مشاهدة النسخة كاملة : الحركة الإسلامية والنصر الموعود



عاطف
07-02-2005, 01:20
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا يخيب من أمله، ولا يرد من سأله، ولا يقطع من وصله، ولا يبخس من عامله، ولا يسلب من شكره، ولا يخذل من نصره، ولا يوحش من استأنس بذكره، ولا يكل من توكل عليه، ولا يهمل من التجأ إليه، ولا يضل من تمسك بكتابه، ولا يذل من لاذ بجنابه.
أحمده على ما ألهم وعلم، وأشكره على ما أفضل وأنعم، وأستعينه على القيام بحقه العظيم، وأعوذ بنور وجهه الكريم، من زوال النعم وهجوم النقم.
وأصلي وأسلم على نبيه الأكرم ورسوله الأفخم، وحبيبه الأعظم، سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه معادن الفضل و الكرم، وينابيع العلم والحكم ما جرى قلم ونصب علم.

الحركة الإسلامية والنصر الموعود

القلب هو محل نظر الرب، وهو مرصد أنوار القرب، وهو حوض العرفان والمقصود في الإنسان، على قدر سلامته تعلو درجتك في الجنان، وإن لقيت الله بأوساخه فلا طهارة له إلا في النيران، صلاحه صلاح للجوارح، وفساده سبب القوارح، هو موطن المعارف و الأسرار فإن صفا كان في حضرة الرب القرار، ولا يقابله الشيطان إلا بالفرار، وإن خبث فهو للشيطان دار وأحواله تتقلب من نار إلى نار.
ولادة القلب تخلُصه من قبضة الشيطان، وتطهره من ران العصيان، وتهيؤه لأن يسع الرحمن، وتحريره الروح لتحيط بجميع الأكوان.
والقلوب المولودة مراكز تشع على الخلق بمادة الإيمان، وفيها يجدون منبع الحياة، ومنها يشربون فيتعلمون الإيقان، وبها يرتقون من فطرة الإسلام المطمورة المدسوسة إلى أعلى مقامات الإحسان المحسوسة الملموسة.
بالقلوب المولودة والأرواح الممدودة يتنزل النصر، وإلا فالطريق مسدودة.
من المسلمات اليقينية عند أهل القرآن والسنة كون النصر لا محالة مستقبل هذا الدين، وإذا سألت في أوساط الحركة الإسلامية عن السبيل إلى ذلك؟؟؟ فالكل يجيب بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم) تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله و سنتي, لكن بأي فهم؟؟؟ و بأي إرادة؟؟؟
فالباب هو الدين، والطريق هي الكتاب والسنة، والسبيل هي الفهم الجامع الشامل وإرادة وهمة كمل أولياء الله.
اختلفت سبل العاملين للإسلام باختلاف مشاربهم وعلى قدر فهمهم وهممهم، ومثلهم والإسلام كمثل العمي الثلاث اجتمعوا حول الفيل فلما تمكنوا منه، فمن واضع يده على رجله، ومن واضعها على أذنه، ومن واضعها على خرطومه، فلما سئلوا عن الفيل قال الأول: هو كجدع الشجرة يميل إلى الرطوبة، وقال الثاني: هو كورقة التين أكبر منها قليلا وذو ملوسة، وقال الثالث: هو كالثعبان أجعد وفيه حروشة. و كذلك إذا عمت القلوب (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) تعجز دون فهم الدين كاملا، وأخذه جامعا شاملا، فتجد منا من اتخذ سبيل العلم والفكر مسلك، بحجة- نحن أمة اقرأ- وآخر بالتربية والذكر تمسك، بحجة-قولوا لا إله إلا الله تفلحوا- وآخر طريق الحركية والجهاد سلك، بحجة- فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة- فيفيء الأول إلى الإسلام الثقافي والقلب خواء- وكم من أبكم القلب عليم اللسان، وأخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان- وينزلق الثاني إلى إسلام الزهادة والانزواء- ومن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم- وينتهي الثالث إلى إسلام الحركية الجوفاء- إن الله لينصر هذا الدين بالفاجر نعوذ بالله- وأقل من كل قليل أولائك الذين الخير كله جمعوا وغير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته دفعوا- ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها- تربية إيمانية إحسانية، تبدأ بصحبة وارثة حانية، فلزوم مجالس العلم والذكر: رياض الجنة الدانية، ثم جهاد ورفض للفانية. صحبة ورثت علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحاله ودمه الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعثرتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض) قال الإمام عبد القادر الجلاني رحمه الله تعالى( اصحب أرباب القلوب حتى يصير لك قلبا) قلبا بالله موصولا وعن الشر مفصولا قلوب مثل هذه أصحابها هم جيل النصر و لا شك.
ما أقصده بالقلب فهو غير الصنوبرة اللحمية لكن له علاقة بها، ودليل ذلك حادثة شق الصدر، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا وإن في الجسد مضغة، وقوله صلى الله عليه وسلم مشيرا إلى موضع القلب من الصدر التقوى هاهنا التقوى هاهنا، والشاهد من الكتاب على قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قوله تعالى علوا كبيرا: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
أما دور القلب في التغيير المنشود: هو تحصيله لمادة النصر ألا وهي التقوى، والتقوى كما أشار الكتاب والسنة مركز توليد كهربائها القلب ومحل تجلي نور إشعاعها الجوارح، والتقوى عدة المستضعفين، وسلاح المجاهدين، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا وجدت التقوى فالغلبة للأتقى، وإذا غابت التقوى فالغلبة للأقوى. فانظر رحمك الله إلى القلة القليلة التي نصر الله بها الدين، وإلى الكثرة الكثيرة وحالهم المهين.
ولمعرفة دور الصحبة في تحصيل التقوى، فلنسأل التاريخ عن رجالات النصر وسبب تقواهم، أما خير جيل، جيل الصحابة الكرام عليهم رضوان الله، فلا كلام، فازوا بجوار خير جامع لكل الأدوار المزكي المعلم صل اللهم عليه وآله وسلم، ثم اقرأ عن عمر بن عبد العزيز ودور رجاء بن حيوة، وعن محمد الفاتح، وعن صلاح الدين الأيوبي، وعن العز بن عبد السلام، وعن الإمام السرهندي، وعمر المختار، وعبد القادر الجزائري، والإمام حسن البنا، وجميع أعلام الجهاد والنصر عليهم رضوان الله واللائحة طويلة ، لتجدهم يحدثونك عن صحبة في الله، ومصحوب من أهل الله أخذ بأيديهم، واحتضنهم خاضعين مسٌلمين رغم علو مقامهم في العلم، ليزكيهم ويرفع مقامهم في الدين ويصيرهم بإذن الله من المتقين، احتضان مشفق وارث للرأفة والرحمة، فتشرب عبر قنوات القلب، وتأثر بفضل تآلف التعارف، فولادة عند حين السابقة، فرضاع، ففطام، فجهاد، فنصر بتوفيق الله.
أما العلم فلا بد منه لكن لا يكفي وحده، ودليل ذلك إبليس المطرود من رحمة الله ومبلغ علمه، وانظر إلى خذلة الدين الديدان القراء، واسأل عموم الأمة عن معنى التقوى ليجيبوك بما يحلوا ويطيب، ثم إذا أردت أن تتأكد فاسأل فيمن سبق أساطين العلم، حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام، وشيوخ الإسلام ابن دقيق العيد، والسبكي، والشعراني، والشاذلي، وغيرهم كثير، عن سبب ذهابهم إلى من هم أقل منهم علما، لتحصيل علم مكتبته قلوب العارفين، وكتبه حقائق قرب وأذواق وأشواق، وشروط الأخذ منها التسليم والتعظيم والمحبة، ووسائل القراءة فيها الإرادة والهمة والعزم.
" المعرفة العقلية مقدمة للمعرفة القلبية ووسيلة إليها، فإذا لم يشرق القلب بهذه المعرفة ويتفاعل معها، وينصهر فيها، ويتحرك على ضوئها، فإن مجرد المعلومات والأدلة وحفظها وسردها، وحشو الذهن بها، لا يغني شيئا، المعرفة القلبية إحساسات إيمانية يستنير معها القلب، وتزكوا خلالها النفس، وترتبط الروح مباشرة بالله لا تلتفت إلى غيره، تجد لديه وفي رحابه وبين يديه أنسها وروحها وريحانها: فينفحها بنفحات السماء، فتتذوق وهي بعد في الدنيا!!! تتذوق بعض نعيم الجنة "(من مقالة بعنوان دواء الروح لكل مجروح)

واعلم أخي في الصحوة المباركة أن رضا الله ومحبوبيته هي طلب الرجال، وما كل أعمالهم من مجاهدة وجهاد إلا وسائل لتحقيق هذا الرضا وهذه المحبة.
يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله في كتاب الإحسان: ويحك! أنت لم تلج الباب، ولم ترافق الأحباب! دخلت قاعات الإنتظار متطفلا، وحرفت الكلم عن مواضعه متأٌولا، ونسيت حظا مما ذكرت به، وتملقت المجد الدنيوي.
ويقول: فاتك تصحيح النية والصدق في الطلب والصواب في التوجه . وتلك هي المنزلة العظمى لا يغنيك تألٌق مصير الجماعة، ولا تمكين دين الله في الأرض، ولا فلاح من أفلح، ولا اختلاف من اختلف إن لم تتحقق لك أنت مع الله جل شأنه رابطة العبودية والمحبة والقربة لتكون من الذين إن تقربوا إليه شبرا تقرب إليهم باعا، وإن تقربوا إليه بالفرض والنفل صادقين صابرين منتظرين داعين راجين خائفين قربهم وكان سمعهم وبصرهم ويدهم ورجلهم . ويحك! إن لم تصحح القصد وتصدق في الطلب قيل لك يوم يكلٌل هام الأمة بتاج الخلافة في الأرض: قم، فقد استوفيت حقك، ونلت ما كتب لك، وأعطيت سؤلك، لم تطلب الله يوما. ومن فاته الله فاته كل شيء . ويحك ! طلبت منه النصر والجنة، وما طلبت قربه والنظر إلى وجهه ! وما طلبت مقعد الصدق عنده مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ضاع عمرك!
وأخيرا وليس آخرا نختم برقيقة للمقري رحمه الله قال فيها: من سابق سبق، ومن لاحق التحق، ومن رافق ارتفق، والعجز والكسل مطية الخيبة، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. (الرقائق والحقائق)
ثم الحمد لله رب العالمين والصلاة على المبعوث رحمة للعالمين
وأستغفر الله








كتبه عاطف ويندي غفر الله له و لوالديه و لجميع المسلمين

خالد
07-02-2005, 01:41
غفر الله لنا ولك -أخي الكريم- ونفعنا بمواضيعك الشيقة وقصصك المشوقة
وشكرا

المختار
07-02-2005, 15:46
جزاك الله خيرا اخي الفاضل عاطف وجعل مجهوداتك في الميزان المقبول امين

abolamin
07-02-2005, 21:25
غفر الله لنا ولك لجميع المسلمين آمين .
وجزاك الله خيرا على كتاباتك القيمة ونفع بها أمة سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم

عاطف
07-02-2005, 23:39
و أنتم من أهل جزاء الخير إنشاء الله تعالى, ونفعني الله وإياكم ونفع بنا.آمين

عابرة سبيل
17-01-2007, 18:05
جزاك الله خيرا اخي الفاضل عاطف
تقبل الله منك مجهوداتك وجعلها في الميزان المقبول

abdelkader
11-03-2007, 23:10
جزاك الله كل خير اخي ونسال الله ان ينفع بك الامة والله الموفق