مشاهدة النسخة كاملة : في حُسن مَطلَعِ أَقمار بِذي سَلَم



ابوعمارياسر
08-06-2014, 23:43
الشاعرة و الاديبة عائشة الباعونية رحمها الله في مدح رائع للرسول عليه الصلاة و السلام


في حُسن مَطلَعِ أَقمار بِذي سَلَم ** أَصبَحتُ في زُمرَةِ العُشّاق كَالعَلَمِ

أَقول وَالدَّمعُ جارٍ جارِحٌ مُقَلي ** وَالجار جار بِعَذل فيهِ مُتّهِمي

يا لَلهَوى في الهَوى رُوحٌ سَمحتُ بِها ** وَلَم أَجد رُوحَ بُشرى مِنهُمُ بِهِمِ

وَفي بُكائي لحال حالَ مِن عَدَم ** لفّقتُ صَبراً فَما أَجدى لِمَنعِ دَمي

يا سَعدُ إِن أَبصَرَت عَيناكَ كاظِمَةً ** وَجئت سِلَعاً فَسَل عَن أَهلِها القدُمِ

فَثمّ أَقمارُ تَمّ طالِعين عَلى ** طُويلِعِ حَيّهم وَانزل بِحَيّهِمِ

أَحِبّةٌ لَم يَزالوا مُنتَهى أَمَلي ** وَإِن هُمو بِالتَّنائي أَوجَبوا أَلَمي

عَلَوا كَمالاً جَلوا حُسناً سَبوا أمَماً ** زادوا دَلالاً فَني صَبري فَيا سَقَمي

أَحسَنتُ ظَنّي وَإِن هُم حاوَلَوا تَلَفي ** وَثَمّ سرّ وَضَني فيهِ مِن شِيَمي

اليَحمَدِي وَأَبو تَمّام كلّ شَج ** عانى الغَرام إِلى قَلبي لِأَجلِهِمِ

قيل اسلُهُم قُلتُ إِن هَبّت صَبا سَحَراً ** وَأَشرَق البَدرُ تَمّا سَلخَ شَهرِهِمِ

ما لي رُجوعٌ عَن الأَشجان في وَلَهي ** بَل عَن سُلُوّي رُجوعي صارَ مِن لزمي

رَجَوتُهُم يَعطفو فَضلاً وَقَد عَطَفوا ** لَكن عَلى تَلَفي مِن فَرط عِشقِهِمِ

هانَ السُّهادُ غَراماً فيهِ أَقلَقَني ** شَوقاً وَعَزّ الكَرى وَجداً فَلم أَنَمِ

وَعاذِلٍ رامَ سُلواني فَقُلتُ لَهُ ** مِن المُحال وُجودُ الصَّيد في الأَجَمِ

عَذلتَني وَاِدّعَيتَ النُّصحَ فيهِ فَلا ** بَرِحتُ أَسعى بلا حَدّ إِلى النّعمِ

كَيفَ السلوّ وَنارُ الحُبّ موقَدَةٌ ** وسطَ الحَشا وَعُيونُ الدَّمعِ كَالدِّيَمِ

وَلي جُفونٌ بِغَيرِ السُّهدِ ما اِكتَحَلَت ** وَلي رُسومٌ بِغَير السُّقمِ لَم تُسَمِ

تهابُني الأُسدُ في آجامِها وَظُبا ** تِلكَ الظِبا قَد أَذلتني لِعِزّهِمِ

أَزروا بِشَمسِ الضُّحى وَالبَدرِ حينَ بَدوا ** وَأَومَضَ البَرقُ مِن تِلقاءِ مُبتسِمِ

يا نَفسُ ماذا الوَنى جِدّي فَإِن يَصِلوا ** فَالقَصدُ أَولى فَموتي مَوت مُحتَشِمِ

لِذِكرِهم صارَ سَمعي العَذل يُطرِبُني ** مِن اللَواحي وَيُلجيني لِشكرِهِمِ

بَلَغتُ في العشق مَرمى لَيسَ يُدرِكُهُ ** إِلّا خَليعٌ صَبا مِثلي إِلى العَدَمِ

كَتَمتُ حالي وَيَأبى كَتمَهُ شَجَني ** بِحُكمِيَ الفاضِحين الدَّمع وَالسَقَمِ

قالوا ارعَوِي قُلتُ قَلبي ما يُطاوِعُني ** قالوا اِنثَنِي قُلتُ عَهدي غَيرُ مُنفَصِمِ

قالوا سَلَوتَ فَقُلتُ الصَّبرُ في كَلفي ** قالوا يَئستَ فَقُلتُ البُرءُ في سَقَمي

يا عاذِلي أَنتَ مَعذورٌ فَسَوفَ تَرى ** إِذا بَدا الصَّبحُ ما غطّى غَشا الظُلَمِ

أَبرَمتَ عَذلاً وَيُخشى أَن تُجرّ به ** إِلى السُّلُوِّ وما السُّلوانُ مِن شِيَمي

أجرِ الأَمورَ عَلى إِذلالِها فَعَسى ** تَرى بِعَينيكَ وَجهَ النُّصحِ في كَلِمي

عَن ذمِّ مِثلِكَ تبياني أنزّهُهُ ** إِذ أَنتَ عِندِيَ مَعدودٌ مِن النعمِ

الجَهلُ أَغواكَ أَم في الطَّرف مِنكَ عَمي ** أغاب رُشدُكَ أَم ضَربٌ مِن اللَّمَمِ

أَتعبت نَفسكَ في عَذلي وَمَعذِرَةً ** مِني إِلَيكَ فَسَمعي عَنكَ في صَمَمِ

اعذل وَعَنّف وَقُل ما اِسطَعتَ لا تَرَني ** إِلّا كَما شاءَ وَجدي حافِظاً ذِمَمي

تسومُني الصَّبرَ عَمّن لي حَلا بِهمِ ** جَميعُ ما مَرّ مِن حالاتِ عِشقِهِمِ

لُم يا عَذَولي وَشاهِد حُسنَهُم فَإِذا ** شاهَدتهُ وَاِستَطَعت اللوم بَعد لُمِ

أَبِن أَنل عَرفن فرّع لَنا نَبأً ** مِن المَلامِ وَحشيهِ بِوَصفِهِمِ

وَاِمزُج مَلامَك بِالذِّكرى فَإِن بِها ** تَعَلّلا لِعَليلِ الشَّوقِ مِن أَلَمِ

كَرّر أَعِد أَطرِب ابسُط ثَنّ غَنّ أَجِب ** قُل سَلّ جُد تَرَنّم برّ منّ دُمِ

أَعِد حَديثَ أَحِبّائي فَهُم عَرَبٌ ** قَد أَعرَب الدَّمعُ فيهم كُلّ مُنعَجِمِ

وَاِستَوطَنوا السرَّ مِنّي فَهوَ مَنزِلُهُم ** وَلَم أفوّه بِهِ يَوماً لِغَيرِهمِ

بَدا الصُّدودُ بِبُعدي عَن جِوارِهم ** فَعادَ وَصلٌ بِقُربي مِن مَحَلّهِمِ

أَحِبّةٌ ما لِقَلبي غَيرُهُم أَرَبٌ ** وَحُبهم لَم يَزَل يَربو مِن القِدَمِ

لَزِمتُ صدقَ وَلاهُم وَالتَزَمت بِهِ ** فَلَست أَسلوهُ إِلّا عَن سُلُوّهِمِ

حلّوا بِقَلبي وَحلّى جود منَّتِهِم ** جِيدي وَشكر الأَيادي مَسمَعي وَفَمي

ما بَهجَةُ الشَّمسِ في الآفاقِ مُسفِرَةً ** يَوماً بِأَبهَجَ مِن لألاءِ حُسنِهِمِ

لا مَكّنتني المَعالي مِن سيادَتِها ** إِن لَم أَكُن لَهُمُ مِن جملَةِ الخَدَمِ

بِفَضلِهم غَمَروني مِن فَواضِلِهم ** بِما عَجِزتُ بِهِ عَن حَقّ شُكرهِمِ

وَأَقبَسونِيَ مُذ آنَستُ نارَهُمُ ** مِن طُور حَضرَتِهم نُوراً جَلا ظُلَمي

وَألبَسوني ثِيابَ الوَصل مُعلَمَةً ** بِقُربِهِم وَأَقَرّوا في العُلا عَلَمي

وَخَوّلونيَ مُلكاً فيهِ فُزتُ بِهم ** فَوزَ العُفاةِ بِوافي فَيضِ فَضلِهِمِ

لَهُم شَمائِلُ بِالإِحسان قَد شَملَت ** وَعَلّمت كَرَمَ الأَخلاقِ وَالشِّيَمِ

وَلي عَوائدُ مِنهُم بِالجَميل لَها ** بمنهم اِتصالٌ غَيرُ مُنحَسِمِ

قالوا الوَفا راقَ عَيشُ المُستَهامِ بِهم ** فَلا جَفا بَعدَما جادوا بِوَصلِهمِ

حلّوا بِقَلبي فَيا قَلبي تَهنّ بِهم ** وَاِفرح وَلا تَلتَفت عَنهم لِغَيرِهِمِ

قَد طالَ شَوقي وَقَلبي مَنزِلٌ لَهُم ** إِلى الطُلولِ الَّتي تَسمو بِإِسمِهِمِ

فَلَيتَ شِعري هَل حالي بِمُنتَظم ** قَبل الوَفاةِ وَهَل شَملي بِمُلتَئِمِ

نعم نعم حَدّثتني وَهيَ صادِقَةٌ ** ظُنونُ سرّي حَديثاً غَيرَ مُتّهَمِ

عَن جُودِهم عَن نَداهُم عَن فَواضِلهم ** عَن منّهم عَن وَفاهُم نَيل برّهِمِ

سادوا فَجودهُم جمّ وَبَذلهُمُ ** حَتمٌ وَمَوردُهُم غُنمٌ لِكُلِّ ظَمي

يا سَعدُ إِن ساعَدَ الإِسعادُ وَاِجتَمَعَت ** لَكَ الأَماني وَجئت الحَيّ عَن أُمَمِ

عَرّج عَلى قاعة الوَعساءِ مُنعَطِفاً ** عَلى العَقيقِ عَلى الجَرعاءِ مِن إِضَمِ

وَاِقصِد مصلى بِهِ بابُ السَلامِ وَقف ** لَدى المَقامِ وَقَبّل مَوطِئَ القَدَمِ

فَلِي فُؤاد بِذاكَ الحَيِّ مُرتَهنٌ ** سَلا السُّلُوّ وَعانى وَجدَهُ بِهمِ

ناشَدتُهُ اللَّه وَالأَنوار مُشرِقَة ** تَعلو المَعالم مِن سُكّانِها القُدُمِ

أَنتَ الكَليم وَهَذا طَور حَضرتهم ** أَقبل وَلا تَخف الواشين بِالكَلمِ

وَشاهدِ الحُسنَ وَالإِحسانَ جُزؤهُمُ ** وَلا تَدَع مِنكَ جُزءاً غَيرَ مُقتَسمِ

وَلا يَصُدّكَ عَن بَذلِ الوُجوهِ لَهُم ** نُصحُ اللَّواحي وَما صاغوا بِنُطقِهِمِ
هُم المَفاليسُ ما ذاقوا الغَرامَ وَلا ** أَمّوا حمى خَيرِ خَلقِ اللَّهِ كُلِّهمِ
مُحَمّد المُصطَفى ابن الذّبيح أَبو الز ** زهراءِ جدّ أَميرَي فِتيَة الكَرَمِ

الوافر العظمِ ابن الوافر العظم اب ** نِ الوافر العظم ابن الوافر العظمِ

المُرتَضى المُجتَبى المَخصوص أَحمدَ مَن ** اِختارَهُ اللَّهُ قَبلَ اللَّوحِ وَالقَلَمِ

خَير النَبيّينَ وَالبُرهانُ مُتَضِحٌ ** عَقلاً وَنَقلاً فَلم نَرتَب وَلَم نَهِمِ

أَسناهُمُ نَسَباً أَزكاهُمُ حَسَباً ** أَعلاهُمُ قُرَباً مِن بارِئِ النَّسَمِ

طَهَ المُنادى بِأَلقابِ العُلا شَرَفاً ** وَغَيرُهُ بِالأَسامي ضِمنَ كُتبِهِمِ

عزّت جَلالتهُ جلّت مَكانَتُهُ ** عَمّت هِدايَتُهُ لِلخَلقِ بِالنِّعِمِ

أَعظِم بِهِ مِن نَبيّ مُرسل نَزلت ** في مَدحِهِ مُحكَمُ الآياتِ مِن حِكَمِ

ينبي مفصلها عَن عز مرتبة ** مِن قاب قَوسين لَم تُدرك وَلم ترمِ

تَبارَكَ اللَّهُ مَن أَوحى إِلَيهِ بِما ** أَوحى وَخَصَّصَهُ بِالمُنتَهى العظَمِ

بِرُتبةِ القابِ بِالأَدنى بحظوَتِهِ ** بِرُؤية اللَّهِ بِالإِيناسِ بِالكَلمِ

دَنا وَنالَ فَلا ثان يشاركه ** فيما حَواه مِن التَّخصيصِ وَالكَرَمِ

أَتى وَكانَ نَبياً عِندَ خالِقِهِ ** قِدماً وَآدم طيناً بَعد لَم يَقُمِ

ذو الجاهِ حَيثُ يَضمُّ الخَلق مَحشرهم ** وَلا يُرى غَيرُهُ في الكَشفِ لِلغممِ

ذو المَجدِ حَيثُ أُهَيلُ المَجدِ قاطِبةً ** تَسيرُ تَحتَ لِواهُ يَومَ حَشرِهِمِ

ذو المُعجِزاتِ التي مِنها الكِتابُ فيا ** بُشرى لِمقتَبِس مِنهُ بِكُلِّ جَمِ

يُتلى وَيَحلو وَلا يبلى وَلَيسَ لَهُ ** مُبَدّلٌ وَهوَ حَبلُ اللَّهِ فَاِعتَصِمِ

قُل لِلّذي يَنتهي عَمّا يُحاولهُ ** من حَصرِ مُعجِزِ طَهَ الطّاهِرِ الشِّيَمِ

كَم أَعقَبَت راحَةً بِاللّمسِ راحَتُهُ ** وَكَم مَحا مِحنَةً ريقٌ لَهُ بِفَمِ

وَالنَيّران أَطاعاهُ فَتِلكَ بَدَت ** بَعدَ الأُفولِ وَهَذا شُقَّ في الظُلَمِ

وَالماءُ مِن إصبعَيهِ فاضَ فَيضَ نَدا ** كَفّيهِ مَردود هَذا مُعدم العدمِ

فَريدُ حُسنٍ تَسامى عَن مُماثَلةٍ ** في الخَلقِ وَالخُلقِ وَالأَحكام وَالحِكمِ

بَدرُ الكَمالِ كَمالُ البَدرِ مُكتَسَبٌ ** مِن نُورِهِ وَضياءُ الشَّمسِ فَاِعتَلمِ

أَعظِم بِهِ مِن نَبيّ سَيّد سَنَد ** هادٍ سِراج مُنير صَفوَةِ القُدُمِ

بِالحَقِّ مُشتَغلٍ في الخلقِ مُكتَمِل ** بِالبرِّ مُلتَزِمٍ بِالبّر مُعتَصِمِ

لِلبَذلِ مُغتَنم بِالبشرِ مُتسِم ** يَسمو بِمبتسم كَالدُرِّ مُنتَظِمِ

مُمجدِ الذكرِ في الفُرقانِ بِالعظَمِ ** مُحّمدِ الأَمرِ في التبيان مِن حِكَمِ

جَمالُ صُورَتِهِ عُنوانُ سيرَتِهِ ** هَذا بَديعٌ وَهَذي آيةُ الأُمَمِ

وَلَو غَدا البَحرُ حبراً وَالفَضا وَرَقاً ** في حَصرِ أَوصافِهِ ضاقا بِبَعضِهِمِ

وَذِكرُهُ كادَ لَولا سُنّةٌ سَبَقَت ** إِذا تَكرّر يَحيي بالِيَ الرّمَمِ

عَلا عَنِ المِثلِ فَالتَّشبيهُ مُمتَنِعٌ ** في وَصفِهِ وَقُصورُ العَقلِ كَالعلمِ

إِذ كُلّ حُسنٍ مفاضٌ مِن مَحاسِنِهِ ** وَكُلُّ حُسنى فمن إِحسانِهِ العممِ

مُحَمّدٌ إِسمُهُ نَعتٌ لِجُملةِ ما ** في الذِّكر مِن مَدحِهِ في نُون وَالقَلَمِ

علاهُ كَالشَّمسِ لا يَخفى عَلى بَصَرٍ ** وَالوَجهُ كَالبَدرِ يَجلو حالِكَ الظُّلَمِ

وَلَو كانَ ثَمّ مَثيلٌ قُلتُ طَلعتُهُ ** كَالبَدرِ حاشا تَعالى كامِلَ العظمِ

قالوا هُوَ الغَيث قُلتُ الغَيثُ آوِنَةً ** يَهمِي وَغَيثُ نَداهُ لا يَزالُ هَمي

يُعطي العُفاةَ أَمانِيَهُم فَلَستَ تَرى ** في حُبِّهِ غَيرَ مَمنوحٍ وَمُغتَنِمِ

في النُورِ لاحَ عُلاهُ لا نَظيرَ لَهُ ** نُورُ القُرآن قُرآناً مِن لَدُن حَكَمِ

حازَ الجَمالَ فَما في حُسنِ مُتّصفٍ ** بِشَطرِهِ بَعض ما في سَيّدِ الأُمَمِ

هُوَ الحَبيبُ مِن الرَّحمَنِ رَحمَتُهُ ** لِلعالَمينَ بِإِيجادٍ مِن العَدَمِ

غَوثُ الوَرى كَعبَةُ الآمالِ مُلتَزِمي ** في حُبِّهِ بِالتَّفاني صارَ من لزَمي

جَردتُ حجّي لَهُ مِن كُلّ مفسدَةٍ ** وَلَم تَزَل بِالصَّفا تَسعى لَهُ قَدَمي

بَحرُ الوَفاءِ دَعاني بِالوَفاءِ إِلى ** نَيلِ الوَفاءِ وَرَوّاني مِن النَّغَمِ

بَلَغتُ ما رُمتُهُ مِنهُم فَلَم أرُمِ ** عَمّن جَلا غُمَمي بِالعَزمِ وَالهِمَمِ

وَأفرده المدح وَأَستَثني بِمَدحك مَن ** حازوا عُلا الفَضلِ مُذ فازوا بِسَبقِهِمِ

الباذلو النَّفس بَذلَ المالِ مِن يَدِهم ** وَالحافِظو الجار حِفظَ العَهدِ وَالذِّمَمِ

لا يُسلَبون بِفَضلِ اللَّهِ ما وُهِبوا ** وَيَسلُبوا ضَرَرَ الإِملاق بِالكَرَمِ

سُودُ الوَقائِعِ حُمرُ البيضِ في حَربٍ ** خُضرُ المَرابع بِيضُ الفعلِ في سلَمِ

كَأَنَّهُم في عَجاجِ النَّقعِ حِينَ بَدوا ** بُدورُ تَمّ بَدَت في حندسِ الظُلَمِ

لِلجَمع فَلّوا وَما فَلّت عَزائمهم ** وَهيَ المَواضي عَلى استئصالِ كُلّ عَمِ

هُم النُّجومُ فَما أَسنى مَطالعهم ** في أُفقِ ملّتهِ البيضا بِهديهِمِ

لا يَمزجُ الشَّك مِنهُم صَفوَ مُعتَقَدٍ ** وَلا يَشين التُّقى بِاللمِّ وَاللَّمَمِ

بِالسَّبقِ فازوا بِتَخصيصِ تَقَدمهم ** فيهِ خَليفَته الصديق ذو القدَمِ

لا عَيبَ فيهم سِوى أَن لا يُضامُ لَهُم ** وَفدٌ وَلا يَبخَلوا بِالرّفدِ في العدمِ

طَه الَّذي إِن أَخف ذَنبي وَلُذتُ بِهِ ** آمنت خَوفي وَنجاني مِن النقمِ

وَلا طَمحت إِلى نَيلٍ مِن الكَرَمِ ** إِلّا وَبَلَّغَني فَوقَ الَّذي أرُمِ

ما هَبّتِ الرِّيحُ إِلا شمت بَرقَ وَفا ** لِي فيهِ وَبلُ عَطا مِن دِيمَة النِّعَمِ

يا أَكرَمَ الرُّسلِ سُؤلي مِنكَ غَيرُ خفِ ** وَأَنتَ أَكرَمُ مَدعوّ إِلى الكَرَمِ

حَسبي بِحُبك أَنّ المَرءَ يُحشَرُ مَع ** أَحبابِهِ فَهَنائي غَير مُنحَسِمِ

مَدَحتُ مَجدَكَ وَالإِخلاصُ مُلتَزمي ** فيهِ وُحُسنُ اِمتِداحي فيكَ مُختَتَمي