هدنـة حمـص.. اسـتراحة محـارب بعـد عاميـن
مـن الصمـود األسـطوري
العهد – أحمد خليل
بعد صمـــود »أســـطوري« اســـتمر أكثر
مـــن عاميـــن فـــي وجـــه حصـــار خانق
وقصـــف متواصل من قبل قوات األســـد،
قرر مـــن تبقى من ثـــوار أحيـــاء حمص
المحاصـــرة وأهاليهـــا وعددهـــم 1500
شـــخصا الخروج منها، وذلـــك وفقا التفاق
هدنة أبـــرم مؤخرا بيـــن ثـــوار المدينة
والجبهـــة اإلســـالمية مـــع نظام األســـد
تحت إشـــراف فريق من األمـــم المتحدة.
نص اتفـــاق الهدنة على خـــروج األهالي
والثوار بأســـلحتهم الخفيفة والتوجه إلى
بلدة »الـــدار الكبيرة« بالريف الشـــمالي،
وفك الحصار عـــن حي »الوعـــر«، تزامنا
مـــع إفـــراج الجبهـــة اإلســـالمية عـــن
محتجزيـــن لديها مـــن عناصـــر النظام،
بينهـــم إيرانيون وعراقيـــون وعناصر من
»حـــزب اهلل« اللبنانـــي وضابط روســـي،
كمـــا تضمـــن االتفـــاق أيضـــا إدخـــال
مســـاعدات إنســـانية إلى بلدتـــي »نبل«
و«الزهراء« المواليتين لنظام األســـد في
ريـــف حلب.
وأشـــار اإلعالمي »رامي ســـعيد« إلى أن
وســـائل إعالم النظـــام حاولـــت تصوير
موافقتـــه على الهدنة فـــي حمص وكأنها
انتصـــار تاريخـــي لـــه، ولكـــن الحقيقة
أن النظـــام توخـــى الســـرية فـــي أثناء
المفاوضات مع الثوار خشـــية ردود أفعال
األهالي و«جيـــش الدفـــاع الوطني« في
األحيـــاء المواليـــة لـــه، الذيـــن يتهمونه
بعقـــد هـــدن فـــي الماضـــي تجاهلتهم
لصالـــح اإليرانيين.
وأوضح ســـعيد أنـــه بعد رضـــوخ النظام
للشـــروط التي وضعهـــا الثـــوار للخروج
اآلمـــن من األحيـــاء المحاصـــرة أعلن عن
الهدنـــة في وســـائل إعالمه.
بدوره قـــال أحـــد مقاتلي الجيـــش الحر
فـــي حمـــص المـــالزم أول »وليـــد العبد
اهلل« مخاطبـــا زمـــالءه الذيـــن خرجـــوا
معه: »ال تحزنـــوا لخـــروج أبطال حمص
وهـــم شـــامخون بأســـلحتهم وبإرادتهم
وشـــروطهم ألنهـــم إن شـــاء اهلل
ســـيعودون«.
تخاذل العالم عن نصرة حمص
يشـــعر كثير مـــن الســـوريين بالخذالن
بســـبب تخلـــي العالـــم الديمقراطـــي
والمتحضـــر عن أحياء حمـــص المحاصرة
منذ أكثر مـــن 700 يوم، بعـــد أن تركوا
النظـــام يمارس وحشـــيته فيهـــا، ويدمر
منازلهـــا، ويهجـــر أهلها.
إن مـــا حدث فـــي حمص ليـــس انتصارا
للنظـــام بـــأي مقيـــاس مـــن المقاييس،
لســـبب بديهي ملخصـــه أن الوصول إلى
مســـتوى ما وصـــل إليه هـــذا النظام من
انحـــالل وانحطاط وإجرام وتـــرد أخالقي
وقيمـــي غيـــر كفيـــل باحتـــالل مدينة
بحجـــم حمص.
وكتـــب أحد أبـــرز أعالم الثورة الســـورية
»عبـــد الباســـط الســـاروت« الـــذي حمل
الســـالح للدفـــاع عـــن حمـــص علـــى
صفحته الرســـمية فـــي »فيـــس بوك«:
»سيطر نظام األسد على حمص، هكذا
جاء في أخبار العالـــم، ولـــم يذكروا خبر
موت إنسانيتهم وضمائرهـــم«. وأضـــاف
الســـاروت حينمـــا وصلت مع الثـــوار إلى
الريف الشـــمالي مغادريـــن أحياء حمص
القديمـــة كنت أتوقع أال أجد أحدا في
استقبالنـــا لشعور كنت أشعره أال وهو
الخجل والحياء من ثـــوار حمـــص ألنهم
قصروا معهم، ولكن العجيب أني رأيت في
استقبالنا جيوشا جرارة وبكامل أسلحتهم.
وتابـــع الســـاروت مخاطبـــا ثـــوار ريـــف
حمص الشـــمالي: »طالما أنتم بهذا العدد
والعتاد لماذا تركتمونا؟«.
الهدنة انتصار للثوار
إن هدنـــة حمـــص كمـــا يراهـــا كثيرون
انتصار بحـــد ذاته للثوار، فهـــي انتزعت
اعترافـــا بشـــرعيتها مـــن نظام األســـد
برعايـــة دوليـــة، ممـــا يعنـــي أن كتائب
الثـــوار في المســـتقبل قد تفـــاوض على
أمور أكثـــر أهمية.
مـــن جهتـــه اعتبـــر عضـــو الهيئـــة
السياســـية فـــي االئتـــالف الوطنـــي
الســـوري »أحمـــد جقـــل« صمـــود ثوار
حمص لــــ 700 يـــوم في ظـــل الحصار
الخانـــق الـــذي فرضـــه نظـــام بشـــار
األســـد، بأنه »صمود نوعـــي وتاريخي«.
وأكـــد جقـــل أن حمـــص هـــي عاصمـــة
الثـــورة، والثـــوار لـــن يتخلوا عنهـــا أبدا،
وقـــد عـــد خـــروج الثـــوار مـــن األحيـــاء
المحاصـــرة خروجـــا مشـــرفا يليـــق
باألبطـــال، وســـيعودون قريبـــا لتحرير
حمص كاملـــة، والثـــورة مســـتمرة ضد
الطاغـــوت، والثـــوار وافقوا علـــى الهدنة
إنقـــاذا لمـــن تبقى من مدنييـــن في حي
الوعـــر، والذين يقدر عددهـــم بـ 6000
آالف مدنـــي.
إن اتفــــاق حمــــص أنقذ أرواحــــا كثيرة
كانــــت ســــتزهق لو لــــم تحــــدث، وقد
تكــــون الهدنة إنجازا إنســــانيا يســــهم
في لملمــــة جراح كثير مــــن المتضررين
من حصــــار حمص، غير أنهــــا في نهاية
المطاف تشــــير إلــــى أن تغييرا حدث في
قواعــــد الحرب التــــي لم تهدا منذ ما
يزيد على 3 ســــنوات.