مشاهدة النسخة كاملة : الخلافة والاما رة



sami_2007
22-12-2006, 22:38
الشعبة الخامسة والسبعون : الخلافة والإمارة






كما تتوج الكلمة الطيبة شعب الإيمان، وكما يتوج الجهاد خصال الخيرويمثل ذروة السنام، وكما يتوج الحج أركان الإسلام، كذلك تتوج الخلافة على منهاج النبوة إن شاء الله تعالى نهضة هذه الأمة المباركة في هذا القرن المبارك.

ماذا يعني قيام الخلافة بعد نحو أربع عشر قرنا من الحكم العاض والجبري؟ يعني:

1) في ميدان الحكم الداخلي استبدال الحكم المستبد بالشورى. وفي ميدان السياسة الدولية بروز قوة مستقلة عن الجاهلية، مصيرها بيدها. تقرر ما ينفعها وينفع الناس. وتستطيع تنفيذا ما تقرر.

أن يكون أمرنا شورى بيننا، هذا يأمر به الله تعالى. لكن تأباه العادات التي فشت كالمخدر في مجتمعاتنا. تأباه فئات الظلمة والمستكبرين بيننا، لأن نظام الحكم الإسلامي يفطمها عما ألفت من الفساد في البلاد والعباد. تأباه الجاهلية ونظامها المسيطر على العالم، وتفرض بالدعم المادي والمعنوي، بالمال والسلاح والخبرة، دمى المسخ وطواغيت الجبر من بني جلدتنا.

أن يكون أمرنا شورى بيننا هذا هو الأصل لو بقينا على السلامة. لكن إسلامنا الموروث عقيدة وفهما وواقعا إسلام فتنة. يختلط فيه الحق بالباطل. فهو فهما وعقيدة وواقعا كما وصفه الحديث الشريف: خير وفيه دخن. والدخن دخان. ونار الفتنة متأججة. ولا جماعة لنا منظمة تحمل أهلية تلقي الخطاب القرآني ومسؤولية الحكم بما أنزل الله.

أمرنا بلزوم الجماعة وطاعة أولي الأمر منا.

والحال اليوم أن لا جماعة، وأن أولي أمرنا ليسوا منا.

والحال أن أمرهم، وأمرنا بالتبعية، ليس في أيدينا، بل في أيدي قوى الجاهلية التي تتوزع العالم وتتحكم فيه.

إذا كانت الخلافة تاج التجديد، وهدف المنهاج النبوي، فمن يتوج، ومن يسلك، ومن يبلغ الهدف؟

هيئوا جماعة المسلمين القطرية ثم العالمية، وزودوها بالقوة الذاتية، والبصيرة والتنظيم، واسلكوا. وإلا فالخلافة أحلام لذيذة.

الجهاد الجهاد! للتخلص من قبضة غيرنا، والوقوف على أرجلنا من صرعتنا.

2) الخلافة تعني ممارسة حق إلهي. حق الأمة المستخلفة في الأرض. لتفعل ماذا ؟ الخلافة وسيلة غايتها أن يعبد الله في الأرض.

قال الله تعالى: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر" 1.

عبادة الله وإخراج الإنسان من عبودية الناس إلى عبوديته. الزكاة بمعناها الواسع وبما تؤدي إليه وهو العدل. تعريف المعروف، والأمر به، وفرضه، وإنكار المنكر، والنهي عنه، ومنعه.

الخلافة الإسلامية أمل كل المسلمين. ويراها غيرنا من مستكبرينا ومستكبري العالم الخطر الأخطر. هي في عينهم وفي حقيقة الأمر خروج أغلبية سكان الأرض من الاستضعاف، لأن كتلة العالم الفقير المستعمر المتخلف لن تجد بديلا عن التقلب بين الولاء لشرق الجاهلية وغربها إلا في الخلافة الإسلامية. يوم يتم التحرير، ويعلم العالم المستضعف أن نصرة المستضعفين ديننا وليس شعار سياسة.

وهذا يتصدى له ويمنعه الجاهليون. وعلى جند الله أن يعدوا القوة كما أمروا-لا سيما قوة الإيمان ثم الله غالب على أمره.

معنى قيام الخلافة الإسلامية على الرقعة الوسطى من الأرض، محيطة بها، ومعها مال ورجال ومواد أولية، حرمان الجاهلية من إقطاعاتها في العالم، أعني إقطاع هؤلاء وهؤلاء الاقتصادي والعسكري والسياسي.

معنى قيام الخلافة الإسلامية على رقعة الأرض الأهم، وهو حزامها، إبطال مخططات الهيمنة الجغرافية السياسية.

معناه إعطاء القوى المناهضة للحضارة الجاهلية في أمريكا وروسيا وخارجهما- مركزا فيه تتجمع، وقيادة وراءها تسير، ونموذجا مشعا يزري بنجم الجاهلية الآفل.

وهذا لا يقبله الجاهليون، بأي ثمن.

لكن الله وعد ووعده الحق. والله أكبر!

3) يعني قيام الخلافة الإسلامية، واستقلالها بالقرار، وقدرتها على التنفيذ التحرر الاقتصادي، ومن ثم العسكري والسياسي، لثلثي سكان العالم، وهم المستضعفون.

وننظر إلى حالنا الآن وأمريكا تملك القمح، تملك السلاح والمال، فتتجلى لنا مظاهر عبوديتنا للجاهلية. تقول الجاهلية بلسان الحال والمقال والدبلوماسية، وبكل لغة: إذا أردتم خبزا فكونوا لطيفين معنا!.

وحكام الجبر لا يضيرهم اللطف مع الأعداء ولا يخشونه بل يستلذون الركوع لهم ما دامت كراسيهم لا تزعزعها المجاعات التي يعالجها القمح الجاهلي، ولا تزعزعها الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي يعالجها السلاح والخبرة الجاهليان.

بعد الاستعمار السافر، تسلك الجاهلية في العالم دروب الاستعمار الجديد، الاستعمار الاقتصادي الثقافي، تحت أقنعة الحوار بين الشمال والجنوب، والاشتراكية العالمية المحررة للإنسان. وقيام الخلافة الإسلامية يعني خرق لعبة الاستعمار الجديد، وتحرير الشعوب من العبودية الاقتصادية والتبعية المذهبية، بدءا باستصلاح الأرض وعمارتها، بدءا بتوفير الغذاء وانتهاء بتطوير الأسلحة. الله أمر بهذا كما جاء حكاية عن نبي الله صالح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. قال الله يحكى خطاب صالح لقومه : "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" 1. لا نحسب الخلافة بناء سياسيا على سطح واقع سياسي واقتصادي واجتماعي وعلمي وعسكري وإداري وتنظيمي هزيل.

إنما الخلافة سبك هذه المجتمعات المسلمة سبكا جديدا في كل المجالات، وإعادة صياغتها على نموذج الكتاب والسنة. إنما هي مصارعة العدو الداخلي والخارجي. ولن يتركك العدو تزعجه من مواطن راحته وسلطانه. ولن يترك لك مهلة لتسبك وتصوغ كما تشاء.

وأكثر ما يستحث غضب العدو الداخلي والخارجي أن تمسه في مصالحه. الطبقية في الداخل وهي امتداد للاستكبار العالمي. استعمل كلمة طبقية حتى نألف كلمة استكبار.

والانتقال من الملك الجبري إلى الخلافة إنما محكه العدل في القسمة. محكه إنصاف المستضعفين. محكه جمع المال العام بحق، وصرفه بحق. وأين هذا من الفساد العام للمتسلطين المستكبرين في الأرض؟ أين هذا من جشعهم؟ أين هذا من أموال المسلمين التي يبذرها جبابرتنا تبذيرا فظيعا يتعذب به ضمير كل حر، ويندى له جبين المروءة ؟

روى ابن سعد عن سلمان أن عمر رضي الله عنه سأله: أملك أنا أم خليفة؟ فقال سلمان : إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما، أو أقل أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة ؟. فاستعبر عمر (أي بكى).

درهم واحد ميزان! ما أدق! وموعظة وتخويف على درهم تبكي أمير المؤمنين ! ما أرق!

أين التربية التي ترقق القلوب وتشحذ العزائم !

أين التنظيم الذي يخول لكل مؤمن أن يدقق الحساب على الحاكم !

إذا وجدا وتمثلا جسما له رأس وإرادة فافتح الباب للخلافة. اسالكم اخوانى صالح الدعاء اخوكم سامى

sami_2007
22-12-2006, 22:40
http://www.aljamaa.info/ar/img/vid_detenus12.gif