مشاهدة النسخة كاملة : الحياء كله



نصر الله
23-12-2006, 22:35
http://www.islamroses.com/ibw/html/emoticons/w_bism.gif


إن الحياء خلق فاضل فاقده لا خير فيه، إذ هو من الايمان، وهو خير كله، وحقيقته: أنه تغير يسبب الخوف مما يكره قوله أو فعله،
أو يذم عليه. ويظهر أثره في احمرار الوجه، وترك ما يخشى معه الذم والملامة وهو في المرأة بمنزلة الشجاعة في الرجل، أي:
كما ان الشجاعة محمودة في الرجل أكثر ما هي محمودة في المرأة، فكذلك الحياء هو في المرأة محمود أكثر مما هو في الرجل.

وعن هذا الخلق الفاضل الكريم، قال رسول الهدى ومصباح الدجى صلى الله عليه وسلم “الحياء من الايمان”، وقال: “الحياء
كله خير”، وقال: “الحياء لا يأتي إلا بخير”، وقال: “الحياء شعبة من الايمان”، وقال: “الحياء هو الدين كله”. وكلها أحاديث صحيحة.


شهادة من الله

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف يكون الحياء، فيقول لأصحابه يوماً: “استحيوا من الله حق الحياء”. قالوا:
كلنا نستحيي من الله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم “لا، ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ
الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وان تذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى، ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحيا”.
ولق شهد له ربه بعظيم حيائه صلى الله عليه وسلم وبين ذلك في كتاب فقال المولى جل جلاله وتقدست أسماؤه:
“إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحيي من الحق”.
فهذه شهادة من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالحياء وكفى بها شهادة فلقد كان يستحيي من أصحابه حين يقومون بزيارته
ومجالسته في أوقات كثيرة، يستحيي أن يقوم ويتركهم، أو أن يعتذر منهم، فأنزل الله هذه الآية ليعلم الصحابة والمسلمين من بعدهم
أنه صلى الله عليه وسلم كان يتصف بنوع من أعظم أنواع الحياء: ألا وهو حياء الكرم.
فمن اتصف بهذه الصفة بيننا فينبغي لنا أن نتقي الله فيه، ولا نحمله ما لا يطيق، ولا نأخذ من وقته ولا من جهده ولا من ماله بسيف الحياء.
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من البكر في خدرها،
وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه”. وهذا هو الحياء الغريزي الجبلي الفطري الذي فطره الله عليه.


توجيه النصيحة
وكان صلى الله عليه وسلم حيياً حتى في توجيه وصاياه ونصائحه وتعاليمه للأمة حيث يرعى مشاعر الناس، ويحافظ على حيائهم.
تقول عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه من أحد ما يكره لم يقل: ما بال فلان يقول كذا؟
ولكن يقول: “ما بال أقوام يصنعون أو يقولون كذا؟”.وانني أؤكد على هذه المعاني العظيمة، لأن بعض الناس يظن أن من الشجاعة
أن يواجه الناس بكل أخطائهم دون مراعاة لمشاعرهم، ودون الحياء معهم فتتحول النصيحة منه إلى فضيحة، فلا تقبل نصيحته، ولا يعمل بوصيته.
وبعضهم يقول: إذا سكت على الخطأ حياء كان حياء مذموماً، وهذا صحيح، ولكني أذكر فأقول: نبينا صلى الله عليه وسلم لم يطالبنا
بالسكوت عن الخطأ، ولكن علمنا كيف نصحح أخطاء الناس من حولنا بأسلوب يفهمه الناس، ويستوعبون به الدرس.
إن الحياء خلق عظيم ينبغي للمسلم ألا يتخلى عنه، حتى في خلائه، وأثناء قضاء حاجته، فلا يتعرى من ثيابه حتى يدنو من الأرض
كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
يقول أبو بكر رضي الله عنه: “إني لأدخل لأقضي حاجتي فأضع ثوبي على وجهي حياء من ربي”.
ولماقال الصحابة: يا رسول الله أرأيت الرجل في الخلاء؟! قال عليه الصلاة والسلام: “إن الله أحق أن يستحيا منه”.
وان من شدة حيائه صلى الله عليه وسلم لا يثبت بصره في وجه أحد، وفي يوم مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يعاتب أخاه
في الحياء كأنه يقول له: إن الناس يستغلون حياءك، فيحملونك فوق طاقتك، ويأخذون من مالك ومن وقتك، وهذا نسمعه كثيراً
ممن حولنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “دعه، فإن الحياء هو الدين كله”.
وقال صلى الله عليه وسلم: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما تشاء”.

إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء


الحياء من الخالق
يقول مالك بن دينار عليه رحمة العزيز الغفار: “ما عاقب الله قلباً أشد من أن يسلب منه الحياء”.
وذلك لأن قلباً بلا حياء، يجر صاحبه إلى فعل كل منكر وبلاء ووباء، لأن الحياء شعبة من شعب الايمان، وينبغي أن يستحيي المسلم
من أن يراه الله على معصية، كما كان حال آدم عليه السلام، لما أكل من الشجرة التي نهي عن الأكل منها فقد راح يتخفى خلف
أشجار الجنة ونخيلها، فناداه ربه تعالى بقوله: “أفراراً مني يا آدم”؟ فقال آدم: “بل حياء منك يا رب”.

فالحياء من الله ألا يراك حيث نهاك، وألا يفتقدك حيث أمرك. الحياء من الله أن يشعر المسلم دائماً بالتقصير في حق الله وفي عبادته،
كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت أقدامه بين يدي الله تتورم، فلما قيل له في هذا قال: “أفلا أكون عبداً شكوراً”
وهكذا هو حال الملائكة يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يوم يرى كل انسان عمله أمامه، وتسأل الكائنات ربها السلامة ويتساقط جلد
الوجوه حياء من الله جل وعلا، وتقول الملائكة: “ربنا ما عبدناك حق عبادتك، وما أطعناك حق طاعتك، شعور بالتقصير دائماً
دون الوصول إلى مرحلة اليأس وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يفرط في توجيه الناس وتعليمهم بحجة الحياء، فلقد جاءت إليه أم سليم
رضى الله عنها فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ وكانت أم سلمة رضي الله عنها،
حاضرة، فغطت وجهها وقالت: تربت يمينك، فضحت النساء، وعائشة رضي الله عنها تقول: دعيها تسأل: فقال النبي صلى الله عليه وسلم
“نعم إذا رأت الماء” فقالت ام سلمة رضي لله عنها: “أو تحتلم المرأة يا رسول الله؟ قال: ففيم يشبهها ولدها”.
فتأمل أيها المسلم: كيف منع أم سليم حياؤها الغريزي من السؤال، لكنها قدمت الحياء الشرعي وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أنكرت
عليها أم سلمة إلا بسبب شدة الحياء، ثم انظر وتأمل، كيف كان رد النبي صلى الله عليه وسلم مختصراً ومباشراً ليحافظ على حيائها.
وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تستحيي من جبريل عليه السلام إذا تنزل بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها،
فكانت تضع خمارها فوق رأسها، بل استحت من عمر رضي الله عنه وهو مدفون في قبره في بيتها فوضعت ستاراً وحاجباً بينها وبين مكان القبور الثلاثة.


صلى الله عليه و سلم
http://www.islamroses.com/ibw/html/emoticons/w_wafaqakom.gif

المختار
03-01-2007, 23:28
اللهم ارزقنا الحياء


جزاك الله خيرا اخي الحبيب نصر الله

نصر الله
05-01-2007, 17:01
آمــــــــــين
بارك الله فيك أخي الكريم و شكرا على المرور

توفيق
25-06-2007, 21:04
اللهم ارزقنا حق الحياء
اللهم أمين
بارك الله فيك أخي أمين.

abdelkader
25-06-2007, 23:03
جزاك الله كل خير أخي الكريم على المجهود المتواصل والله الموفق