مشاهدة النسخة كاملة : تعريف الخلافة



خادمة الحبيب
13-09-2006, 15:53
التعريف اللغوي:

الخلف ضد قدام وخلفه يخلفه: صار خلفه، وخلف فلان فلاناً إذا كان خليفته يقال خلفه في قومه خلافة، وفي التنزيل )وقال موسى لأخيه اخلفني في قومي[ والخليفة الذي يستخلف ممن قبله ويخلف من قبله والجمع خلائف وخلفاء.

والإمامة مصدر من أمّ والإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين والجمع أئمة وإمام كل شيء قيّمه والمصلح له والقرآن إمام المسلمين .

التعريف الاصطلاحي:

الخلافة هي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، وهي عينها الإمامة، فالإمامة والخلافة بمعنى واحد. وقد وردت الأحاديث الصحيحة بهاتين الكلمتين بمعنى واحد، ولم يرد لأي منهما معنى يخالف معنى الأخرى في أي نص شرعي، أي لا في الكتاب ولا في السنّة لأنهما وحدهما النصوص الشرعية. ولا يجب أن يلتزم هذا اللفظ أي الإمامة أو الخلافة، وإنما يلتزم مدلوله.


إن إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة قد بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا فضلاً عن كونها أمر من أوامر المولى جل وعلا .. واجب على كل مسلم أن يبذل قصارى جهده لتنفيذه.

(أ) يقول ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشرقها ومغربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ) رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة والترمذي .. وهذا يحدث إلى الآن .. حيث أن هناك بلاداً لم يفتحها المسلمون في أي عصر مضى إلى الآن وسوف يحدث إن شاء الله .

(ب) يقول e (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبرٍ إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الله الإسلام وذلاً يذل به الكفار) . رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ( المدر: أهل القرى والأمصار، الوبر: أهل البراري والمدن والقرى ) .

(ج) وهنا نذكر قول النبي: ( أمتي أمة مباركة لا تدري أولها خير أم آخرها) رواه ابن عساكر عن عمرو بن عثمان وأشار السيوطي إلى حُسنه .

(د) قال رسول الله ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي ويلقى الإسلام جراءة في الأرض يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدراراً، ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها شيئاً إلا أخرجته). ذكره حذيفة مرفوعاً ورواه الحافظ العراقي من طريق أحمد وقال هذا حسن صحيح.

إنَّ سبب إيراد الحديث السابق هنا هو أن محمد بن عبد الله المهدي هو أحد خلفاء مرحلة الخلافة الثانية والتي هي على منهاج النبوة. وقد قسّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تاريخ" هذه الأمّة إلى المراحل التالية:

1- مرحلة حكم النبوة: وكانت في حياته.

2- مرحلة الخلافة على منهاج النبوة: وهي حكم الخلفاء الراشدين، وكانت من بداية استخلاف أبي بكر وحتى مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن العلماء من أدخل فترة إمارة الحسن بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها. فهذه ثلاثون سنة كما نصّ بذلك الحديث الصحيح بأن الخلافة ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً.

3- مرحلة الملك العاضّ أو العضوض: وهو الحكم الذي فيه ظلم، وإن تفاوتت نسبة الظلم من حكم لآخر - : وهي مرحلة ما بعد إمارة الحسن بن علي، ويدخل فيه حكم بني أمية وبني العباس والمماليك والعثمانيين الأتراك وغيرهم، وحتى سقوط السلطنة العثمانية في مطلع القرن العشرين الميلادي. وهذا الحكم يشمل كل الدول التي تعاقبت على العالم الإسلامي بكافة مراحل تاريخة خلال هذه الفترة، ويُستثنى من ذلك حكم من كانت خلافته مشابهة للخلفاء الراشدين كخلافة عبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما، فَهُما قد عُدَّا من الخلفاء الذين هم من قريش والذين يلوْن أمر هذه الأمة.

4- مرحلة الحكم الجبري: والتي بدأت منذ سقوط الدولة العثمانية إلى عصرنا الحاضر، فنسأل الله تعالى أن ينهيها قريباً بِمَنّه وفضله. والحكم الجبري هذا يحوي كل أنظمة الحكم التي قامت في العالم الإسلامي، سواء أكانت حكماً ملكياً أو وراثياً أو حِزبياً أو حكم الكفار للمسلمين، كما حصل عقيب الحرب العالمية الأولى، أو جمهورياً أو ديموقراطياً أو غيرها من أنواع الحكم التي تنازع الله عز وجل أحقية الحاكمية والتشريع.

5- مرحلة الخلافة على منهاج النبوة: وهي مرحلة لابد لها من عمل وتحضير وتضحية في سبيل الله تعالى، ونشر العلم واتباع للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، لأنه لايصلح آخر هذه الأمة إلاّ بما صلح به أولها. وسيكون الدين في بدايتها غريباً، غربته يوم بدأ في مكة بين أسيادها وعبيدها، بين قويّها وضعيفها، وبين نسائها وصغارها. ومصدر هذه المرحلة هم غرباء هذا الدين في هذا الزمان، الذين يحملونه عن وعي وإدراك وفهم وتطبيق، ويتحملون في سبيله أشد المصائب والابتلاءات ثابتين على وصية رسول الله , ولقد أجمع المسلمون على فرضية إقامة الخلافة الإسلامية وإعلان الخلافة يعتمد على وجود النواة وهي الدولة الإسلامية. (ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية) رواه مسلم. فعلى كل مسلم السعي لإعادة الخلافة بجد لكيلا يقع تحت طائلة الحديث، والمقصود بالبيعة بيعة الخلافة

وبشر الله طائفة من المؤمنين بقوله : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون به شيئاً ..} النور: 55 والله لا يخلف الميعاد. نسأله جل وعلا أن يجعلنا منهم.

نسيم
15-09-2006, 18:29
تعريف الخلافة
أول سؤال يتبادر للذهن في هذا الصدد هو تعريف الخلافة، أي ما المراد من أمر الخلافة وأي شيء يسمى نظام الخلافة؟ فاعلموا أن الخلافة كلمة عربية تعني لغويا المجيء بعد أحد أو خلفه، أو القيام مقامه أو النيابة عن الغير. أما في المصطلح الديني فكلمة الخليفة تستخدم بمعنيين:


أولا: المصلح الرباني الذي يبعث من الله في العالم لإصلاح أمر ما، وعليه فبهذا المعنى إن جميع الأنبياء والرسل يسمّون خلفاء لله لأنهم يعملون نائبين لـه عز وجل، وبهذا المعنى سمى اللهُ سيدَنا آدم وسيدَنا داودَ خليفةً في القرآن الكريم.


ثانيا: ذلك الرجل البار الصالح الذي يقوم مقام مصلحٍ روحيٍ بعد وفاته ليكمل مهمته ويكون إمام جماعته. مثلما قام سيدنا أبو بكر رضي الله عنه خليفةً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده سيدُنا عمر رضي الله عنه.



ضرورة الخلافة
والسؤال الثاني هو عن ضرورة الخلافة، أي لأي غرض يتأسس نظام الخلافة؟ فاعلموا أنه لا يخلو فعل من أفعال الله من الحكمة، ولما كان عمر الإنسان في سننه الكونية محدوداً، ومهمة الإصلاح تقضي الإشراف والتربية لأمد طويل لذا فقد سنّ الله بعد النبوة نظام الخلافة لتتم بعد وفاة النبي مهمتُه بواسطة خلفائه. فكأن البذر الذي يُزرع بيد النبي ينميه الله عن طريق الخلفاء حتى يأمن الأخطار الابتدائية ويصبح دوحةً عظيمة. ومن هنا يتضح أن نظام الخلافة في الحقيقة فرعٌ لنظام النبوة وتتمته. ولهذا قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من نبوة قط إلا تبعته خلافة".



قيام الخلافة
بما أن نظام الخلافة فرع لنظام النبوة وتتمة له لذلك جعل الله قيامَه بيده مثلما هو الأمر للنبوة لكي يتولى منصب الخلافة من يكون في علم الله أصلحُ شخص وأجدر لحمل هذا الحمل من الناس الموجودين وقت الانتخاب. وبما أن جماعة المؤمنين تكون قد نشأت بعد بعثة النبي وتكون قد تربت تحت فيوض النبوة لذلك يجعل الله للمؤمنين أيضا نصيبا في انتخاب الخليفة لكي يجدوا في صدورهم انشراحا وانبساطا في مؤازرته والامتثال لأوامره. وهكذا فإن انتخاب الخليفة يصطبغ بصبغة ممزوجة بشكل غريب حيث يتم انتخاب الخليفة على أيدي المؤمنين في الظاهر لكنه في واقع الأمر يأتي تحقيقًا لقضاء الله وقدره بحيث يتحكم الله في قلوب المؤمنين ويصرفها إلى شخص ذي الكفاءة المطلوبة لذلك المنصب.

ولأجل ذلك نسب الله تعالى اختيار الخلفاء إلى نفسه في كل موضع من القرآن الكريم، وقال مرارا إني أنا أجعل الخليفة، وبقصد الإشارة إلى هذه الحقيقة قال النبي صلى الله عليه وسلم عن خلافة سيدنا أبي بكر: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".


أمــارات الخلافة
ثم ينشأ التساؤل عن أمارات الخلافة التي بها يمكن معرفة الخليفة الحق؟ فاعلموا أن للخليفة الحق علامتين بارزتين كما يثبت من القرآن والحديث. أولاهما هي تلك التي ذُكِرت في سورة النور في قوله تعالى:
(وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا. يعبدونني لا يشركون بي شيئا) أي إن الله يقوي ويعزّز الدين بالخلفاء الصادقين ويبدل حالة خوف المؤمنين بحالة الأمن، وهؤلاء الخلفاء يعبدونه وحده فقط ولا يشركون به شيئا. فكما تُعرف كل شجرة بأثمارها الظاهرية فإن الخليفة الحق يُعرف بأثماره الروحية التي قدّرها الله له منذ الأزل.

أما العلامة الثانية فقد وردت في الحديث، وهي أنه يجب أن يتم انتخاب الخليفة - عدا الظروف الاستثنائية - بإجماع المؤمنين أو الأغلبية الساحقة، وذلك لأنه وإن كان قضاء الله يعمل عمله لكن الله حسب تدبيره الحكيم يجعل لرأي المؤمنين دخلا في اختيار الخليفة في الظاهر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خلافة سيدنا أبي بكر "يدفع الله ويأبى المؤمنون" أي لن يدَع قدرُ الله أحدا ليُنتخب خليفةً غير أبي بكر ولا جماعة المؤمنين تتفق على غيره. فالعلامة الثانية لكل خليفةٍ حقٍّ أن المؤمنين ينتخبونه أولا ثم ينصره الله ويؤيده بعمله ثانيا ويتقوّى به الدينُ. وهناك علامات أخرى لا يتسع المجال لذكرها هنا مفصلا.



بركـات الخــلافة
إن نظام الخلافة - كما ذُكِر أعلاه - نظام جد مبارك يُطلع الله به قمرَ النبوة بعد الغروب الظاهري لشمسها . إن مهمة النبي كما يثبت من القرآن الكريم تتمثل في تعليم جماعة المؤمنين دينيا وتربيتهم الروحية والأخلاقية ولمّ شملهم وتنظيمهم بالإضافة إلى تبليغ الهداية، وكل هذه الأعمال تنتقل بعد وفاة النبي إلى الخليفة الحالي الذي يحمي الجماعة من التشرذم ويُبقيها منظومة في سلك متين واحد.

وعلاوة على ذلك فإن شخص النبي يشكل لأفراد الجماعة مركزا روحيا لأواصر الحب والإخلاص يتعلمون به درسا ذهبيا للوحدة والتضامن والتكاتف، ووجود الخليفة يتسبب في تجدّد درس الوفاء هذا، ولذلك قد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الجماعة التي تلازم الخليفة - لكونها متحدة على يد واحدة - بأنها نعمة كبيرة وأعار لها أهمية كبيرة، ولعن الذي يحاول خلق الفرقة في الجماعة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من شذَّ شُذَّ في النار." أي أن الذي ينشق عن الجماعة ويخلق فيها الفرقة والتشتت فإنه يفتح باب النار على نفسه.

ويقول صلى الله عليه وسلم في موضع آخر: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين." أي أيها المسلمون يجب عليكم أن تتبعوا سنتي في الأمور الدينية، كما يجب أن تتبعوا في زمن خلفائي من بعدي سنتهم أيضا لأنهم سينالون الهدى من الله. فنظام الخلافة نظام جد مبارك تتولد به وحدة الجماعة وبالإضافة إلى ذلك يتجلى بفضل الخلافة نور النبوة على رأس الجماعة وهذه من أكبر النعم وأعظم البركات.



صـلاحيات الخليفة
أما فيما يتعلق بصلاحيات الخليفة فيجب أن تتذكروا نقطة أساسية لاستيعاب هذا الأمر، وهي أن الخلافة مؤسسة روحية ينـزل فيها حق الحكومة من الأعلى إلى الأسفل (أي من الله تعالى إلى خليفته في الأرض) وبما أن نظام الخلافة فرع للنبوة، ومن ناحية أخرى قد اكتملت الشريعة إلى الأبد، لذا كما تحوز النبوة بصلاحيات واسعة داخل حدود الشريعة كذلك فإن الخلافة هي الأخرى تحظى بصلاحيات واسعة داخل حدود الشريعة والسنة النبوية. أي أن الخليفة حائز على أوسع الصلاحيات لتنظيم الجماعة الإلهية وتنسيقها ضمن حدود الشريعة الإسلامية وداخل نطاق سنة نبيه صلى الله عليه وسلم

إن الشباب المعجبين بالديمقراطية المعاصرة يتعجبون من سعة صلاحيات شخص واحد، ويقولون: كيف يمكن أن يملك شخص واحد صلاحيات واسعة هكذا؟ ولكن عليهم أن يفكروا أن الخلافة ليست قسمًا من أي نظام ديمقراطي أو دنيوي وإنما هي جزء لنظام ديني وروحاني يتفرع حقها من حق الله وأن ظل الله يكون على رؤوس الخلفاء دائما.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ما دامت الحدود الشرعية القوية محيطة به ولا يستطيع أن يتجاوز حدود سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فكيف يجوز إذًا الاعتراض على سعة صلاحياته؟ ومن المؤكد أن شخص الخليفة بعد النبي نعمة ورحمة وإن كثرة الرحمة واتساعها مدعاة للبركات لا محالة وليس مدعاة للاعتراض. هذا، ويقول الإسلام أيضا، بما أن هناك دخلا في بادئ النظر لرأي المؤمنين أيضا في انتخاب الخليفة لذا عليه أن يستشير المؤمنين في القضايا الهامة غير أنه ليس ملزما بالتقيد بمشورتهم في كل الأحوال لكنه مطالب بأخذ المشورة. وذلك لكي تستمر التربية الدينية للجماعة على الصعيد السياسي وغيره. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تتولد البشاشة والانبساط أكثر في الجماعة بقبول مشورتهم في الأمور اليومية. أما في الأوضاع الخاصة فليبق مبدأ (وإذا عزمت فتوكل على الله) أيضا ساري المفعول. هذه نقطة لطيفة ولكن قليلا ما يتفكرون.



.


الخاتمة...
يجب علينا أن نسعى للحفاظ على الخلافة باعتبارها وراثة النبوة في تلاوة آيات الله، وفي تزكية نفوس المؤمنين، وفي تعليمهم الكتاب والحكمة، وفي وحدة صفهم، وفي المحافظة على كيانهم وتوثيق العلاقات بينهم في هذا العالم الواسع.