مشاهدة النسخة كاملة : دع ما ادعته النصارى فى نبيهم



ابوعمارياسر
30-01-2015, 11:35
حفظ الله بذاته مقام حبيبه صلى الله عليه وسلم بعد أن نوَّه عنه فى محكم آياته عمَّا يتخيله المتأولون وينتحله الجاهلون من زيادة فى ذاته صلى الله عليه وسلم ، حتى قال البوصيرى رضي الله عنه:

دع ما ادعته النصارى فى نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم


فلا تقل إنه إلهٌ- حاشالله - ، ولكن قل عبد الله وأضف إليه ماشئت ، فمادمت وصفته بالعبودية لله فانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وما شئت من كرم ، لأن كل ذلك من إكرام الله ومن تعطفات الله على عبده ، إذاً .. إذا كان الأمر كذلك لماذا يسوق البعض هذه الحجج؟

هؤلاء هدانا وهداهم! حالهم كحال إبليس ، عندما أمره الله أن يسجد لآدم رفض خوفاً أن يسجد لغير الله ، فخاف على الله ولم يسجد لآدم ، فى حين أن الذى يأمره بالسجود لآدم هو ربُّ العزة عز وجل ، فكلما مدَحَت للناس فى رسول الله أو وصفت رسول الله يدَّعون أنهم خائفين على الله

أعيرونى أفهامكم نحن نتكلم فى حضرة العبودية ، وحضرة العبودية قل ما شئت فيها ، ولا يوجد أحدٌ فى الأولين ولا الآخرين يستطيع أن يصل إلى وصف العبد بالوصف الذى وصفه الله به فى القرآن الكريم ، مهما تكلَّم المتكلمون جميعاً لن يستطيعوا أن يصفوه بما وصفه به القرآن فانظر إلى قول الله فى القرآن: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} النساء64

{إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} أين يذهبون؟ المفترض أن يذهبوا لله ، لكن الله قال:{ جَآؤُوكَ} لم يقل حتى اذهبوا للكعبة ، لأن المؤمن العادى أعظم عند الله من الكعبة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة: {مَا أَطْيَبَكِ وَمَا أَطْيَبَ رِيحَكِ ، مَا أَعْظَمَكِ وَمَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ المُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِكِ: مَالِهِ ودَمِهِ}{1}

ولكن الله قال: {جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} لابد من استغفار الرسول ، ثم بعد ذلك:{لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} لوجدوا الله بمعانى التواب وبمعانى الرحيم فيك ، لأن معانى الأسماء والصفات تظهر أين ؟ تظهر فى "عبد" فالله جلَّ وتنزه فى ذاته ، لا يستطيع أحدٌ أن يطلع على ذرة من كمالاته إلا إذا ظهرت فى عبيد من عبيد ذاته ، فأسماء الله الحسنى تظهر فى العبد وهو نبينا وإمامنا وحبيبنا وشفيعنا صلى الله عليه وسلم


وأيضاً : {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} النساء80
فطاعة رسول الله هى طاعة الله مباشرة بوضوح كامل ،،

الإمام أبوالعزائم رضي الله عنه لما تكلم عن رسول الله وأفاض فى الكلام عنه قال فى النهاية: {وكلٌ يتكلم على قدره بما شرح الله صدره ، أما كمالات هذا الدُرى المنير الممنوحة من العلى الوهاب ففوق الإدراك والتصوير، وماذا نقول فيمن قال الله فيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء107
وماذا نقول فيمن قال الله فيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} سبأ28

ثم قال بعد ذلك:

على قدرى أصوغ لك المديحا ومدحك صاغه ربى صريحا

ومن أنا يا إمام الرسل حتى أوفِّى قدرك السامى شروحا

ولكنى أحبك ملء قلبى فأسعد بالوصال فتىً جريحا

وداوى بالوصال فتىً معنَّى يروم القرب منك ليستريحا


** منقول باختصار من كتاب {السراج المنير}

أشرف
31-01-2015, 15:27
بارك الله فيك على الأبيات والشرح من البردة الشريفة

hiba mohamed
01-05-2015, 14:45
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اشكركم على هده الابيات من نهج البردة
لقد دكرتمونا بزمن المديح للكلام الفصيح
ومناقب اهل العلم في هدا الميدان مرة اعانكم
الله على المحهود الطيب