مشاهدة النسخة كاملة : وإنك لعلى خلق عظيم



نصر الله
16-12-2006, 19:35
http://www.uaekeys.com/images/khaled101.gif

وإنك لعلى خلق عظيم


الحمد الله تقدست ذاتُه وعلت أسماؤه وصفاتُه، أحمده - سبحانه - لا تحصى نعماؤُه ولا تحصر مكنوناتُه، اللهم صل وسلم وبارك على محمد مصطفاه وخليله، وأمينه على وحيه، خصه بخصائص علت بها منزلتُه وبَهرت مُعجزاتُه، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا..أما بعد.

لقد بعث الله - عز وجل - نبيه بالهدى والنور، فهدى البرية وزكى البشرية، واطمأنت إليه القلوب وانشرحت به الصدور، بعثه رحمة للعالمين وقدوة للأخيار والصالحين، بعثه ليتمم من الأخلاق مكارمها، ومن المكارم أجملها، فكان صلوات ربي وسلامه عليه إمامها وهاديها، فأقسم له ربه - جل وعلا - من فوق سبع سموات أنه قد حاز أفضلها وأشرفها وأعظمها فقال - جل وعلا - " وإنك لعلى خلق عظيم " نعم.. كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق، كَمُلَ أدبُهُ مع ذي العزة والجلال، فزينه وكمله بأفضل الشمائل والخصال، فهو مع ربه أكمل الناس أدبًا وأشدهم خشية له وخوفًا منه " إني أخشاكم لله وأتقاكم " قام في جوف الليل حتى تورمت قدماه من القيام وصام النهار فما مل ولا سَئم بل واصل الصيام.

كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق حينما كان دائم البِشْر طليق الوجه بالسرور، يقول جرير بن عبد الله "ما لقيت النبي إلا تبسم في وجهي ".

كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق حينما كان سيد الأنبياء وإمام الرحماء، يرحم الصغير والكبير ويعطف على الجليل والحقير، قال أنس بن مالك " ما لمست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف رسول الله ولقد صحبت رسول الله عشر سنين، ما قال لي يومًا كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق حينما كان جوادًا كريمًا، يُعطي الشاة والبعير وما كان في بيته صاع من شعير و "ما سُئل - عليه الصلاة والسلام - شيئًا فقال: لا " يقول عنه تلميذه حبر الأمة وترجمان القرآن القبس والنبراس عبد الله بن عباس وعن أبيه " كان النبي أجودُ بالخير من الريح المرسلة ".

كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق حينما كان برًا بالعباد رحيمًا، رحيمًا في دعوته، رحيمًا في توجيهه وحكمته رحيمًا بالأمة حتى في صلاته وإمامته، كان يصلي في الفجر بالستين إلى المائة آية، فدخل ذات يوم يريد أن يطول فسمع بكاء صبي فقرأ بـ " إنا أعطيناك الكوثر " فلما انفتل من صلاته قال " إني سمعت بكاء صبي فأشفقت على أمه " وكان يوصي الأئمة ويقول " إذا أمّ أحدكم بالناس فليخفف، فإن وراءه الضعيف والسقيم والشيخ الكبير وذا الحاجة.. "

كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق وهو على منبره يُفصّلُ الشريعةَ والأحكام ويأخذ بمجامع القلوب إلى طريق السلم والرحمة والسلام، فما كان يجرّح ولا يعنف ولا يُشهِّرُ ولا يكسر الخواطر، لم يكن جبارًا ولا فظًا ولا سخابًا ولا لعانًا، كان يقول - عليه الصلاة والسلام - " ما بال أقوام، ما بال أقوام "

كان جوادا عظيمًا في الأخلاق، فما كان يُعرف من بين صحابته من تواضعه بأبي وأمي صلوات ربي وسلامه عليه، حتى كان القادم يقول: أيكم محمد؟ أيكم محمد.. ؟.
كان رحيمًا بالأحياء والأموات، إذا جن الليل وأرخى سدوله، خرج إلى بقيع الغرقد يقف على قبور المؤمنين والمؤمنات، يسأل ربه بصالح الدعوات أن يُسبغ عليهم الرحمات، ولما توفيت المرأة السوداء التي كانت تَقُمُّ المسجد قال أوما أخبرتموني، فصلى عليها ودعا لها.
كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق، إذا دخل بيته ملك قلوب أزواجه بالعطف والإحسان والرحمة والحنان، فقد كان خير الأزواج وأبرهم وأفضلهم.
كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق، ما عاب طعامًا وُضع بين يديه، ولا سب امرأة ولا شتمها ولا ضربها ولا أهانها، كان يُكرم ولا يهين، يُعزُّ ولا يُذلُّ، إذا جاءت زوجته بالشراب أقسم عليها أن تشرب قبله، وإذا شربت من الإناء وضع فمه حيث وضعت فمها، وكان يؤتى له بالمرق والعظم فيه اللحم فيقسم عليها أن تنهش منه قبله فإذا نهشت منه وضع فمه حيث وضعت فمها.

كان عظيمًا وإمامًا في الأخلاق، حينما دخل عليه الأعرابي فبال في مسجده وهو جالس والصحابة ينظرون وينهرون ويمنعون، فقال لهم " لا تزرموه " حتى إذا انتهى أمر بذنوب من ماء فصب على بوله ثم دعاه فوجهه وعلمه وأرشده، فدعا الأعرابي قائلا " اللهم ارحمني وارحم محمدًا ولا ترحم معنا أحدًا " وصلى بأصحابه يوما فصاح رجل وتكلم في الصلاة، فما زال الصحابة يسكتونه حتى رمقوه بأبصارهم، فصاح الرجل: واثُكل أماه، فلما سلم قال الصحابي: فبأبي وأمي ما رأيت معلمًا كرسول الله فوالله ما كهرني ولا شتمني، ولكن قال لي " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والاستغفار وقراءة القرآن " ما أكرمه من نبي وما أحلمه من رسول وما أرحمه من إنسان صلوات ربي وسلامه عليه، وبعد أيها الأحبة..
هذا فيض من غيظ ونقطة من بحر وقليل من كثير من سيرة البشير النذير السراج المنير فما أحوجنا أن نملأ بمحبته قلوبنا، ما أحوجنا أن نربي على هذه السنة والأخلاق الكريمة صغارنا وكبارنا، ما أحوجنا أن نتربى عليها مساء صباح، ونعتقد فضلها سرًا وجهارًا، لتظهر آثارها علينا ليلاً ونهارًا، فبحسب متابعته تكون العزة والكفاية والنصرة والولاية والتأييد والهداية والفلاح والنجاة وطيب العيش في الدنيا .

وإنك لعلى خلق عظيم
صلى الله عليه و سلم


نصر الله

نصر الله
17-12-2006, 01:23
صلى الله عليك وسلم

المختار
03-01-2007, 23:24
اللهم ارزقنا الاخلاق الحسنة

حفظك الله اخي