مشاهدة النسخة كاملة : كنه ما لا بد للمريد منه



ابوعمارياسر
15-04-2014, 14:16
بسم الله الرحمن الرحيم
كنه ما لا بد للمريد منه
الشيخ الاكبر محيى الدين أبو عبد الله محمد بن عربى
اعلم أيها المريد - وفقك الله وإيانا لطاعته واستعملنا وإياك بما يرضيه - أن القرب من الله: لا يُعْـلـَم إلا بتعريفه إيانا بذلك، وقد فعل ذلك، ولله الحمد والشكر، فأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وأوضح السبل الموصلة إلى السعادة الأبدية،فآمنا وصدقنا، وما بقى إلا استعمال ما وقع به الإيمان من الأعمال، وتقرر فى نفوس المؤمنين: من وضع الشرع فى محله.
ثم يجب عليك أيها المريد: توحيد خالقك، وتنزيهه عن: ما لا يجوز عليه سبحانه وتعالى. فأما توحيده، فلوثـَمَّ إله ثانٍ مع الله لامتنع وقوع الفعل من الإلهين، لاختلاف الإرادات: وجوداً وتقديراً، وفسد النظام، وذلك قوله تعالى: ( لَوكَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ).
ولا تسل ياأخى: بمن أشرك. ولا تحتاج إلى إقامة دليل على الوحدانية والأحدية، فإن المشرك قد أثبت وجود الحق تعالى معك وزاد عليه الشريك، فعليه الدليل عل ما زاد. ويكفيك هذا فى التوحيد، فإن الوقت عزيز والعقد سالم.
والمخالف: لا عين موجودة. والحمد لله.
وأما تنـزيهه، فهو آكد عليك، من أجل المشبهة والمجسمة الظاهرين فى هذا الزمان، فاعقد على قوله: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) وحسبك هذا. فكل وصف يناقض هذه الآية مردود، ولا تزد ولا تبرح من هذا الموطن.
لذلك جاء فى السنة " كان الله ولا شىء معه " تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وكل آية وحديث توهم التشبيه مما يعطيه كلام العرب، أوكلام من أنزل عليه: بشىء من الوحى والتبليغ فيجب عليك الإيمان به، على حد ما يعلمه الله تعالى، وما أنزله، لا على ما تتوهمه واصرف علم ذلك إلى الله. ليس بعد - لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ -
وما ينزهه منزه إذ قد نزه نفسه بنفسه، وهوأنزه ما ينبغى له. إنه - عز وجل - أعظم وأجل مما علمت وجهلت.

ابوعمارياسر
15-04-2014, 14:17
ثم بعد ذلك أيها المريد: يجب عليك الإيمان بالرسل صلوات الله عليهم، وبما جاءوا به ؛ وما أخبروا عنه.
ثم حب الصحابة رضى الله عنهم أجمعين. ولا سبيل إلى تجريحهم البته، ولا الطعن فيهم، ولا تفضل أحد على الآخر، إلا بما فضله ربه فى كتابه العزيز، أوعلى لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ويجب عليك تعظيم من عظم الله تعالى ورسوله، ثم التسليم لأهل هذه الطريق فيما يحكى عنهم من الحكايات، وكل ما ترى منهم - مما لا يسع العقل ولا العلم -. وحسن الظن بالناس أجمعين، وسلامة الصدر، والدعاء للمؤمنين بظهر الغيب،
وخدمة الفقراء برؤية الفضل لهم فى ذلك حيث ارتضوك خديماً لهم، وحمل كلفهم وأذاهم، وجفاهم، والصبر على أذاهم.
ومما لابد منه: الصمت إلا عن ذكر الله تعالى، " وتلاوة القرآن الكريم " وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،والإصلاح بين المتهاجرين، والتحريض على الصدقة، بل على كل خير.

ابوعمارياسر
15-04-2014, 14:18
ومما لابد منه: طلب شخص موافق، يعينك على ما أنت بصدده وسبيله فإن " المرء بأخيه". و إياك وصحبة الضد.
ومما لابد منه: شيخ مرشد، والصدق شعار المريد، لأنه إذا صدق مع الله تعالى: جعل كل شيطان فى حقه ملكاً، يرشده إلى الخير، ويلهمه الخير، فإن الصدق هو: الإكسير الأعظم، ما وضع على شىء إلا قلب عينه.
ومما لابد منه: البحث عن هذه اللقمة، فأساس هذا الطريق: اللقمة الحلال، عليها قام هذا الطريق، ولاتثقل على أحد، ولا تقبل من أحد، واحترف، وتورع فى كسبك ونطقك ونظرك وسمعك، وفى جميع حركاتك.
ولا توسع فى ثوب ولا مسكن، ولا مأكل، فإن الحلال قليل: لا يحتمل السرف. واعلم أن النفوس إذا زرع الإنسان الشهوة بها: عسر قلعها بعد ذلك. هذا كله لابد منه.
ومما لابد منه: قلة الطعام، فإن الجوع يورث النشاط فى الطاعة، ويذهب الكسل.
وعليك بتعمير الأوقات فى الليل والنهار. فأما الساعات التى دعاك الشرع إليها - إلى الوقوف فيها ين يدى ربك - وهى الخمسة الأوقات الواجبة عليك، وباقى ما بينها من الأوقات فإن كنت صاحب حرفة، فاجتهد أن تعمل فيها أيامأً مثل الفتى ابن هارون الرشيد رحمة الله تعالى عليه.
ولا تفارق مصلاك بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروبها، بذكر وخشوع وخضوع.ولا يفوتك الوقوف مصلياً من الظهر إلى العصر، ومن المغرب إلى العشاء الأخيرة بعشرين ركعة.

ابوعمارياسر
15-04-2014, 14:19
وحافظ على أربع ركعات أول النهار وقبل الظهر وقبل العصر واجعل وِتْرك ثلاثة عشر ركعة، ولا تنم إلاعن غلبة،ولاتأكل إلا عن فاقة، ولا تلبس إلا عن وقاية من حر أوبرد، بنية ستر العورة ودفع الأذى القاطع عن عبادة ربك.
وإن كنت ممن يعرف يكتب، فاجعل على لسانك ورداً من القرآن فى المصحف، تمسكه فى حجرك وتلقى يدك اليسرى تحت المصحف، بحيث تسمع نفسك، وترتل القرآن، وتسأل فى السورة التى توجب السؤال فيها وتعتبر فى الآية التى فيها اعتبار، وتعامل فى كل آية بما يليق بها، وما تدل عليه من تلك الصفات، فانظر ما عندك منها وما فقدت من ذلك، فاشكره على ما عندك. وما فاتك حصله. وإذا قرأت وصف المنافقين والكافرين، فانظر: هل فيك من تلك الصفــــــات
شىء أم لا ؟
ومما لابد منه: محاسبتك نفسك، ومراعاة خواطرك فى الأوقات، ثم أشعر نفسك الحياء - من قلبك - من الله تعالى، فإنك إذا استحـيـيت من الله منعت قلبك أن يخطر فيه خاطر يذمه الشرع، أوتتحرك بحركة لا يرتضيها الحق.
ولقد كان لنا شيخ يـقيد حركاته فى صحيفة، ثم إذا جنه الليل وضعها بين يديه، ثم يحاسب نفسه على ما فيها.
وقد زدت على شيخى بتقييدى خواطرى.