مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يعني أن أكون امرأة مسلمة



hassan_1677
29-01-2005, 22:10
ماذا يعني أن أكون امرأة مسلمة

الأستاذ عبد السلام ياسين

يتطلع أفراد المجتمع الإسلامي –كما هو الشأن في سائر المجتمعات السوية- إلى الاستقرار و السعادة الأسرية. و المرأة حين تتخذ القرآن دليلها هي محور هذا الاستقرار. ففي سورة الفرقان يعرض الله عز و جل صفات المسلم - رجلا كان أو امرأة- النموذجي و يلخصها في إحدى عشر خصلة تتوج السعادة الأسرية و الاجتماعية: " و عباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. و الذين يبيتون لربهم سجدا و قياما, و الذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا و مقاما. و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما. و الذين لا يدعون مع الله إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون. و من يفعل ذلك يلق آثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا. إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، و كان الله غفورا رحيما. و من تاب و عمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا. و الذين لا يشهدون الزور و إذا مروا باللغو مروا كراما. و الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما و عميانا". ليكتمل نموذج نساء و رجال العقيدة الخاشعين لله في صلاتهم المتجهين إليه بدعائهم: "ربنا هب لنا من أزواجنا و ذريتنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماما".
تلك قيمة السعادة الأسرية في الإسلام، و ذلك هو دور المرأة المسلمة: أن تكون محور هذه السعادة.
معنى هذا أن "ربة البيت" النموذجية هذه هي نقيض المخلوقات التافهة المقهورة التي تزخر بها مجتمعاتنا المبتلاة بالأمية، المثقلة بالتقاليد الذكورية الجائرة.
فكما أن شرع الله انتشل من قبل المرأة العربية في زمن رسول الله من غياهب القهر و المعاناة، أصبح من العاجل اليوم أن نستنقذ المرأة المسلمة المعاصرة - التي فاقت أختها الجاهلية سقوطا- من براثن الظلم و الإهمال.
فعصرنا يكاد يكون أقل رأفة بالمرأة من العصر الذي كان فيه الأب المتوحش يواري وليدته التراب !
اليوم أصبحت معاناة المرأة المسلمة مضاعفة، فهي تعيش ممزقة بين الواقع التعس الذي فرضه عليها الظلم الذكوري المحلي و النموذج الغربي المغري بتجربته الظاهرية. و هي لذلك تتقمص الطراز الغربي و النمط الحياتي المتهتك إذا كانت تنتمي إلى طبقة "راقية" صاغها تعليم فاشل أو تمدرس في مؤسسة أجنبية. أما باقي الساكنة النسائية فيقعدها الخمول و الجهل عن التفكير في أي تغيير ممكن. يبقى أن الاثنين - المرأة المتحررة و الأخرى- لا تعلمان شيئا عن الحقوق التي يمنحها لهما الإسلام الأصيل. أما محجبات الإسلام اللاتي يقلق وجودهن المدارس و الجامعات في فرنسا و اللاتي يزحزحن نير الظلم الجاثم في رقابنا فيمثلن طليعة وعي جديد.
للمرأة المسلمة حقوقها سلبتها إياها التقاليد الرجعية. فهي حرة في اختيار زوجها، و إلزام خاطبها بشروط تضعها هي (بما فيها عدم التزوج بأخرى)، و طلب الطلاق، و العمل، و تحمل عدة مسؤوليات اجتماعية و مهنية، و كذا التصرف باستقلالية في مالها.
أما حقها في التعليم فلا يخضع لأية قيود، مثله في ذلك مثل واجب المشاركة في الجهود التي يبذلها المجتمع لتحريرها و تحرير الأمة الإسلامية من العوائق العرفية و الانحطاط الخلقي. أي أن لها الحق في أن تكون كائنا آدميا يحظى بالتكريم اللائق به.
تتعدد الحقوق التي يمنحها الشرع للمرأة المسلمة؛ أولها امتلاك الوسائل اللازمة و الوقت الكافي لعبادة الله و المشاركة في الأعمال الخيرية الجماعية بعد القيام بالواجبات الشخصية، لأنها في نظر الشرع ليست - كما تدعي الكنيسة- ذلك الكائن الخالي من الروح المسؤول عن الخطيئة الأصلية، حليف الشيطان ضد الإنسان.
على المرأة المسلمة إذن أن تتعرف على حقوقها، و أن تطالب بعد ذلك بالتمتع بها، لأن أحدا غيرها لن يقوم مقامها في هذا المجال، و لأن أرضية صلبة من الحقوق المادية و النفسية كفيلة بتحريرها من الرق المتوارث و تمكينها من القيام بواجباتها. فانتشال المسلمين مما يتخبطون فيه مهمة شاقة تستدعي تطوع الجميع: النساء جنب الرجال و الجمعيات المنافسة في الخير للجمعيات، لأن التنافس في الخيرات أحد شروط النجاح في الامتحان، ألا نقرأ في سورة الملك أن الله عز و جل خلق الموت و الحياة ليبلونا أينا أحسن عملا ؟
أما الحكومة الإسلامية فمطالبة بإخلاء الطريق و تذليل الصعاب حتى يثمر الجهد الذي يبذله الرجل و المرأة لولوج ميدان العمل بعزم و مثابرة.
لا بد إذن من المساهمة النسائية في القرار الرجالي، إذ لا يمكن أن يعوض إحساسها المرهف و حبها الأمومي الحاسمان في عملية التغيير لكي يتحقق "تداول الأيام". لابد أن توقف اليد الحازمة للحكومة الإسلامية نزيف المجتمع الجريح لكن لا مناص من اللجوء إلى الحنان النسائي لمداواة الجراح البدنية و النفسية و معالجتها بالبلاسم الناجعة.

تاريخ النشر : 28/01/2005
- مصدر المقال :كتاب "الإسلام و الحداثة" للأستاذ عبد السلام ياسين – الفصل السادس "كيف أكون" – من ص 209 إلى ص 211

المختار
30-01-2005, 15:12
بالرك الله في منقولك اخي الفاضل مشاركة قيمة جعل الله في صحيفتك امين

MALIKA B
08-11-2010, 23:04
Akramaka allah akhi ala ana9l al9ayim