. وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون).

تتضمن هذه الآية التي آثرت أن أسميها 'آية الإرهاب' ثلاث معادلات هي :

المعادلة الأولى :

إعداد القوة الرهيبة +رباط الخيل= القوة الرادعة

ورباط الخيل أيضا ليس إلا جزءا متميزا من الإعداد، والهدف من الإعداد هو تحقيق القوة الرادعة لأي هجوم محتمل لا القوة البادئة بالهجوم.

المعادلة الثانية :

القوة الرادعة + مخافة الله = الإرهاب

فالهدف من الإرهاب هو وجوب اقتران مخافة الله بالقوة الرادعة لتحقيق العدالة والرحمة بين الناس كافة بالضرب على أيدي الظالمين المعتدين على أنفسهم إذا ما تعدوا حدود الله. وإن لم يكن ذلك كذلك فكيف نفسر أمره سبحانه في قوله : 'وإياي فارهبون'. وإذا كان الله يرهب عباده، فهل هو 'إرهابي'بالمفهوم الأمريكي يجب إعلان الحرب عليه وعلى رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟!

المعادلة الثالثة :

الإرهاب + رحمة الله = السلام

الناس ليسوا سواسية في تقدير الحق واحترامه، وليسوا ملائكة معصومين. إنما هم بشر يصيبون قليلا ويخطئون كثيرا ، ونوازع الشر فيهم أقوى من نوازع الخير. ولو طبق المسيحيون أنفسهم قول نبي الله عيسى عليه السلام : 'إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فسلم له خدك الأيسر. وإن أخذ منك القميص فزده المعطف' لأكل بعضهم بعضا. لذلك كان من رحمة الله الواسعة بعباده أن يسخر للحق جنودا أقوياء يردون الناس إلى جادة الصواب لتجنيبهم عواقب انحرافاتهم الوخيمة، وبنى تحقيق السلام على أركان الرحمة الخمسة :

1 ـ البيان والتبليغ :

( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم.) [44 النحل]

2 ـ التخيير :

( لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويومن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم) [256 البقرة]

3 ـ الردع :

( تلك حدود الله فلا تعتدوها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )[229 البقرة]

( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه )[1 الطلاق]

4 ـ الجهاد :

( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا. إن الله لا يحب المعتدين) [190 البقرة ]

5 ـ المهادنة أو التوبة والصلح :

( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله. إنه هو السميع العليم) [61 الأنفال ]

وفيما يلي إضاءة حول الحدود القرآنية لمفهوم مصطلح 'الإرهاب' :

يقول الله ـ عز وجل ـ في 'آية الإرهاب' من سورة الأنفال :

(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم. وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم ؛ وأنتم لا تظلمون) [ 60 الأنفال ] .

ابتهال
16-08-2013, 21:18
فالعناصر التي تتكون منها هذه الآية تسعة وهي على التوالي كما وردت في القرآن الكريم :
1- الإعداد.
2- الاستطاعة .
3- القوة .
4- رباط الخيل.
5- الإرهاب.
6- عدو الله.
7- عدو المؤمنين .
8- أعداء آخرون يعلمهم الله .
9- الإنفاق في سبيل الله.

وعند التمعن في هذه العناصر يتبين لنا ما يلي :

أ. لفظة 'الإرهاب' محاصرة ما بين أربعة عناصر من الأعلى وأربعة عناصر أخرى من الأسفل.
ب . عنصرا 'الاستطاعة' و 'القوة' محاصران ما بين عنصري 'الإعداد' و 'رباط الخيل'.
جـ . 'الاستطاعة' مفتوحة على جميع الواجهات، تستغرق الماضي والحاضر والمستقبل.
د . 'القوة' لا حدود لها، ولذلك جاءت في صورة نكرة مسبوقة ب (من) التبعيضية، وكذلك 'رباط الخيل'.
هـ. 'رباط الخيل' يدل على الإعداد والاستعداد، ولا يحتمل مفهوم الهجوم، لأن الإعداد أصلا موجه إلى الردع فقط من أجل منع الخصم من التفكير في الإقدام على الاعتداء نظرا لوجود القوة المضادة المستعدة لدحره. وهذا هو مفهوم 'الإرهاب' الحقيقي : 'الإرهاب في المفهوم القرآني الأصيل المحكم هو مجرد إعداد القوة العادلة الرادعة دون اللجوء إلى استعمالها إلا في حالة الاضطرار القصوى عندما تسول للعدو نفسه المغرورة الأمارة بالسوء أن يعتدي على المستأمنين، فيكون في الوقت نفسه معتديا على نفسه. والاعتداء على النفس في حد ذاته تعد لحدود الله. ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه.' وهنا ينتهي الحد الأول لمفهوم الإرهاب.
و. أما الحد الثاني لمفهوم 'الإرهاب'، فيتكون هو أيضا من أربعة عناصر تتأكد من خلالها مواصفات الأعداء الذين يجب الإنفاق في سبيل الله من أجل إعداد القوة لردعهم نفسيا ومعنويا قبل كل شيء دون استعمال أي سلاح مادي. وهذا ما كان حاصلا قبل انهيار المنظومة الشيوعية، ما بين 'الاتحاد السوفياتي' و'الولايات المتحدة الأمريكية'. فكلاهما كان يعلم أن صاحبه قد أعد لردعه ما لا قبل له به من قوة ظاهرة وخفية. فتحولت الحرب من جراء ذلك الاستعداد المتقابل من حرب ساخنة إلى حرب باردة حسم أمرها الجواسيس والعملاء.
ومن الجدير التنبيه إلى أن عدو الله هو أول من يجب الاستعداد والإعداد لإرهابه وردعه، لأن عدو الله لا شك في أنه عدو لنفسه قبل أن يكون عدوا لغيره. والله لا يريد ظلما للعباد. ولذلك سخر بعضهم لبعض وسلط بعضهم على بعض كي تتحقق قاعدة الفتنة الربانية فينجو من نجا عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، من البشر كافة ، وليس من المسلمين خاصة ؛ لأن الإسلام دين الإنسانية كافة {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
ولقد جرت العادة على أن لا يستشهد المسلمون في سياق الحديث عن إعداد القوة بآية الإرهاب إلا منفصلة عن سياقها القرآني العام في السورة نفسها. وربما اقتصر بعضهم في أحيان كثيرة على ذكر الجزء الأول منها فقط (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل).

والحقيقة هي أن المعنى الدقيق للفظة 'الإرهاب' الواردة في هذه الآية لا يمكن تحقيقه بخصوصيته وعموميته معا إلا داخل سياق الآيات الإحدى عشر من الآية 55 إلى الآية 65 من سورة الأنفال. فمن خلال هذه الآيات تتحدد بوضوح الأسباب الوجيهة لإعداد القوة الرهيبة من أجل إرهاب الأعداء على أساس خمسة أركان بها وحدها يتحقق السلام في العالم :

ابتهال
16-08-2013, 21:23
الركن الأول :

إن تكرار الأعداء لنقض عهود الصلح أو الهدنة التي عقدوها مع المسلمين لهو دليل قاطع على أن هؤلاء الأعداء لا يوثق بهم ولا يؤمن جانبهم أبدا، خاصة وأن النقض لم يتكرر مرة أو مرتين فحسب بل هو يتكرر في كل مرة ! ومن المعقول إذا أن يؤدي هذا النقض المتواصل للعهود بالمسلمين إلى انعدام ثقتهم وإلى خوف مستمر من احتمال وقوع خيانة الأعداء لهم ومباغتتهم بالاعتداء عليهم. ولذلك فمن حق المسلمين أن يردوا علىنقض العهد بالمثل وأن يعدوا العدة الكافية لردع أعدائهم،دفاعا عن أنفسهم وعن عقيدتهم.
(الآيات 55 -58).

الركن الثاني :

بعد أن أدان الله أعداءه وأعداء المؤمنين، وخول للمسلمين حق الرد بالمثل، طمأنهم وبشرهم بأن الله معهم، وبأن الكفار الذين كفروا بالله و نقضوا عهودهم (ونقض العهد في حد ذاته كفر بالعهود)، لا يعجزون الله أبدا مهما تجبروا و اغتروا بما حققوه من أغراضهم الدنيئة بمبادرتهم إلى نقض العهود وخيانة المسلمين. ( الآية 59 ).

الركن الثالث :

لا شك في أن الله لا يعجزه شيء أبدا، لكن حكمته ـ سبحانه وتعالى ـ تقتضي من المؤمنين أن يأخذوا بالأسباب وفق سنة الله التي لن تجد لها تحويلا ولا تبديلا، ومن مقتضيات هذه السنة في هذا المقام أن يبادر المسلمون كافة إلى امتلاك ناصية القوة الروحية والمعنوية والمادية بأقصى ما يمكنهم من الإنفاق والجد والاجتهاد لتحقيق سلام الله في الأرض، ليس من أجل المسلمين فحسب ، بل من أجل الناس كافة على اختلاف أجناسهم و لغاتهم و عاداتهم و عقائدهم ، و من أجل كل مخلوقات الله في الكون من حيوان ونبات وجماد أيضا. فالكل قد أصبح مهددا بالدمار الماحق في هذا العالم المفتون، على يد رجل واحد مجنون تقمص كل شخصيات أعداء الإسلام التقليديين وراح يقودهم جميعا إلى حتفهم وهو يتوهم أنه فرعون هذا العصر بلا منازع والمسيح المخلص في آن ! ( الآية 60 ).

الركن الرابع :

بناء على ما سبق ذكره في الركن الأول فإن أعداء الإسلام لا يمكن أن يجنحوا للسلم أبدا، فهم مجبولون على الكذب والخيانة ونقض العهود. ولذلك فإن الله عز وجل ينبه المسلمين إلى أنهم لن يأمنوا مكر الأعداء وشرهم إلا إذا أعدوا لهم القوة التي ترهبهم. ففي هذه الحال فقط يمكن للمسلمين أن يحققوا سلاما عالميا حقيقيا عادلا وشاملا. وهذه مسؤوليتهم العظمى تجاه البشرية كافة لا فكاك لهم منها ؛ وهم سوف يحاسبون عليها إذا ما فرطوا فيها، لأنهم خير أمة أخرجت للناس { كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف،و تنهون عن المنكر ، و تؤمنون بالله . ( 100 آل عمران }.فالإيمان لن يتحقق في هذه الأمة إلا بعد قيام أفرادها وشعوبها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق شروطهما المرعية في شريعة الله وما وافقها من الأعراف والقوانين البشرية. وكلاهما يحتاج إلى قوة رهيبة تجعل الناس يرهبون الله عز وجل ويكفون عن ظلم أنفسهم وعن الاعتداء على بعضهم. ( الآية 61 ).

الركن الخامس :

ويختم الله ـ سبحانه وتعالى ـ كلامه الحكيم في محور 'الإرهاب' بأعظم بشرى يزفها إلى المؤمنين حيث يؤكد لهم أنهم بعد اكتسابهم لقوة الإرهاب الرادعة، فلن ينجح أعداؤهم أبدا مهما حاولوا أن يخدعوهم، لأن الله قد تكفل بنصر دينه وبنصر المؤمنين به؛ وسوف يبارك التأليف بين قلوبهم ليزدادوا قوة ومنعة، وهو حسبهم ونعم الوكيل. فليحرض بعضهم بعضا على قتال من اعتدى عليهم، ولسوف ينتصرون بإذن الله ،كما انتصر أسلافهم الأبرار رغم قلة أعدادهم وعددهم. ( الآيات 62-65 ).
وإن العارف بالقرآن الكريم وبتاريخ الإسلام إذا تأمل واقع الحال في هذه الأيام التي اشتد فيها التضييق على المسلمين في كل مكان بذرائع واهية، كاتهامهم ظلما وبهتانا بأن إرهابهم حرابة وبأن دينهم مدرسة لتفريخ الحرابيين، سرعان ما يتنبه إلى أن الحال لم تتغير كثيرا إلا في اتجاه ما أراده الله للإسلام من استدراج لأعدائه إلى الغرور بقوتهم الطاغية ،كي يعجل بانهزامهم أمام الإسلام المتنامي مده باطراد في عقر ديارهم بالذات !

ابتهال
16-08-2013, 21:29
فالذين جبلوا على نقض العهود وكراهية الإسلام والحقد على المسلمين بالأمس البعيد هم اليهود المغضوب عليهم الذين تصهين معظمهم اليوم وسولت لهم أنفسهم الخبيثة أن يمتلكوا زمام العالم كله بالقهر والفتك والتدمير والكذب والبهتان. فكأن هذه الآيات الكريمات لم تنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ، وإنما نزلت هذه الأيام. ولست أشك في أن اليهود الحرابيين المتطرفين هم أشد الناس حقدا على هذه الآيات بالذات. ولا أستبعد أن يكون لهم من قريب أو من بعيد دور ما في انتزاع عبارة 'ترهبون' من صلب القرآن الكريم انتزاعا ثم تحميلها معنى العنف والتخريب بقصد تحويلها إلى قنبلة شديدة الانفجار قوية التأثير واسعة الانتشار تخرب أول ما تخرب هذه الآيات المحكمات التي تفضح سلوك اليهود وكل من سار على دربهم. كي يتسنى لهم بعد ذلك الانتقال بسـرعة إلى تخريب القرآن كلـه من الداخل. وإذا خرب القرآن فعلى الإسلام

والمسلمين السلام ولـ'الشعب الصهيوني المختار' البقاء والدوام! و هيهات أن يتم لهم ذلك، (والله متم نوره و لو كره الكافرون. 8 الصف) ( ليحق الحق و يبطل الباطل ولو كره المجرمون.8 الأنفال ).

فالإرهاب إذا، رباني المبدإ والغاية، وهو أداة بناء لا أداة تخريب، وهو أدعى إلى تحقيق الأمن والسلام، لا إلى تأجيج نيران الحقد والكراهية والحروب الضارية الظالمة. ونحن - المسلمين - أصحاب رسالة السلام الحقيقي الشامل العادل، على عاتقنا تقع مسؤولية إنقاذ البشرية مما يهددها من دمار ماحق .
( والله غالب على أمره. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) [21 يوسف].

على هذا الأساس يجب تصحيح مفهوم الإرهاب في أذهان الناس، وإلا صار الله - سبحانه - 'حرابيا' بالمفهوم الأمريكي، وصار كتابه الحكيم القرآن الكريم مدرسة متطرفة لتفريخ 'الحرابيين' كما ادعى مراسل (سي.إن.إن C.N.N) عندما كان يقوم بتغطية إعلامية من موقع زيارته لأحد الكتاتيب القرآنية في باكستان! وتبعا لذلك فسوف يصير محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زعيم مؤسس لقاعدة (أسامة بن لادن)، ويصير من حق أمريكا أن تبيد كل أتباعه المسلمين أينما كانوا لتريح العالم منهم وتستريح !

أو ليس الله - سبحانه - هو القائل في ثلاث سور من القرآن الكريم :

1. ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم، وإياي فارهبون ) [40 البقرة].
2.(ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهون) [154 الأعراف].
3.( إنما هو إله واحد. فإياي فارهبون. ) [51 النحل].

فليستفق المسلمون من غفلتهم، وليتنبهوا إلى خطر المفاهيم المحرفة الدخيلة على مصطلحاتهم الأصيلة. وعليهم من الآن فصاعدا ألا يستعملوا مصطلح 'الإرهاب' إلا في معناه القرآني الأصيل. أما مصطلح 'الترورسم' فليستعملوه كما هو معربا لا مترجما. وإن كان لا بد من ترجمة فإن أقربها إلى مفهومه الغربي الأمريكي هو 'الحرابة'.

ولا بد من الإشارة بعد هذا إلى أنني لم أعثر في ما رجعت إليه من كتب التفسير على غير المعنى الذي بينت حدوده كما هو ثابت في المفهوم العربي الإسلامي الصحيح. وبهذا أكون قد أعدت الأمر إلى نصابه، ورفعت، بتوفيق الله - سبحانه وتعالى - الالتباس عن مفهوم هذه اللفظة العربية الأصيلة التي حولها تقصيرنا وغفلتنا، وتربص الأعداء بنا إلى مصطلح سياسي مغرض؛ ووضعتها في حدودها القرآنية بتركيز دقيق ليس الغرض منه إلا بيان الحق والذود عن بيضة الإسلام وصيانة القرآن العظيم من عبث العابثين، ولفت انتباه العلماء والمفكرين والأدباء والشعراء وعامة المسلمين إلى أبعاد الرؤية الإسلامية الصحيحة التي يجب أن ينهلوا منها، كل حسب اختصاصه وحاجته، ما يرضي الله - عز وجل - أداء لأمانة البيان والتبليغ التي أمرنا الله بأدائها، وتوعد من كتم الحق وأحجم عن البيان باللعنة العامة الشاملة :) إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ؛ إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا، فأولئك أتوب عليهم ؛ وأنا التواب الرحيم.( [159- 160 البقرة].

بهذا أكون قد أديت أمانة التبليغ و بينت للناس ما اجتهدت قدر طاقتي في تمحيصه و تخليصه؛ و برأت ذمتي من تبعة الكتمان. و الله يعلم أنني ما قمت بهذا الواجب إلا امتثالا لأمره مساهمة في التعجيل بتحقيق سلام إسلامي عالمي شامل و عادل ، لا يضيق ذرعا بعباد الله مهما اختلفت عقائدهم، سواء أكانوا يهودا أم نصارى أم حتى ملحدين. فالله رب العالمين هو الكفيل بمحاسبة الجميع.



حرر هذا البيان بمدينة تازة في المغرب الأقصى ، فجر يوم الجمعة 01 ذو الحجة 1425 / يناير 2004 .
عن كتابه المخطوط بعنوان: ( حرب المصطلح آخر حروب القرن )

شاعر السلام الإسلامي
جـلـول دكـداك

استدراك على ' بيان حقيقة '
لقد تبين لي بعد التعمق في البحث أن المفهوم الغربي للمصطلح terrorism لا يوجد له بتاتا لفظ مناسب يترجم به في اللغة العربية. و لذلك استقر رأيي على تأكيد العمل بما ألمحت إليه في هذا البيان نفسه من قبل بقولي في الفقرة [ 3- كيف يجب تصحيح هذا الخطإ ؟ ]: ( ...و أفضل من ذلك أن يستعملوا المصطلح الغربي terrorism بصيغته الأصلية معرَّباً : تيرورسم ).
و هكذا تصبح الصفة من (( تيرورسم )) : (( تيروري و تيرورية و تيروريون و تيروريات ))، لكن المصدر و مشتقاته الأخرى يتعذر الإتيان بها، و يستعاض عنها بقولنا : قام بأعمال تيرورية .. و هاجمه هجوما تيروريا لا رحمة و لا شفقة فيه.. و أمطره بوابل من كلام تيروري ارتعدت له فرائصه و أغمي عليه من شدة الخوف.. و كتب عنه كتابة تيرورية حرضت عليه العالم أجمع. و هذا ليس أمرا جديدا و لا غريبا في مجال صياغة و نحت المصطلحات التي لا وجود لبدائل لها في اللغة العربية. و لو حاولنا إحصاء ما في العربية المعاصرة من أمثال هذا النوع لوجدنا الكثير:..إلكتروني - إستراتيجي- لوجستيكي- هرمانوتيكا - بريسترويكا – تيما -إبستمولوجيا - ابسيكولوجيا - إثنلوجيا - ديماغوجي- إيديولوجي- تكنولوجيا - ميتافيزيقي- أنتروبولوجيا - أنطلوجيا - سريالي.و هلم جرا! فلماذا يقحم بعض العلماء المسلمين مفهوم التيرورسم الخطير المدمر على مصطلح قرآني بريء منه ؟ ألا يدعو هذا الأمر إلى الحسرة و الرثاء لحال هؤلاء العلماء. و تزداد الحسرة قوة عندما يتهمك بعضهم بأنك تخوض في ذمتهم و تنتهك حرمة قداستهم إذا أنت تجرأت و أعلنت الحق و قلت لهم اتقوا الله في قداسة مفاهيم القرآن الكريم ؟
-------------------